دمشق – تنفرد الحركة السياسية النسوية السورية، بوصفها تنظيما لديه حضوره على الأرض، بتمثيل التيار النسوي ووجهة النظر النسوية في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

والحركة واحدة من العديد من الأجسام السياسية السورية التي تمكنت، بعد 60 عاما من حظر العمل السياسي على التيارات المناوئة لسلطة النظام السابق، من استئناف نشاطها من داخل سوريا بما في ذلك عقد مؤتمرها الصحفي الأول في دمشق يوم 8 يناير/كانون الثاني الجاري.

ويجمع خبراء سياسيون على أن النسوية السياسية عادة ما تكون تنظيما أو حراكا أو حزبا سياسيا في دولة من دول العالم يدفع عموما باتجاه ضمان تمثيل النساء في المناصب السياسية في الدولة، وضمان مشاركتهن في الحياة العامة، وتعديل القوانين لتحقيق المساواة والعدالة الجندرية.

فما أهداف هذه الحركة في سوريا؟ وما مشروعها السياسي؟ وما خطوتها التالية بعد المؤتمر الذي عقدته مؤخرا؟

من أهداف الحركة رفع تمثيل النساء إلى نسبة لا تقل عن 30% في مراكز صنع القرار (رويترز) التأسيس والأهداف

عُقد المؤتمر التأسيسي للحركة السياسية النسوية السورية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 في باريس، وكانت الفكرة من تشكيل هذا الجسم السياسي، كما تقول وجدان ناصيف، هي "تأسيس كيان يعبر عن الحاجة لتيار سياسي نسوي يدفع بنساء سوريات إلى المشاركة بالعملية السياسية التي كانت قائمة في ذلك الوقت".

إعلان

وتضيف عضوة الأمانة العامة بالحركة في حديث مع الجزيرة نت "وأعتقد أننا نجحنا في ذلك؛ ففي مؤتمر "الرياض 2″ استطاعت النساء مناصرة ودعم بعضهن بعضا وسجلن مشاركة جيدة في ذلك الاجتماع".

وحسب ناصيف، فإن حركتهم تيار سياسي يسعى أعضاؤه وعضواته للوصول إلى دولة المواطنة المتساوية، والدولة الديمقراطية التعددية التي تحفظ حقوق المواطنين بغض النظر عن دينهم أو طائفتهم أو قوميتهم أو جنسهم.

وتعلن الحركة عن التزامها بعدد من الأهداف والمبادئ، أبرزها:

الالتزام بالتغيير الجذري لبنية النظام الاستبدادي في سوريا إلى الدولة الديمقراطية التعددية. الالتزام بالحل السلمي والسياسي في سوريا. رفع تمثيل النساء إلى نسبة لا تقل عن 30% في جميع مراكز صنع القرار. المحاسبة والعدالة الانتقالية جزء لا يتجزأ من الانتقال السياسي لتحقيق سلام شامل عادل مستدام، بتقديم كل من تلوثت يداه بدماء الشعب السوري إلى العدالة. تُحكم المرحلة الانتقالية بمبادئ دستورية متوافقة مع منظور الجندر وتكون أساسا للدستور الدائم الذي ينص على وحدة سوريا أرضا وشعبا، وسيادتها واستقلالها، وسيادة القانون وتداول السلطة وفصل السلطات وإقرار حقوق الإنسان والمساواة.

وتؤكد رويدا الحرفوش، عضوة مؤسسة في الحركة وعضوة الهيئة العامة فيها، أهمية وحدة سوريا والمبادئ الدستورية التي يمكن أن تضمن تماسك الدولة، وتؤسس للسلام المستدام في المستقبل؛ لأن الدستور هو الذي يرسم ملامح الحكم وسماته وسمات الدولة.

وتشير إلى أهمية أن تبقى "الأعين مسلطة على الدستور خلال المرحلة المقبلة لئلا تذهب جهود الثورة، ومعاناة السوريين والسوريات على مدى 14 عاما سدى".

وقالت الحرفوش للجزيرة نت إن الحركة تدفع باتجاه دستور يضمن المواطنة المتساوية للسوريين والسوريات ويحقق العدالة.

الإدارة الجديدة في دمشق لم تحضر مؤتمر الحركة (مواقع التواصل) الأنشطة

وإلى جانب الأهداف والرؤية السياسية التي تسعى الحركة إلى تحقيقها، هناك أنشطة بحثية وأخرى "تشاورية وطنية" تقوم بها بالتوازي مع العمل السياسي.

إعلان

وعن تلك الأنشطة تقول الحرفوش إن القضايا السورية شائكة ومتنوعة، ومن ثم فإن كل قضية تتطلب العمل عليها من أكثر من زاوية.

