سودانايل:
2025-12-01@06:27:00 GMT

الصحافي يحي العوض يكتب عن الجنيد على عمر (2)

تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

هذا مقال بحي العوض، رحمه الله، الثاني عن صحبته للجنيد على عمر، الذي كان في وحشة التخفي عن عيون الأمن، لدور السينما في الستينات الأولى بطلب أخوي من قيادة الحزب الشيوعي. وأصاب الجنيد من ذلك ما هو معروف. وحدس الناس حدساً ما ساقه إلى سكة الصمت اختياراً، في عبارة يحي، ولقي أستاذنا عبد الخالق من لؤم الحدس والظنة ما لقي.

في مثل قولهم إنه أراد التخلص منها بالغياب لخوفه من منافسته في القيادة.
ليس صعباً أن تستنتج من حكاية يحي أن الحزب من كان وراء التماسه أن يصطحب الجنيد إلى دور السينما لمحبته لعالم الفيلم. ومن كان يعرف محبة الجنيد للسينما؟ ليس سوى أستاذنا عبد الخالق على التحقيق. فقد كان الجنيد سكن مع أسرة عبد الخالق بمنزلهم بالشهداء. ويذكر محمد محجوب عثمان، شقيق عبد الخالق الأصغر، ما كان يجري من نقاش بينه وبينهما بعد عودته من مشاهدة فيلم ما. وكان حدثني عن ذلك في تسجيل بالتلفون من مقامه في السويد، رحمه الله. ولم أحسن تدوين العبارة من التسجيل، ولكنكم ستجدونها مختلطة كما هي عندي وآمل أن اعود للشريط للتدقيق في نصها. خذوها على البركة على ما بين أستاذنا والجنيد وعن زمالتهما لا في الحزب وحده، ولكن في محبة السينما أيضاً:
"يذكر محمد محجوب عثمان الأستاذ الجنيد وسكناه معهم. كان محمد في أول الوسطى. جاء مرة من مشاهدة فيلم فسأله عبد الخالق عنه. فقال محمد اسمه "الفرسان الثلاثة". فسأل: أليس فيلم Limelight إنجليزياً؟ قال: نعم. قال: وما اسمه بالإنجليزية. وفي مرة أخرى كان الفيلم هو لشابلن. فسألوني، عبد الخالق وجنيد، عنه فقلت "أضواء المسرح" لأن لايم بدت لي كالمادة الجيرية. فصارت نكتة بينهما".
ول limelight هذه حكاية بيني وبين أستاذي في نحو 1970 أحكيها يوماً.
أخذت من مقال يحي ما تعلق بالجنيد وتركت بعضه الأخر الذي توسع فيه عن أستاذنا. وقال إنه سيحدثنا عن لحظة منعطف عن الجنيد في حلقات قادمة لا أعرف إن وفق إليها.

ما قبل الغياب: التوحد مع النسيان والصمت اختياراً
يحيى العوض
العطر رفيق الحياة والموت. كانت عبارة مفضلة للأستاذ الجنيد على عمر في مرحلة كمال الصحو. وعندما نتوجه لمشاهدة فيلم سينمائي سبقه احتفاء إعلامي مثل فيلم " زوربا " الذي شاهدناه معا عن رواية الاديب اليونانى نيكوس كازينتاكس وبطولة انتونى كوين وايرين باباس، كان يقول لي إنه يستحق قبل مشاهدته حلاقة الذقن وتشذيب الشارب وبخات من العطر. ورويت له ذات ليلة ونحن في طريقنا الى سينما " كولزيوم " حكاية صديقه وصديقنا الاستاذ عوض برير، رئيس تحرير صحيفة "الاسبوع " مع شاب يعمل معه في المنزل. كان من مدمنى افلام الكاوبوى التى اشتهرت بها سينما كولزيوم. وتصادف في تلك الامسية أن الأستاذ عوض برير كان يتوقع زيارة بعض الأصدقاء فطلب من الشاب أن يذهب إلى السينما في حفل الدور الثاني وليس الاول ليساعده فى خدمة الضيوف. لكن الشاب رفض بشدة وقال له: لا يا استاذ في الدور الثاني يكون البطل "تعبان". ويقصد أن بطل الفيلم سيصاب بالإرهاق من كثرة المعارك التي يخوضها في حفل الدور الأول. ولعلها مصادفة مؤلمة أن هذا الخلط بين الواقع والخيال هو النذير الصاعق لاقتراب استاذنا الجليل من مشارف برزخ الغياب. وكانت بدايته أثناء مشاهدتنا معا لفيلم "صالة الشاي في قمر اغسطس " للممثل الامريكى جلين فورد. واحبس دموعي وقلمي عن تفصيل تلك الاحداث، حتى نهاية هذه السلسلة من المقالات بقدر ما أستطيع. وما تسمح به ذكرى غالية لصديق عزيز ورمز شامخ "توحد مع النسيان اختياراً وانتسب إلى الصمت طوعاً". وهو من صفوة الصفوة التي لم تنحن أبداً إلا عند احتضان الوطن وقضاياه. ترى هل تبقى من امثال اولئك الرجال في اجيالنا المعاصرة؟

