معلومات الوزراء يلقي الضوء على سلاسل القيمة للمعادن الحرجة وأثرها في دعم التحول للطاقة النظيفة
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول «سلاسل القيمة للمعادن الحرجة»، حيث أشار التحليل إلى أن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة، جعلت المعادن الحرجة عنصرًا لا غنى عنه في دعم البنية التحتية للتكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة، وتشمل المعادن الحرجة (الليثيوم والكوبالت والنيكل والعناصر الأرضية النادرة)، وتُشكل أساسًا لتقنيات حديثة تلبي احتياجات التحول العالمي نحو خفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح التحليل أن تسارع الجهود الدولية لتحقيق الانتقال إلى أنظمة طاقة مستدامة، قد أسهم في تسليط الضوء على دور المعادن الحرجة، ليس فقط في تحسين أداء البطاريات وتطوير المركبات الكهربائية، ولكن أيضًا في تشغيل شبكات الكهرباء وتعزيز كفاءة تقنيات الطاقة المتجددة، مثل: الرياح والشمس، ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنيات، بات الطلب على هذه المعادن ينمو بوتيرة غير مسبوقة، وهو ما يعكس تحولًا نوعيًّا في هيكل الطلب العالمي على الموارد الطبيعية.
أشار التحليل إلى أن المعادن الحرجة تُعد من العناصر الأساسية في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، حيث تُستخدم معادن، مثل: الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز والجرافيت في تحسين أداء البطاريات، وزيادة عمرها وكثافة طاقتها، ما يجعلها حجر الزاوية في تشغيل السيارات الكهربائية، وتخزين الطاقة المتجددة. كما تُعد العناصر الأرضية النادرة، مثل: النيوديميوم عنصرًا أساسيًّا في صناعة المغناطيسات الدائمة المستخدمة في توربينات الرياح، ومحركات السيارات الكهربائية، كما تعتمد شبكات الكهرباء على النحاس والألومنيوم، حيث يؤدي النحاس دورًا محوريًّا في التقنيات المتعلقة بالكهرباء جميعًا.
كما تستخدم معادن، مثل: الغاليوم والجرمانيوم بشكل أساسي في تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة والخلايا الشمسية وتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء، ويدخل الأنتيمون في تصنيع الذخائر والأسلحة، بينما يُعد الجرافيت مكونًا رئيسًا في بطاريات السيارات الكهربائية. هذه الصناعات تُعد أساسية في التحولات التكنولوجية الحالية، مما يُبرز أهمية هذه المواد في الاقتصاد العالمي.
واستعرض التحليل أهم القطاعات الدافعة إلى الطلب على المعادن الحرجة وهي:-قطاع الطاقة المتجددة: حيث أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية تلعب دورًا محوريًّا في زيادة الطلب على المعادن الحرجة، فتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح يتطلب كميات من المعادن تفوق تلك المستخدمة في تكنولوجيا الوقود الأحفوري، إذ يتطلب إنتاج تيراوات ساعة من الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية 200%، و300% من المعادن مقارنة بمحطات الغاز الطبيعي. ومع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، ازدادت كمية المعادن المستخدمة بنسبة 50% لكل وحدة طاقة منتجة.
-قطاع النقل البري: أشار التحليل إلى أن المركبات الكهربائية تستهلك كميات كبيرة من المعادن الحرجة، سواء كانت تعمل هذه المركبات بخلايا الوقود، أو البطاريات، حيث يتطلب إنتاجها مواد أكثر مقارنة بالمركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي Internal combustion Engines، التي تعتمد على تقنية يعود تاريخها إلى أكثر من قرن.
وأضاف التحليل أنه مع التوجه العالمي نحو الحد من تغير المناخ، يُتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن المستخدمة في قطاع المركبات الكهربائية والبطاريات بما يزيد على 30 ضعفًا بحلول عام 2040، ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الليثيوم بأكثر من 40 مرة، بينما سيزداد الطلب على الجرافيت والكوبالت والنيكل بمعدلات تتراوح بين 20، و25 ضعفًا. ومع تزايد الاعتماد على الكهرباء لتشغيل المركبات، سيزداد الطلب على النحاس بشكل ملحوظ. وفي الوقت نفسه، سيؤدي الانتشار المتزايد للمركبات الكهربائية إلى زيادة الضغط على مصادر الطاقة المتجددة، مما يعزز استخدام المعادن الحرجة في هذا القطاع أيضًا.
