هل تنجح روسيا فى البقاء بسوريا؟.. تحديات متزايدة فى ظل الأوضاع المتغيرة
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى تطور يعد الأول من نوعه منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، شهدت العاصمة السورية دمشق مباحثات مكثفة بين الحكومة الانتقالية ووفد رفيع من الكرملين، حيث ناقش الجانبان ملف التعويضات وإعادة الإعمار، فى وقت تتصاعد فيه مطالب سوريا بمعالجة "إرث الماضي" وضمان سيادتها الكاملة.
ووفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" قام ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، برئاسة وفد موسكو فى أول زيارة رسمية منذ انهيار حكم الأسد، حيث اجتمع مع أحمد الشرع (المعروف سابقًا باسم أبومحمد الجولاني)، الزعيم الفعلى للسلطة الجديدة.
وأكد بيان لوكالة "سانا" الرسمية تركيز المحادثات على "احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها"، مع إشارة صريحة إلى ضرورة تعويض الأضرار الناجمة عن سنوات الحرب، ودور روسيا فى "إعادة بناء الثقة عبر خطوات ملموسة".
وقالت الصحيفة إن الجانب الروسى أعرب عن استعداده للمساهمة فى إعمار سوريا، وفقًا لتصريحات وزارة خارجيته، لكنه أقر بعدم تحقيق تقدم فى الملفات الشائكة، مثل مصير القاعدة الجوية فى حميميم والميناء الاستراتيجى فى طرطوس، والتى تعد نقاطًا محورية لنفوذ موسكو العسكرى فى المتوسط.
وأوضح بوغدانوف أن المفاوضات حول هذه القواعد "تتطلب مزيدًا من النقاش"، مشيرًا إلى أن الوضع الراهن "لم يتغير".
فيما كشف وزير الخارجية السورى أسعد الشيبانى فى تصريحات سابقة لصحيفة "فاينانشال تايمز" عن وجود ديون على دمشق تُقدر بـ٨ مليارات دولار لروسيا، مُحمّلًا نظام الأسد مسئولية هذه الأعباء.
وفى سياق متصل، تسعى الحكومة الجديدة إلى فتح قنوات مع الغرب والدول العربية لتخفيف العقوبات وإنعاش الاقتصاد، مع تأكيدها رفض الدخول فى صراعات جديدة.
الوجود العسكرى الروسي
جاءت المحادثات فى أعقاب إجلاء موسكو مئات الجنود ومعدات عسكرية من سوريا، وفقًا لصور الأقمار الصناعية التى التقطتها شركة "بلانيت لابس"، والتى أظهرت نشاطًا لوجستيًا مكثفًا فى ميناء طرطوس، بما فى ذلك تحميل سفينتى شحن روسيتين معروفتين بنقل الأسلحة.
ورغم ذلك، أكد الكرملين عبر متحدثه دميترى بيسكوف استمرار الحوار مع القيادة السورية الجديدة، واصفًا المحادثات بـ"المهمة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الدعم العسكرى الروسى كان عاملًا حاسمًا فى إطالة أمد حكم الأسد، خاصة بعد تدخل موسكو المباشر عام ٢٠١٥ عبر قاعدتها فى حميميم، والتى مكنت النظام من استعادة مواقع واسعة.
إلا أن تحالفًا للمعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" تمكن من قلب الموازين الشهر الماضي، ما أدى إلى فرار الأسد وعائلته إلى موسكو، حيث يعتقد أن بعض أفرادها ما زالوا هناك.
هذا وتواجه موسكو تحديًا دبلوماسيًا فى التعامل مع التحولات الجذرية بدمشق، بينما تحاول سوريا الجديدة تحقيق توازن بين المطالبة بحقوقها التاريخية وبناء تحالفات إقليمية ودولية تخرجها من عزلتها.
