نائب رئيس جامعة الأزهر: العداوة والبغضاء سبب عدم إقامة العدل والمساواة بين الناس
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء بالجامع الأزهر، ملتقى الأزهر الأسبوعي للقضايا المعاصرة تحت عنوان «العدالة في الإسلام ومفهوم المساواة»، بمشاركة الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة للوجه القبلي، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وأدار الملتقى الشيخ أحمد سنجق، الباحث بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى.
وفي بداية الملتقى قال الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر: إن الحق سبحانه وتعالى يأمرنا بالعدل والإحسان كما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" واقتران العدل والإحسان في هذه الآية الكريمة بمكارم الأخلاق دليل على أن الأخلاق هي أساس كل عمل صالح وأن العدل والإحسان هما في مقدمة مكارم الأخلاق، والعدل هو التوسط بين أمرين دون إفراط أو تفريط، والمراد به التسوية بين الناس في كل شيء، والوسطية في كل شيء هي المنهج الذي جاء به الدين الإسلامي، كما أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه "بالعدل" ليبين لنا أن العدل قيمة عظيمة لا بد لنا أن نتمسك بها، كما ورد أيضا في موضع آخر من القرآن الكريم ما يدل على العدل "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" وهو تأكيد على أهمية العدل في ضبط التعامل بين البشر، وعلينا أن نلتزم بمعنى العدل في كل شيء في حياتنا التزامًا.
وحذر نائب رئيس جامعة الأزهر، من أن تكون البغضاء والعداوة بين الناس سببًا في عدم إقامة العدل والمساواة، لأن في هذا مخالفة صريحة لتوجيهات الحق سبحانه وتعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" كما أن العدل بين الناس يكون بميزان الشرع وليس بميزان الأهواء، والنبي صلى الله عليه وسلم يحثنا على العدل في كل أمر من أمور الدنيا كما بين في حديثه أنه من السبعة الأبرار الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله "إمام عادل" لأن العدل به تستقر الأمور وتسود الطمأنينة، وفي حديث آخر "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة" ليبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مكانة العدل في استقرار المجتمعات.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يغضب لقيمة العدل، وضرب أروع الأمثلة في ذلك بأن حلف أن يطبقه على أقرب الناس له إذا تطلب الأمر، فعندما أراد بعض الناس أن يشفع لامرأة سرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خطب في الناس قائلا: " إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وقال: والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدرس أن يعلمنا أن المجتمعات لا يمكن أن تستقر فيها الحياة بدون العدل، فاختلال المجتمعات إنما يكون بسبب غياب قيمة العدل في كل شيء.
وبين نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الصحابة رضوان الله عليهم عندما تأسوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربوا أروع الأمثلة في العدل، فعندما رأى عمر رضي الله عنه مرة إبلاً ثمينة , فقال: (لمن هذه الإبل؟ قالوا: إنها لابنك عبد الله، قال: ائتوني به، فلما جاؤوا به, سأله: لمن هذه الإبل؟ قال: هي لي، اشتريتها بمالي، وبعثت بها إلى المرعى لتسمن، فماذا فعلت؟ قال عمر لابنه: ويقول الناس: اسقوا هذه الإبل، فهي لابن أمير المؤمنين، ارعوا هذه الإبل, فهي لابن أمير المؤمنين، وهكذا تسمن إبلك يا ابن أمير المؤمنين، بع هذه الإبل، وخذ رأس مالك، ورد الباقي لبيت مال المسلمين)، وهو دليل على أن القرابة لا يجب أن تكون سببًا في عدم إقامة العدل.
من جانبه قال الدكتور على مهدي، أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر، إن الإسلام هو دين العدالة، والعدالة ركن هذا الدين العظيم، ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية شاهدة بشكل نظري وعملي على أن الدنيا لم تعرف أمة أقوم سبيلا وأهدى إلى تطبيق العدل في كثير من المواقف، من أمة الإسلام، لأنها أمة تعبد ربًا وصف نفسه بالعدل، كما أنها مأمورة بإقامة العدل ولو على نفسها، والقرآن الكريم بين لنا منهج " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" وهو منهج يأمر المسلم في سبيل العدل بالتخلص من علاقات النفس ومن علاقات القرابة، وهو دليل على أن هذه الأمة هي أمة العدل.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أن العدل يجب ألا يقوم على الهوى والآراء والمجاملة، لأنه لا يمكن للعدل أن يستقيم في وجود هذه الأشياء، وكما أمرنا الإسلام بأن لا نجامل أو ننحاز في إقامة العدل، أمرنا أيضا ألا تحول العداوة والبغضاء بيننا وبين إقامة العدل " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"، وكان النبي ﷺ يقيم العدالة في كل شيء في الحياة، لأن إقامة العدل ليست أمرًا ترفًا وإنما هي ضرورة لاستقامة الحياة.
