المنعطف الأخطر في مسار الحرب
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
المنعطف الأخطر في مسار الحرب
بابكر فيصل
منذ اليوم الأول لإندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة قلنا أنه ليس بإستطاعة أية طرف من الأطراف المتحاربة تحقيق نصر عسكري حاسم وأن إطالة أمد الحرب ستؤدي لمخاطر جدية ستعصف بوجود البلد.
وعندما رفعنا شعار “لا للحرب” ودعونا الأطراف للذهاب لطاولة التفاوض، إنتفض دعاة إستمرار الموت والجوع والتشرد في وجهنا ورمونا بتهمة موالاة الدعم السريع لأن موازين القوة على الأرض تمضي في صالحه.
وبعد أن إسترد الجيش مساحات واسعة من الأرض التي كانت يسيطر عليها الدعم السريع في سنار والجزيرة والخرطوم، ظلت دعوتنا لوقف الحرب وضرورة التفاوض مستمرة، بينما أعطى تقدم الجيش دعاة الحرب جرعة زادت حماسهم لمواصلة الخراب والنزوح، وصاحت حمالة الحطب “تاح تاح نحسمها بالسلاح” !
قلنا منذ أيام القتال الأولى أن الخطر الأكبر على البلد لا يتمثل في تراجع الجيش في الميدان، بل في إستمرار الحرب نفسها لأنها ستؤدي لإزدياد الإنقسام الإجتماعي والتدخل الخارجي غير الحميد وسيادة العنف مما سيقود بدوره إلى وضع البلد في طريق التقسيم والتفتيت.
واتخذت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان التي يقف من ورائها حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وحركات مسلحة قرارات في غاية الخطورة زادت من عوامل الإنقسام الإجتماعي والسياسي وجعلت الطرف الآخر وأطرافاً أخرى تسير في طريق تشكيل سلطة موازية تم تدشين ميثاقها اليوم في العاصمة الكينية.
إنَّ أي شخص عاقل لا بد أن يدرك الخطورة الكبرى التي ينطوي عليها وجود سلطتين في بلد واحد، ومهما تم التقليل من فرص نجاح السلطة الموازية من حيث عوامل الإعتراف الدولي وتوفر الموارد، فإن إستمرار الحرب سيجعل منها أمراً واقعاً يفرض على أطراف عديدة التعامل معها لضرورات عملية.
أحد أدواءنا التي تستعصي على العلاج يتمثل في عدم الإستفادة من عبر التاريخ والعجز عن الوصول للخلاصات من دروس الماضي، والتي يقف على رأسها درس إنفصال الجنوب الذي بدأ بمطلب صغير لفيدرالية الحكم ثم تطور رويداً رويداً مع عدم المبالاة وعجز الإرادة وضعف الخيال الوطني حتى أفقنا من غفلتنا لنجد الجنوب “دولة شقيقة” !
إن ذات الأمر الذي حدث مع الجنوب يتكرر اليوم بوتيرة أسرع، بينما رسل الفتنة ما زالوا في ضلالهم القديم يبثون سموم الكراهية وينشرون الأكاذيب الذي تلعب على عواطف البسطاء وتعدهم بنهاية وشيكة للحرب ترجع بعدها البلاد كما كانت وأفضل في ظل سيادة تقوم عليها المليشيات الآيدلوجية والقبلية والجهوية !
إنَّ بلادنا تتدحرج بسرعة شديدة نحو نفق التقسيم، ولا عاصم لنا من ذلك سوى الإسراع في وقف الحرب عبر العودة لطاولة المفاوضات في أقرب فرصة، فمن الجلي أن حسم أحد الأطراف للمعركة غير ممكن، وأن التقدم على الأرض يجب أن يكون دافعاً أكبر للذهاب للتفاوض وليس لإستمرار القتال، وسيقع على عاتق دعاة الحرب وزر المآلات الخطيرة لإستمراها وعلى رأسها تفتيت وحدة البلاد.
