تُعتبر الصداقة من أسمى العلاقات الإنسانية، حيث تُبنى على الثقة، الصدق والتفاهم المتبادل.
والصديق هو الشخص الذي تربطك به علاقة مودة وإخلاص، ويكون قريبًا منك في مختلف المواقف، مشاركًا أفراحك وأحزانك.
الصديق الحقيقي هو من يقف بجانبك في أوقات الشدّة قبل الرخاء، ويقدم لك الدعم والمساندة دون انتظار مقابل.
من حقوق الصديق على صديقه:
•النصح والإرشاد: تقديم المشورة الصادقة عند الحاجة.
•المساندة والدعم: الوقوف بجانبه في الأوقات الصعبة.
•حفظ الأسرار: الحفاظ على خصوصياته وعدم إفشائها.
•الوفاء والإخلاص: الاستمرار في العلاقة دون خيانة أو غدر.
يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل”. لذا، فإن اختيار الصديق الصالح يعكس تأثيرًا كبيرًا على حياة الإنسان وسلوكه.
في النهاية، الصداقة الحقيقية هي كنز ثمين يجب الحفاظ عليه، فهي تُضفي على الحياة معنى وجمالًا، وتمنح الإنسان شعورًا بالأمان والانتماء.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
تجربتي في رحلتين.. بين نورٍ يهدي وخُضرةٍ تُواسي
سلطان اليحيائي
حين تضيق النفس وتَتثاقل الخُطى، لا يكون السفر ترفًا؛ بل يُصبح ضرورةً روحيةً ونفسية.. هو ارتحال داخلي بقدر ما هو خارجي، يمنح الإنسان لحظة فرار من التكرار وضيق الزمان. فالسفر يُعيد ترتيب الداخل، ويُرمّم الخُدوش الخفيّة، ويُوقظ فينا ذائقة التأمّل والبدايات.
بعض الأماكن لا تُزار لمجرد الاكتشاف، بل لأنها تُهمس للنفس بلغة لا يسمعها إلا مَن أثقله التعب.
هكذا كان لمكة حنينٌ لا يَجفّ، ولصلالة حضور لا يُنسى.
الأولى بوّابةٌ للروح، والثانية حضنٌ للطبيعة، وفي كِلتيهما طاقة إيجابية تُعيد للإنسان اتّزانه وشغفه بالتجديد.
زيارة مكة لا تُقاس بعدد الخُطى، بل بعمق الأثر؛ فهناك لا تمشي وحدك، بل على خُطى أنبياء.
تسير كأنك تُعيد مشهد إبراهيم الخليل حين ترك زوجه وولده في وادٍ غير ذي زرع، وتسمع صدى دعائه في زمزم، وتلمح في السعي خُطى الثقة والمثابرة.
وتسير كما سار نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حين اختلى بنفسه في غار حِراء، وارتجف قلبه عند نزول الوحي، ثم عاد إلى خديجة يرجو دفء الطمأنينة: "زمِّلوني".
هناك بدأت الحكاية التي بدّلت وجه العالم.
كل ذرّة من تراب مكة تُهمس ببدايات عظيمة، وكأنك لا تزور؛ بل تعود إلى أصلٍ يسكن فيك، وتمشي في أثر رسالة لا تزال تنبض.
ومَن قصدها لا يعود كما كان؛ شيء في داخله يتبدّل، تذوب فيه الضوضاء اليومية، ويُولد من جديد بشعور لا يشيخ. والمكان لا يحتاج وصفًا، لأنه يسكن في وجدان الأمة، وإذا اقتربت منه بخشوع، منحك من السكينة بقدر صدقك في الحضور.
وفي حين يُلامس الإنسان في مكة جلال النور، فإن صلالة تمنحه دهشة الخُضرة ونعمة الرذاذ.
صلالة لا تُرى فقط بالعين؛ بل تُعاش بالحواس؛ في كل ورقة خضراء، في كل نسمة مُحمّلة بضباب الجبال، وفي مطرٍ ناعمٍ يهمي على الأرض رغم وهج الصيف.
حين تكون هناك، تشعر أن الأرض تحت قدميك تتنفّس بسلام، وأنك جزء من معزوفة كونية متناغمة.
ولا عجب؛ فالدراسات في علم النفس البيئي أثبتت أن التعرّض للمناظر الطبيعية يُخفّض مستويات التوتر ويُفعّل مناطق الراحة في الدماغ.
كما أشار الباحث ريتشارد لوف إلى "أن الانفصال عن الطبيعة يُضعف الإنسان، بينما القرب منها يُرمّم ما لا تراه الفحوصات الطبية".
الطبيعة هناك لا تتجمّل لتُعجبك، بل تَحتضنك كما هي: ببساطتها، ودفئها، وابتسامتها الخفيّة.
هذا اللقاء بين التجربتين ليس مقارنة بين قدسيّة وجمال، بل هو تأمّل في كيفية تأثير المكان على النفس.
في مكة تتطهّر الروح، وفي صلالة ينتعش الحِسّ، وكِلاهما يُعيد تشكيل الإنسان من الداخل.
ووفق دراسات في علم الأعصاب الإيجابي، فإن التفاعل مع التجارب العميقة، سواء كانت روحية أو جمالية، يرفع من إفراز هرمونات الراحة والترابط مثل "الأوكسيتوسين"، ويُعيد الدماغ إلى حالة من التوازن والاستقرار؛ أي أن مكة وصلالة، رغم اختلاف غايتيهما، كلاهما علاج داخلي بوسائل مختلفة.
ولعل في هذا المقام، لا بُد من التفاتة صادقة إلى ذلك المسافر الذي يُدير وجهه للغرب في كل مرة، باحثًا عن ثقافة أو مناخ مختلف أو نمط حياة جديد، فيجد شيئًا من الفتور أو الريبة أو الجحود.
فالواقع لا يخفى؛ فما عادت تلك البلاد تُرحّب إلا انتقائيًّا، وما عادت تُخفي ما تُكنّه من استخفاف بثقافتنا، بل وتُظهر تواطُؤها الصارخ مع أعدائنا في ظلم لم تعد تُخفيه الكواليس.
هذا المسافر الذي يحلم بالتقدير، يعود بانكسار، بينما بين يديه أماكن تحترم وجدانه، وتُعيد له شعوره بأنه مُرحّب به دون مواربة أو تحفّظ.
لهذا، فلنُحسن خياراتنا؛ فبعض الرحلات يمنحنا صورًا، وبعضها يمنحنا استقرارًا داخليًّا لا يُشترى.
وفي ظل الضغوط المتسارعة، باتت هذه الرحلات الواعية ضرورة استراتيجية للصحة النفسية، لا ترفًا موسميًّا.
إنها وسيلة ذكيّة لإعادة ضبط الإيقاع الداخلي، وتأكيد على أن الإنسان إذا أحسن اختيار وجهاته، فإن كل خطوة فيها قد تكون عتبة جديدة نحو الطمأنينة والكرامة معًا.