لاكروا: لماذا لا أحد يقرأ الكتاب المقدس؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
استعرضت ماري غران، أستاذة الفلسفة ومديرة المدرسة العليا في ليون في عمودها الأسبوعي بصحيفة لاكروا كتاب توماس رومر "الكتاب المقدس، ماذا يغير؟"، الذي يؤكد فيه بشكل خاص على تعدد الأصوات والرسائل الموجودة في الكتاب المقدس.
وتنطلق الكاتبة من ملاحظة الروائي أمبرتو إيكو أن الكتاب المقدس واحد من الكتب العظيمة التي لا تقرأ، مشيرة إلى أن توماس رومر لا يطرح هذا السؤال بشكل مباشر، ولكن كتابه يجيب على ذلك.
والغريب أن أستاذ علوم الكتاب المقدس في كوليج دو فرنسا يفسر عدم قراءة الكتاب المقدس بأنه غير موجود، بل "هناك كتب مقدسة"، إذ لدى كل من اليهودية والكاثوليك والبروتستانت مكتبة ضخمة، بها عدد كبير من الكتب التي يختلف عددها وتصنيفها حسب التقاليد.
وكل كتاب -حسب الكاتب- عبارة عن منتدى، يتعاقب فيه المحررون وتتداخل الكتابات المتعاقبة، وفي بعض الأحيان تتناقض، وبالتالي من المستحيل استخلاص رسالة كتابية منها، كما أنه مستحيل أن نجعل النصوص تقول كل شيء وأي شيء.
أخطاء المنهجوفسر الكاتب أيضا عدم قراءة الكتاب المقدس، بكون القراء السيئين جعلوا الوصول إليه أمرا صعبا، بسبب استغلاله لتبرير العبودية والاستعمار وسيطرة الذكور وكراهية المثلية الجنسية، وما إلى ذلك، وبسبب الأخطاء المنهجية كعزل آية أو فصل مع تجاهل السياق وتعدد الأصوات.
إعلانأما "القراءة الذكية" فتحترم هذا التنوع دون أن تسعى إلى تنظيمه وإقامة تسلسلات هرمية تعسفية داخله، "لذلك من الضروري في بعض الأحيان الدفاع عن الكتاب المقدس ضد مفسريه" -كما يلاحظ توماس رومر- مع أن النصوص قد تدافع عن نفسها وتجد قراءها الحقيقيين من تلقاء نفسها.
وقد وجد سفر يشوع المثير للمشاكل قراءه -حسب الكاتب- لأن الغزو غير المحتمل لأرض كنعان على يد العبرانيين وما تلاه من إبادة السكان الأصليين، يخدم إضفاء الشرعية على الحروب الصليبية ووجود "إسرائيل الكبرى" دون فلسطينيين، ونحن نعلم الآن أن هذا الفتح لم يحدث قط، لأن شعب يهوذا الصغير الذي لم تكن لديه قوة عسكرية حقيقية، غير قادر على القيام بمثل هذه الحملة.
وهناك قراءة تعطي النص عدالة أكبر -حسب الكاتب- تشير إلى غناء العبيد السود "جوشوا في معركة أريحا"، حيث رأوا في سقوط الأسوار انعكاسا لرجائهم، أي تحرير أقلية مضطهدة وليس احتفالا لجيش قوي واثق من حقوقه، ولكن التاريخ المضاد كان يحتاج إلى هذه المعركة الخيالية، ليتمكن أخلاقيا من مقاومة الآشوريين الذين كانوا يسيطرون على بلاد الشام آنذاك.
وأشار الكاتب إلى أننا نريد غالبا أن نقرأ الكتاب المقدس بشكل أصيل ولكننا لا نستطيع، لأننا نقرأ ما نقرؤه، ويضرب المثال بأننا نعتقد أننا نرى بولس يسقط من فوق حصانه على الطريق إلى دمشق، في حين أنه لا يوجد في الواقع ذكر لحصان في النص، كما لا يوجد ذكر لتفاحة ولا خطيئة أصلية في قصة "السقوط" المزعومة.
وبالتالي، يرى الكاتب أن الجانب السلبي لهذه النصوص هو أننا نقرؤها من خلالها، لأن الصور والتراكيب اللاهوتية تسبق قراءتنا وتربكها، خاصة أن "الكتاب المقدس كان ولا يزال مجالا عظيما للإسقاطات".
وخلص توماس رومر إلى أن من يكتفي بالاعتقاد أنه قرأ الكتاب، ومن يقرؤه ليجد الإجابة على أسئلته وهو يهمس بالإجابات عليها، فلن يجد شيئا ولذلك لا بد من الوقوف بشكل أصيل أمام النصوص حتى نسمح لها بتغييرنا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الکتاب المقدس
إقرأ أيضاً:
وفاة مريض وإلغاء آلاف العمليات بعد هجوم إلكتروني على شركة تحاليل في لندن
صراحة نيوز- كشف تقرير حديث عن وفاة مريض بسبب تأخر خطير في صدور نتائج تحاليل الدم، إثر هجوم إلكتروني استهدف شركة التحاليل الطبية “سينوفي”.
الهجوم، الذي وقع في يونيو من العام الماضي، تسبب في تعطيل واسع لخدمات المختبرات التابعة للشركة، والتي تخدم مستشفيين رئيسيين في لندن، هما مستشفى كينغز كوليدج ومستشفى جايز وسانت توماس، ما أدى إلى إلغاء أكثر من ألف عملية جراحية.
كما تأثرت مؤسسات صحية أخرى في العاصمة البريطانية، من بينها مستشفيات لوويشام وغرينتش، بالإضافة إلى مراكز رعاية أولية في ست مناطق.
وقال متحدث باسم مستشفى كينغز كوليدج لصحيفة “هيلث سيرفس جورنال”، إن مريضًا توفي بشكل غير متوقع خلال فترة انقطاع خدمات التحاليل، مشيرًا إلى أن تحقيقًا مفصلًا كشف عن عدة عوامل ساهمت في الوفاة، من أبرزها التأخير الطويل في الحصول على نتائج تحاليل الدم نتيجة توقف عمل المختبرات. وتمت مشاركة نتائج التحقيق مع عائلة المريض، مع الحفاظ على سرية تفاصيل هويته.
من جهتها، أعلنت هيئة الرعاية المتكاملة في جنوب شرق لندن الأسبوع الماضي عن تسجيل 170 حالة مرتبطة مباشرة بالهجوم، مؤكدة أن الغالبية منها كانت ذات ضرر منخفض، في حين وصف أطباء الرعاية الأولية الوضع حينها بأنه أشبه بـ”الطيران في الظلام” نتيجة فقدان القدرة على الوصول إلى بيانات التحاليل الحيوية.
وللتعامل مع الأزمة، تم الاستعانة بمختبرات في جنوب غرب وشمال وسط لندن لتغطية جزء من الأعمال المتوقفة، بينما توقفت مستشفيات كينغز كوليدج وجايز وسانت توماس عن إجراء العمليات التي تتطلب نقل دم أو مطابقة فصائل، واضطرت لاستخدام فصائل دم شاملة، ما أدى إلى استنزاف كبير في مخزون الدم ودفع لإطلاق نداء وطني للتبرع.
ووفقًا لما نشرته صحيفة “هيلث سيرفس جورنال”، فإن الهجوم الإلكتروني كان من الممكن تفاديه باستخدام أساليب حماية بسيطة، مثل التحقق متعدد العوامل، وهي تقنية شائعة في المعاملات البنكية والتسوق عبر الإنترنت.
وتملك شركة “سينوفيس”، التي تعرضت للهجوم، شركة التحاليل الألمانية “سينلاب” بنسبة 51%، إضافة إلى مساهمات من مستشفيي كينغز كوليدج وجايز وسانت توماس. وقدرت الخسائر الناتجة عن الهجوم بنحو 33 مليون جنيه إسترليني.
وعند سؤالها حول ما إذا كانت قد دفعت فدية للمهاجمين، رفضت “سينوفيس” التعليق، مشيرة إلى حساسية المسألة، لكنها أكدت تعاونها مع خبراء أمن سيبراني لتعزيز الإجراءات الوقائية وتطبيق اختبارات أمنية صارمة.
من جانبه، عبّر مارك دولار، الرئيس التنفيذي لشركة “سينوفيس”، عن أسفه العميق قائلاً: “نشعر بحزن شديد لأن الهجوم الإلكتروني كان أحد العوامل التي ساهمت في هذه الوفاة. قلوبنا مع العائلة المتضررة”.
وكانت مجموعة “تشيلين”، وهي مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بروسيا، قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، وأكدت تسريب 400 جيجابايت من البيانات التي استولت عليها من أنظمة الشركة.