كيف يعيش اليمنيون وسط تدهور الريال وانحسار المعونات؟
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
شمسان بوست / – كتب : محمد عبده
لم يستطع المواطن اليمني موسى محمد صالح توفير مقومات الحياة لأطفاله مع تدهور الأوضاع المعيشية في بلاده واستمرار غياب فرص العمل، وتراجع المساعدات الإنسانية التي تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
وفي حديثه يشكو الأربعيني الذي يعول 5 أفراد ويعمل بالأجر اليومي بمهنة البناء في صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، من أن الأعمال أصبحت غائبة هذا العام، قائلًا: “أعمل في الشهر أو الشهرين 3 أو 4 أيام فقط، عكس الأعوام الماضية حيث كنت أحصل على فرصة عمل لأسبوع أو أكثر في الشهر، وكنت أستطيع توفير بعض مقومات العيش”.
وأضاف: “لكن الآن لا أقدر على توفير أي شيء بسيط.. فكيس الدقيق أصبحت أشتري نصفه أو ربعه”.
* تفاقم أزمة الغذاء
يُعد صالح واحدًا من ملايين اليمنيين الذين يكابدون الفقر والبطالة سواء في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية أو جماعة الحوثي، حيث ازداد الوضع بؤسا مدفوعا بارتفاع الأسعار جراء انهيار العُملة وتراجع حجم المساعدات الإنسانية.
كان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة كشف في تقرير له صدر الأسبوع الماضي عن أن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن تفاقمت بصورة ملحوظة نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأوضح البرنامج أن “الأزمة كانت أكثر حدة في المناطق الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية، إذ تعاني 67% من الأسر نقصًا حادًّا في الغذاء، مقارنة مع 63% من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين”.
في يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، في بيان، أن 19.5 مليون شخص باليمن يحتاجون إلى مساعدات وحماية أساسية في عام 2025، وهو ما يمثل زيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي.
وأفاد البيان بأن “خطة الاستجابة الإنسانية لليمن هذا العام تسعى إلى جمع 2.5 مليار دولار لتوفير مساعدات منقذة للحياة لـ10.5 ملايين شخص من أكثر الأشخاص ضعفا، بما في ذلك الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية”.
وهذا يعني أنه في حال تم الحصول على التمويل اللازم وتقديم المساعدات للمستهدفين خلال عام 2025 ، فإن نحو 10 ملايين شخص من المحتاجين لن يتلقوا أي مساعدات، ما قد يؤدي إلى تفاقم أكبر لأوضاعهم نتيجة الفقر والبطالة وغياب الخيارات البديلة.
وفي عام 2024، قدم المانحون 1.4 مليار دولار للنداء الإنساني في اليمن، ما مكّن حوالي 200 وكالة إغاثة، ثلثاها منظمات محلية يمنية من الوصول إلى أكثر من 8 ملايين شخص، حسب البيان الأممي.
وزاد من الطين بلة قرار الولايات المتحدة الشهر الماضي بفرض عقوبات على بنك تجاري يعمل في مناطق سيطرة الحوثيين، في إجراء هو الأول من نوعه الذي يستهدف بنكا تجاريا مملوكا للقطاع الخاص.
ومن شأن هذه العقوبات أن تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد والنظام المالي المتهالك في اليمن، إذ تشكل البنوك التجارية المآل الأخير للتحويلات المالية من الخارج التي يعتمد عليها اليمنيون، إضافة لكونها قنوات وصول الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية إلى البلاد.
وبالعودة للمواطن صالح أوضح أن “السكان في صنعاء ومعظم المحافظات كانوا يتسلمون مساعدات غذائية ومبالغ مالية رمزية من قبل المنظمات الإغاثية، وكانت تمثل لهم مصدرا أساسيا داعما لهم بجوار أعمالهم الشحيحة، لكن انقطاعها تسبب بحدوث كارثة كبيرة، وبات العديد من الناس يعيشون على مقربة من المجاعة”.
واختتم حديثه قائلا: “أتمنى أن أستطيع تأمين قوت عيش دائم لأسرتي، من مواد غذائية أساسية فقط لا غير”.
بدوره، يقول أحمد حسان، موظف في مدرسة خاصة بمدينة تعز (جنوب صنعاء) إن “الوضع المعيشي أصبح مزريا للغاية، ولا يستطيع الموظفون شراء الحاجات الضرورية لأسرهم أو دفع إيجار الشقة الذي بات بالعملات الصعبة”.
وفي تصريح أضاف الرجل الأربعيني “أصبحت أعيش حاليا بين همّين، توفير المقومات المعيشية لأسرتي المكونة من 6 أفراد، أو دفع إيجار السكن خاصة أن راتبي لا يوازي 90 ريالا سعوديا، وأتقاضاه لـ8 أشهر في العام”.
وشكا حسان من “انقطاع المساعدات التي كانت تقدمها المنظمات الإغاثية العالمية”، ما أثر سلبا على وضعه المعيشي”.
ويختم حديثه قائلا: “أريد فقط تأمين أولادي من حيث التعليم والتغذية والصحة، ..”.
* معيشة كارثية
ويتواصل تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن مع تراجع غير مسبوق للعملة، إذ وصل سعر الدولار للمرة الأولى نحو 2300 ريال في مناطق سيطرة الحكومة، مع بقاء الدولار بحدود 535 ريالا في مناطق نفوذ الحوثيين التي تعاني كذلك من ركود اقتصادي مصحوب بالفقر والبطالة وغياب الرواتب المنتظمة للموظفين
ويوم الخميس، طالب التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية (يضم 22 مكونًا سياسيًّا) الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي بالتحرك الفوري لوقف التدهور المتسارع للخدمات الأساسية والانهيار الاقتصادي غير المسبوق.
وحذر التكتل، في بيان، من أن “استمرار تجاهل معاناة المواطنين سيؤدي إلى انفجار اجتماعي خطير، ستكون تبعاته كارثية على الجميع، بما في ذلك الشرعية والقوى السياسية، ولن يكون أحد بمنأى عن تداعياته”.
في السياق، يرى الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن “المعيشة تبدو كارثية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حيث تآكلت القدرة الشرائية بفعل انهيار العملة، وارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات خيالية، بينما انحسرت المواد الإغاثية التي كانت تشكل طوق نجاة لكثير من الأسر”.
وأضاف، أن “المواطن يعيش بين فكي الفقر والجوع، فيما الحكومة غارقة في عجزها، لا تملك سوى الوعود”.
وحول الوضع في مناطق سيطرة الحوثيين، يرى الفودعي أن” الصورة لا تقل قتامة، فالركود الاقتصادي يزداد حدة مع غياب المساعدات الإنسانية والقيود المفروضة على النشاط التجاري”.
وأكد الباحث اليمني أن “مناطق الجماعة تشهد فجوة متزايدة بين ارتفاع الأسعار وانعدام الدخل”، مشيرا إلى أن السوق محتكرة بيد طبقة ضيقة، والفقر يتغلغل في أوساط السكان، بينما تستمر الأزمات بلا حلول حقيقية.
ويشدد الخبير اليمني على أن المخرج الوحيد من هذا الوضع البائس “يكمن في كسر حالة الجمود الاقتصادي باتفاق سياسي شامل أو بالحسم العسكري، وضبط السياسة النقدية لكبح تدهور العملة، مع اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربات المالية، وتوجيه الموارد نحو دعم الإنتاج المحلي بدلًا من الاعتماد على الواردات، بالإضافة إلى توحيد قنوات المساعدات وضمان توزيعها بعدالة”.
وأوصى بأنه “إذا لم يتم إنهاء الفساد والتلاعب، ستظل أي حلول مجرد مسكنات مؤقتة أمام كارثة متصاعدة”.
من جانبه، يقول الناشط الإنساني عبد الله البركاني الذي سبق أن عمل في منظمات ومبادرات إغاثية إن “السكان في مناطق الحكومة الشرعية يعانون من انهيار حاد للعملة المحلية، وغلاء في الأسعار وتقلص للمواد الإغاثية، ما تسبب في انعدام القدرة الشرائية لديهم، وعدم استطاعتهم توفير الاحتياجات الضرورية”.
وأضاف لـأن “المواطنين باتوا يقلصون وجباتهم اليومية من 3 إلى وجبتين جراء هذا الوضع البائس”.
وحول الوضع في مناطق سيطرة الحوثيين، يرى البركاني أن “الواقع الإنساني بات كارثيا جراء انعدام السيولة النقدية لدى الموطنين، وسط شح في فرص العمل، بينما رواتب الموظفين لم تصرف منذ سنوات، ومؤخرًا انقطعت المساعدات الإغاثية، ومُنع استيراد المواد الأساسية”.
ومضى قائلًا: “في ظل هذه الأوضاع بعموم اليمن، أصبحت أحلام الناس مختزلة في توفير الدقيق وقليل من الزيت، أما السكر والأرز والمتطلبات الأخرى فأصبحت أشياء ثانوية.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: سیطرة الحوثیین فی مناطق سیطرة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
طبيب أسترالي بغزة: الوضع كارثي والأطباء عاجزون عن إنقاذ الجرحى / فيديو
#سواليف
أكد #الطبيب #الأسترالي #أحمد_أبو_سويد، أخصائي طب الطوارئ والمتطوع في قسم الطوارئ بمستشفى ناصر الطبي في #خان_يونس، أن #الطواقم_الطبية في المستشفى باتت عاجزة عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من الجرحى، في ظل #نقص حاد في #الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
وفي مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة الفلسطينية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أكد أبو سويد أن عدداً من الضحايا الذين سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الأحد في مركز لتوزيع المساعدات بمدينة رفح، تلقوا إصابات مباشرة في الرأس والصدر، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم على الفور.
مقالات ذات صلة معاريف تكشف تفاصيل مزاعم اغتيال محمد السنوار.. هؤلاء كانوا معه 2025/06/02???? الطبيب الأسترالي أحمد أبو سويد اختصاصي طب الطوارئ يقول إن الطواقم الطبية عاجزة عن إنقاذ الجرحى في مستشفى ناصر الطبي بخانيونس جنوب قطاع غزة في ظل الوضع الكارثي بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات الأساسية#غزة_تُباد pic.twitter.com/FCe2WFWcIJ
— ساحات – عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) June 1, 2025وأضاف: “نحن هنا منذ أيام قليلة فقط، لكن ما رأيته من #صدمة_إنسانية لا يشبه أي شيء سبق لي أن عايشته. اليوم وحده استقبلنا مئات الجرحى، والمجمع الطبي مكتظ تماماً، بينما نواجه نقصاً كارثياً في المعدات والأدوية اللازمة لإنقاذ الأرواح”.
وشدد الطبيب على أن الضحايا جميعهم من المدنيين الذين توجهوا لتسلّم المساعدات الغذائية، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار مباشر أدى إلى وقوع #إصابات_خطيرة، مشيراً إلى أن العديد منهم وصلوا إلى المستشفى وقد فارقوا الحياة متأثرين بإصابات في الرأس والصدر.
مجزرة جديدة في رفح
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أعلن، صباح الأحد، عن استشهاد 32 فلسطينياً وإصابة أكثر من 250 آخرين في مدينة رفح ووسط القطاع، جراء قصف واستهداف مباشر نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن معظم الإصابات وصفت بالخطيرة.
من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة إن كل شهيد وصل إلى المستشفيات كان مصاباً بطلقة نارية واحدة في الرأس أو الصدر، ما يعكس نية واضحة من جانب الاحتلال في تنفيذ عمليات قتل مباشر بحق المدنيين.
مجاعة ممنهجة ومخطط توزيع مشبوه
في سياق متصل، تتهم جهات أممية الاحتلال الإسرائيلي بفرض سياسة تجويع ممنهجة بحق سكان قطاع غزة، حيث أدّى إغلاق المعابر لأكثر من 90 يوماً أمام المساعدات الإنسانية، خصوصاً المواد الغذائية، إلى دفع أكثر من 2.4 مليون فلسطيني نحو المجاعة، بحسب ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.
وفي تجاوز صريح للأطر الدولية المعتمدة، شرع الاحتلال الإسرائيلي منذ 27 أيار/مايو الماضي بتنفيذ خطة لتوزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، وهي جهة مدعومة من تل أبيب وواشنطن لكنها مرفوضة من الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية.
وتُوزع هذه المساعدات في ما يُسمى “المناطق العازلة” جنوبي غزة، إلا أن المؤشرات تؤكد فشل هذه الخطة، في ظل توقف متكرر لعمليات التوزيع نتيجة تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، بالإضافة إلى إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على المدنيين، ما أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا بين شهيد وجريح.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم وصفتها منظمات حقوقية وأممية بـ”الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 178 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، في ظل استمرار عمليات النزوح القسري لمئات الآلاف من السكان، تحت غطاء سياسي وعسكري أمريكي واضح.