الرياض

انطلقت أفكار الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار حول قضايا المرأة والجندر عندما نشرت كتابها الشهير “الجنس الآخر” عام 1949،حيث قدمت فيه رؤية جديدة تعتبر أن الفروقات بين الذكر والأنثى ليست طبيعية بالكامل، بل هي نتاج بناء اجتماعي وثقافي فرض أدوارًا محددة على النساء.

ورأت دي بوفوار أن المجتمع يصنع التصنيفات بين الجنسين، مما يؤدي إلى تقييد المرأة وإخضاعها، ودافعت عن الحرية الجنسية الكاملة للمرأة، مؤكدة أن لها الحق في تقرير مصيرها بعيدًا عن القيود الأخلاقية والاجتماعية التقليدية، كما طالبت بمنح المرأة الحق في الإجهاض باعتباره جزءًا أساسيًا من سيادتها على جسدها واستقلاليتها.

وفي هذا السياق، قدم الدكتور عبدالعزيز المزيني قراءة معمقة لهذا الكتاب، مستعرضًا أفكاره الجوهرية ودوره في إرساء الفكر النسوي الحديث.

ورأى المزيني خلال حديثه في برنامج “في الصورة”، أن الكتاب شكَّل نقطة تحول رئيسية في دراسة حقوق المرأة، حيث طرح لأول مرة تساؤلات جوهرية حول الأنوثة، الحرية، والعدالة الاجتماعية، واعتبره نقطة التحول الأساسية في الفكر النسوي، الذي انطلق من فرنسا، منتقلًا بعد ذلك إلى أمريكا.

وشهدت الولايات المتحدة تاريخًا طويلًا من العبودية والتمييز العنصري، بدأ مع وصول العبيد الأفارقة الأوائل إلى أمريكا في القرن السابع عشر، واستمر الرق لقرون حتى إلغائه رسميًا عام 1865 بعد الحرب الأهلية الأمريكية، لكن التمييز العنصري لم ينتهِ، بل استمر من خلال قوانين الفصل العنصري والحرمان من الحقوق الأساسية.

وفي منتصف القرن العشرين، برزت شخصيتان قادتا النضال ضد العنصرية: مالكوم إكس ومارتن لوثر كينج الابن، حيث اتخذ مالكوم إكس نهجًا أكثر راديكالية، حيث دعا إلى الدفاع عن النفس ومقاومة الظلم العنصري “بأي وسيلة ضرورية”.

ورأى أن النظام الأمريكي غير قابل للإصلاح، وطالب السود بالانفصال عن هيمنة البيض وبناء مجتمعاتهم المستقلة، وعلى الجانب الآخر، تبنى مارتن لوثر كينج نهج المقاومة السلمية، وقاد مظاهرات سلمية للمطالبة بالمساواة، أبرزها مسيرة واشنطن عام 1963، حيث ألقى خطابه الشهير “لدي حلم”.

ورغم اختلاف أساليبهما، ساهم الاثنان في إنهاء الفصل العنصري، وتحقيق تشريعات جديدة منحت الحقوق المدنية للأمريكيين الأفارقة، كما دعما قضايا النساء، حيث رأى كينج أن نضال المرأة جزء لا يتجزأ من معركة العدالة الاجتماعية، بينما دافع مالكوم إكس عن المرأة السوداء، معتبرًا أنها أكثر الفئات تضررًا من العنصرية والتمييز.

وبدأت حركة حقوق المرأة في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، والتي اعتبرها الدكتور المزيني، بداية النسوية الفعلية، حيث ركزت على حق المرأة في التصويت، وانتهت بالتصديق على التعديل التاسع عشر للدستور الأمريكي عام 1920، الذي منح النساء حق الاقتراع.

ومع ظهور الموجة النسوية الثانية في الستينيات، توسعت المطالب لتشمل المساواة في الأجور، الحقوق الإنجابية، وإنهاء التمييز الجنسي، وقادت هذه المرحلة إلى إصدار قوانين تحظر التمييز في أماكن العمل وتضمن للنساء حقوقًا أكبر.

وفي التسعينيات، جاءت الموجة النسوية الثالثة، التي ركزت على التنوع والهوية الجنسية، وطرحت قضايا جديدة مثل التحرر الجنسي، وتمكين النساء من خلفيات عرقية وثقافية مختلفة.

أما الموجة الرابعة، التي بدأت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فقد اعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية للنضال ضد التحرش الجنسي والتمييز.

وعبر هذه الموجات المتعاقبة، انتقلت النسوية الأمريكية من المطالبة بالحقوق السياسية الأساسية إلى الحرية الجنسية الكاملة والمساواة في جميع مجالات الحياة، مما غيَّر المشهد الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة بشكل جذري.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614592034.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614084391.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738614213563.mp4

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: النسوية

إقرأ أيضاً:

قلق إسرائيلي من تصاعد ظاهرة الحراكات النسوية الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين

نشرت "القناة12" العبرية، مقالا، للكاتبة موران زير كاتزنشتاين، رصدت فيه: ظاهرة معادية للاحتلال، باتت متصاعدة في الولايات المتحدة، بالقول: "سيعاني منها الإسرائيليون جميعا، وتتمثّل في التعاطف المتنامي من قبل الحركات النسوية مع المقاومة الفلسطينية، بدلاً من النزول للشوارع والنضال لحماية حقوقهن الشخصية".

وأكدت كاتزنشتاين، في مقال ترجمته "عربي21" أنّ: "الأميركيين المؤيدين للفلسطينيين لم يكتفوا بالاستيلاء على مباني الجامعات، ففي اليوم الأخير صدر طلب بإغلاق مؤسسات هيليل، وهي منظمة يهودية منتشرة في الجامعات، بجميع أنحاء الولايات المتحدة، ما زاد من حملات التضامن الأمريكية مع النضال من أجل حقوق الفلسطينيين، بعيدا عن اتهام الاحتلال لها بأنها حوادث معادية للسامية".

وأضافت: "باعتباري امرأة نسوية، فإنني أشاهد بعيون مُندهشة التغييرات الدراماتيكية التي تحدث في الولايات المتحدة من قبل حركات نسائية تواجه سياسات معادية لهن، لكنهن بدلاً من النزول إلى الشوارع والنضال من أجل حماية حقوقهن على أجسادهن، فإنهنّ يضعن كل طاقتهن في النضال الفلسطيني، وكلهنّ متمسكات بحماس، ويقُدن المظاهرات، خاصة الشبابية منها".

وأشارت إلى أنّ: "الحركات النسوية الأمريكية تخلقن حركة ستجلب القوى المحافظة إلى السلطة في الولايات المتحدة، وكردّ فعل على الاحتجاجات المتصاعدة باسم "التقدميين" تأييدا للفلسطينيين، فإنني أشاهد نفس النساء اللواتي يقدن الحركة النسوية القادمة، وسوف ينعكس ذلك على تصاعد التيار التقدمي في الانتخابات المقبلة، المعادي للاحتلال الإسرائيلي".

وأوضحت أنّ: "ما أثار رعب السياسة الإسرائيلية هو اكتشافها أن النساء اليهوديات والإسرائيليات انضممن إلى هذه الحراكات النسوية، التي وحدها اختارت إنكار ما حدث وما زال يحدث في غزة للأسرى الإسرائيليين في غزة، وتزداد المعاناة الإسرائيلية خطورة في حال نجاح هذه التطورات النسوية الأمريكية من النجاح في تعزيز القوى التقدمية المحافظة، خاصة في مثل هذا الوقت الذي يقترب من الانتخابات في الولايات المتحدة".


إلى ذلك، زعمت أنه "التقت بطالبات أمريكيات شابات في جامعة كولومبيا، قلن إنهنّ طردن من مختلف منظمات الجامعة بسبب تعريفهن بالصهاينة، وزعمن أنهن تعرضن للمضايقات من قبل زملائهم في الصفوف الجامعية بالتزامن مع تصاعد النشاط السياسي والأكاديمي الذي يظهره الشباب الليبرالي المؤيد للفلسطينيين دون أن يخجلوا من هويتهم".

وختمت موضّحة: "مع العلم أن هذه الحراكات النسوية المتصاعدة قد تقرر في هذه الأيام مستقبل السياسة القائمة في أمريكا".

مقالات مشابهة

  • «عين ليبيا» تكشف تفاصيل مذكرة تفاهم مع إيطاليا لتمكين النساء المُهجرات وتأهيل الشباب
  • قلق إسرائيلي من تصاعد ظاهرة الحراكات النسوية الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين
  • مي عجلان: التمكين السياسي للمرأة يبدأ من الاستقلال الاقتصادي والتنشئة الأسرية
  • اللواء رفعت قمصان: الانتخابات تتم وفق المعايير الدولية.. والقانون كان يتشدد ضد المرأة - فيديو
  • الإنتانات الجنسية.. تهديد متزايد
  • فتاة تحذر النساء: الرجال اللي يهتم بنفسه غالبًا يكون زير نساء .. فيديو
  • الأمن وتحويل القوة في معاداة الحقوق ومناصروها
  • الرئيس تبون يوجّه بدعم النساء الحاملات لمشاريع الأسرة المنتجة بشكل أقوى
  • فتحية العسال.. منعت من التعليم فصارت رائدة الكتابة النسوية والنضال الثقافي والسياسي
  • الوجه الأكثر شهرة في التاريخ.. أسرار لوحة السيدة التي خلدها دافنشي.. من هي ليزا ديل جوكوندو المرأة التي حيّرت البشرية؟