بين القلق والتوتر.. هل تحول استهلاك الأخبار إلى أزمة نفسية؟
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
الأحداث المتسارعة لم تعد تترك للمشاهد متسعا من الوقت لالتقاط أنفاسه، فكل عنوان عاجل بات يحمل معه جرعة جديدة من التوتر والقلق، وكل صورة مأساوية باتت تعمق الشعور بالعجز.
وعرضت قناة «القاهرة الإخبارية» تقريرا تلفزيونيا بعنوان «بين القلق والتوتر.
وأشار التقرير إلى أن الضغط النفسي لم يعد مقتصرا على ضغوط الحياة اليومية فحسب، بل صار يتسرب من الشاشات محاصرا الأذهان بمزيج من القلق والحيرة.
وتشير دراسات حديثة من بينها تقرير أصدرته جمعية علم النفس الأمريكية إلى أن التعرض المفرط للأخبار السلبية يزيد من مستويات التوتر بنسبة قد تصل إلى 62% وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات القلق، واضطراب ما بعد الصدمة لدى بعض الأفراد.
وأوضح التقرير أن المفارقة في ذلك أن محاولة تجنب الأخبار تمامًا تخلق على الجانب الآخر عزلة معرفية قد تضر بالوعي الاجتماعي، فيما يؤدي الانغماس غير المدروس إلى انهاك ذهني وعاطفي.
في ظل هذا التحدي يوصي الخبراء باتباع استراتيجيات ذكية للتعامل مع الأخبار مثل: الحد من وقت المتابعة، وتجنب المصادر المثيرة للذعر، فضلا عن التركيز على التحليلات العميقة بدلا من التحديثات المتواصلة، فالتوازن هو المفتاح، إذ لا يمكن الهروب من الواقع لكن استيعابه دون أن يتحول إلى عبء نفسي هو ما يحفظ للإنسان اتزانه في عالم مضطرب لا يعرف التوقف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التوتر القلق الأحداث المزيد
إقرأ أيضاً:
البتراء.. ومس الواقعية السحرية
عبدالله رزق أبو سيمازه
تنتمي رواية ( البتراء ) إلى ما يمكن تسميته بأدب ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ، لكن قد ينهض احتجاج ، بما مفاده أن الوقت لازال باكرا ، لتمثل هذه الثورة ، التي لا تزال تعتمل في الصدور ، في شكل ما من الأدب ، خاصة الرواية . غير أن صلاحا ، القويضي ، يلوح بهذا المستند ، بادعاء أوان الاوان . للأستاذ صلاح القويضي ، رؤية بشأن الثورة ، وشبابيتها ،على نحو خاص ، ظل يدافع عنها بعناد وتصميم ، لابد أن تجد التعبير عنها في الرواية ، بتمجيد شبابها ، وشهدائها ، وبما يمكن أن يحيل الرواية ، نفسها ، مفردة من مفردات الثورة : ترسا ، فعلا ، اوعيا …
وقد استهدف المؤلف بنيانا غير تقليدي بروايته الاولى ، بإضفاء الكثير من الواقعية ، على تفاصيلها ، من أمكنة وأشخاص واحداث . ويلاحظ ، منذ البدء ، تناوب عدة رواة ، بمن فيهم المؤلف نفسه ، على سرد وقائعها : نجمة ، بطلة الرواية ، فادية صديقتها ، عادل حبيبها ، زهراء امها ، عادل الوان ، التشكيلي الصحفي ، …الخ.
ومع أن للكاتب خبرة في التعامل مع الشعر : كتابة وترجمة ونقدا ، الا أنه تفادى ، بشكل ملحوظ ، استحضار اللغة الشعرية ، في متن الرواية ، كأداة للسرد .
مؤلف الرواية صلاح القويضيترصد الرواية ، تطور حياة ” نجمة ” ، على خلفية من الأحداث الدموية الكبرى ، التي شغلت قرابة العقدين من عمر البلاد ، بدء من حرب التورابورا والجنجويد ، في دارفور، حيث فقدت ، في سياقها ، على أطراف معسكر كلمه للنازحين ، كفها وعذريتها ، معا ، مرورا ، بفض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة ، شرقي الخرطوم ، حتى ( حرب الجنرالات مع دعمهم السريع – جنجويدهم السابق – الذي اسسوه ودربوه وسلحوه ومكنوه في الارض ، ليعينهم في حرب دارفور وكردفان ، فانقلب عليهم . ص ٥٦( ، والتي اشتعلت في العاصمة ، قبل أن تعم أقاليم البلاد الاخرى .
يشكل حضور “نجمة “، حفيدة السلطان سليمان صولون ، سليل النبي سليمان بن النبي داود ، في ساحة الاعتصام ، ليس مجرد حضور للتاريخ ، أو للماضي القريب ، حسب ، وانما حضور الراهن الدارفوري ، الغارق في الدم المسفوك ، ودالة حضور المستقبل ، الموعود بالدم ، ايضا ، وشكل نبوءته . تتردد “البتراء”، وهي ترسم عالمها الخاص ، بين الواقعي وفوق الواقعي ، وبين الحقيقي والمتخيل ، ومن ثم لا تخلو الرواية – وان اقتربت من واقعية يوسف القعيد – من مس من الواقعية السحرية .
لنجمة – البتراء حياتان : حياة قبل تفعيل الاسورة السحرية ، وهي تشغل الفصول الأولى من الرواية ، وثانية ، بعدها ، تختزل فصل الختام ، منذ تفعيل القوى الخارقة الكامنة ، في الاسورة . ومن ثم يمكن تمييز نوعين من أحداث الرواية . ما حدث بالفعل ، وهو الواقعي من الأحداث . وما لم يحدث ، بعد ، المرتجى ، وهو ليس تطورا في سياق التسلسل المنطقي للوقائع ، بقدر ما هو انعطاف ، وهو غير الواقعي ، الذروة المؤجلة ، حتى الآن .
تبدو غامضة ، تلك الذروة المرتجاة ، وغائمة ، بين الصحوة والغفوة ، وبين الحلم واليقظة ، حيث ينتظر ان تقوم ” نجمة ” ، كأحدى حفيدات الملك سليمان ، بفك الطلاسم ، المكتوبة بلغة الجن ، على اسورتها ، وقراءة التعويذة عليها ، لتنشيط قدرات الاسطورة الخارقة الكامنة ، لتكون أداة حمايتها ، ولتصبح ، هي ، كنداكة في بلدها (ص ٥٦)، وفق ما أفادت به عرافة غجرية ، اطلعت على خفايا الاسورة ، التي تتزين بها . لكنها ، قبيل الانتصار للأسطورة ، خلال طقس تفعيل قدراتها ، تنسرب ، نجمة وامها ، في ” حلم جميل ” ، كما عاشه المؤلف ، حيث ( يحل الجيل الجديد الراكب الرأس ، محل القادة الذين ساروا بالبلاد من فشل إلى فشل ، منذ خروج المستعمر – ص ١٦١ )، وذلك قبل أن يصحو ( مذعورا على صوت انفجار مروع بقذيفة ضخمة ص ١٦٦) .
تقترب ” البتراء ” من أن تكون رؤية ، او إطارا للخلاص الذي تكونه ، أو تكون مرموزه ، وفق نبوءة العرافة الغجرية . غير ان الرواية ، وهي تبلغ – في الحلم – ختامها ، تكف عن ملاحقة مصائر بقية شخوصها ، ومنهم ، “عادل الوان” ، و”فادية ” صديقة نجمة ، والاهم ، انها تغفل مصير “الفاضل” ، ولد “نجمة ” ، الذي ثأر لوالدته ، وحقق لها ، ولأسرتها ما كانت ترجوه من انتقام ، بان قتل أباه ، القائد الجنجويدي حماد الاشيقر ، حماد الأعرج سابقا ، دون أن يعرف حقيقته ، في اكثر الأحداث تراجيدية ، بعد اغتصاب نجمة وبتر كفها .
الوسومعبدالله رزق أبو سيمازه