وبين أستاذ الفقه المقارن، أن من أبشع أنواع الظلم أن يزرع الآباء الظلم بين أبنائهم من خلال تفضيل احدهما على الآخر كما في قصة بشير عندما أراد ان يهب لأبنه النعمان هبة وهي "بستان" فعندما ذهب بشير للنبي ﷺ وقال يا رسول الله إني وهبت لأبني النعمان "نحلة" أي عطية، هنا قال النبي ﷺ: له إخوة؟ قال : نعم ، قال : فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته ؟ قال بشير: لا ، قال النبي ﷺ : فليس يصلح هذا ، وإني لا أشهد إلا على حق"، وهنا أسس النبي ﷺ التسوية بين الأولاد في العطية، حتى لا تسود العداوة والبغضاء بين ذوي الأرحام، لأن الأقارب ينفس بعضهم على بعض أكثر ما ينفس بين الأعادي، لهذا وضعت المواريث من عند الله لكي لا يكون للإنسان تدخل فيها ضمانًا لإقامة العدل.
كما بين الشيخ أحمدالسنجق، الباحث بالجامع الأزهر، أن التشريع الإسلامي راعى أحوال المكلفين فإذا تماثلت أحولاهم ساوي بينهم وإذا اختلفت أحولاهم نجد أن التشريع يعدل بينهم، وهي مبلغ العدل لأن الحكمة الإلهية تقتضي أن يأخذ كل إنسان حقه، لهذا وصفت دولة الإسلام عبر تاريخها بأنها دولة العدل، لأنها طبقت منهج الإسلام في العدل في كل أمر من أمورها، ولا يمكن أن تضبط العلاقات الاجتماعية بين الناس بدون إعلاء قيم العدل والمساواة كما وضعها الإسلام.
يُذكر أن ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض القضايا الفكرية التي تمس المجتمع، بهدف بيانها وتوضيح رأي الإسلام منها، للوقوف على الفهم الصحيح لهذه القضايا من وجهة نظر شرعية منضبطة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العدل العداوة الجامع الأزهر ملتقى الجامع الأزهر المزيد نائب رئیس جامعة الأزهر صلى الله علیه وسلم إقامة العدل أستاذ الفقه العدل فی کل هذه الإبل بین الناس فی کل شیء أن العدل النبی ﷺ ع د ل وا على أن
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يؤم طلاب المدينة الجامعية ويلقي درسا من كتاب رياض الصالحين
توجه فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، قبيل فجر اليوم إلى المدينة الجامعية للطلاب بمدينة نصر؛ حيث قام فضيلته يرافقه أسامة توفيق، رئيس الإدارة المركزية للمدن الجامعية بجامعة الأزهر، بأداء صلاة الفجر مع الطلاب في المسجد، وعقب الصلاة قام فضيلته بإلقاء درس من كتاب (رياض الصالحين)، وسط إقبالٍ كبيرٍ من أبنائه الطلاب.
وعبَّر رئيس جامعة الأزهر عن سعادته بحرص أبنائه الطلاب على أداء صلاة الفجر في جماعة يوميًّا مما يؤكد أن طلاب جامعة الأزهر في مختلف الكليات العربية والشرعية والعملية نماذج مضيئة، تعمل وفق المنهج الرباني، ويسيرون على خطى الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
إنشاء مجلس شهري للطلاب الوافدين
من ناحية أخرى كان قد قرر رئيس جامعة الأزهر إنشاء مجلس شهري للطلاب الوافدين.