وأوضحت أن العمل على الأوراق البحثية (السياساتية) التي تبنى عليها مواقف الحركة قادتهم إلى البدء بحوارات للوصول إلى توافقات مع المعارضة السياسية قبل سقوط النظام سواء في المسار الرسمي أو غير الرسمي، في وقت يتطوّر فيه نشاط الحركة على الأرض إذ أقامت الحركة ندوات حوارية عدة كان آخرها في محافظة السويداء الأسبوع الماضي.

هذه الندوات تجد القيادية في الحركة أن الهدف منها هو "إشراك عضواتنا في سوريا في مختلف المناطق لمناقشة أهم القضايا وأكثرها إلحاحا مثل: السلم الأهلي، والهوية الوطنية، وبحث الخطوات القادمة للوصول بسوريا إلى نظام حكم ديمقراطي تضميني وتشاركي".

الخطوة التالية

وعن الخطوة التالية للحركة بعد مضي نحو شهرين على سقوط النظام السابق، تشير الحرفوش إلى أن عضوات الحركة يقُمن حاليا بجولات لاستكمال المشاورات مع الجهات السياسية والمدنية في البلاد.

وعن أولويات الحركة، ترى عضوة الأمانة العامة أنها تكمن في الوقت الراهن بالتركيز على المبادئ الدستورية التي تضمن السلام المستدام في سوريا، "وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون مشاركة جميع الفئات من النساء والشباب والكتل السياسية الديمقراطية والمجتمع المدني في المؤتمر الوطني المنتظر الإعلان عنه".

وتؤكد القيادية في الحركة أن الإدارة الجديدة في دمشق لم تستجب لطلب الحركة لقاءها، ولم يحضر ممثلون عنها المؤتمر الصحفي للحركة رغم توجيه دعوة رسمية للإدارة بالحضور.

وبالنسبة لتحوّل الحركة إلى حزب في المستقبل، تقول الحرفوش إن ذلك يعتمد على أمرين، أولهما أن الحركة تنتظر قانون أحزاب جديدا ضمن الدستور المرتقب. وثانيهما أن قرار التحوّل إلى حزب يحتاج إلى إجماع الهيئة العامة للحركة على ذلك بالتصويت.

المؤتمر حضره عدد من الشخصيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني (الجزيرة) مواجهة التهميش

من جهتها، ذكرت الشابة زينة غيبة أن انضمامها إلى الحركة كان بسبب تبنّي الحركة "الليبرالية الاجتماعية" وتسهيلها تحقيق أهداف تتعلق بحقوق المرأة والديمقراطية.

إعلان

وقالت للجزيرة نت إن "انضمامي للحركة فرصة لأتعلم كيف يفكر الأشخاص الذين يتبنّون الأفكار التي أؤمن بها، ولماذا يتبنونها، وكذلك لأفهم المختلفين عني وأتعرف على وجهات نظرهم".

وعن اختلاف هذه الحركة عن غيرها من الأجسام السياسية، أوضحت غيبة أن "النساء اللواتي يتحدثن في السياسة قلة، وأنا أحب أن أستمع إليهن وأتعلم منهن؛ فنحن النساء نواجه تهميشا أو استخفافا لمجرد أننا نساء. ولذلك وكوني شابة، فقد تعلمت من النساء داخل الحركة كيف يواجهن هذه التحديات وكيف يتعاملن معها".

وكان ممثلون عن أجسام سياسية سورية، إضافة إلى العديد من المنظمات النسائية والنسوية والهيئات المدنية الفاعلة في سوريا؛ حضروا المؤتمر الصحفي الأول الذي عقدته الحركة في الثامن من الشهر الجاري تحت عنوان "بيان الحركة السياسية النسوية السورية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی سوریا فی ذلک

إقرأ أيضاً:

س & ج.. كيف أسقطت الإدارية العليا نتيجة «الدقي–العجوزة»؟.. أهم المخالفات الجسيمة التي قلبت النتيجة

في حكم يعدّ الأكثر تفصيلاً وتأثيرًا في مسار الطعون الانتخابية لعام 2025، كشفت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أسامة يوسف شلبي، عن أسباب قرارها التاريخي بإلغاء نتيجة انتخابات الدائرة الأولى بمحافظة الجيزة (الدقي–العجوزة–الجيزة)، في الطعن رقم 6083 لسنة 72 ق عليا، بعد ثبوت مخالفات جسيمة مست العملية الانتخابية في جوهرها، ووصفتها المحكمة بأنها مخالفات أهدرت سلامة الإرادة الانتخابية وأفقدت النتيجة حجيتها.

هذا الحكم لم يكشف فقط عن تجاوزات خطيرة في لجان الفرز والرصد، بل رسم أيضًا الخط الفاصل بين اختصاص الإدارية العليا في طعون جولة الإعادة، واختصاص محكمة النقض في الطعون المتعلقة بصحة عضوية الفائزين.

س: ما هو أصل الطعن الذي أدى إلى إلغاء الانتخابات في دائرة الدقي–العجوزة؟

ج: الطعن قدمه المرشح دندراوي أبو الفضل، مطالبًا بإلغاء قرار الهيئة الوطنية للانتخابات الصادر في 18 نوفمبر 2025، ومتهمًا العملية الانتخابية بوجود مخالفات مؤثرة في التصويت والفرز والرصد داخل اللجنة العامة.

س: لماذا قالت المحكمة إن بعض جوانب الطعن خارج اختصاصها؟

ج: المحكمة أكدت أن الحكم بصحة فوز المرشح أحمد الوليد يدخل في اختصاص محكمة النقض فقط، لأنها الجهة الوحيدة صاحبة الولاية في الفصل في صحة العضوية، وفقًا للدستور وقانون مجلس النواب.

س: ما هو الجزء الذي يدخل فعليًا في اختصاص الإدارية العليا؟

ج: كل ما يتعلق بـ قرارات اللجان العامة، وإجراءات الرصد، وعدم تمكين المرشحين أو المندوبين، والأخطاء في التجميع، والقرارات المتعلقة بجولة الإعادة، لأن هذه كلها إجراءات انتخابية لا تتصل بصحة العضوية.

س: ما المخالفات التي رصدتها المحكمة وأسقطت النتيجة بسببها؟

ج: الحيثيات أكدت أن المخالفات لم تكن شكلية بل جسيمة ومؤثرة، وجاء أبرزها:
• منع اللجنة العامة تسلّم توكيلات مندوبي المرشحين ومنع تحرير التفويضات.
• منع الطاعن من الحصول على كشوف الحصر العددي المعتمدة.
• تداول بطاقات الرأي خارج اللجان في مشاهد وصفتها المحكمة بأنها تهدد نزاهة التصويت.
• وجود أخطاء ضخمة في رصد وتجميع الأصوات داخل اللجنة العامة.
• وجود فروق غير منطقية وغير قابلة للتفسير بين محاضر اللجان الفرعية واللجنة العامة.
• عجز اللجنة العامة عن تقديم مبررات أو أثباتات تؤكد صحة ما أعلنته من أرقام.

س: هل رأت المحكمة أن هذه المخالفات أثرت بالفعل في النتيجة؟

ج: نعم أكدت المحكمة أن المخالفات قلبت مراكز المتنافسين، وأن التصحيح مستحيل دون إعادة العملية برمتها، لأن الخلل ضرب أساس الحصر العددي نفسه، وليس مجرد رقم أو لجنة واحدة.

س: ماذا قالت الحيثيات عن تداول بطاقات الرأي خارج اللجان؟

ج: المحكمة اعتبرت هذا أخطر المخالفات، لأنه يضرب سرية التصويت ويُسقط الثقة العامة في العملية الانتخابية، وأكدت أن ذلك وحده كفيل بإلغاء النتيجة.

س: لماذا رفضت المحكمة اعتماد محاضر اللجنة العامة؟

ج: لأن محاضرها خالفت محاضر اللجان الفرعية في أرقام مؤثرة، ولم تقدم اللجنة تفسيرًا أو تصحيحًا، وهو ما وصفته المحكمة بأنه “خلل جوهري في ركن الحصر العددي”.

س: ما القرار النهائي الذي أصدرته الإدارية العليا؟

ج:
1. عدم اختصاصها بنظر صحة فوز أحمد الوليد وإحالة الملف لمحكمة النقض.
2. قبول الطعن شكلاً وموضوعًا فيما يتعلق بقرار خوض الإعادة.
3. إلغاء قرار الهيئة الوطنية بخوض المرشحين عبد الرحيم علي (الدالي) وبدوي جولة الإعادة.
4. إعادة الانتخابات بالدائرة بالكامل بالنظام الفردي بين جميع المرشحين.




مقالات مشابهة

  • س & ج.. كيف أسقطت الإدارية العليا نتيجة «الدقي–العجوزة»؟.. أهم المخالفات الجسيمة التي قلبت النتيجة
  • ماذا قدم نتنياهو تحديدا للرئيس الإسرائيلي.. وما الخطوة التالية؟
  • ليال الطائي تحقق إنجازاً للرياضة النسوية العراقية في بطولة أبوظبي للفروسية
  • سوريا تدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي
  • ” التعاون الإسلامي” تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الجمهورية العربية السورية
  • تعرف على تفاصيل توغل الاحتلال ببيت جن السورية وما سبقه من توغلات
  • من عملية بيت جن إلى سؤال المرحلة: ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
  • بعد عام على سقوط الأسد.. اللاجئون السوريون في أوروبا يفكرون في العودة إلى الديار
  • لتعزيز ترابط المحافظات.. فتح الحركة المرورية على الطريق الساحلي بجازان من تقاطع الشقيق إلى منشبة
  • على خطى الثوار.. معركة الأيام الـ12 التي أعادت كتابة تاريخ سوريا