أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام “إِنَّ مِنْ أعظم العبادات وأرجَاهَا، وأجلها وأسماهَا، عِبَادَةَ الشُّكْرِ، فَكم أسبغ الله علينا من نعمة، ومنّ علينا مِنْ مِنَّةٍ، وكشف عنَّا مِنْ كُرَبَةٍ، وَفَرَّجَ عَنَّا مِنْ نِعْمَةٍ، ولو كَشَفَ الله لنا الغطاء عن ألطافه وصنعه بنا لذابت قلوبنا محبة وشكرًا له وشوقًا إليه، فنعمه تترى علينا في كل حين، نتقلب فيها ممسين ومصبحين، {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}،.

 

وأكد فضيلته أن أحبُّ خَلْقِ اللهِ إلى الله من اتصف بصفة الشكر وداوم عليها، كما أن أبغض خَلْقِهِ إِليه مَنْ عَطَّلَهَا واتصف بضدها، وقدْ بَلَغَ مِنْ عِظَم منزلة الشكر أنَّ اللهَ تعالى سَمَّى نَفْسَهُ شَاكِرًا وَشَكُورًا، وَسَمَّى به الشَّاكِرِينَ، فَأَعْطَاهُمْ مِنْ وَصْفِهِ، وَسَمَّاهُمْ بِاسْمِهِ، وَحَسْبُكَ بِهَذَا مَحَبَّةٌ لِلشَّاكِرِينَ وَفَضْلًا، فالشكر ثوابه عظيم، وأجره عميم، قال العزيز العليم: { وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ }، ولم يذكر الله في الآية جزاء الشكر ليدل ذلك على كثرته وعظمته.

وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الشكر أمان من العقوبات، ونجاة من المكروهات قالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ : {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، فَمَنْ ضَيَّعَ شُكر النعم حلَّتْ بِهِ النقم، ومن لم يُحاسب نفسه قبل يوم القيامة حل به الندم.

وذكر الدكتور الدوسري أن نصوص الوحيين دلت على أن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فيظهر الشكر في القلب إقرارًا بالنعم وإيمانًا، ونسبتها لواهبها تفضلًا منه وإحسانًا، قال تعالى على لسان سليمان عليه السلام: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي }، وقال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ”، كما ظهر الشكر في اللسان حمدًا وثناء وتحدثًا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدَّثْ، ويظهر الشكر في الجوارح عبادة وطاعة واستعمالًا، فصرف النعم فيما يُرضي الله هو حقيقة الشكر وبرهانه، ويكون الشكر بتسخير النعم في تحقيق الفضائل، فكذلك يكون في التوفي والحذر من أن تكون النعم مطية للمعاصي والرذائل، فالمعاصي نار النعم تأكلها كما تأكل النارُ الحَطَبَ، وبذلك يعلم أنَّ الشكر الله هو الاعتراف بنعم الله، والتحدث بها، والاستعانة بها على طاعة المنعم دون معصيته، ولا بد أن يقترن هذا بالخضوع للمنعم ومحبته، فبهذه الأركان يكون الشكر تامًا.

 

وأضاف فضيلته أن العبد مهما أطاع ربه وشكره، وتقرب إليه بأنواع القربات والطاعات، فلن يقوم بالشكر على الكمال والتمام؛ لأن شكره الله هو محض توفيق من الله، وكلما كان العبد أكثر شكرًا لربه فالله أكثر، وسيجزي الله الشاكرين، فاشكروا ربكم على ما حياكم من النعم، وأولاكم من المنن، ودفع عنكم من النقم، وخصكم بجميل العطايا والكرم، وإن أعظم الشكر هو الإيمان بالله تعالى، والمبادرة إلى عبادته وأداء فرائضه وواجباته، والبعد عن محرماته، قال تعالى: { بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ”، كما أن أعظم كفران النعم هو الكفر بالله، وترك فرائضه وواجباته، وفعل المعاصي.

اقرأ أيضاًالمملكةولي عهد البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام “إن النعم نوعان: مستمرة ومتجددة: فالنعم المستمرة شكرها يكون بالعبادات والطاعات، والنعم المتجددة شرع لها سجود الشكر، شكرًا الله عليها، وخضوعًا له وذلًا واعترافًا بفضله وإحسانه، وإِنَّ مِنَ النعم المتجددة ما يعيده الله تعالى على الأمة من مواسم الخيرات في الشهور والأيام، وها قد أظلكم شهر يغفل عنها كثير من الأنام، وهو شهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال، ومما ينبغي على المسلم في شهر شعبان المبادرة إلى قضاء ما فاته من شهر رمضان، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.

