جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-14@13:14:12 GMT

هل يكون ترامب نيكسون القرن؟

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

هل يكون ترامب نيكسون القرن؟

 

 

د. عماد أبشيناس **

 

وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى السلطة، عبر رفع شعار المفاوضات وحل الخلافات الإيرانية مع الغرب، وكان لحضور محمد جواد ظريف -صانع الاتفاق النووي والمشهور في إيران بأنه المنادي للمفاوضات مع الولايات المتحدة- الفضلُ الأكبر لوصول بزشكيان إلى السُلطة ومعظم الذين صوتوا لبزشكيان في الواقع صوتوا للذي يقف إلى جانب ظريف.

وبالفعل فإن بزشكيان وضع كل برامجه وأهدافه في سلة ظريف وكان متوقعا أن يتم تعيين ظريف في منصب نائب رئيس الجمهورية وبسبب معارضة الأصوليين المتطرفين لظريف اضطر أن يعينه مساعدا لرئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وهو منصب تم استحداثه خصيصا لظريف في حكومة بزشكيان.

وبسبب أن عبارة نائب رئيس الجمهورية ومساعد رئيس الجمهورية يتم ترجمتها في اللغة الإنجليزية بعبارة Vice President يخلط العديد من الأجانب في موضع نائب رئيس الجمهورية ومساعد الرئيس ولا يستطيعون التمييز فيما بين هذه المناصب، ولكن عموما في إيران نائب رئيس الجمهورية هو عمليًا يرأس الحكومة عندما لا يكون الرئيس موجودا ولديه سلطات تنفيذية على كل الحكومة ويمكن اعتبار قراراته هي قرارات الرئيس، في حين أن مساعد رئيس الجمهورية يكون مسؤولًا عن قسم من أعمال الرئيس فقط ويستطيع اتخاذ القرارات في ذلك الموضوع الخاص فقط.

وتسمح القوانين الإيرانية لمساعدي الرئيس ومستشاريه الحضور في اجتماعات الحكومة وإبداء رأيهم، لكن دون حق التصويت على القرارات الحكومية، التي هي محصورة بيد وزراء الحكومة؛ لأن الوزراء فقط يحصلون على ثقة المجلس، ويمكن للمجلس استجواب الوزراء فقط بشكل انفرادي أو جماعي وإعادة منحهم الثقة أو سحبها منهم.

وبسبب أن الأصوليين المتطرفين يسيطرون على مجلس الشورى الإسلامي الإيراني وهم يعارضون وجود ظريف في الحكومة، حتى إن ظريف اضطر أن يقدم استقالته من منصبه كي تستطيع الحكومة نيل ثقة المجلس، وثم يعود إلى الحكومة برفض الرئيس للاستقالة. وحاليًا يواجه بزشكيان ضغوطًا كبيرة جدًا لإقالة ظريف بسبب قانون يمنع إعطاء المناصب الإدارية العليا لأشخاص من مزدوجي الجنسية هم أو أولادهم، وابن محمد جواد ظريف كان قد حصل على الهوية الأمريكية مُستفيدًا من قانون ولادته على الأراضي الأمريكية.

ويعرف الجميع في إيران أن المقصود من هذه الهجمة الشرسة على ظريف، هو أنه موكل من الرئيس لكي يكون عرَّاب الاتفاق الجديد بين إيران والولايات المتحدة.

ولربما شرح هذا الموضوع يكفي لكي يستطيع المخاطب فهم مدى مستوى الخلافات الموجودة حاليا في ايران والذي يصل إلى أعلى المستويات في البلاد على موضوع المفاوضات مع الولايات المتحدة.

وعموما معارضو المفاوضات مع الولايات المتحدة يعتبرون أنه ما من فائدة من تضييع الوقت والدخول في هذه المفاوضات؛ لأن الولايات المتحدة لا تلتزم بأي من تعهداتها وهي تتنصل من تنفيذ كل الاتفاقيات التي تقوم بالتوقيع عليها.

ويتهم المعارضون الولايات المتحدة بأنها تسعى كي تحصل على ما لا تستطيع الحصول عليه عبر الضغط الاقتصادي والسياسي والتهديد العسكري وأن الذين يقومون بمفاوضة الأمريكيين بأنهم سذج أو حتى خونة يحرقون كل الإنجازات التي تحصل عليها إيران بمشقة في هكذا مفاوضات.

