موقف العراق من سوريا: مقاربة سياسية براغماتية أم اعتبارات أمنية وإستراتيجية؟ - عاجل
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
مع استمرار تعقيدات المشهد السوري، يجد العراق نفسه في موقف حساس يتطلب تحقيق توازن بين مصالحه الوطنية والتطورات السياسية الإقليمية. فعلى الرغم من أن بغداد ودمشق تجمعهما علاقات تاريخية ومصالح حيوية مشتركة، إلا أن العراق يتعامل بحذر مع التحولات الأخيرة في سوريا، لا سيما بعد إعلان أحمد الشرع نفسه رئيسًا مؤقتًا.
العلاقات العراقية - السورية: ارتباط عميق بملفات استراتيجية
لطالما كانت العلاقة بين العراق وسوريا قائمة على المصالح المشتركة، التي تتجاوز البعد السياسي إلى قضايا أمنية، اقتصادية، واجتماعية. فالعراق وسوريا يشتركان في حدود تمتد لنحو 600 كيلومتر، ما يجعل الأمن الحدودي مسألة ذات أولوية قصوى لبغداد، خاصة في ظل التهديدات المستمرة من قبل الجماعات الإرهابية وعمليات التهريب عبر الحدود.
وقد أكد عضو ائتلاف إدارة الدولة، عبد الخالق العزاوي لـ"بغداد اليوم"، أن العراق يرتبط مع سوريا باثني عشر ملفًا حيويًا، تتصدرها قضايا الأمن والحدود، يليها التعاون الاقتصادي، وملف المياه، إضافة إلى القضايا الدينية التي تشمل العتبات المقدسة وحرية تنقل الزوار العراقيين إلى سوريا.
وأشار العزاوي إلى أن العراق، رغم التحديات التي يواجهها داخليًا، يسعى لتوسيع قنوات التواصل مع دمشق، سواء عبر إعادة فتح السفارة العراقية هناك، أو من خلال إيجاد آليات تعاون جديدة تحمي مصالحه دون الانخراط المباشر في الشأن السوري الداخلي. وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة من العراقيين المقيمين في سوريا، فإن بغداد ترى أن من مسؤولياتها توفير الحماية لهم وتأمين حقوقهم، مما يستدعي تعزيز التواصل الدبلوماسي مع دمشق.
موقف العراق من تنصيب أحمد الشرع رئيسًا لسوريا
منذ إعلان أحمد الشرع نفسه رئيسًا مؤقتًا لسوريا، لم تقدم بغداد تهنئة رسمية، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التريث. وبحسب ما صرح به عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، فإن العراق يعتمد سياسة التروي قبل الاعتراف بأي حكومة جديدة في سوريا، وذلك لعدة أسباب.
أولًا، لا يزال المشهد السياسي في دمشق غير واضح، فالأحداث التي شهدتها سوريا منذ الثامن من كانون الأول الماضي تؤكد أن البلاد تمر بمرحلة شائكة مليئة بالتحديات الداخلية والصراعات على السلطة. كما أن هناك مخاوف عراقية من استمرار وجود جماعات متطرفة مدرجة على قوائم الإرهاب الدولي، مما قد يهدد الأمن الإقليمي بشكل عام.
ثانيًا، يثير موقف القيادة الجديدة في دمشق تجاه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) العديد من التساؤلات، إذ تسيطر هذه القوات على نحو ربع مساحة سوريا، ولم يتضح بعد كيف ستتعامل القيادة الجديدة مع هذا الملف الحساس. فالعراق، الذي يتشارك الحدود مع المناطق التي تسيطر عليها قسد، لديه مخاوف من أي اضطرابات قد تؤثر على استقراره الأمني.
أما السبب الثالث فيرتبط بضعف الاعتراف الدولي بشرعية الشرع، حيث لم يحصل حتى الآن سوى على دعم محدود من بعض الدول، في وقت تراقب فيه القوى الإقليمية والدولية الوضع بحذر. وهذا ما يجعل العراق يتردد في اتخاذ خطوة قد تؤثر على علاقاته مع المجتمع الدولي أو مع أطراف أخرى لها مصالح مباشرة في سوريا.
الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية للموقف العراقي
لا يمكن فهم موقف العراق من التطورات السورية بمعزل عن حساباته الأمنية والاستراتيجية. فبغداد تدرك أن استقرار سوريا ينعكس بشكل مباشر على أمنها الداخلي، خاصة فيما يتعلق بمسألة ضبط الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية. وخلال السنوات الماضية، تعرض العراق لهجمات متكررة من تنظيمات متطرفة استفادت من الفوضى الأمنية في سوريا، ما يجعل التنسيق الأمني بين البلدين ضرورة لا يمكن إغفالها.