الوسومالحكومة الموازية المنعطف الأخطر بابكر فيصل مسار الحربالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحكومة الموازية بابكر فيصل مسار الحرب
إقرأ أيضاً:
وقع عليها قادة مصر وأمريكا وقطر وتركيا.. وثيقة شاملة لوقف الحرب في غزة
البلاد (شرم الشيخ)
في خطوة تاريخية نحو تعزيز السلام في الشرق الأوسط، وقّع قادة مصر والولايات المتحدة وتركيا وقطر، أمس (الاثنين)، على وثيقة شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وذلك خلال قمة السلام التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية. وشملت الوثيقة الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس، وتحدد القواعد واللوائح التنفيذية لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى مراحل إعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإنسانية.
وقع على الوثيقة كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في حدث جمع قادة أكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مشهد يعكس الالتزام الدولي بالعمل على استقرار المنطقة وفتح صفحة جديدة من السلام.
وافتتح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القمة بكلمة وصف فيها الحدث بأنه “لحظة تاريخية للشرق الأوسط”. وأكد أن الوثيقة المتعلقة باتفاق غزة شاملة، وتوضح الإجراءات اللازمة لتنفيذ وقف إطلاق النار ومنع أي تصعيد محتمل قد يؤدي إلى نزاعات أوسع. وقال: “تعهدتُ بوقف الحرب في غزة قبل وصولي للرئاسة، واليوم نعمل على تحويل هذا التعهد إلى واقع ملموس”
وأكد ترمب أن تصعيد الصراع في المنطقة كان يحمل خطراً حقيقياً لاندلاع حرب عالمية ثالثة ولكننا منعنا ذلك، مشيراً إلى أن الاتفاق الحالي يمثل “أكبر اتفاق وأكثره تعقيداً” وقد ساعد في تفادي سيناريوهات خطيرة. وأضاف: “سمعت لسنوات أن هذا الاتفاق لن يتم التوصل إليه أبداً، لكننا أثبتنا أنه ممكن”. وأعرب ترمب عن تقديره للدول العربية والإسلامية التي ساهمت في السلام، واصفاً إياها بـ”شركاء في السلام”.
وأشاد الرئيس الأمريكي بالدور المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أنه كان بالغ الأهمية في المفاوضات التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار. وقال ترمب: “النجاح الذي تحقق في غزة كان نتيجة للتعاون الفعال مع مصر، التي تحظى بالاحترام لدى حماس وكل الأطراف المعنية”. وأشار إلى أن الوساطة المصرية كانت عاملاً أساسياً في إنجاح الاتفاق وخلق الثقة بين الأطراف المختلفة.
وأوضح ترمب أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت بالفعل، وتتضمن تنفيذ مراحل متداخلة من خطة إعادة الإعمار، تشمل إزالة الركام وتقديم المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى جهود البحث عن جثامين المحتجزين بالتنسيق مع إسرائيل. وأكد أن هذه الإجراءات تأتي لضمان عودة الحياة الطبيعية إلى القطاع وتعزيز الاستقرار والأمن لسكانه. كما أشار الرئيس الأمريكي إلى الدور الإقليمي لإيران، مشيراً إلى أن العقوبات الدولية شكلت ضغطاً دفع طهران نحو دعم الاتفاق، وأضاف: “إيران لا تستطيع التعايش مع العقوبات الصعبة، وأعتقد أنها ستلتحق بركب السلام في المستقبل القريب”.
من جانبه، أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن اتفاق غزة يفتح الباب لعهد جديد من السلام في الشرق الأوسط، وأن مصر ستستضيف مؤتمراً خاصاً لإعادة الإعمار والتنمية في القطاع. وقال السيسي: “خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد، والشعب الفلسطيني يجب أن ينعم بحقه في دولة مستقلة”.
وشدّد الرئيس المصري على أن السلام لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط، وأن حل الدولتين يمثل السبيل الوحيد لترسيخ السلام في المنطقة. وأضاف: “اتفاق غزة يمهد الطريق لشرق أوسط جديد، وهذه الفرصة ربما تكون الأخيرة للتوصل إلى سلام دائم”. كما أعلن السيسي عن وضع الأسس للمضي قدماً في جهود إعمار غزة، معرباً عن تقديره للجهود الأمريكية بقيادة الرئيس ترمب في استعادة الحياة الطبيعية للقطاع.
واختتم الرئيس السيسي كلمته بالإعلان عن إهداء الرئيس الأمريكي “قلادة النيل”، أرفع الأوسمة المصرية، تقديراً لجهوده المتميزة في سبيل السلام والاستقرار في المنطقة.