 

وبين فضيلته أنَّ مِنَ النعم الكبرى، والمِنَن العظمى التي تستوجب منا الشكر والامتنان، ما أكرم الله به بلادنا من نعمة الإيمان والأمن والأمان، وما نعيشه في ربوعها مِنْ رَغدِ عيش وسعادة واطمئنان، في ظل قيادتنا الرشيدة، فنسأل الله تعالى أن يجزي ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خير الجزاء وأعظمه وأوفاه، على ما تحققه بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية من نجاحات باهرة، وإنجازات ظاهرة، في جميع الميادين المحلية والإقليمية، والأصعدة الدولية والعالمية، فنسأل الله جل وعلا أن يحفظ على هذه البلاد عقيدتها وإيمانها وولاة أمرها، وأمنها ورخاءها واستقرارها، وأن يجعلها شامخة عزيزة إلى يوم الدين.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية وخطیب المسجد الحرام ن النعم

إقرأ أيضاً:

السديس: «شؤون الحرمين» بصدد إطلاق أكبر وأضخم مشروع قرآني عالمي من نوعه في المسجد الحرام

أعلنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، عن تنظيم الدورة الصيفية الإثرائية الكبرى لحفظ ومراجعة القرآن الكريم، خلال الفترة من 1446/12/25هـ إلى 1447/1/29هـ بالمسجد الحرام، وذلك في التوسعة السعودية الثالثة، بجوار باب 123.

وأوضح رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أن بث رسالة القرآن الكريم الوسطية وهداياته للعالمين تعد أحد المرتكزات للرئاسة من خلال تنظيم البرامج الإثرائية لحفظ القرآن الكريم والعناية به، حفظًا وتلاوةً وتدبرًا، طوال العام وبشكل خاص في المواسم الدينية من خلال الحلقات القرآنية المنتشرة بأروقة المسجد الحرام والمسجد النبوي.

وأبان أن الرئاسة بصدد إطلاق أكبر وأضخم مشروع قرآني إثرائي عالمي من نوعه في المسجد الحرام؛ ليكون منارة إشعاع علمي وإيماني، تجمع بين الهدايات والتلاوة والتدبر، والتعليم والإتقان والتجويد لتمتين صلة القاصدين وضيوف الرحمن والأمة بكتاب ربها، وترسيخ هداياته الوسطية في الإنسانية جمعاء، وفق منهجية علمية مؤصلة، بمشاركة معلمين ومعلمات مجازين بالقراءات.

ويأتي إطلاق الدورة الصيفية الإثرائية الكبرى لحفظ ومراجعة القرآن الكريم، ضمن الخطة التشغيلية لموسم الصيف, التي تهدف إلى إثراء تجربة القاصد والزائر بتوفير بيئة إيمانية خاشعة، تساعده على تعلم قراءة القرآن، وتوطيد العلاقة بينه وبين معلمي الحلقات وفق القيم والأخلاق القرآنية المستمدة من كتاب الله وسنّة رسولنا الكريم.

وتتضمن الدورة مسار المراجعة والحفظ والقراءات، إلى جانب لقاءات إثرائية مصاحبة، وسيُمنح المشاركون شهادة حضور في نهاية الدورة.

يسر رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام ممثلةً بالإدارة العامة للحلقات والمقارئ الإلكترونية أن تعلن عن (#الدورة_الصيفية_الإثرائية_الكبرى_لحفظ_ومراجعة_القرآن_الكريم_لعام_١٤٤٧هـ) برعاية معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور #عبدالرحمن_السديس، خلال… pic.twitter.com/gi08pLmstl

— رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي (@PRAGOVSA) June 14, 2025 أخبار السعوديةرئاسة الشؤون الدينيةالرئاسة الدينية للمسجد الحرامقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • تقديم تجربة مريحة للقاصدين وتسهيل حركة المصلين.. 1.2 مليون مستفيد من الفرق الراجلة بالمسجد الحرام
  • السديس: «شؤون الحرمين» بصدد إطلاق أكبر وأضخم مشروع قرآني عالمي من نوعه في المسجد الحرام
  • اسرائيل تتعرض لحالة اذلال غير مسبوقة و سقوط الوهم العظيم
  • الرحمة العامة .. خطيب المسجد النبوي: يرحم الله بها البر والفاجر
  • علامات قبول الله لعملك الصالح .. خطيب المسجد الحرام: تظهر بأمرين
  • خطبتنا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام
  • خطيب المسجد النبوي يوصي المسلمين بالمداومة على الحسنات وتجنب السيئات
  • خطيب المسجد الحرام: حفظ الله للعبد يكون في دينه وأهله
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام و المسجد النبوي
  • مليون و200 ألف مُستفيد من خدمات الفرق الراجلة خلال موسم الحج