1000 عام من القـوة الإبداعية
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
فاطمة عطفة
«ملوك أفريقيا وملكاتها.. أشكال الحكم ورموزه»، تحت هذا العنوان يجيء المعرض الاستثنائي باللوفر أبوظبي، الذي تستمر فعالياته حتى 25 مايو المقبل، محتفياً «بتاريخ أفريقيا العريق، وإبداعاتها الفريدة، وتراثها الغني الممتد من القرن الحادي عشر إلى القرن الحادي والعشرين، مع التركيز على دورها الحيوي في المشهد الفني المعاصر، وسيحظى الزوار من خلال هذا المعرض بفرصة مميزة لاستكشاف مجموعة استثنائية من اللوحات الملكية، والمنحوتات، والمقتنيات الشعائرية، والمنسوجات، بالإضافة إلى استكشاف الصلة الدائمة بين الفن، والسُلطة، والهوية في جميع أنحاء القارة الأفريقية».
ينقسم المعرض إلى ثلاثة أجنحة، يستكشف كل منها فن وقوة الممالك العظيمة في أفريقيا، حيث يسلط جناح غرب أفريقيا الضوء على التراث الفني لممالك إيفي، وبنين، وآكان، ويوروبا، وداهومي، ويعرض المنحوتات الرائعة، والشعارات الملكية، ويسلط المعرض الضوء على دور الفن في تشكيل السُلطة والهوية، أما جناح وسط أفريقيا، فيضم ممالك الكونغو، ولوبا، وتيكي، مستعرضاً مقتنيات شعائرية ولوحات تجسد الروابط العميقة بين الفن، والجوانب الروحانية، والقيادة، ويسلط جناح جنوب وشرق أفريقيا الضوء على مملكة الزولو والمملكة الإثيوبية، ويعرض قطعاً أثرية تحتفي بالتقاليد الفنية الغنية التي تزخر بها المنطقة. وتُختتم الجولة في المعرض بجناح تفاعلي مخصص للفن الشعبي الأفريقي، حيث تعرض فيه مجموعة من القصص المصورة وألعاب الفيديو. كان تاريخ أفريقيا وشعوبها محجوباً طوال قرون عن العالم، واليوم يقدم متحف اللوفر أبوظبي، أمام جمهور زائريه تحفاً كثيرة ومتنوعة من تاريخ ما يقارب أربعين مملكة أفريقية. ومن أقدم نماذج تلك التحف، «تاج أوريكوغبو» وهو موشى بالخرز ومن مجموعة يوروبا في نيجيريا.
ومما جاء عن هذا التاج: «يمتلك ملوك اليوروبا مجموعة من الشعارات الملكية والأزياء، بما في ذلك التيجان المطرزة ذات الأشكال المتنوعة. ويمثل التاج الطويل والمزركش بنمط طيور أدينلا (التاج الكبير) الشكل والأكثر كلاسيكية، وكان يوضع أثناء المناسبات الطقوسية الرئيسية. أما التاج القبعة (أوريكوغبو) الأصغر والأبسط فكان أكثر استخداماً. ويظهر غطاء الرأس هذا المطرز بالخرز، والذي اتخذ شكل طبل، في الجزء العلوي منه زخرفة قائمة على شكل سنام مستدير مطرزة بجودة عالية، وعليها صورة حصان يُعد من مفاخر الأقوياء». والفنان الذي أبدع هذه القطع المقدسة ينحدر من سلالة ذائعة الصيت، وهو مختص في فن التطريز باستخدام الخرز الزجاجي المستورد. من بين الروائع الفنية بالمعرض حقيبة سفر من نوع الجبيرة. ويبين الشرح أن المصنوعات اليدوية الجلدية في غرب أفريقيا، كانت من اختصاص الحرفيين الطوارق والهوسا.