أفاد التحليل أن أسواق المعادن الحرجة شهدت تقلبات حادة في الأسعار في عام 2023، حيث انخفضت أسعار العديد من المعادن المستخدمة في بطاريات الطاقة النظيفة بشكل كبير، وهبطت أسعار الليثيوم بنسبة 75%، بينما تراجعت أسعار الكوبالت والنيكل والجرافيت بنسبة تراوحت بين 30%، و45%. وقد تزامن هذا الانخفاض في الأسعار مع زيادة كبيرة في العرض والمخزونات، حيث تجاوز العرض الطلب المتنامي في العديد من المناطق، مثل: أفريقيا وإندونيسيا والصين.
ومع ذلك، حافظ النحاس على مستوياته المرتفعة نسبيًّا، ولا يزال الطلب على المعادن الأساسية للطاقة النظيفة يشهد نموًّا قويًّا، فقد ارتفع الطلب على الليثيوم بنسبة 30% في عام 2023، بينما سجلت معادن أخرى، مثل: النيكل، الكوبالت، والجرافيت زيادات تتراوح بين 8%، و15%. وتعد السيارات الكهربائية أحد المحركات الرئيسة لهذا الطلب، حيث عززت مكانتها كأكبر مستهلك لليثيوم وزادت حصتها في الطلب على النيكل والكوبالت.
وأشار التحليل إلى أن إعادة التدوير والابتكار في تقنيات التعدين يُعدان حلًّا واعدًا لتخفيف الضغط على الإمدادات، حيث يمكن أن تقلل جهود إعادة التدوير من الطلب على المعادن الحرجة بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2030، كما يمكن أن تخفِّض الكميات المعاد تدويرها من النحاس والكوبالت متطلبات الإمداد الأولية بنسبة 30%، المطلوبة بحلول 2040، مما يُبرز أهمية تحسين معدلات جمع المواد وإعادة معالجتها.
وأكد التحليل أنه رغم تقلبات السوق الحالية، تُشير التوقعات إلى استمرار نمو الطلب على المعادن الحرجة بفضل توسع مشروعات الطاقة النظيفة، وزيادة مبيعات السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن تتضاعف القيمة السوقية للمعادن الحرجة المرتبطة بعملية التحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، إلى 770 مليار دولار بحلول عام 2040، مع توقعات بأن يصل الطلب على الليثيوم إلى تسعة أضعاف مستواه الحالي، ويرتبط ذلك بشكل وثيق بتطورات صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، وهو ما يجعل تأمين الإمدادات لهذه المعادن من أهم القضايا الاقتصادية الاستراتيجية.
وأوضح التحليل أن الصين تُهيمن على إنتاج العديد من المعادن الحرجة، حيث تُسهم بأكبر حصة إنتاجية عالميًّا في معادن أساسية، مثل: الجاليوم (98%)، السيليكون (78.9%)، والمغنيسيوم (88.3%)، إضافة إلى الريادة في إنتاج المعادن الأرضية النادرة والجرانيت، ويوضح ذلك اعتماد السوق العالمية على الإمدادات الصينية بشكل كبير.
أشار التحليل إلى أن أفريقيا تمتلك احتياطات ضخمة من المعادن الحيوية التي تعد أساسية للتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، مثل: الكوبالت والمنجنيز والجرافيت، حيث تستحوذ على نحو 48% من الاحتياطي العالمي من الكوبالت والمنجنيز، و22% من الجرافيت، في حين أن مساهمتها في إنتاج الليثيوم والحديد محدودة للغاية (1% فقط من الاحتياطي العالمي لكل منهما).
ومع ذلك، تُعاني القارة ضعف الاستفادة الاقتصادية، بسبب الاعتماد الكبير على تصدير المواد الخام بدلًا من تطوير صناعات محلية ذات قيمة مضافة، مثل: تصنيع البطاريات والمكونات الإلكترونية. وتحقق القارة 40% فقط من الإيرادات التي من الممكن أن تجمعها من المعادن الحرجة، مما يعكس عدم توازن في سلسلة القيمة العالمية، حيث تستفيد الدول المتقدمة بشكل أكبر من هذه الموارد، ويعكس هذا الوضع قصورًا في استغلال الثروات، بسبب ضعف البنية التحتية الصناعية، وغياب التكنولوجيا المتقدمة، وضعف الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويحد هذا القصور من قدرة القارة على الاستفادة الكاملة من الفرص التي يوفرها الطلب العالمي المتزايد على المعادن الحرجة في الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.
وأضاف التحليل أنه مع تحول العالم نحو الطاقة النظيفة، وزيادة الطلب على المعادن، مثل: الجرافيت المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، فإن عدم تطوير الصناعات المعتمدة على هذه المعادن يُفوِّت فرصة تعزيز دول قارة أفريقيا اقتصاداتها وتحقيق التنمية المستدامة، وهناك حاجة ملحة إلى تعزيز البنية التحتية الصناعية، وجذب الاستثمارات، وتطوير شراكات استراتيجية تمكنها من الانتقال من مرحلة تصدير المواد الخام إلى تطوير سلاسل القيمة المضافة.
وأوضح التحليل قيام الصين بإعادة تشكيل خريطة تصدير المعادن الحرجة، مضيفاً أنه في تصعيد جديد للصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة، أعلنت بكين حظر تصدير مجموعة من المعادن الحيوية التي تُستخدم بشكل أساسي في صناعة التكنولوجيا وأشباه الموصلات، مثل: الغاليوم، الجرمانيوم، والأنتيمون، إضافة إلى فرض قيود مشددة على تصدير الجرافيت، جاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد فقط من إعلان واشنطن قيودًا جديدة تستهدف 140 شركة صينية تعمل في قطاع تصنيع الرقائق المتقدمة.
ولأن الصين تُعد المُنتج الأكبر عالميًّا لهذه المعادن، فإن هذه السيطرة تمنحها نفوذًا كبيرًا في السوق العالمية، وتتسبب القيود التي تفرضها في تأثيرات فورية على سلاسل التوريد، فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار ثالث أكسيد الأنتيمون في أوروبا بنسبة 228% منذ بداية 2024، لتصل إلى 39 ألف دولار للطن المتري، وتظهر هذه الارتفاعات هشاشة اعتماد الأسواق العالمية على الصين، وتبرر الصين ذلك بمخاوف تتعلق بـ "الأمن القومي"، وحماية المصالح الوطنية.
أشار التحليل إلى أن قرار حظر الصين تصدير المعادن الحرجة أثار مخاوف من اضطرابات جديدة في سلاسل التوريد العالمية، حيث تُعد الولايات المتحدة إحدى أكبر الأسواق المستهلكة لهذه المعادن، ولم تُسجل الجمارك الصينية أية صادرات من الغاليوم أو الجرمانيوم المكرر إلى الولايات المتحدة حتى أكتوبر 2024، كما انخفضت شحنات الأنتيمون من الصين بنسبة 97% خلال أكتوبر 2024، ما يعكس تأثير القيود المفروضة.
أكد التحليل أن القيود الجديدة التي فرضتها الصين تُعد تحذيرًا عالميًّا حول أهمية تنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الموردين الصينيين، حيث قد تشمل التداعيات طويلة الأجل زيادة الضغوط التضخمية العالمية، وتباطؤ الإنتاج في القطاعات التكنولوجية، وبالفعل، أُثيرت دعوات إلى تعزيز إنتاج المعادن محليًّا، وتقليل الاعتماد على الصين، فعلى سبيل المثال، تعمل الولايات المتحدة على تطوير مناجم الأنتيمون في ولاية أيداهو بدعم حكومي، بينما يؤكد الخبراء أن تطوير البدائل المحلية يحتاج إلى سنوات.
في سياق آخر، دعت الجمعيات الصناعية الصينية الشركات المحلية إلى زيادة اعتمادها على الرقائق المصنعة محليًّا، وتعزيز التعاون مع شركاء دوليين، وتبرز هذه التحركات استراتيجية الصين طويلة الأمد إلى تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، وتوسيع نفوذها في السوق العالمية، ويصف الخبراء هذه الخطوة بأنها تصعيد خطير في "حرب تجارية بلا رابحين"، حيث أكدوا أن القيود المتبادلة قد تُعمق التوترات الجيوسياسية، وتُضعف التعاون العالمي في القطاعات التكنولوجية، ومع ذلك، تُظهر هذه الأزمة مدى أهمية المعادن الحرجة في تحديد موازين القوى الاقتصادية، مما يضع سلاسل التوريد العالمية تحت تهديد مستمر.
وأشار التحليل إلى عدد من الرؤى والتوصيات لأجل مستقبل مستدام للمعادن الحرجة منها:
-الاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية الصناعية، والتركيز على تطوير تقنيات التصنيع المحلي التي تضيف قيمة إلى المعادن المستخرجة، مشيراً إلى أنه يمكن لمصر تطوير صناعات محلية لمعالجة المعادن، مثل: النيكل والكوبالت لتعزيز الإيرادات، كما فعلت جمهورية الكونغو الديمقراطية في سبيل تحقيق الاستفادة القصوى من المعادن الحيوية.
-بالإضافة إلى استحداث نظام تجاري عالمي أكثر انفتاحًا وإنصافًا لتحقيق العدالة في سلاسل القيمة العالمية خاصة في ظل الاتجاهات الحمائية السائدة، وتحديث الاتفاقيات التجارية لتوفير فرص أكبر للمشاركة في الصناعات الخضراء العالمية، مثل: السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، ومن خلال تحسين المناخ التجاري، يمكن لمصر أن تصبح مركزًا إقليميًّا لصناعة المعادن ذات القيمة المضافة.
-كذلك التحول نحو الاقتصاد الدائري، وهو نهج يتيح استخدام الطاقة المتجددة، ويمكن لمصر إعادة تدوير المعادن والنفايات الإلكترونية بإطلاق مشروعات متخصصة في هذه المجالات.
-وأيضاً دعم الابتكار في تقنيات التعدين النظيفة والمتقدمة، مثل: تطوير تقنيات لاستخراج المعادن بأسلوب يتوافق مع المعايير البيئية وزيادة كفاءة إعادة تدوير المعادن المهمة، مثل: الليثيوم والكوبالت، لتلبية الطلب العالمي المتزايد مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تعزيز البيئة التشريعية الداعمة للاستثمارات في قطاعي التعدين والطاقة المتجددة في مصر، مع تقديم حوافز حكومية فعّالة لتحفيز الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في مشروعات التعدين المستدامة، واعتماد أحدث تقنيات التكنولوجيا المتطورة.
-وتكثيف الجهود للاستثمار في تدريب العمالة المتخصصة في الصناعات المستدامة المصرية، مع تطوير برامج تعليمية متقدمة تركز على مفاهيم الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، بهدف إعداد جيل جديد من الكفاءات والخبراء يكون قادرًا على قيادة هذه القطاعات الحيوية في المستقبل.
اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء»: البودكاست طفرة أخرى تستحوذ على اهتمام العالم الرقمي
معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»
معلومات الوزراء يرصد جهود مصر في دعم غزة بآلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معلومات الوزراء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء خفض الانبعاثات الكربونية السیارات الکهربائیة والطاقة المتجددة الطاقة المتجددة معلومات الوزراء البنیة التحتیة الطاقة النظیفة للمعادن الحرجة سلاسل التورید سلاسل القیمة الاعتماد على المستخدمة فی هذه المعادن التحلیل أن من المعادن الصین ت التی ت
إقرأ أيضاً:
ما هي أرصدة التحول؟ الفلبين تتبنى نهجا مبتكرا للتخلص التدريجي من الفحم
هذا الطرح الجديد لأرصدة الكربون قد يعالج إدمان آسيا على الفحم، غير أن المنتقدين يشككون في جدواه عمليا حتى الآن.
تختبر الفلبين نوعا جديدا من أرصدة الكربون يهدف إلى تشجيع الشركات على خفض الانبعاثات المسببة لارتفاع حرارة المناخ من خلال إنشاء صناديق يمكن استخدامها لتحويل محطات الطاقة العاملة بالفحم إلى منشآت للطاقة المتجددة.
وتُعرف باسم أرصدة الانتقال، وهي مصممة للمساهمة في تمويل التخلص التدريجي من استخدام الفحم عبر إضفاء قيمة على الانبعاثات التي سيُحال دون إطلاقها. وتُستخدم هذه الصناديق في استبدال معدات الوقود الأحفوري بمعدات الطاقة النظيفة.
ويقول المؤيدون إن أرصدة الانتقال قد تفتح الباب أمام تدفق استثمارات إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ المتعطشة للطاقة، وتُسرّع انتقال جنوب شرق آسيا إلى الطاقة المتجددة. لكن بعض الخبراء، الحذرين من المشكلات المزمنة في سوق الكربون، يرون أنها طريق مسدود.
أرصدة الانتقال تقدم طرحا جديدايمثل رصيد الكربون طن واحد من ثاني أكسيد الكربون تمت إزالته أو لم يُطلق إلى الغلاف الجوي. وتشتري الدول والشركات هذه الأرصدة وتبيعها في أسواق الكربون في محاولة للامتثال للوائح الانبعاثات، وتحقيق أهداف خفض التلوث أو التعويض عن التأثيرات البيئية.
وتختلف أرصدة الانتقال لأنها تُقدّر الانبعاثات المستقبلية التي سيُحال دونها بسبب حرق الوقود الأحفوري، وهو ما يسهم في تغيّر المناخ، بقيمة مالية.
غير أن المخاوف المتعلقة بالنزاهة تُلاحق مشاريع أرصدة الكربون حول العالم.
وتُتَّهَم مشاريع تهدف إلى حماية الغابات التي تمتص الكربون بممارسات التبييض الأخضر، وبحسابات خاطئة وبالتسبب في تسرب الكربون، وهو مصطلح يُستخدم عندما تنتقل الشركات إلى دول ذات قواعد انبعاثات أقل صرامة. كما ثبت أنها لم تُحقق المنافع الموعودة للمجتمعات المحلية، وربِطت باتهامات انتهاكات لحقوق الإنسان في كمبوديا وبزيادة وتيرة إزالة الغابات في بيرو، إلى جانب مشاكل أخرى.
وتتمتع هذه الأرصدة بإيجابيات وسلبيات، كأي فكرة جديدة غير مُختبَرة، بحسب رامناث آيير من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي في الولايات المتحدة. ويُقدّر أن رصيد الانتقال قد تبلغ قيمته بين تسعة يورو و45 يورو.
"سيكون هناك تحديات ونواقص، كما في كل صفقة", يقول آيير. "لكن الأمر ليس وكأن لدينا "سمورغاسبورد" أو "بوفيه" من حلول تغيّر المناخ لنختار منها."
جنوب شرق آسيا يعتمد على الفحميُرجَّح حدوث تجاوز للهدف العالمي القاضي بمنع ارتفاع حرارة الأرض لأكثر من 1.5 درجة مئوية.
في نوفمبر، أخفقت الأمم المتحدة في التوصل إلى خارطة طريق دولية للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري خلال المحادثات المناخية السنوية المعروفة باسم كوب 30.
وترتفع الانبعاثات مع استخدام الفحم لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في اقتصادات المنطقة الناشئة في آسيا والمحيط الهادئ، ما يزيد تلوث الهواء سوءا.
Related "نبدو مثيرين للسخرية": موقع حكومي أمريكي يزيل الوقود الأحفوري كسبب للاحترار العالمييُعدّ جنوب شرق آسيا ثالث أكبر منطقة مستهلكة للفحم في العالم بعد الهند والصين، وفق الوكالة الدولية للطاقة التي تتوقع أن يتضاعف طلب المنطقة على الكهرباء بحلول 2050.
"لا شك أن الجهود الرامية إلى دعم التخلص التدريجي من محطات الطاقة العاملة بالفحم جديرة ومهمة وضرورية للغاية", يقول داني كالينوارد من مركز كلاينمان لسياسات الطاقة في جامعة بنسلفانيا. "لكن محاولة قياس فوائد تدخّل مثل أرصدة الانتقال بدقة هي مسألة شائكة حقا."
مشروع تجريبي في الفلبين يثير انقساما في الآراءيجري اختبار أرصدة الانتقال في محطة "South Luzon Thermal Energy Corp." بقدرة 270 ميغاواط في مدينة كالاكـا جنوب مانيلا.
بُني الموقع قبل عقد من الزمن على يد شركة "ACEN Corp."، الذراع المعني بالطاقة في مجموعة "Ayala Corp." الفلبينية العملاقة.
يمكن لمحطات الفحم عادة أن تعمل لمدة 50 عاما. ومتوسط عمر مواقع الفحم في جنوب شرق آسيا يقل عن 15 عاما، مثل الموقع في كالاكـا. ومع ذلك، تعهّدت "ACEN" بإحالة منشأة ساوث لوزون إلى التقاعد بحلول 2040.
وقد تُسهم أرصدة الانتقال في تسريع ذلك.
"إذا نجح الأمر، فسيكون لدينا دليل عمل لمالكي أصول الفحم وانتقالاتهم الطاقية", تقول إيرين مارانان لدى "ACEN". "سيكون المؤمنون بهذه المبادرة أكثر عددا من غير المؤمنين بها."
Related الأمم المتحدة تدعو إلى استثمار مناخي عالمي لتحقيق مكاسب بقيمة 17 تريليون يورو بحلول 2070صمّمت مؤسسة روكفيلر مفهوم أرصدة الانتقال للمساعدة في تمويل الإحالة المبكرة لمحطات الفحم إلى التقاعد، وذلك عبر دفع تكاليف استبدال معدات الوقود الأحفوري بمعدات الطاقة المتجددة المستخدمة للاستمرار في توليد الكهرباء في المواقع نفسها.
"سيكون من غير المسؤولية أن نُطفئ محطة فحم من دون بديل", تقول مارانان. "ما زال البلد بحاجة إلى إمدادات الطاقة. هناك طلب متنامٍ لا يتوقف."
ويقول جوزف كيرتن، نائب رئيس انتقالات الطاقة في مؤسسة روكفيلر، إن هيئة مستقلة غير ربحية لحوكمة سوق الكربون تُراجع منهجية أرصدة الانتقال، وهي منهجية حظيت بالفعل بدعم شركات عملاقة مثل "Mitsubishi Corp." اليابانية.
ويُضيف كيرتن أن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو 60 محطة فحم تمتلك إمكانات لأرصدة الانتقال يمكن أن تجتذب معا 94 مليار يورو من رؤوس الأموال العامة والخاصة بحلول 2030، وأن مشروع كالاكـا ضروري لإثبات أن الفكرة قابلة للتطبيق.
"نريد تنفيذ عشرات المشاريع لإحداث تأثير حقيقي", يقول. "لكن كي نحظى بأي مصداقية، نحتاج إلى تنفيذ مشروع واحد ونستخدمه للتعلّم والتطوّر."
مشكلات أرصدة الكربونينبع التشكيك في أرصدة الانتقال من السمعة الملطّخة إلى حد ما لسوق الكربون.
كانت إيل بارتولومي، من حركة العدالة المناخية الفلبينية، ضمن عشرات النشطاء الذين احتجّوا على ما وصفته بـ"كازينو الكربون" خلال تظاهرات جرت أثناء كوب 30 في البرازيل.
وبالنظر إلى قضايا النزاهة في مشاريع سابقة، تقول بارتولومي إن أرصدة الانتقال ستقع على الأرجح في الفخ نفسه، إذ لن تعود بالنفع على المجتمعات المحلية، خاصة إذا لم تُقدَّم تعويضات للمتضررين من محطة الفحم في كالاكـا.
وكتب باتريك ماكولي، وهو محلل لانتقال الطاقة لدى "Reclaim Finance", في تقرير حديث أن أرصدة الانتقال ستُعيد على الأرجح إخفاقات سوق الكربون، مؤكدا أن هذه الأرصدة "طريق مسدود" لأن الصناعة لم تُعالج الوعود الكاذبة والحسابات غير الدقيقة للكربون وغيرها من المشكلات.
ويقول ماكولي إن تركيز وتمويل جنوب شرق آسيا ينبغي أن يُعطي الأولوية لـ"تعبئة شاملة وبذل أقصى الجهود" في بناء الطاقة المتجددة.
"هذا نبيذ قديم في زجاجة جديدة", يقول ماكولي. "سيُهدر الكثير من الوقت والطاقة والمال."
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة