دمشق - أكدت الإدارة السورية الجديدة الأربعاء 29يناير2025، أن إعادة بناء العلاقات مع موسكو يجب أن يتضمن معالجة "أخطاء الماضي"، وذلك خلال أول زيارة يجريها وفد من روسيا عقب الإطاحة بحليفها بشار الأسد الذي فرّ إليها في كانون الأول/ديسمبر.

وأكد الكرملين الأربعاء على أهمية الزيارة، مشددا على ضرورة "الحوار" مع السلطات في دمشق التي ركزت على وجوب تحقيق "العدالة الانتقالية".

ولم تذكر السلطات السورية ما اذا كانت طالبت موسكو بتسليم الأسد. وردا على سؤال للصحافيين بهذا الشأن، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الأربعاء "سأترك ذلك من دون تعليق".

وكان الأسد على امتداد حكمه الذي استمر ربع قرن، حليفا أساسيا لموسكو في الشرق الأوسط. وبعد أربعة أعوام من اندلاع النزاع في سوريا سنة 2011، تدخلت روسيا عسكريا لصالحه وساهمت، خصوصا عبر الغارات الجوية، في قلب الدفة لصالحه ميدانيا.

وعقب هجوم مباغت بدأته أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، تمكنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر بينما فرّ الأسد الى روسيا.

ووصل وفد روسي يتقدمه نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، الى دمشق الثلاثاء.

ونشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) فجر الأربعاء صورة لقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع يصافح بوغدانوف.

واعتبرت الإدارة في بيان بعد اللقاء "أن استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه".

وهدفت المباحثات إلى "ضمان المساءلة وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد".

بدوره، شدد بيسكوف على أن "هذه زيارة مهمة، والتواصل مهم"، مؤكدا ضرورة "إقامة والإبقاء على حوار دائم مع السلطات السورية، وهذا ما سنواصل القيام به".

بدورها، أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن "الجانب الروسي أكد دعمه الثابت لوحدة وسلامة أراضي وسيادة الجمهورية العربية السورية".

ورأت أن الزيارة أتت في "لحظة حاسمة" بالنسبة إلى العلاقات بين البلدين.

وعقد الوفد الروسي مباحثات لنحو ثلاث ساعات مع مسؤولين سوريين تقدمهم الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، بحسب ما أوردت قناة "روسيا اليوم".

ونقلت القناة عن بوغدانوف قوله إن اللقاء كان ذا طابع "بنّاء وعملي، وجرى التأكيد على الطابع الودي لعلاقات الصداقة بين بلدينا".

أضاف "الأحداث التي عاشتها سوريا في السنوات الأخيرة والتغير الذي حصل في قيادة البلاد لن تبّدل طبيعة العلاقات"، مؤكدا أن روسيا "جاهزة دوما للمساعدة وتقديم العون في استقرار الأوضاع والوصول إلى حلول مناسبة لمختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية".

أضاف "لقد استمع الجانب السوري بتفهم واهتمام إلى وجهة نظرنا"، معتبرا أن التغييرات في دمشق لن تؤثر "على الصداقة والتعاون وفق أسس المنافع المتبادلة بين روسيا وسوريا".

- "لا تغيير" بشأن القاعدتين -

سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أكد أن سقوط الأسد لا يشكّل "هزيمة" لروسيا، على رغم أن الأخيرة كانت، إلى جانب إيران، أبرز داعمي الرئيس المخلوع منذ اندلاع الاحتجاجات في العام 2011، والتي تحولت الى نزاع دامٍ بعدما قمعتها السلطات بعنف.

وتسعى روسيا لضمان مستقبل قاعدتها البحرية في طرطوس والجوية في حميميم، وهما الموقعان العسكريان الوحيدان لها خارج نطاق الاتحاد السوفياتي السابق، في ظل السلطات الجديدة.

ويرتدي الموقعان أهمية كبرى لموسكو للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.

وأشار بوغدانوف، بحسب "روسيا اليوم"، الى أنه "حسب فهمنا، فإنه إلى الآن لم يطرأ تغيير على وضع المنشآت الروسية في طرطوس وحميميم وقد جرى الاتفاق على مواصلة الحوار المعمق بشأن مختلف جوانب التعاون بين بلدينا".

وصباح الأربعاء، شاهد مراسل لفرانس برس في بلدة حميميم الساحلية جنوب اللاذقية، عناصر أمن من السلطات الجديدة منتشرة عند نقاط تفتيش عند مدخل القاعدة. ويرفرف العلم الروسي فوق خزان للمياه داخل القاعدة، لكن لم يكن بالامكان مشاهدة جنود، مع تواصل حركة إقلاع طائرات منها.

ويرى مراقبون إن موسكو قد تُضطر لإعادة تنظيم وجودها في المنطقة والانكفاء نحو أماكن أخرى مثل ليبيا حيث دعم مرتزقة روس المشير خليفة حفتر.

- "مصالح استراتيجية عميقة" -

وعلى رغم أن موسكو كانت من أبرز الداعمين للأسد، اعتمد قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع في نهاية كانون الأول/ديسمبر نبرة تصالحية إلى حد ما، إذ أثنى على "المصالح الاستراتيجية العميقة" بين البلدين، مبديا رغبته في إعادة بناء العلاقة مع موسكو.

وقال الشرع في كانون الأول/ديسمبر خلال مقابلة مع قناة "العربية" إن "هناك مصالح استراتيجية عميقة بين روسيا وسوريا. السلاح السوري كله روسي وكثير من محطات الطاقة تدار بخبرات روسية".

وأضاف "لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض".

وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر، أكد بوتين أن سقوط بشار الأسد ليس "هزيمة"، معلنا أن موسكو حققت هدفها بمنع البلاد من أن تصبح "جيبا إرهابيا".