ويتخوف هؤلاء من أن الولايات المتحدة تسعى كي تسلب إيران قدراتها الدفاعية وتطبق السياسة التي قامت بتطبيقها على ليبيا إبان حكم الرئيس الراحل معمّر القذافي وتقوم بمهاجمة إيران بعد أن تسلبها كل قدراتها الدفاعية.

ويعتبر هؤلاء أن إيران يجب أن تستمر بسياسة التوجه شرقًا الذي بدأه الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وعدم التعويل على المفاوضات مع الغرب، وبعد أن تصل إيران إلى مرتبة من القدرة الاقتصادية والعسكرية والسياسية لا يمكن تجاهلها، فإن الغرب حينها سوف يسعى إلى التعامل مع إيران وليس التقابل معها.

وفي المقابل، فإن أنصار المفاوضات يعتبرون أن الخلافات مع الولايات المتحدة -التي يعتبرونها عرّاب العالم- من الضرورات اللازمة لإيران، ولا يمكن أن تستمر إيران بسياسة العداء للولايات المتحدة، وهي تخسر مكانتها الدولية وأموالًا طائلة بسبب هذا العداء.

ولربما من الطريف أن نذكر أن الذين هاجموا السفارة الأمريكية في بدايات الثورة الإسلامية وتسببوا بقطع العلاقات حينها، كانوا معظمهم من الشباب اليساري الذين تحولوا فيما بعد إلى الإصلاحيين، والعديد منهم هم الذين ينادون حاليًا بضرورة حل الخلافات وعودة العلاقات مع أمريكا.

على أي حال، فإن نتيجة الانتخابات الإيرانية كانت واضحة وعكست رؤية الشارع الإيراني الذي قام بالتصويت لبزشكيان الرافع لشعار المفاوضات والعمل على رفع العقوبات وبعكس ما كان عليه الوضع مع بدايات الثورة؛ حيث إن العداء للولايات المتحدة كان على أشده، لكن الشارع الإيراني حاليا لا يكن العداء للولايات المتحدة؛ وهو جاهز لقبول أي صفقة تؤدي إلى عودة العلاقات مع الولايات المتحدة وترفع العقوبات عن إيران؛ وذلك يعني قبول صفقة تؤدي إلى عودة العلاقات ورفع العقوبات، يمكن اعتبارها مفتاح اللغز؛ حيث إن الرئيس الإيراني حصل على موافقة المرشد الأعلى على المفاوضات، بشرط الوصول إلى هذين الهدفين.

فأي اتفاق لا يتضمن أو يؤدي إلى رفع العقوبات عن إيران لا معنى له بالنسبة للناس، وفي المقابل فإن العديد من الأصوليين يعتبرون أن الرئيس الأمريكي ليس لديه سلطة كي يستطيع أن يرفع عقوبات وضعها الكونجرس الأمريكي على إيران بسبب أن الكونجرس حاليا هو تحت سلطة اللوبي الصهيوني.

وفي المقابل يعتبر مناصرو المفاوضات بأن ترامب في ولايته الثانية مختلف عن ترامب في ولايته الأولى وهو غير محتاج للوبي الصهيوني كي يناصره؛ لأنه لا يمكنه الترشح لدورة جديدة، وترامب حاليًا يسعى كي يُسجّل اسمه في التاريخ الأمريكي بصفته الرئيس الأمريكي الذي قام بحل أزمة الخلافات مع إيران، بما يشبه ما قام به ريتشارد نيكسون في السبعينيات مع الصين، ولذا يجب على إيران الاستفادة من هذه الفرصة.

ويعتبر هؤلاء أن ما يهم ترامب حاليًا هي الكعكة الاقتصادية الإيرانية، والتي بسببها يُمكن لترامب أن يُعلِّق أو يلغي العقوبات على إيران كي يحصل على حصة الأسد من هذه الكعكة للشركات الأمريكية، وتقدر هذه الكعكة بأكثر من 20 تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات؛ حيث إن ايران لم تستثمر في العديد من المجالات الاقتصادية منذ أكثر من 40 عامًا، وحاليًا فقط قطاع النفط والغاز الإيراني يحتاج إلى ما يصل لحوالي 5 تريليونات دولار من الاستثمارات أو مثلا قطاع الطيران المدني الإيراني يحتاج إلى أكثر من 1000 طائرة مدنية، وهذه العقود يُمكن أن تنقذ العديد من الشركات الأمريكية التي تواجه حاليا مشاكل اقتصادية كبيرة.

وعلى الرغم من هذه الخلافات داخل الساحة الايرانية، فإن حكومة بزشكيان عملت بشكل جدي على عدة جبهات لكسر عقدة العقوبات على إيران؛ إذ طلبوا من أصدقائهم في سلطنة عُمان وقطر والعراق وحتى لبنان، العمل على فتح قنوات الاتصال مع فريق ترامب من جهة وبدأوا مفاوضات مع "الترويكا الأوروبية" من جهة أخرى.

واستنادًا لتصريحات محمد جواد ظريف في منتدى دافوس الأخير، فإن إيران والولايات المتحدة، في عهد الرئيس السابق جو بايدن، كانتا قد توصلتا لاتفاق غير مكتوب بينهما، لكن عملية السابع من أكتوبر في فلسطين، نسفت هذا الاتفاق، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة من قبل الجانبين، فإن التصعيد الحاصل في المنطقة، أفشل كل محاولات التوصل إلى اتفاق جديد بينهما.

من جهة أخرى، فإنه وفي حين أن الأوروبيين مُصرِّون على ضرورة العودة إلى الاتفاق النووي وإحيائه قبل الخامس والعشرين من أكتوبر 2025، وهو موعد انتهاء فترة بند الزناد SnapBack في الاتفاق النووي، والذي بموجبه يمكنهم إعادة العقوبات الدولية على إيران، فإن الولايات المتحدة، في عهد الرئيس ترامب، لا تُصر على إعادة إحياء الاتفاق النووي، لكنها تُصر على ضرورة توقيع اتفاقية شاملة بينها وبين إيران، تضمن لها حصة الأسد في الاقتصاد الإيراني.

ولربما يمكن القول إن السبب الأساسي لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي كان أن ذلك الاتفاق لم يضمن حصة الولايات المتحدة من الاتفاق وحصل الأوروبيون على حصة الأسد من العقود التي قاموا بتوقيعها مع إيران بعد التوقيع على الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من أن شعار الجميع هو منع إيران من الحصول على السلاح النووي، وإيران مستعدة لتقديم كل الضمانات من أنها لا تسعى للحصول على هذا السلاح، لكن في الواقع عمليًا الجانب المقابل لإيران يسعى لاستغلال الموضوع النووي للحصول على حصة أكبر في الاقتصاد الإيراني فقط، وهم جميعهم مطمئنون من أن إيران لا تسعى كي تصنع السلاح النووي.

إنهم جميعًا يعلمون أن ايران عَبَرَتْ عما يتم تسميته "العتبة النووية"؛ حيث إنه باستطاعتها تصنيع السلاح النووي في أي لحظة تريد، لكنها لم تقم بفعل ذلك لأن استراتيجيتها الردعية كانت أصلا مبنية على أساس العبور من هذه العتبة، وتهديد الاعداء بأنهم إذا ما قاموا بمهاجمة إيران وكان الوجود الإيراني في خطر فإنها يُمكن أن تلجأ إلى خيار تصنيع السلاح، وطالما أن إيران لا تواجه خطرًا وجوديًا فإنها لن تقوم بتصنيع السلاح النووي.

** باحث وأكاديمي إيراني

** يُنشر بالاشتراك مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مصدر استخباراتي: إعادة انتخاب ترامب مهّد الطريق أمام الهجمات الإسرائيلية على إيران

كانت إسرائيل تخطط منذ فترة طويلة لشن هجوم على إيران لكنها أرجأت ذلك إلى أن توفّرت عدة عوامل: انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة، واختتام فترة الـ60 يومًا من المفاوضات النووية، والهجمات الإيرانية المحددة. اعلان

كانت إسرائيل تخطط لغزو واسع النطاق لإيران منذ سنوات عديدة، لكن إعادة انتخاب دونالد ترامب تزامنت مع سلسلة من الأحداث الحاسمة التي مهدت الطريق للهجوم المباشر في يونيو من هذا العام، حسبما قالت أربعة مصادر استخباراتية إسرائيلية حالية وسابقة ليورونيوز في مقابلات منفصلة.

المصادر الاستخباراتية الإسرائيلية، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لاعتبارات أمنية، قالت ليورونيوز إن عملاء الموساد حددوا العوامل الاستراتيجية الرئيسية والظروف السياسية التي مكنتهم من التحضير للهجوم على إيران والشروع فيه. ومن بين هذه العوامل، ذكروا تكثيف الحرب بالوكالة، وانتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزخم المفاوضات النووية مع القوى الغربية.

في 13 يونيو، شنت إسرائيل عدة هجمات برية وجوية على إيران، مما أسفر عن مقتل قادة عسكريين كبار وعلماء نوويين وسياسيين إيرانيين، وإلحاق أضرار أو تدمير الدفاعات الجوية والمنشآت العسكرية النووية لطهران.

ردت إيران بغارات بالصواريخ والمسيّرات على المدن والمواقع العسكرية الإسرائيلية، بمساعدة الحوثيين في اليمن.

دافعت الولايات المتحدة عن إسرائيل ضد هذه الهجمات، وفي اليوم التاسع للمواجهة، قصفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية. وردّا على ذلك، قصفت إيران قاعدة العيديد الأمريكية في قطر. وفي 24 يونيو، وتحت ضغط واشنطن، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.

ادعى العدوّان اللدودان الانتصار بعد وقف إطلاق النار. وأكدت تل أبيب وواشنطن أنهما أضعفتا بشكل كبير قدرات إيران الصاروخية والنووية، في حين نفت طهران هذه المزاعم. وبين النفي والتأكيد، التقييمات المستقلة محدودة حاليًا بسبب السرية التي تحيط بالبرنامج النووي الإيراني.

Related إيران تشيع محمد رضا زاهدي.. اغتياله "خطوة مجنونة وواشنطن شريكة فيه"من هو قاسم سليماني الرجل الثاني في إيران ومهندس نفوذها في الشرق الأوسط؟ساسة إسرائيل والحرب مع إيران.. صفّ واحد بوجه عدوّ تاريخي ولا مكان للخلاف مع نتنياهو فرص الحلول الدبلوماسية

قالت إسرائيل والولايات المتحدة إن الهجوم كان مخططا له منذ سنوات عديدة، بالتوازي مع الانخراط الدبلوماسي مع إيران.

وقال مصدر استخباراتي إسرائيلي أول ليورونيوز: "لم تخفِ إسرائيل أبداً حقيقة أنها تريد تدمير البرنامج النووي الإيراني، ولم تخفِ أبداً حقيقة أنها كانت مستعدة أيضاً للسماح بحل المشكلة دبلوماسياً، طالما أن الحل الدبلوماسي يمنع إيران ليس فقط من تخصيب اليورانيوم، بل من الحصول على القدرة على تشكيل تهديد وجودي لدولة إسرائيل".

وقالت المصادر إن الاتصالات الدبلوماسية لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، في الوقت الذي ازدادت فيه التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 2016 إلى 2020.

في عام 2018، سحب ترامب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، الذي حد من البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. وفي أعقاب إعادة فرض الولايات المتحدة للعقوبات، بدأت إيران في عام 2019 بتجاهل القيود النووية التي يفرضها الاتفاق.

حربٌ بالوكالة

في هذه الأثناء، كانت الحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران تتصاعد تدريجياً.

"أعتقد أن اللحظة المحورية كانت في أبريل 2024، عندما أطلقت إيران صواريخ مباشرة من أراضيها على إسرائيل. وحتى ذلك الحين، كانت إيران تعتمد في المقام الأول على وكلائها لمهاجمة إسرائيل، بينما كانت إسرائيل تنفذ عمليات سرية داخل إيران مع إمكانية الإنكار بهدف منع التصعيد إلى حرب شاملة".

في أبريل/نيسان 2024، أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل ردًا على الضربة الإسرائيلية على قنصليتها في سوريا التي أسفرت عن مقتل العميد محمد رضا زاهدي. وكان أرفع مسؤول عسكري إيراني يُقتل منذ اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020 على يد إدارة ترامب . وكان سليماني "مهندس" حرب إيران بالوكالة في الشرق الأوسط.

Related حساب فارسي يُنسب للموساد: خامنئي يقضي معظم وقته نائماً أو تحت تأثير مواد مخدرةخامنئي يتّهم إسرائيل بمحاولة إسقاط النظام الإيراني عبر هجماتها الأخيرة

"أعتقد أنه كان على إسرائيل أن تنتظر من أبريل 2024. كانت بحاجة إلى الوقت لجمع كل ما تحتاجه من معلومات استخباراتية وتخطيط لكي تطمئن بأننا سنكون بالفعل في أول يومين أو ثلاثة أيام من الحرب في وضع نسيطر فيه على الوضع بشكل كامل، وبأقل قدر من الخسائر في الداخل، وبسيطرة كاملة على المجال الجوي الإيراني، مع القدرة على الهجوم متى وأينما نريد".

إعادة انتخاب ترامب

كان انتخاب دونالد ترامب للمرة الثانية رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لحظة محورية أخرى كانت محط ترحيب من قبل المصادر الأربعة.

"كانت الخطة الأصلية هي الهجوم في أكتوبر 2024. كان ذلك بعد الهجوم الصاروخي المباشر الثاني الذي شنته إيران على إسرائيل بعد اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصر الله في لبنان في سبتمبر/أيلول"، قالت المصادر الاستخباراتية الأولى، لكن الهجوم تأجل لانتظار الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني.

"أعتقد أنه كان من المهم جداً بالنسبة لإسرائيل أن يفوز ترامب في تلك الانتخابات. وبمجرد انتخاب ترامب، ركز بشكل رئيسي على التوصل إلى صفقة رهائن"، قال المصدر الثاني، في إشارة إلى الصراع بين حماس وإسرائيل.

"وبمجرد توقيع صفقة الرهائن في آذار/مارس 2025 تقريبًا، أصبحت إسرائيل مرة أخرى في وضع يسمح لها بمهاجمة إيران. لكن الولايات المتحدة وإيران دخلتا في مفاوضات، في محاولة للتوصل إلى حل سلمي لقضية تخصيب إيران لليورانيوم وبرنامجها النووي".

المفاوضات الأمريكية الإيرانية

في مارس، بدأت الولايات المتحدة وإيران مفاوضات غير مباشرة حول البرنامج النووي الإيراني. لم تسفر المفاوضات عن اتفاق، على الرغم من أن النظراء وصفوها بأنها "بناءة".

Related معارك في الظل.. إيران تعلن إفشال مشروع خارجي يهدف لتقسيم البلادمحلل إسرائيلي: إعادة إعمار إيران بعد الحرب قد تكلّف نصف تريليون دولارفي ظل التوتر المتصاعد مع إسرائيل.. إيران ترفع جاهزيتها العسكرية وتعيد تشكيل مجلس الدفاعاستهدفت "أسطول شمخاني".. عقوبات أميركية على إيران هي الأوسع منذ عام 2018لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. إيران تترقّب أول زيارة للوكالة الدولية للطاقة الذرية

"أعطى ترامب 60 يومًا لتلك المفاوضات. وفي اليوم التالي، هاجمت إسرائيل إيران. أعتقد أنه من الواضح أن ذلك تم بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية"، هذا ما قالته جميع المصادر الاستخبارية الإسرائيلية الحالية والسابقة ليورونيوز.

لم تصرح واشنطن علنًا أبدًا أن الهجوم الإسرائيلي الأول على إيران كان منسقًا. إلا أنه في أعقاب الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث في مؤتمر صحفي في 23 يونيو إن العملية كان مخططاً لها منذ سنوات عديدة.

"عندما هاجمنا، كنا في نهاية فترة الستين يومًا من المفاوضات. وأعتقد أنه كان من الواضح جداً لترامب في هذه المرحلة أن الإيرانيين لم يكونوا على استعداد للتخلي عن التخصيب على الأراضي الإيرانية، على الرغم من أن المفاوضات طرحت بعض الحلول المثيرة للاهتمام في هذا الشأن. على سبيل المثال، نوع من الوكالة الدولية للتخصيب التي من شأنها أن تخصص اليورانيوم المخصب بمستويات مدنية لجميع دول المنطقة المهتمة بذلك".