وفي هذا السياق، تبرز قضية العتبات المقدسة في سوريا كمصدر قلق للعراق، حيث سبق وأن شهدت بعض المزارات الدينية في دمشق محاولات استهداف من قبل الجماعات المسلحة. وهذا الأمر دفع بغداد إلى التأكيد على أهمية حماية المقدسات الإسلامية في سوريا، محذرة من أي انتهاكات قد تؤدي إلى تصعيد طائفي في المنطقة.
خيارات العراق المستقبلية
مع استمرار الغموض في المشهد السوري، يبقى العراق أمام عدة خيارات في كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في دمشق. فمن جهة، قد يقرر إعادة فتح سفارته في سوريا لتعزيز الحوار الدبلوماسي وتأمين مصالحه، لكنه قد يتجنب اتخاذ موقف رسمي من الشرع في انتظار وضوح التوجهات السياسية لدمشق. كما أن بغداد قد تسعى إلى تكثيف التنسيق الأمني مع سوريا لمواجهة أي تهديدات مشتركة، خاصة في ملفي الحدود والتنظيمات الإرهابية.
وفي ظل الحسابات الإقليمية المعقدة، سيحاول العراق تجنب اتخاذ مواقف قد تؤثر على علاقاته مع قوى أخرى مثل إيران وتركيا، حيث لا يزال الموقف الإقليمي من الأحداث في سوريا متباينًا. وبينما تراقب الدول الكبرى المشهد عن كثب، فإن بغداد تدرك أن أي خطوة غير محسوبة قد تكون لها تداعيات على استقرارها الداخلي، مما يفسر نهجها الحذر والمتريث في التعامل مع الأزمة السورية.
ويبدو أن العراق يتبنى مقاربة براغماتية في تعامله مع الوضع السوري، حيث يضع مصالحه الوطنية في المقام الأول، دون الانخراط المباشر في التجاذبات السياسية الداخلية لدمشق. وبينما تستمر التطورات في سوريا، ستظل بغداد في موقع المراقب الحذر، في انتظار وضوح الصورة السياسية قبل اتخاذ أي قرارات قد تؤثر على استقرارها الإقليمي.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: موقف العراق قد تؤثر على أن العراق فی سوریا فی دمشق
إقرأ أيضاً:
مباحثات بين غرفة صناعة دمشق وريفها و القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة السودان حول التعاون الاقتصادي
دمشق-سانا
بحث رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها المهندس محمد أيمن المولوي، مع القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة جمهورية السودان بدمشق الدكتور أحمد إبراهيم حسن، أوجه التعاون الاقتصادي، وتبادل الخبرات بين البلدين.
وتركز اللقاء الذي عقد في مقر الغرفة اليوم حول سد النقص في بعض المنتجات الاستهلاكية الأساسية في السودان، وخاصة في المجالين الدوائي والكيميائي والغذائي من قبل الصناعيين السوريين.
واتفق الجانبان على تنظيم لقاءات “B2B” عبر الإنترنت، تجمع الصناعيين السوريين في القطاعات الدوائية والنسيجية والغذائية، مع رجال الأعمال والمهتمين في السودان، لإقامة شراكات تجارية واستثمارية بين البلدين.
تابعوا أخبار سانا على التلغرام والواتساب غرفة صناعة دمشق 2025-06-16Zeinaسابق الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي انظر ايضاً صناعيو السيراميك يؤكدون ضرورة تمكين المنتج الوطني وتعزيز تنافسيتهدمشق-سانا ركز الاجتماع الذي عقد اليوم في مقر غرفة صناعة دمشق وريفها، مع أصحاب معامل …
آخر الأخبار 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي 2025-06-16ذهبية لسوريا ببطولة آسيا لبناء الأجسام 2025-06-16التربية والخارجية تبحثان التعاون لدعم التعليم على المستوى الدولي 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعيين عبد الكريم حسين قلب اللوز رئيساً لجامعة حماة 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلبات العودة 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعيين السيد زياد حسن عبود رئيساً لجامعة إدلب 2025-06-16بدء إصلاح الحفر على أوتوستراد حماة حمص لتعزيز السلامة المرورية 2025-06-16حصاد أكثر من 57 ألف هكتار من القمح المروي في حلب 2025-06-16الخطوط الجوية السورية تعدّل موعد رحلة دمشق – إسطنبول المقررة غداً 2025-06-16وزارة التربية تناقش تفعيل مكاتب التعليم الخاص على مستوى المحافظات
صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد.. صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |