زنقة 20. الرباط

في مقابلته الأخيرة مع صحيفة L’Opinion الفرنسية، حاول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مرة أخرى، تسويق صورة الجزائر كدولة قوية ذات نفوذ إقليمي. لكن خلف كلماته، برزت حقيقة عزلة بلاده وافتقارها إلى استراتيجية واضحة. تناول مواضيع متعددة، من العلاقات مع الصين والولايات المتحدة، إلى أزمة الساحل، والأوضاع في مالي وتونس، مرورًا بالصراع في غزة، لكن هوسه المعتاد بالمغرب والصحراء المغربية كان حاضراً كالعادة.

ومع ذلك، كان تصريحه بشأن إسرائيل هو الأكثر إثارة للجدل.

صرّح تبون بأن الجزائر ستكون مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في اليوم الذي يتم فيه إنشاء دولة فلسطينية. أراد من خلال هذا التصريح تأكيد التزام بلاده بالقضية الفلسطينية، لكنه كشف في الواقع عن التناقضات في موقفه. فعلى مدى سنوات، استخدمت الجزائر القضية الفلسطينية كورقة سياسية دون تقديم أي دعم عملي حقيقي. بينما لعب المغرب دورًا نشطًا في الوساطة وإرسال المساعدات الإنسانية، اكتفى النظام الجزائري بالخطب الرنانة التي لم يكن لها أي تأثير ملموس.

المفارقة الكبرى أن تبون، من خلال هذا التصريح، ترك الباب مفتوحًا أمام احتمال التطبيع مع إسرائيل، وهو ما سبق لنظامه أن استخدمه للهجوم على المغرب. فعندما استأنف المغرب علاقاته مع تل أبيب عام 2020، وصف الخطاب الرسمي الجزائري ذلك بـ “الخيانة”. أما الآن، فإن تبون نفسه يلمّح إلى إمكانية اتخاذ خطوة مشابهة في المستقبل، ما يكشف عن ازدواجية واضحة في مواقفه.

وفي محاولة أخرى لإظهار القيادة، تحدث تبون عن الوضع في منطقة الساحل ومكافحة الإرهاب، لكن خطابه لم يتجاوز الشعارات المعتادة. فشل النظام الجزائري في الحد من توسع الجماعات الإرهابية، سواء داخل أراضيه أو على حدوده. في مالي، تزداد الأوضاع الأمنية سوءًا، وتأثير الجزائر يتراجع بشكل ملحوظ. أما في تونس، فإن دعمها لقايس سعيد لم يجلب الاستقرار، بل ساهم في عزلة البلاد أكثر. يحاول تبون تقديم الجزائر كقوة إقليمية، لكن الواقع يشير إلى أن وزنها الدبلوماسي يكاد يكون معدوماً.

وكما كان متوقعًا، لم تخلُ المقابلة من هجومه المعتاد على المغرب. أعاد تبون تكرار خطاب دعمه لجبهة البوليساريو، متجاهلاً التحولات الكبرى التي يشهدها الملف دولياً. لم يذكر الدعم الأمريكي والإسباني والفرنسي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، كما تجاهل فتح عشرات الدول لقنصلياتها في العيون والداخلة، وهو اعتراف فعلي بسيادة المغرب على الصحراء.

في النهاية، لم تأتِ مقابلة تبون بأي جديد. محاولته تقديم نفسه كزعيم قوي لم تسفر إلا عن تعزيز صورة نظام مرتبك غارق في تناقضاته. ستستمر الجزائر في فقدان نفوذها الدولي طالما بقيت رهينة سياسة المواجهة العقيمة، مستغلة المغرب كذريعة لتغطية إخفاقاتها الداخلية، ومعتقدة أن الدبلوماسية تُبنى على الشعارات الفارغة. وبينما يظل تبون متمسكًا بخطاب متجاوز، يواصل العالم المضي قدمًا بدونه.

في الآونة الأخيرة، يبدو أن هواية تبون المفضلة هي إجراء المقابلات الصحفية مع أي جهة تطلبها. استعراض إعلامي، خطابات جوفاء، وهوس مرضي بالظهور في الصورة. وكما يقول المثل: “قل لي بماذا تفتخر، أقل لك مما تعاني”.

الجزائر والمغربتبونشنقريحة

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: الجزائر والمغرب تبون شنقريحة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل: إنشاء 22 مستوطنة جديدة بالضفة يمنع قيام دولة فلسطين

أكدت وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن الوزراء وافقوا على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، تشمل إقامة تجمعات سكنية جديدة وإضفاء الشرعية على عدد من البؤر الاستيطانية العشوائية.

ووصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في بيان لها، تصويت الحكومة بأنه "قرار تاريخي"، مشيرة إلى أن هذه المستوطنات ستُعزز "السيطرة الاستراتيجية على جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة الغربية)" وستمنع "قيام دولة فلسطينية"، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذي تايمز أوف إسرائيل".

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن "هذا يوم عظيم لحركة الاستيطان ويوم مهم لدولة إسرائيل"، مضيفاً: "الاستيطان في وطننا هو الدرع الواقي لدولة إسرائيل".

من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن هذه الخطوة "ستعزز قبضتنا على الأرض وتشكل رداً حاسماً على الإرهاب الفلسطيني".

 من جهتها، قالت القناة 14 الإسرائيلية إنه سيتم إنشاء 4 مستوطنات جديدة على طول الحدود مع الأردن.

ونقلت عن الوزير كاتس قوله إن "الاستيطان في الضفة يشكل درعاً دفاعياً للتجمعات السكانية الكبرى في إسرائيل".

وقال مسؤولون إسرائيليون إن اعتماد خطة 22 مستوطنة جديدة "يعني عمليا ورسميا إلغاء قانون فك الارتباط في الضفة الغربية".

مقالات مشابهة

  • الشرع: إسرائيل شريكة أمنية في المستقبل
  • بريد الجزائر يكشف عن موعد إعادة إجراء امتحان مسابقة التوظيف
  • رأي في الخلاف الجزائري الفرنسي
  • إسرائيل ترفض دخول وزراء خارجية عرب إلى رام الله وتعرقل اجتماعاً لدعم فلسطين
  • كأس أفريقيا للسيدات المغرب 2024.. الكاف يكشف عن الملاعب المستضيفة
  • بريطانيا:موافقة إسرائيل على مستوطنات بالضفة عقبة أمام قيام دولة فلسطين
  • فلسطين: سحب تشيلي ملحقيها العسكرييْن من إسرائيل خطوة شجاعة
  • إسرائيل: إنشاء 22 مستوطنة جديدة بالضفة يمنع قيام دولة فلسطين
  • إسلام الشاطر يكشف كواليس حوار خاص مع عماد النحاس قبل توليه تدريب الأهلي
  • فرنسا تعيد تربية العالم الآخر بتجميد ممتلكات 20 من كبار الجنرالات ومسؤولي النظام الجزائري