وكانوا يستخدمون تقنيات مختلفة لتزيين هذه الحقائب الجلدية، وهي تستعمل في نقل الأغراض الشخصية مثل أبريق الشاي وغيره من الأدوات. وكان الطوارق الذين يجوبون الصحراء على ظهور الإبل وهم جالسون على سروج أنيقة الصنع تسمى «تمزاك»، ويعتبرون من كبار الفنانين الماهرين بتشكيل الزخارف المقوشة والمطرزة والمصبوغة بألوان طبيعية محدودة، ومنها الأحمر والأصفر والأبيض والأخضر الفاتح المستخرج من أكسيد النحاس. وكانوا يبتكرون زخارف هندسية رائعة يضيفون إليها تطريزات وثنيات وقلائد جلدية مربعة أو مثلثة الشكل. وهناك أيضاً تمثال الملكة الواقفة، اتييه من الكوت ديفوار، بمنطقة لاغون (القرن التاسع عشر) وهو من الخشب ومرصع بالذهب ومصنوع من النحاس والزجاج وجوز الهند، إضافة إلى القطن وغيره من الألياف النباتية.
أخبار ذات صلة
وهذا التمثال من جنوب صحراء القارة الأفريقية التي اتخذت أسماء مختلفة على مر الأزمنة: «إيتيوبيا، وأفريقيا السوداء، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأمثال هذه القطعة تقدم لمحة عامة عن الإبداع في التراث الإفريقي. ويشار إلى أن هذه القطعة الفنية الأفريقية قد أسيء فهمها في البداية، ووصفها الغرب المستعمر بأنها «بدائية»، لكنها عُدت بعد ذلك من «الفنون الزنجية»، التي اعترف بقيمتها الفنانون الطليعيون لما رأوا فيها من تجديد».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اللوفر أبوظبي اللوفر
إقرأ أيضاً:
صحيفة روسية: هذا الرجل يتقلب في قبره بسبب ترامب
ذكرت صحيفة نيزافيسيمايا الروسية أن القرارات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه السلطة غيرت كثيرا من المعادلات الدولية، ومن أهم تداعيات ذلك أن كثيرين باتوا يرون أن الصين أصبحت أقل تهديدا من الولايات المتحدة، كما أن مفاتيح القوة الناعمة التي لطالما كانت نقطة قوة الولايات المتحدة، بدأت تنتقل نحو قوى دولية أخرى.
ونقل الكاتب يفغيني فيرلين، في تقريره عن المحلل الصيني هوانغ مينغ تشونغ قوله في صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصادرة في هونغ كونغ، أن مفهوم القوة الناعمة في السياسة الدولية الذي نحته الأكاديمي الأميركي جوزيف ناي -الذي رحل مؤخرا- اعتبر لفترة طويلة بمثابة درة تاج النفوذ الأميركي عالميا، وبالمقابل نقطة ضعف واضحة بالنسبة للصين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: الهيمنة على العالم مستقبلا لبكين ولا عزاء لواشنطنlist 2 of 2الصين لا ترفع الصوت.. بل تُغير قواعد اللعبةend of listويوضح فيرلين أن الإجراءات التي اتخذها ترامب أدت إلى تقويض القوة الناعمة الأميركية، وبينها الهجمات المتتالية على الحريات الأكاديمية، ووقف إصدار تأشيرات للطلاب، وهو ما تسبب في إضعاف جاذبية نظام التعليم الأميركي الذي يعد أحد أسس القوة الناعمة الأميركية.
هجرة الأدمغةوذلك إلى جانب خفض حجم المنح الفدرالية للبحوث العلمية، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للريادة التكنولوجية التي تمتعت بها الولايات المتحدة لعقود طويلة.
إعلانويستشهد الكاتب في هذا السياق بنتائج استطلاع حديث للرأي أجرته مجلة "نيتشر" المرموقة بين أوساط العلماء في الولايات المتحدة، والذي كشف عن حقيقة وصفها بالمقلقة، تتمثل في أن 75% من المشاركين في الاستطلاع يفكرون جديا في الانتقال إلى مكان إقامة جديد خارج الولايات المتحدة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تحيط بتمويل الأبحاث.
ويرى فيرلين أن هجرة الأدمغة المحتملة هذه، إن تحققت، من شأنها أن تضعف بشكل خطير قدرة الولايات المتحدة على جذب الكفاءات والمواهب والاحتفاظ بها ضمن حدودها.
كما تحدث الكاتب عن تخلي ترامب عن التأثير الإعلامي والإنساني عالميا عبر إيقاف تمويل إذاعة "صوت أميركا" والشبكات الإعلامية الأخرى التابعة لها، كما قام بحل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وذكر فيرلين أنه سبق والتقى قبل 20 عاما مع جوزيف ناي الذي قال له وقتها إن الديمقراطيات الليبرالية عادة ما تكتسب نقاطا عند الحديث عن الجاذبية الوطنية الشاملة، وذلك لأنه ينظر إليها على أنها أكثر شرعية ومصداقية مقارنة بمنافسيها من الأنظمة "غير الديمقراطية".
وعبّر ناي عن استغرابه من وجود أنصار ومتبنين لمفهوم القوة الناعمة الذي نحته في دولة شيوعية مثل الصين، وقال إنه لم يكن يتخيل ذلك أبدا.
وبحسب الكاتب فيرلين، فإن الصورة لا تبدو بهذه السوداوية، إذ لا تزال هناك مؤسسات حيوية مثل الجامعات العريقة، وصناعة السينما في هوليود، وشركات تكنولوجيا المعلومات العملاقة، بالإضافة إلى الجاليات الأميركية المنتشرة في الخارج، والتي تواصل جميعها نقل القيم الغربية إلى العالم بأشكال وصور متعددة.
وكانت القاضية الفدرالية الأميركية أليسون بوروز في ولاية ماساتشوستس -حيث يقع مقر جامعة هارفارد– قد أعلنت قبل أيام أنها ستعلق مؤقتا قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب منع جامعة هارفارد من استقبال طلاب أجانب.
وسعى الرئيس الأميركي إلى منع هارفارد من استقبال طلاب أجانب، وفسخ عقودها مع الحكومة الفدرالية، وخفض المساعدات الممنوحة لها ببضعة مليارات الدولارات، وإعادة النظر في وضعها كمؤسسة معفاة من الضرائب.
إعلانوأعلنت جامعات في أنحاء العالم قبولها توفير ملاذ للطلاب المتضررين من حملة ترامب على المؤسسات الأكاديمية، إذ تهدف إلى استقطاب المواهب الكبرى وحصة من إيرادات أكاديمية بمليارات الدولارات تحصل عليها الولايات المتحدة.
ومن بينها جامعة شيآن جياوتونغ الصينية التي وجهت دعوة لطلاب جامعة هارفارد الأميركية المتضررين من حملة ترامب، ووعدتهم بقبول سلس ودعم شامل.
كما أعلنت أوساكا، وهي واحدة من أعلى الجامعات تصنيفا في اليابان، أنها مستعدة لتقديم إعفاءات من رسوم الدراسة ومنحا بحثية والمساعدة في ترتيبات السفر للطلاب والباحثين في المؤسسات الأميركية الذين يرغبون في الانتقال إليها.
وتدرس جامعتا كيوتو وطوكيو اليابانيتان أيضا تقديم برامج مماثلة، في حين وجهت هونغ كونغ جامعاتها لاستقطاب أفضل الكفاءات من الولايات المتحدة.
ويبقى السؤال المحوري المطروح، بحسب الكاتب فيرلين، هو ما إذا كان الغرب -في ظل حالة الاستقطاب الداخلي والانقسام المجتمعي التي يعيشها- قادرا على تنسيق هذه الموارد وتوحيد جهودها بفعالية لمنافسة النماذج السلطوية الصاعدة.
وأشار إلى أن جوزيف ناي ربما "تقلب مرارا وتكرارا في قبره" بسبب ما آلت إليه الأمور وما لحق بمفهومه "القوة الناعمة" من تشويه وتجاهل، خاصة أن جثمانه قد ووري في ثرى مدينة كامبريدج، على مقربة من جامعته الأم التي أحبها وأخلص لها، جامعة هارفارد العريقة.