ريم الهاشمي: الإمارات تتبنى الابتكار لتحقيق التنمية المستدامة
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
افتتحت ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، أمس أعمال منتدى مستقبل المدن 2025 الذي تنظمه مدينة إكسبو دبي، بمشاركة نخبة من القادة وصناع القرار والخبراء من مختلف أنحاء العالم، بهدف دعم التنمية الحضرية المستدامة وتعزيز نمو المدن.
أكدت ريم الهاشمي في كلمتها الافتتاحية، أن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، عن تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع»، يجسد التزام دولة الإمارات الراسخ بالوحدة والشمولية والتقدم المستمر، مشيرة إلى أن الدولة، منذ أكثر من نصف قرن، كانت موطناً لأكثر من 200 جنسية، تحترم التراث الثقافي والتقاليد، وتتبنى الابتكار لتحقيق التنمية المستدامة.
وقالت إن مدينة إكسبو تُعد تجسيداً حياً لرؤية الإمارات الطموحة ومنصة عالمية للتعاون والابتكار، مشيرة إلى أنها صُممت لتكون مركزاً اقتصادياً نابضاً بالحياة ونموذجاً يُحتذى به في التنمية الحضرية المستدامة.
وأضافت: «نحن نتطور مع الحفاظ على هويتنا، مُعكسين بذلك رحلة الإنسانية العظيمة، التي تتغيّر باستمرار مع بقاء جوهرها ثابتاً».
وأوضحت أن مدينة إكسبو دبي، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أصبحت واقعاً ملموساً، حيث تستقطب آلاف الشركات العالمية، ستكون اعتباراً من العام المقبل موطناً لعشرات الآلاف من السكان، مما يعزز مكانتها كمحور رئيسي ضمن أجندة دبي الاقتصادية D33 والخطة الحضرية 2040.
ودعت المستثمرين إلى اغتنام الفرص الاستثمارية التي توفرها مدينة إكسبو دبي، مؤكدة أن الاستثمار المبكر في هذا المركز الاقتصادي الحيوي يحقق مزايا تنافسية كبيرة، خاصة مع موقعه الاستراتيجي القريب من مطار آل مكتوم الدولي، وميناء جبل علي، والممر اللوجستي لدبي.
وأكدت أن تقدم مدينة إكسبو دبي لا يقتصر على التوسع العمراني، بل يشمل أيضاً تحقيق تأثير إيجابي في مختلف جوانب الحياة، عبر تعزيز الاستدامة والابتكار وتحسين جودة الحياة وتوفير بيئة محفزة للإبداع والازدهار.
وأشارت إلى أن نجاح المدينة في استضافة «إكسبو 2020 دبي» ومؤتمر الأطراف «COP28» أثبت أن المدن يمكن أن تكون منصات فاعلة للعمل، تجمع صنّاع القرار لمواجهة التحديات العالمية وإحداث تغيير إيجابي.
واختتمت بالقول: «مدينة إكسبو دبي ليست مجرد مشروع حضري، بل نموذج لمجتمع مزدهر، يقود ويبني ويخلق الظروف لنمو مستدام، إنها مدينة تحتضن الجميع وتعكس القيم المشتركة، لتكون وطناً لكل فرد منا».
ويشكل المنتدى منصة إقليمية للتعاون والشراكات بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، حيث يوفر فرصاً للمستثمرين والمبتكرين لتحفيــز الشراكـــات وتطويــر حلول مبتكـرة لتشكيل مدن أكثر ازدهاراً واستدامة.
وتتضمن أعمال المنتدى جلسات نقاشية حول التحديات العالمية المشتركة في التخطيط الحضري، حيث يناقش المشاركون كيفية تطوير المدن بما يحقق التوازن بين التوسع العمراني والاستدامة البيئية.
واستهل المنتدى أعماله بجلسة «مرحبًا بكم في مدن في حركة»، قدمتها نادية فيرجي، المدير التنفيذي للمبادرات العالمية والاستشارات في مدينة إكسبو دبي، مستعرضة أهداف المنتدى ومحاوره، تلتها جلسة «مقدمة عن مدينة إكسبو دبي»، التي قدمها أحمد الخطيب، الرئيس التنفيذي للتسليم في المدينة، مستعرضاً المخطط الرئيسي الجديد وأبرز ملامح التطوير.
وفي الجلسات المتخصصة، عُقدت جلسة «المجلس العالمي: مخطط أخضر لمدن المستقبل»، بمشاركة قادة من الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، لمناقشة التحولات الحضرية.
وتناولت جلسة «إعادة تعريف الحياة الحضرية: هل يمكن للتكنولوجيا أن تشكل مدناً أكثر تركيزًا على الإنسان؟»، دور التقنيات الحديثة في تحسين جودة الحياة، بمشاركة هيثم البيك، مدير حلول المدن المتمحورة حول الإنسان في مدينة إكسبو دبي.
فيما سلطت جلسة «الحلول الطبيعية للتحديات الحضرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» الضوء على دور الحلول القائمة على الطبيعة. (وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات ريم الهاشمي إمارة دبي مدینة إکسبو دبی
إقرأ أيضاً:
«كشَّافة التكنولوجيا» ومشهد جديد في منظومات الابتكار
جمعينا نتذكر الأنشطة الكشفية التي كانت أهم مصادر التعلم بالممارسة، ولا تخلو ذكريات أيام المدرسة منها. ومع التطورات الهائلة في العلوم والمعرفة تعود الطريقة الكشفية؛ لتلهم العملية الابتكارية أيضاً، وتتموضع بين أهم الفاعلين في منظومات الابتكار. إذ يؤدي «كشّافة التكنولوجيا» دوراً رئيسياً في تقليص الفارق الزمني بين التقدم التكنولوجي، ومجالات تطبيقه، واكتساب القيمة الاقتصادية. فهل نجحت الأنشطة الكشفية في عبور نطاق تأثيرها الذي اقتصر على المرحلة المدرسية سابقاً، لتأخذ أدواراً لا تقل أهمية في نقل التكنولوجيا، وتحفيز الابتكار؟
في الواقع تُثبت لنا منظومات الابتكار باستمرار بأنها جزء أصيل من حياة الإنسان، والاقتصاد، وبذلك هي تتأثر وتستفيد من جميع التجارب الإنسانية. ففي بيئة تتزايد فيها التعقيدات التكنولوجية، وعولمة البحث، والتطوير، والابتكار، تتزايد كذلك أهمية إزالة الحدود بين مختلف المهارات، والمعارف، وتمكين الاستفادة من الخبرات العديدة والمتنوعة التي لم يظن أحد يوماً بأنها قد تحمل إسهامات قيَّمة في الابتكار. إذن دعونا نتوقف هنا عند أهم المهارات المرتبطة بالأنشطة الكشفية، والتي تسهم بشكل مباشر في دعم وتمكين منظومات الابتكار. فمنتسبو الكشافة يطورون مهاراتهم عن طريق التعلم التطبيقي الذاتي، والكشَّاف يتحدى قدراته وينميها باستمرار، وهي مهارة أساسية لجميع الفاعلين في الابتكار. وإذا تأملنا واقع التحديات التي تواجه العملية الابتكارية نجد أن الصعوبة الحقيقية تكمن في نقل التكنولوجيا من الجهات المنتجة للمعرفة، والتقنيات إلى الصناعة، والمؤسسات الإنتاجية؛ ولذلك سعت منظومات الابتكار إلى هيكلة وسطاء المعرفة لدعم النقل الفعال للتكنولوجيا، فظهرت أشكال مختلفة من مكاتب نقل التكنولوجيا، وكذلك تُطلق المؤسسات البحثية مسارات الزمالة الصناعية؛ لضمان الانتقال السلس للمعرفة بين القطاعين الأكاديمي والصناعة، ولكن الأثر الفعلي لتطبيق هذه الحلول أظهر فجوات عديدة.
ومن أجل فهم ومعالجة هذه المعضلة لا بد أولاً من الإشارة إلى النقطة الحاسمة التي أدت إلى عدم كفاءة وسطاء المعرفة التقليديين، وأسهمت بالتالي في التقليل من العوائد التقنية، والاقتصادية، والتجارية، والاجتماعية المتوقعة من نقل التكنولوجيا؛ حيث تتطلب ترجمة الابتكارات إلى منتجات أو خدمات ناجحة تجاريًا درجة متوازنة من الجاهزية المشتركة بين التكنولوجيا من جهة، والقدرة الاستيعابية للسوق من جهة أخرى. وتحديد هذه الجاهزية توجب مستويات عالية من رأس المال المهاري، والاجتماعي اللذين يمثلان محددات بالغة الأهمية لنجاح عملية نقل التكنولوجيا، مع الأخذ في الاعتبار أن دور وسطاء المعرفة يجب ألا يقتصر على تحقيق استفادة الطرف المتلقي وحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى الإلمام بمتطلبات جميع الجهات المستفيدة، ثم توجيه منتجي المعرفة لإعادة صناعة المعرفة المطلوبة، وهذه العملية تعرف رسمياً باسم التدفق العكسي للمعرفة. ولكن تحقيق هذه الميزة غير متاحة لدى مكاتب نقل التكنولوجيا بحكم طبيعة مهامها التي تعمل بشكل خطي في التشبيك بين القطاعات الأكاديمية والبحثية والقطاع الصناعي.
ومن هنا بدأ البحث عن المهارات المثالية لوسطاء المعرفة بعيداً عن الهياكل المؤسسية الرسمية. وإذا أسقطنا متطلبات النقل الفعال للتكنولوجيا على سياقات التجارب الحياتية المختلفة نجد أن مهارات الكشافة تتطابق مع هذه المتطلبات؛ فالهدف العملي من نقل التكنولوجيا هو التسويق للابتكارات، وإيصالها إلى الجهات المستفيدة، ثم تحليل مستوى جاهزية الطلب على هذه الابتكارات، وإيصال الفرص إلى الجهات المنتجة. وهذه الأدوار تضمن فعالية نقل التكنولوجيا من خلال اعتماد مقاييس النتائج، ومعايير المرونة والتكيف في مرحلة ما قبل إنتاج التكنولوجيا وما بعدها. وهذا أمر لافت للنظر؛ لأنه حتى في غياب وحدات نقل التكنولوجيا داخل الجامعات، والمؤسسات البحثية، والابتكارية نجحت الجهود الابتكارية في استحداث قنوات أخرى لنقل المعرفة إلى الصناعة، مثل توظيف خريجي الكليات العلمية المشاركين في المشاريع البحثية، أو إيفاد الباحثين من ذوي الخبرة العالية إلى الشركات التكنولوجية، والقطاع الصناعي.
وهنا يأتي دور كشافة التكنولوجيا الذين يمثلون شريحة المبتكرين الشباب، والذين يمكنهم تحقيق فوائد التدفق العكسي للمعرفة الناتجة عن التفاعل بين جانب العرض والطلب، وبذلك تكتسب هذه العملية دوراً معززاً لاستمرار بناء المعرفة، والتقنيات الجديدة. وقد بادرت العديد من الدول ذات التصنيف العالي في مؤشر الابتكار العالمي - مثل ألمانيا وسنغافورة - إلى إدماج كشافة التكنولوجيا ضمن الفاعلين في منظومات الابتكار، وذلك ضمن عملية أطلق عليها اسم «رادار التكنولوجيا». وتمكنت هذه الدول من تحقيق نتائج ملموسة في تعزيز الابتكارات الموجهة لحل تحديات الصناعة. ولا يُشترط أن يضم كشَّافة التكنولوجيا أفراداً قد انتسبوا فعلياً للنشاط الكشفي أثناء فترة التعليم المدرسي، وإنما القصد تأسيس جيل جديد من وسطاء المعرفة بحيث يمتلك المهارات الحياتية المعقدة للكشافة، والتي تتضمن قدرات التواصل، والاعتماد على النفس، واتخاذ القرار المناسب دون الحاجة إلى التوجيه المستمر، والتكيف مع التغييرات، والإصرار الإيجابي في مواصلة المحاولات لتحقيق الأهداف والمهام المتوقعة. وفي المجمل يتحلى كشافة التكنولوجيا بنفس سمات ومهارات الكشافة، ولكن في سياق التحديد المبكر للتقنيات، والاتجاهات التكنولوجية التي تحل التحديات القائمة في القطاع الصناعي، ثم تقدير المخاطر، وتعريف الفرص الاستراتيجية، وإمكانات الاستثمار في مخرجات الابتكارات.
تتطلب الأهمية المتزايدة لتوظيف المعرفة العلمية، والابتكارات التكنولوجية في الإنتاج والاقتصاد استحداث أدوات جديدة لبناء علاقات أوثق بين الأوساط الأكاديمية، والصناعة. وتأتي الاستعانة بكشَّافة التكنولوجيا في مقدمة هذه الأدوات التي تمنح أدواراً مركزية للمبتكرين الناشئين الذين يمتلكون مهارات الكشافة، بالإضافة إلى تفوقهم العلمي والتقني، وهذا بحد ذاته يمنح المرونة للجهات المنتجة للتقنيات في استقطاب هؤلاء الكشَّافة، والاستفادة من مهارات كامنة، ولكن في ذات الوقت مصيرية لإنجاح عملية نقل التكنولوجيا، وتتطلب الاستعانة بكشافة التكنولوجيا إتاحة مجموعة من الحوافز؛ مثل المشاركة في مشروعات تطويرية، أو تقاسم المنافع من المخرجات الابتكارية. كما أن وجود كشافة التكنولوجيا في المشهد الابتكاري سوف يسهم في تأصيل مهارات العمل الكشفي ضمن أدوار الفاعلين في منظومات الابتكار، والتجسير بين منتسبي الأنشطة الكشفية في المراحل التعليمية المبكرة، وبين اختيار التخصصات العلمية والهندسية في المستقبل، وخلق توقعات واقعية لأدوار غير تقليدية في نقل المعرفة، وريادة الأعمال العلمية والتكنولوجية.
د. جميلة الهنائية باحثة في سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.