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عبد الخالق

إقرأ أيضاً:

السقرات يكتب في ذكرى استشهاد التل

صراحة نيوز- ابراهيم السقرات
استُشهد دولة وصفي التل رحمه الله تعالى في ٢٨ تشرين الثاني/ نوفمبر عام ١٩٧١ ، بعد أن اغتيل غدرًا في القاهرة أثناء توجهه لحضور اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك .
ومضى على رحيله ٥٤ عامًا ، وما يزال حاضرًا في وجدان الأردنيين — الذين عاصروه والذين لم يعاصروه — جيلاً بعد جيل ، بما تركه من إرثٍ وطنيٍّ نقيٍّ ومواقف ثابتة لا تُنسى .

في ذكرى استشهاد وصفي التل ، نقف أمام رجلٍ لم يكن مجرّد رئيس وزراء ، ولا مجرّد ضابطٍ في جيشٍ عربيّ ، ولا اسماً عابرًا في دفاتر السياسة .
نقف أمام مدرسة كاملة من الرجولة الصافية ، والولاء النقي ، والصلابة التي لا تُشترى ولا تُكسَر .

وصفي التل … لم يكنْ مسؤولًا عابرًا ، ولا زعيمًا يُجيدُ خُطَبَ المنابر ، بل كانَ رجلًا إذا قالَ فعل ، وإذا وعدَ أوفى ، وإذا وقفَ أربكَ خصومَه لأنهم يعرفونَ أن هذا الرجلَ لا يُهادنُ على الوطن … ولا يساومُ على شبرٍ من كرامتِه .

لقد اغتالوا وصفي … لأنهم لم يستطيعوا اغتيالَ مبادئه ، ولا كسرَ عنادِه ، ولا إطفاءَ نورِ إيمانه بأن الأردن أكبرُ من أيِّ ضغط ، وأقوى من أيِّ تهديد ، وأطهرُ من أن يُلوَّثَ بالأيدي المرتعشة .

اغتالوه … لأنهم أدركوا أن هذا الرجلَ يحملُ مشروعَ دولةٍ لا تُدارُ من خلفِ الأبواب المغلقة ، ولا تُباعُ في صفقاتٍ مشبوهة ، ولا تركعُ إلا لله .

في ذكرى استشهادِه … نسألُ أنفسَنا قبل أن نسألَ التاريخ :
هل بقينا كما أراد ؟
هل ما زالت ” وقفةُ الأردني ” كما أرادها ؟
هل ما زال في صدورِنا شيءٌ من صلابته ، من نقائه ، من رجولته التي كانت تمشي على الأرضِ بثباتٍ يربكُ العاصفة ؟

وصفي التل … لم يكنْ رمزًا للبكاءِ أو الحنين ، بل كانَ رايةً للثبات ، ومعنىً من معاني الشرف الوطني ، ورجلًا إذا مرَّ اسمُه … وقفَ الناسُ بلا استئذان .

لم يمت وصفي …
ماتت أجسادُ الرجال ، وبقيت مدارسُهم ، وبقيت قيمُهم ، وبقيَ اسمُه يُقالُ كلما ضاقت الدروب ، وكلما تاهت البوصلة ، وكلما تساءل الأردنيون :
أينَ همُ الرجال ؟

فنقولُ لهم :
كانَ فيهم رجلٌ اسمه وصفي … ولا يتكرّر .

رحمَ الله وصفي التل …
شهيدًا …
ورمزًا …
رجلًا إذا ذُكر اسمه ” تستعدّ الأرض للوقوف” .
وصوتًا لا يزالُ يجلجلُ في أرضِ الأردن :
أنْ كونوا كما أراد هذا الوطنُ لكم أن تكونوا .
ابراهيم السقرات

مقالات مشابهة

  • د. حسن محمد صالح يكتب: صدمة ثانية تتعرض لها ثمود
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: الإبل منظومة إعجازية متكاملة مسخرة للإنسان
  • السينما من أهم وسائل التعبير.. المحكمة الإدارية توضح سبب موافقتها على فيلم الملحد
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: فطرتي
  • هايدي عبد الخالق تكشف أسرار مشاركتها في مسلسل “كارثة طبيعية”
  • في ذكرى ميلادها.. مها أبو عوف أيقونة الفن بين السينما والتليفزيون
  • أهم أيقونات الفن العربي.. كيف صنعت دلوعة السينما مجدها؟
  • تعزيز السينما العربية للإنتاجات المشتركة بمهرجان الدوحة السينمائي
  • في ذكرى رحيل شادية.. كيف صنعت «دلوعة السينما» مجدها؟ (فيديو)
  • السقرات يكتب في ذكرى استشهاد التل