عربي21:
2025-07-28@02:38:19 GMT

الحزب الخفي.. كوابح السلطة وصراع المصالح في عهد ترامب

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

يبدو أن العاصفة السياسية التي أحدثها دونالد ترامب في بداية ولايته ليست إلا موجة مؤقتة في محيط من التوازنات العميقة التي تحكم السياسة الأمريكية. فبينما يستغل القادة الجدد لحظة الاندفاع الأولى لترسيخ نفوذهم، تبقى البيروقراطية أحد أهم العوامل التي تكبح جماح هذا الحماس المتفجر. إنها ليست مجرد جهاز إداري، بل منظومة متشابكة من المصالح والهياكل العتيقة التي تملك من النفوذ ما يكفي لاحتواء أي زعيم مهما بلغ طموحه أو جموحه.



البيروقراطية كخط الدفاع الأول

يحاول ترامب أن يستثمر حالة الإبهار الأولي قبل أن تتلاشى، سواء داخل الولايات المتحدة أو على المستوى الدولي. لكن سرعان ما تتحرك قوى غير مرئية، غالبًا ما تشكلها النخب الاقتصادية الفوق وطنية، لفرض توازن جديد عبر أدواتها المتغلغلة في مفاصل الدولة. هذا "الحزب الخفي"، المتمثل في تحالف المصالح الاقتصادية والسياسية العميقة، بتحريك أدواته النافذة لحماية مصالحه ف“توجيه السهام في كل اتجاه سيُتعب الرماة الجدد”،  فالمواجهة المفتوحة مع مراكز القوى المختلفة قد تؤدي إلى استنزاف الإدارة الجديدة بدلًا من تحقيق أهدافها.

لم تعد الهيمنة العسكرية التقليدية الوسيلة الوحيدة لترسيخ النفوذ، فالصين قدمت لترامب وإدارته الجديدة درسًا قاسيًا حول طبيعة السلطة في “عصر ما بعد الرقمية”. لم تعد المعارك تُحسم بالقوة العسكرية فقط، بل عبر الاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فحادثة تطبيق “Deekseek”، التي تسببت بخسائر اقتصادية هائلة تقدر بالتريليونات، كانت رسالة واضحة بأن هناك أدوات جديدة يمكنها ضرب قلب الاقتصاد الأمريكي دون الحاجة إلى المدافع والطائرات.وليست هذه الظاهرة جديدة في السياسة الأمريكية؛ فعندما تولى رونالد ريغان السلطة، بشّر بثورة  ريغان، لكنها سرعان ما تآكلت تحت وطأة المصالح المتجذرة التي أعادت التوازن لصالح القوى التقليدية. وبالمثل، يبدو أن إدارة ترامب ستواجه المصير ذاته، حيث يزداد تصاعد المواجهة بين حماسته الأولية والحقائق الصلبة التي تفرضها البيروقراطية وصراع المصالح.

ساحات القضاء والمعركة الكبرى

ما بدا كاضطراب سياسي بدأ يترجم إلى حراك قانوني واسع، حيث بدأ العديد من المتضررين من هذه القرارات التعبير عن رفضهم في الشوارع من خلال الإحتجاجات كموظفي وكالة التنمية الأمريكية ، وهذا الحراك بلا شك سوف ينتقل إلى المحاكم لتكون ساحات المحاكم واحدة من أقوى أدوات الكبح التي ستواجه ترامب وإدارته، كما حدث في قرارات ترامب بمنع دخول مواطني بعض الدول في ولا يته السابقة، وبينما تتحرك الشوارع الأمريكية ضد سياساته، تبدو المواجهة القانونية أشبه بحرب استنزاف طويلة الأمد، حيث ستستخدم المؤسسة القضائية لفرملة أي انحراف عن التقاليد السياسية الراسخة.

القوى التقليدية

يعد الصراع بين قوى السوق الصاعدة وأصحاب المصالح التقليديين أحد العوامل التي يمكن أن تفرمل قرارات ترامب، حتى عندما تبدو جريئة وحاسمة. يتجلى هذا الصراع في تعيين شخصيات مثل إيلون ماسك، الذي يمثل نموذجًا جديدًا للنخبة الاقتصادية الساعية لتجاوز الأطر التقليدية. لكن هذا التحول أثار قلق مراكز النفوذ الراسخة، التي رأت فيه تهديدًا للاستقرار القائم. ورغم أن ترامب دعم الرأسماليين الجدد، إلا أن النخب التقليدية—المتمثلة في اللوبيات، والمؤسسات المالية، والبيروقراطية العميقة—تمتلك أدوات ضغط هائلة، مثل الكونغرس والإعلام والقضاء، تمكنها من عرقلة أو تعديل سياساته بما يحفظ مصالحها. وهكذا، فإن التغيير في المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي ليس مجرد قرار فردي، بل معركة نفوذ تخضع لحسابات معقدة.

ما بعد القوة.. عصر التوازنات الجديدة

لم تعد الهيمنة العسكرية التقليدية الوسيلة الوحيدة لترسيخ النفوذ، فالصين قدمت لترامب وإدارته الجديدة درسًا قاسيًا حول طبيعة السلطة في “عصر ما بعد الرقمية”. لم تعد المعارك تُحسم بالقوة العسكرية فقط، بل عبر الاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فحادثة تطبيق “Deekseek”، التي تسببت بخسائر اقتصادية هائلة تقدر بالتريليونات، كانت رسالة واضحة بأن هناك أدوات جديدة يمكنها ضرب قلب الاقتصاد الأمريكي دون الحاجة إلى المدافع والطائرات.

لقد دخل العالم عصرًا مختلفًا، حيث من يملك أدوات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي هو من يمتلك زمام المبادرة، بغض النظر عن القوة العسكرية التقليدية. ترامب قد يكون عابرًا، لكن التغيرات التي كشف عنها ستظل قائمة، لتعيد تشكيل النظام العالمي وفق قواعد جديدة، ليس للبيت الأبيض وحده القدرة على صياغتها.أما القضايا الدولية التقليدية، مثل فلسطين (غزة والضفة الغربية)، وخليج المكسيك، وبنما، وجرينلاند، فقد أصبحت مواجهات خارج منطق العصر. فترامب، الذي يفتقر إلى غطاء قانوني وأخلاقي في العديد من سياساته، يواجه عالماً بات أكثر وعيًا، حيث لم تعد الدعاية وحدها كافية لحشد التأييد الشعبي للقرارات المثيرة للجدل ، فإسرائيل فقدت صورتها التى  رسمتها منذ نشأتها في حرب غزة ، بسبب فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي ، وقوتها وسلطتها الجديدة ، كم فقدت جزء كبير من قوتها العسكرية والإقتصادية ، فلم تعد القوة التقليدية والحرب نزهه ، دون مخاطر كبيرة ، خاصة في القوة المعنوية والقيمية ،ولذا يدرك الكثيرون من المحيطين بـ "ترامب " مخاطر ما برز به ترامب  في ايامة الاولي، أمام العالم. 

النظام العالمي أمام اختبار جديد

يبدو أن عهد ترامب يمثل مفترق طرق للولايات المتحدة والعالم بأسره. لم تعد واشنطن قادرة على فرض رؤيتها بالقوة وحدها، فقد تآكلت هيمنتها نتيجة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي وصعود قوى جديدة قادرة على توجيه ضربات مؤلمة بوسائل غير تقليدية. في أفغانستان، وغزة، والعراق، أثبتت الشعوب أن الأدوات المتاحة اليوم لم تعد حكرًا على القوى العظمى، بل أصبحت في متناول الجميع.

لم تعد أمريكا قادرة على الاستمرار في القمة بالاعتماد على الشعارات القديمة حول الليبرالية والحداثة وحقوق الإنسان. لقد دخل العالم عصرًا مختلفًا، حيث من يملك أدوات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي هو من يمتلك زمام المبادرة، بغض النظر عن القوة العسكرية التقليدية. ترامب قد يكون عابرًا، لكن التغيرات التي كشف عنها ستظل قائمة، لتعيد تشكيل النظام العالمي وفق قواعد جديدة، ليس للبيت الأبيض وحده القدرة على صياغتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب سياساته امريكا رأي سياسات ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة التقلیدیة والذکاء الاصطناعی القوة العسکریة لم تعد

إقرأ أيضاً:

المركزي الصيني يتدخل لتهدئة سوق السندات مع تصاعد القلق من دوامة هبوط


كثّف البنك المركزي الصيني ضخ السيولة، في محاولة لاحتواء موجة بيع في سوق السندات تنذر باستمرار الهبوط، الأمر الذي يزعزع استقرار الأسواق المالية.

ضخ بنك الشعب الصيني 601.8 مليار يوان (84 مليار دولار) من السيولة قصيرة الأجل عبر اتفاقيات إعادة الشراء العكسي، (شراء سندات والتعهد ببيعها لاحقاً) مسجلاً أكبر ضخ يومي صافٍ منذ يناير الماضي.

عوائد السندات تتراجع بعد موجة صعود طويلة

تراجعت عوائد السندات الحكومية الصينية لأجل 30 عاماً بعد سبعة أيام متتالية من الارتفاع، في حين أنهت العقود المستقبلية للسندات ذات الأجل المماثل أطول سلسلة تراجعات لها منذ أكثر من عامين.

أدى التراجع الأخير في أسعار السندات طويلة الأجل إلى استنفار السلطات الصينية، تحسباً لاتساع الخسائر، في ظل تراجع الطلب على أدوات الدين نتيجة الهدنة التجارية مع الولايات المتحدة، ومساعي بكين لمعالجة الانكماش.

مؤشرات متزايدة على بيع المستثمرين  

أظهر مؤشر يُتابع على نطاق واسع أن ضغط البيع من جانب المستثمرين في أدوات الدخل الثابت ارتفع يوم الخميس إلى أعلى مستوياته منذ أكتوبر، مما يعكس خطورة الوضع بعد أن تضاعفت تقريباً حيازات الصناديق من السندات الحكومية خلال العامين الماضيين.

كتب محللون لدى "هوتاي سيكيوريتيز" (Huatai Securities) من بينهم تشانغ جيكيانغ، في مذكرة بحثية "استناداً إلى التجارب السابقة، قد تتعرض سوق السندات لضغوط متزايدة فور بدء سحب الأموال من الصناديق الاستثمارية، حيث سيضطر مديرو الصناديق إلى بيع المزيد من السندات لتوفير السيولة لصالح العملاء.

أضاف المحللون أن تجنب الدخول في حلقة مفرغة من التدهور، يتطلب إما قيام بنك الشعب الصيني بضخ السيولة–على الأرجح عبر عمليات السوق المفتوحة أو استئناف شراء السندات- أو حدوث تباطؤ في مكاسب سوق الأسهم.

تلوح مؤشرات على تسارع وتيرة البيع. فقد باعت الصناديق المحلية سندات بحوالي 120 مليار يوان صافي (بعد طرح قيمة الشراء) في ثلاث أيام متتالية حتى يوم الخميس، حسب بيانات "هوتاي سيكيوريتيز".

غالبية صناديق السندات تسجل خسائر

ذكرت صحيفة محلية أن أكثر من 90% من إجمالي 3,182 صندوق استثماري في السندات، التي تستثمر في أدوات الدين المتوسطة وطويلة الأجل، سجلوا خسائر خلال الفترة من الإثنين إلى الأربعاء.

في السوق الأولية، باعت وزارة المالية يوم الخميس سندات سيادية خاصة لأجل 30 عاماً بعائد متوسط بلغ 1.97%، وهو أعلى مستوى يُسجَّل لهذا الأجل في المزادات منذ مارس الماضي. وقد يسهم خروج الأموال من السندات في زيادة تكاليف الاقتراض على الاقتصاد الحقيقي.

ارتفاع عوائد سندات الشركات عالية التصنيف

امتدت الضغوط إلى سوق الائتمان في الصين. وارتفع متوسط العائد على سندات الشركات الحاصلة على تصنيف ائتماني عند (AAA) لأجل ثلاث سنوات بنحو 11 نقطة أساس منذ بداية الأسبوع، متجهاً نحو أكبر زيادة أسبوعية منذ فبراير، بحسب مؤشر "تشاينابوند" لقياس أداء سوق السندات في الصين.

طباعة شارك السندات أدوات الدين صناديق السندات المركزي الصيني المركزي

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة يبحث مع مختصين مشروع توثيق الأزياء التقليدية السورية
  • جيل الإنترنت يفضل روبوتات الدردشة على البشر والقلق يتصاعد
  • لماذا يبدو الاقتصاد الأميركي متماسكا رغم التحذير من سياسات ترامب؟
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • الرسائل الواضحة والمهمة التي بعث بها الأستاذ أحمد هارون
  • المركزي الصيني يتدخل لتهدئة سوق السندات مع تصاعد القلق من دوامة هبوط
  • مهندس التهريب الخفي.. الطالبي واجهة حوثية لمشروع إيراني عابر للحدود
  • ملفات إبستين تفجر عاصفة سياسية في واشنطن.. الكونجرس يتحرك لاستدعاء مسؤولين بارزين وعلى رأسهم كلينتون
  • الكرمة يرفع البورصة ويضم لاعبين كباراً وصراع عراقي إيراني على ميمي