مفاوضات متعثرة
فى ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، تواجه موسكو تحديات دبلوماسية وعسكرية فى الحفاظ على قاعدتيها العسكريتين الرئيسيتين فى سوريا، اللتين شكلتا ركيزةً أساسيةً لفرض نفوذها الإقليمى عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات الماضية.
كشفت تقارير لوكالة "بلومبرج" الأمريكية عن تعليق المفاوضات بين الجانبين الروسى والسورى حول مستقبل القاعدتين، استنادًا إلى مصادر مطلعة فى العاصمة الروسية موسكو.
وأشارت الوكالة إلى أن الأنشطة العسكرية الروسية فى قاعدة حميميم الجوية، الواقعة غرب سوريا، شهدت تقليصًا ملحوظًا فى الفترة الأخيرة، فى مؤشر على تراجع العمليات العسكرية المكثفة التى كانت تنطلق منها سابقًا.
لفتت المصادر إلى تعقيدات لوجستية واجهتها موسكو فى إدارة انسحاب جزئى من سوريا، حيث اضطرت سفينتا نقل روسيتان إلى الانتظار لأسابيع قبالة السواحل السورية، قبل أن تحصلا على إذن من السلطات السورية الجديدة للرسو فى القاعدة البحرية الاستراتيجية فى طرطوس، والتى تُعد منفذًا حيويًا لروسيا على البحر المتوسط، وهدفت العملية إلى إزالة معدات عسكرية وتجهيزات روسية من الميناء، وفقًا للتقارير.
وتعتبر القاعدتان العسكريتان حميميم الجوية وطرطوس البحرية بمثابة نقاط ارتكاز حاسمة للحضور العسكرى الروسى فى المنطقة، حيث مكنتا روسيا من تعزيز تحالفاتها، ونشر قواتها، وحماية مصالحها الجيوسياسية فى أفريقيا والشرق الأوسط، خاصة بعد التدخل المباشر عام ٢٠١٥ لدعم نظام الأسد.
وتوازى هذه الخطوات مع مساعى سوريا الجديدة لتحقيق توازن فى تحالفاتها الإقليمية والدولية، وسط تحديات إعادة الإعمار ورفع العقوبات.
رغم عدم وجود إفصاح رسمى عن مصير القاعدتين، تؤكد التطورات الأخيرة أن ملف الوجود العسكرى الروسى فى سوريا بات مرتبطًا بتسويات سياسية واقتصادية معقدة، قد تعيد رسم خريطة النفوذ فى منطقة طالما اعتبرت ساحة صراع دولية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بشار الأسد دمشق سوريا روسيا
إقرأ أيضاً:
عائشة دبس: المرأة من ستصنع نموذجها بنفسها في سوريا الجديدة
وأضافت دبس، خلال استضافتها في برنامج بودكاست "ذوو الشأن" الذي تقدمه الإعلامية خديجة بن قنة، أن دورها كمسؤولة عن ملف المرأة يتمثل في دعم وتمكين النساء السوريات من مختلف الخلفيات، للمشاركة في بناء سوريا الجديدة بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد.
وتحدثت دبس عن نشأتها في حي الميدان الدمشقي، واصفة إياه بأنه حي معروف في الشام وبأنه حي نضالي وثوري، موضحة أنها نشأت في عائلة عانت من اضطهاد نظام البعث منذ الخمسينيات، حيث تعرض عمها للاعتقال في سجن تدمر لمدة 13 عاما، فيما كان والدها ملازما في الجيش السوري وشارك في حركة الثمانين.
واستذكرت تجربة مؤلمة من طفولتها عندما كانت في السابعة من عمرها، قائلة: استصحبني أخي للمدرسة صباحا، أدار وجهي عن ذاك البيت لأنهم كانوا في تلك اللحظة يلمون أشلاء هؤلاء النشطاء ويضعونهم في شراشف مليئة بالدماء.
