القتل بلا رادع والفوضى تتمدد... هل يعود حبل المشنقة؟
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
في بلد يترنح على حافة الهاوية، صار الموت عنوانًا يوميًا يُكتب بالدم، وصارت الجريمة وحشًا كاسرًا ينهش ما تبقى من أمنٍ واستقرار. من مزرعة يشوع إلى بصاليم، ومن فاريا إلى مختلف المناطق، مسلسل القتل مستمرّ بلا هوادة، والرصاص بات لغة الشوارع، فيما العدالة تقف مكتوفة الأيدي أمام مشهدٍ يُنذر بانفجار أمنيّ واجتماعيّ لا تُحمد عقباه.
وسط هذه الفوضى الدامية، تعلو الأصوات مجددًا: متى يعود حبل المشنقة ليكون رادعًا في وجه وحوش الإجرام؟ هل أصبح تنفيذ أحكام الإعدام ضرورة حتمية لوقف هذا النزيف القاتل؟
شكّلت عقوبة الإعدام عبر العصور أحد أشدّ أنواع العقوبات التي اعتمدتها المجتمعات لردع المجرمين وتحقيق العدالة. فمنذ القدم، كانت هذه العقوبة سيفًا مشرعًا بوجه من تسوّل له نفسه العبث بأرواح الأبرياء، حيث اعتُبرت القصاص الأقصى الذي يُعيد التوازن إلى المجتمع ويبعث برسالة قاسية لمن تُراوده شهوة الجريمة. غير أن الجدل حول فاعليتها وعدالتها لم يتوقف يومًا، ففيما يرى البعض أن تنفيذ أحكام الإعدام ضرورة لضبط الأمن، يرى آخرون أنه انتهاك لحقّ الحياة، ليبقى السؤال مطروحًا: هل باتت العودة إلى هذه العقوبة حتميّة في زمنٍ تحوّلت فيه الجريمة إلى قاعدة لا استثناء؟
وعلى الرغم من أنّ لبنان أدرج عقوبة الإعدام ضمن منظومته القانونية كإجراء رادعٍ للمجرمين، إلا أنه تخلّى فعليًا عن تنفيذها التزامًا بالبروتوكولات والاتفاقيات الدولية التي تنادي بإلغاء هذه العقوبة، باعتبارها انتهاكًا لحقّ الإنسان في الحياة. فقد نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 على أنّه "لكلّ شخص الحق في الحياة والحرية والأمان، ولا يجوز تعذيبه أو تطبيق العقوبات القاسية واللاإنسانية بحقه"، كما أكّد الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عام 2004 على "الحق في الحياة كحق ملازم لكل فرد".
لكن تاريخ العقوبة في لبنان لم يكن خاليًا من المشاهد الدامية، إذ يعود تنفيذ آخر حكم بالإعدام إلى عام 2004، حين أُعدم ثلاثة أشخاص، هم أحمد منصور وبديع حمادة رميًا بالرصاص، وريمي أنطوان زعتر شنقًا. أما أول حكم بالإعدام في لبنان، فنُفّذ عام 1947 بحق سعيد متري لطيف، الذي أدين بقتل الياس اسطفان. وبين أول إعدام وآخره، سجّلت العقوبة حضورها، لكنها اليوم تقف عند مفترق طرق، بين من يراها ضرورة أمنية لإنقاذ البلاد من مستنقع الجريمة، ومن يعتبرها إجراءً بائدًا في عالمٍ يسعى إلى إلغاء حكم الموت باسم العدالة.
في هذا السياق، يقول المحامي بالاستئناف شارلي بو نعمة لـ"لبنان24" إن الإعدام بدأ منذ فجر التاريخ، وتطور منذ زمن حامورابي، انطلاقا من مبدأ "السن بالسن"، وتطورّت عبر التاريخ حيث اعتمدتها الدول كقصاص للجرائم الكبيرة حماية للمجتمع، وكانت كل من الصين والهند وأفغانستان وباكستان تشهد حالات إعدام كثيرة، على عكس الدول الأوروبية التي ألغت عقوبة الاعدام، والتي ركّزت على أنّ الهدف من العقاب هو تطوير الشخص والعمل على اندماجه داخل المجتمع، وهذا ما ساهم بتغيير النظرة لناحية معاقبة الشخص، وما سمح بالاعتماد على الأطباء النفسيين، بالاضافة إلى العمل على تطوير شخصية المسجونين".
وعن وضع عقوبة الإعدام اليوم في لبنان، اشار بو نعمة إلى أنّ لبنان لا يزال يطبق عقوبة الإعدام، خاصة وأن القانون لم يعدَّل ولا يزال ينصّ عليها قانون العقوبات إذ يتم تطبيق العقوبة في جرائم القتل العمدي (مادة 549 عقوبات – القتل عن قصد وسابق تصور وتصميم)، ما يشير إلى أنّ الإرادة والوعي للشخص واضحة في هذه الحالة، على عكس حالة عدم الاهلية خلال تنفيذ الجريمة، وهناك حالات أخرى، مثل التجسس والخيانة والتعامل مع إسرائيل، بالاضافة إلى الجرائم الكبيرة مثل اغتصاب الاطفال والتعذيب، وهنا نحن نتكلم عن جرم قوي وخطير يستوجب تطبيق عقوبة الإعدام.
وأشار بو نعمة إلى أن قانون اصول المحاكمات حدّد كيفية تنفيذ حكم الاعدام، إذ من الاصول الواجب توافرها هي امضاء مرسوم من رئيس الجمهورية، وألا يتم تنفيذ الحكم نهار الاحد، أو أيام الاعياد، بالاضافة إلى تنفيذ الطلب الاخير للشخص، وعدد آخر من الأمور الإجرائية، إلا أنّ بو نعمة يلفت إلى أنّ هذه الاجراءات كانت قد نفذت لآخر مرة عام 2004 على أيام الرئيس إميل لحود، حيث شهد سجن روميه آخر عملية إعدام، ولم يتم منذ حينها تنفيذ أي حكم إعدام، وذلك عقب اجتماعات مع شرعة حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وأكّدت الحكومات المتعاقبة بطريقة غير معلنة أنّه يتم الابقاء على عقوبة الاعدام قانونا إلا أنّه فعليا لا يتم تطبيقها، وبدأ القضاة، بدلا من تطبيق المادة 549 عقوبات والتي تنصُّ على الإعدام، يقومون بتطبيق المادة 548، أي التخفيف من وطأة العقوبة، وأصبحت هذه المادة مشددة وتشمل الأشغال الشاقة.
وأشار بو نعمة إلى أن هناك تيارين بخصوص نظرية الاعدام، التيار الأول يقول أنّه يجب أن لا نقوم بعملية الاعدام، لأنه بدلا من إرشاد الشخص فإنّنا نقوم بتشريع القتل ونقوم بنفس الجريمة، أما التيار الثاني فيرى أنّ أي شخص لديه بوادر إرهاب وقام بجرائم متعددة فإنّه من غير الممكن تطويره .ورأى أصحاب هذا التيار أنّ تطبيق عقوبة الاعدام على هذا "المجرم" سيؤدي إلى إراحة المجتمع من جرائمه.
هل تطبيق عقوبة الإعدام يضبط الفلتان الأمني؟
يرى بو نعمة في هذا السياق أن تطبيق عقوبة الإعدام ليس بالضرورة الحلّ السحري لخفض معدلات الجريمة، إذ إن العامل الأساسي الذي يسمح للمجرم بارتكاب فعلته يكمن في ضعف مؤسسات الدولة وعجزها عن فرض هيبتها، فضلًا عن تفشّي ثقافة "الواسطة" التي تحوّل بعض الأحكام إلى مجرّد صكوك غفران تُخفف العقوبات أو تفرّغها من مضمونها. ومع غياب الرادع الحقيقي وعدم وجود "رهاب" من فكرة العقاب، يصبح تكرار الجريمة خيارًا مفتوحًا أمام القتلة والمجرمين.
وفي هذا السياق، يشدّد بو نعمة على ضرورة تفعيل دور الأطباء النفسيين، إلى جانب تطوير قدرات السجناء وتأهيلهم لإعادة دمجهم في المجتمع. فإذا أثبت المجرم تقدمًا على صعيد سلوكه، يصبح موقفه مناهضًا لفكرة الإعدام، باعتباره وسيلة إقصائية بدلاً من أن تكون إصلاحية. لكن في المقابل، اذا كان الشخص يتمتع بطباع إجرامية متجذّرة لا يمكن معالجتها، أو كان ذا نزعة إرهابية تهدد الأمن العام، فحينها يصبح تطبيق عقوبة الإعدام ضرورة لا مفرّ منها، كخطوة أخيرة لحماية المجتمع ومنع تحوّل الإجرام إلى واقع لا يمكن ضبطه. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: تطبیق عقوبة الإعدام إلى أن
إقرأ أيضاً:
قل لا للعنف: الجيش صمّام الأمان في وجه الانقسام والفوضى
هنأت جمعية "قل لا للعنف" في بيان الجيش قيادةً وضباطًا وأفرادًا، معتبرة أن عيده "يُجسّد أسمى معاني التضحية والوفاء والانتماء الصادق للوطن".
وأكد رئيس الجمعية الاعلامي طارق أبوزينب أنّ "الجيش بما يمثّله من حصن للوحدة الوطنية وضمانة للأمن والاستقرار، يستحق كل الاحترام والدعم، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ فيها البلاد، حيث يبقى الجيش صمّام الأمان في وجه الانقسام والفوضى".
ولفت إلى أن "دعم المؤسسة العسكرية هو حجر الزاوية في بناء دولة القانون والمؤسسات، وأنّ تعزيز دور الجيش وتوفير الإمكانات له، يشكّلان المدخل الأساسي لحماية السيادة الوطنية واستعادة الثقة الداخلية والدولية بالدولة اللبنانية".
ختم: "في هذه المناسبة المجيدة، نؤكد وقوفنا الثابت إلى جانب الجيش ودعمنا المطلق لكل الجهود التي يبذلها في سبيل حماية الوطن، والدفاع عن كرامة أبنائه، وصون سيادته واستقلاله". مواضيع ذات صلة الخير: شراكتنا الوطنية صمام أمان في وجه الفتن Lebanon 24 الخير: شراكتنا الوطنية صمام أمان في وجه الفتن 30/07/2025 13:40:36 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس عون في عيد "قوى الأمن": صمام الأمان الذي يحفظ للبنان استقراره Lebanon 24 الرئيس عون في عيد "قوى الأمن": صمام الأمان الذي يحفظ للبنان استقراره
30/07/2025 13:40:36 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 أبو زيد لقوى الأمن الداخلي: أنتم صمام الأمان Lebanon 24 أبو زيد لقوى الأمن الداخلي: أنتم صمام الأمان
30/07/2025 13:40:36 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 الحريري يشكر شعبة المعلومات: صمّام أمان الوطن Lebanon 24 الحريري يشكر شعبة المعلومات: صمّام أمان الوطن
30/07/2025 13:40:36 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
المفتي قبلان: حذارِ من وضع الحكومة في وجه ناسها وشعبها
Lebanon 24 المفتي قبلان: حذارِ من وضع الحكومة في وجه ناسها وشعبها
13:34 | 2025-07-30 30/07/2025 01:34:22 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام استقبل المدير العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم
Lebanon 24 سلام استقبل المدير العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم
13:33 | 2025-07-30 30/07/2025 01:33:38 Lebanon 24 Lebanon 24 في إطار فعالية "ليلة المتاحف"... متحف الآثار في جامعة الروح القدس – الكسليك فتح أبوابه
Lebanon 24 في إطار فعالية "ليلة المتاحف"... متحف الآثار في جامعة الروح القدس – الكسليك فتح أبوابه
13:32 | 2025-07-30 30/07/2025 01:32:46 Lebanon 24 Lebanon 24 بحقه 16 مذكرة بجرائم مختلفة.. قوى الأمن توقف مروّج مخدّرات
Lebanon 24 بحقه 16 مذكرة بجرائم مختلفة.. قوى الأمن توقف مروّج مخدّرات
13:22 | 2025-07-30 30/07/2025 01:22:29 Lebanon 24 Lebanon 24 دبور استقبل عدنان منصور مودعا
Lebanon 24 دبور استقبل عدنان منصور مودعا
13:19 | 2025-07-30 30/07/2025 01:19:11 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
وضعه خطير جدّاً... نقل فنان معروف إلى العناية المركّزة بعد تدهور حالته الصحيّة
Lebanon 24 وضعه خطير جدّاً... نقل فنان معروف إلى العناية المركّزة بعد تدهور حالته الصحيّة
15:10 | 2025-07-29 29/07/2025 03:10:55 Lebanon 24 Lebanon 24 غرق... فنان شهير يخسر حياته خلال السباحة
Lebanon 24 غرق... فنان شهير يخسر حياته خلال السباحة
16:07 | 2025-07-29 29/07/2025 04:07:28 Lebanon 24 Lebanon 24 True story
Lebanon 24 True story
16:00 | 2025-07-29 29/07/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ما بين سطور تغريدة براك.. هل رفضت واشنطن الرد اللبناني؟
Lebanon 24 ما بين سطور تغريدة براك.. هل رفضت واشنطن الرد اللبناني؟
17:00 | 2025-07-29 29/07/2025 05:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في منطقة السهيلة... حادثة مروعة حصلت بسبب موقف سيارة
Lebanon 24 في منطقة السهيلة... حادثة مروعة حصلت بسبب موقف سيارة
16:46 | 2025-07-29 29/07/2025 04:46:54 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
13:34 | 2025-07-30 المفتي قبلان: حذارِ من وضع الحكومة في وجه ناسها وشعبها 13:33 | 2025-07-30 سلام استقبل المدير العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم 13:32 | 2025-07-30 في إطار فعالية "ليلة المتاحف"... متحف الآثار في جامعة الروح القدس – الكسليك فتح أبوابه 13:22 | 2025-07-30 بحقه 16 مذكرة بجرائم مختلفة.. قوى الأمن توقف مروّج مخدّرات 13:19 | 2025-07-30 دبور استقبل عدنان منصور مودعا 13:15 | 2025-07-30 نقابة الصحافة قدّرت لمرقص تعجيل عملية تعيين إدارة جديدة لـ"تلفزيون لبنان" فيديو انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو)
09:31 | 2025-07-30 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو)
08:32 | 2025-07-30 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا!
Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا!
19:35 | 2025-07-29 30/07/2025 13:40:36 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24