"أدرك ترامب أن إيران كانت منخرطة في المفاوضات لمجرد كسب الوقت، دون نية حقيقية للتوصل إلى حل. وكانت المحادثات بمثابة فخ، حيث أعطت إيران انطباعًا بأنها لن تتعرض للهجوم، خاصة وسط تقارير صحفية واسعة الانتشار تفيد بأن إسرائيل كانت على وشك توجيه ضربة".

ما بعد الحرب

في الوقت الذي ادعت فيه إيران الانتصار واحتفلت بصمودها أمام الغزو الإسرائيلي، قالت مصادر استخباراتية في الدولة العبرية إن النظام في طهران بات ضعيفًا بعد الهجوم.

"لقد خرجت إسرائيل من عدة صراعات في موقف استراتيجي أقوى في المنطقة، ولكنها في موقف سياسي أكثر صعوبة مع شركائها الغربيين، ربما باستثناء واشنطن. نحن في لحظة حساسة للغاية، ليس لدى كل من إسرائيل وإيران الكثير لتكسبه من خلال الضغط أكثر في الوقت الحالي"، قال إيان ليسر، زميل ومستشار رئيس صندوق مارشال الألماني ليورونيوز.

"لدى إيران خيارات أقل الآن. أحدها و العودة إلى المفاوضات. والخيار الآخر هو اللجوء إلى أساليبها التقليدية للرد، والتي تعتمد على الوكلاء والأعمال غير التقليدية، بما في ذلك الإرهاب. وهناك أيضاً احتمال أنه إذا احتفظت إيران ببعض القدرة على تطوير أسلحة نووية، فقد ترى في ذلك مساراً آخر. لكنني لا أعتقد أن أحداً سيسمح لها بذلك. قد تكون هناك خلافات حول الاستراتيجية والسياسة الإسرائيلية، لكن بشكل عام، فإن إسرائيل وشركاءها الغربيين ليسوا على استعداد للتسامح مع إيران نووية".

وقال مصدر استخباراتي إسرائيلي رابع سابق لـ"يورونيوز" إنه لو كانت الحرب قد استمرت أكثر من ذلك، لربما كانت إسرائيل ستهاجم منشآت الغاز والنفط. ومع ذلك، وبعد وقف إطلاق النار، استؤنفت المفاوضات على المستوى الدبلوماسي.

ففي 25 يوليو، التقى دبلوماسيون إيرانيون بنظرائهم من ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا لإجراء محادثات في اسطنبول، وهي المرة الأولى منذ الهجوم الإسرائيلي على إيران في منتصف يونيو، وسط تحذيرات من أن هذه الدول الأوروبية قد تؤدي إلى "إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران".

أما المصدر الاستخباراتي الثاني فقال إن إسرائيل ستحتفظ بعد النزاع بالسيطرة على المجال الجوي للجمهورية الإسلامية من أجل "تدمير أي شيء قد يوحي بأن الإيرانيين يستعدون لإعادة بناء أي من القدرات التي دمرناها".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • بريطانيا وفرنسا وألمانيا تستعد لفرض عقوبات على إيران بشأن ملفها النووي
  • المكسيك تسلم 26 من كبار عناصر العصابات إلى الولايات المتحدة
  • ترامب يُصدر أمراً تنفيذياً لتعزيز أمن سلسلة الإمداد الدوائي في الولايات المتحدة
  • مُستقبل التفاوض النووي بين إيران والغرب بعد حرب الـ12 يوماً
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني وجروسي العودة إلى مفاوضات البرنامج النووي
  • صفقة تاريخية .. وأسواق «هشة» نظرة في انعكاسات الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الأسواق المالية
  • إيران مستعدة للتفاوض على برنامجها النووي مقابل شرط
  • الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران
  • نائب الرئيس الإيراني: حديث أمريكا عن تصفير التخصيب في إيران نكتة سياسية كبيرة
  • مصدر استخباراتي: إعادة انتخاب ترامب مهّد الطريق أمام الهجمات الإسرائيلية على إيران