ونظَّمت جامعة الأزهر بالتعاون مع مركز تطوير تعليم الوافدين والأجانب ملتقى الطلاب الوافدين، وحضره رؤساء الاتحادات الطلابية للوافدين، وعدد من الطلاب الجدد، يأتي في إطار التعاون بين قطاعات الأزهر لخدمة طلاب العلم
رئيس جامعة الأزهر: الإمام الأكبر يولي الوافدين عناية خاصةوقال رئيس جامعة الأزهر إن الإمام الأكبر يولي الوافدين عناية خاصة، وأن قطاعات الأزهر الشريف تتعاون لخدمة طلاب العلم الذين وفدوا إلى مصر من شتى بقاع العالم.
ونوه رئيس جامعة الأزهر بأنه قرر عقد مجلس شهري للطلاب الوافدين بجامعة الأزهر بالتعاون مع مركز تطوير تعليم الوافدين والأجانب، للتحاور معهم والاستماع لمقترحاتهم وشكواهم والعمل على سرعة تذليل العقبات التي تواجههم بما ييسر لهم بيئة تعليمية تساعدهم على التفوق، والعودة لبلادهم خير سفراء للإسلام وللأزهر الشريف.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن للطلاب الوافدين متطلبات خاصة تتعلق بإجراءات المنح، والتصديقات، والإقامة، ونظم تعليمية تتطلب الاقتراب منهم والسماع لهم للوقوف عليها، وأنه سيدعى للمجلس العمداء والوكلاء والمديرين وكل من لهم صلة بحقوق الوافدين وواجباتهم، أسوة بما تم التوجيه به لعمداء الكليات بعقد مجالس دائمة للطلاب المصريين.
إنشاء مجلس شهري للطلاب الوافدين بجامعة الأزهرمن جانبها، استكملت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين رئيسة مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، أن إنشاء هذا المجلس الشهري سيدعم فكرة الملتقى الدائم للطلاب الوافدين الذي يواصل لقاءاته الدائمة بمركز التطوير بحيث يجتمع الوافدون مع قيادات الجامعة بصفة دورية كل شهر.
ووجهت مستشارة شيخ الأزهر الشكر إلى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والنواب؛ لتعاونهم في إنجاح منظومة الوافدين، معلنة إطلاقَ سلسلة من الفيديوهات القصيرة، بعنوان: (هنا الأزهر... ملتقى ثقافات الشعوب)، يقدم من خلالها الطلاب الوافدين تعريفًا ببلادهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وثقافاتهم المتنوعة، إلى جانب تقديم رسائل دينية وأخلاقية ممَّا نهلوه من دروس الأزهر الشريف، التي تُرسِّخ قِيَم التسامح، والتعايش، وتنشر الفضائل بين الناس.
وأشارت مستشارة شيخ الأزهر إلى أن هذه الفيديوهات التي سيتم إخراجها بالتعاون مع خدمة الرسائل الإعلامية للوافدين بمركز التطوير، ولجنة الطالب الوافد التي تترأسها بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة تأتي في إطار حرص الأزهر الشريف على مدِّ جسور التواصل بين طلابه الوافدين من مختلف دول العالم، وإبراز الدور الحضاري للأزهر الشريف منارةً تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتحتضن طلاب العلم من شتّى الثقافات.
وحضر اللقاء الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، والدكتور رمضان حسان، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، والدكتورة شهيدة مرعي، وكيلة كلية العلوم الإسلامية والعربية للوافدين، والدكتور حامد هلال، الأستاذ المساعد بكلية العلوم، والدكتورة هالة جليلة، أمين مساعد فرع البنات، وطاهر مجدي، مدير إدارة التنسيق بالجامعة، ومها مصطفى، مدير عام شئون الطالبات.
كما حضر الدكتور عماد شندي، مدير عام مكتب رئيس الجامعة، والدكتور أشرف رجب، ومحمد عبد الفتاح، أعضاء مركز التطوير، وتضمن اللقاء – الذي أداره الدكتور حسام شاكر، عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام، التحاور بشأن المنح المقدمة لبعض الدول وكيفية الإفادة منها، والخدمات الإلكترونية المتاحة في التعرف على نتائج تنسيق الوافدين، وتيسير نظم الدفع في الرسوم الدراسية، والنظر في رسوم أنظمة المعادلة، والشهادات الدراسية والمصادقات، وفي نهاية المجلس ألقى الطلاب الماليون بعض القصائد الشعرية؛ تعبيرًا عن تقديرهم للأزهر الشريف وقياداته، ثم اختتم الملتقى بالتقاط الصور التذكارية مع رئيس الجامعة والنواب.