تأثير والدها
وأشادت دبس بتأثير والدها الكبير على شخصيتها وتوجهاتها، مؤكدة أنه علّمها منذ البداية "أن تدور مع الحق حيث دار"، وأضافت أنه بعد خروجه من المعتقل، جمع أبناءه وقال لهم "سأسمعكم أياما في جهنم"، ليروي لهم تجربته المريرة في فرع فلسطين، حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب، وأسمعوه عن قصد أصوات اغتصاب النساء في المعتقل.
إعلانوعن مشاركتها في الثورة السورية، قالت دبس إنها لم تحلم أو تتخيل أن تنقلب الثورة إلى ثورة مسلحة، وأنها كانت مع المظاهرات السلمية ومع الإصلاح والتغيير بالشكل السلمي.
وأوضحت أن أول مشاركة لها كانت في إعداد الورود للمتظاهرين، حيث كانت تزيل الشوك عن سيقان الورود حتى لا تُدمي أصابع المتظاهرين.
وبعد اشتداد القمع، أشارت دبس إلى أنها انخرطت في مساعدة العائلات المهجرة من حمص والحولة، حتى اضطرت هي وعائلتها للخروج من سوريا متوجهين إلى لبنان، ومن ثم إلى تركيا.
تجربة تركيا
وفي إسطنبول، كشفت دبس أنها عملت في الملف التعليمي وأسست مدرسة الفاتح للموهوبين التي كانت تضم حوالي 300 طالب سوري، موضحة أن الهدف كان بناء مجموعة من الطلاب الموهوبين ليكونوا في مفاصل الدولة الجديدة.
وأضافت أن تجربتها في تركيا كانت "ثرية وغنية"، مشيرة إلى أن وجودها في بلد متنوع الثقافات أكسبها ثروة جديدة من الخبرة والمعرفة والثقافة، مؤكدة أن اهتمامها الأساسي كان منصبا على تعليم الطلاب السوريين، الذين بلغ عددهم في تركيا نحو 350 ألف طالب.
على الرغم من استقرارها في تركيا، قررت دبس العودة إلى سوريا في عام 2018، واصفة هذا القرار بأنه "واجب" وليس خيارا، مؤكدة إيمانها بأن من يكون داخل وطنه على أرضه، مناضل، يدافع، يقاتل وهو ابن الواقع وابن الأرض، هو من يستطيع أن يصنع النصر.
وأوضحت أنها في إدلب نشطت في العمل مع المرأة السورية، وأسست "مؤسسة المرأة السورية"، ثم التقت بالسيد أحمد الشرع الذي عرض عليها تولي ملف المرأة، حيث وجدت، على حد تعبيرها، ضالتها في هذه الحكومة الوليدة، باعتبارها نواة حقيقية لمشروع سينطلق منه التحرير.
لحظة النصر
ووصفت دبس لحظات سقوط نظام الأسد، قائلة: كنت في إدلب، وكنت في الشارع، وأسمع التكبيرات من المآذن، وكنت أشعر أن كل خلية بجسمي تتنفس، سقط النظام، فتحت المعتقلات، زال الظلم، ستعيش سوريا بدون الأسد، بدون النظام.
إعلانوأكدت أن هذه الفرحة لم تدم طويلا، إذ استفاقت منها بسرعة وأحست أنه حان وقت العمل، مضيفة أن الجهود الآن يجب أن تتركز على "بناء سوريا من جديد".
وعن رؤيتها للمرأة السورية في المرحلة المقبلة، وصفت دبس المرأة السورية بأنها إنسانة مثقفة، متمكنة، قوية، حاضرة، واعية، راقية، بناءة، صاحبة قرار، وصانعة قرار أيضا، مؤكدة أنها تستحق أن تتصدر وتتبوأ أعلى المناصب، وأن تصل بتشاركية مع الرجل إلى أقصى ما يستطيعه طموحها.
وأضافت أن "مبدأ الكفاءة" هو الأساس في اختيار الأشخاص للمناصب، رافضة مبدأ "الكوتة" النسائية، موضحة أن الدول المتقدمة كلها مع الكفاءة.
الصادق البديري9/5/2025