وأكد بوغدانوف أن المباحثات تطرقت للعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وضرورة "مواصلة العمل" على مشاريع للبنى التحتية مع السلطة الجديدة.

وتعرضت روسيا لانتقادات شديدة بسبب تدخلها العسكري في سوريا دعما للأسد، خصوصا عبر الضربات الجوية المدمّرة.

من جانبها، تعتزم أوكرانيا التي تخوض حربا مع موسكو، أن تضغط للدفع نحو منع روسيا من البقاء في سوريا.

وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر، التقى وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا الشرع في دمشق، دعا بعدها الى "القضاء" على الوجود الروسي في سوريا، مؤكدا أن هذا من شأنه أن يساهم "في الاستقرار ليس فقط على صعيد الدولة السورية، بل وأيضا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها".

 

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: إيران تسعى لإعادة بناء قدراتها العسكرية وتسعى لأستيراد آلاف الأطنان من المواد المنتجة للصواريخ الباليستية لدعم وكلاءها الحوثيين

   

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن إيران تسعى لإعادة بناء قدراتها العسكرية، وتعمل حاليًا على استيراد آلاف الأطنان من المواد الكيميائية اللازمة لإنتاج صواريخ باليستية، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي.

ووفقًا للصحيفة، فقد طلبت طهران شحنات ضخمة من نترات الأمونيوم من الصين، وهي مادة أساسية في تصنيع وقود الصواريخ ذات الوقود الصلب. ومن المقرر أن تصل هذه المواد خلال الأشهر المقبلة، وسط مؤشرات على نية إيران استخدام جزء منها لدعم الميليشيات المتحالفة معها، بما في ذلك جماعة الحوثيين في اليمن.

وأوضحت الصحيفة أن شركة إيرانية تُدعى پيشگامان تجارت رفيع نوين تقدمت بطلب إلى شركة صينية مقرها هونغ كونغ تُدعى Line Commodities Holdings، إلا أن الطرفين امتنعا عن الرد على استفسارات الصحيفة، كما لم يعلّق المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة.

في المقابل، قالت الخارجية الصينية إنها لا تملك معلومات عن هذه الصفقة، وأكدت التزام بكين بالرقابة على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج.

وأضافت وول ستريت جورنال أن هذه التحركات تأتي ضمن مساعي طهران لتعزيز حلفائها الإقليميين وإعادة تشكيل ما يُعرف بـ"محور المقاومة"، في ظل الضربات العسكرية التي أضعفت مواقعهم، خاصة في سوريا ولبنان وغزة واليمن.

ونقل التقرير عن مصادر أمنية أن إيران نقلت مؤخرًا صواريخ باليستية إلى ميليشيات شيعية في العراق سبق أن نفذت هجمات ضد القوات الأميركية، في استمرار لاستراتيجية طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وتؤكد تقديرات استخبارية أن شحنات سابقة من بيركلورات الصوديوم – وهي مادة تستخدم في تصنيع نترات الأمونيوم – وصلت إلى إيران عبر سفن راسية في موانئ صينية، وكانت كافية لتأمين وقود نحو 260 صاروخًا قصير المدى، فيما يُرجّح أن تكفي الصفقة الجديدة لتزويد نحو 800 صاروخ بالوقود.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في أبريل الماضي عقوبات على كيانات في إيران والصين لتورطها في تمويل وتوريد المواد المستخدمة في برامج الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك دعم برنامج الحوثيين للصواريخ والطائرات المسيّرة.

وسبق أن أعلنت البحرية الأميركية في نوفمبر 2022 اعتراض سفينة في خليج عمان كانت تحمل أكثر من 70 طنًا من نترات الأمونيوم، يُعتقد أنها كانت في طريقها إلى الحوثيين، وهو ما يتكرر ضمن نمط معروف لتهريب السلاح من إيران.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتحذير من مخاطر تخزين هذه المواد المتفجرة، مشيرة إلى انفجار مميت وقع في أبريل الماضي بميناء رجائي في بندر عباس الإيرانية، نجم عن سوء تخزين مواد متفجرة بينها بيركلورات الصوديوم، وأسفر عن عشرات القتلى.

وتؤكد هذه التطورات، بحسب التقرير، أن إيران تواصل العمل على دعم ميليشياتها الإقليمية رغم العقوبات الدولية، في مسار يهدد بتفاقم الأزمات في المنطقة، لا سيما في اليمن حيث يواصل الحوثيون استخدام هذه القدرات لاستهداف دول الجوار وتهديد الملاحة الدولية.

المصدر : وول ستريت جورنال

 

مقالات مشابهة

  • ‏الداخلية السورية: 450 ألف عنصر كانوا يقاتلون مع نظام الأسد ضد السوريين
  • الأمن الروسي: اعتقال عميلين خططا لعمل تخريبي استهدف مصنعا دفاعيا في موسكو
  • سوريا تستعد للعودة إلى نظام سويفت بعد 14 عامًا من العزلة
  • سوريا.. أكثر من 7 آلاف قتيل منذ انهيار نظام الأسد
  • حكومة الدبيبة تؤكد توافر البنزين بكميّات كافية
  • عيد الأضحى في المحافظات… طقوس تنهل من أصالة الماضي وقيم الأجداد 
  • وول ستريت جورنال: إيران تسعى لإعادة بناء قدراتها العسكرية وتسعى لأستيراد آلاف الأطنان من المواد المنتجة للصواريخ الباليستية لدعم وكلاءها الحوثيين
  • وزير الدفاع يستقبل وفداً من طلاب الجامعات السورية
  • وزير الدفاع يستقبل وفداً من مجلس القبائل والعشائر السورية
  • الرئيس الشرع وعقيلته يستقبلان وفداً نسائياً من كافة المحافظات السورية