العفو العام.. بوابة نحو العدالة والمصالحة أم فخ للمزايدات السياسية؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
بغداد اليوم – بغداد
أكد النائب المستقل جواد اليساري، اليوم السبت (22 شباط 2025)، أن قانون العفو العام سيكون له إيجابيات كثيرة خلال المرحلة المقبلة، فيما أشار الى أن أبرزها هو الافراج عن الأبرياء والدفع نحو المصالحة المجتمعية.
وقال اليساري، لـ"بغداد اليوم"، إن "قانون العفو العام، سيكون له إيجابيات كثيرة خلال المرحلة المقبلة، ابرزها الافراج عن الأبرياء في السجون وكذلك دفع نحو المصالحة المجتمعية، إضافة الى الحد من الاكتظاظ الشديد داخل السجون العراقية، وهذا ما سيقلل حتى الأعباء المالية على خزينة الدولة".
وأضاف، أن "أي حديث عن الافراج عن الإرهابيين غير صحيح اطلاقاً، والقانون سوف يفرج عن الأبرياء بعد إعادة التحقيق، وهذا الأمر طبيعي ويحصل بأغلب دول العالم"، لافتا الى أن "الانتقادات للقانون قبل وبعد تشريعه، هدفها المزايدات والشعارات السياسية ليس إلا".
وتأتي تصريحات اليساري في سياق الجدل المستمر حول قانون العفو العام في العراق، الذي يهدف إلى الإفراج عن السجناء الأبرياء وتحقيق المصالحة المجتمعية. ويواجه القانون انتقادات من بعض الأوساط السياسية والاجتماعية التي ترى فيه فرصة للإفراج عن إرهابيين، بينما يؤكد مؤيدوه أنه خطوة هامة نحو تخفيف الاكتظاظ في السجون وتحقيق العدالة، على أن يتم تفعيل القانون بعناية من خلال إعادة التحقيق في القضايا لضمان عدم الإفراج عن من ثبتت إدانته في قضايا إرهابية أو جنائية.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: العفو العام
إقرأ أيضاً:
العدالة تنتصر في اليرموك… فهل ننتصر للمسؤولية؟
#العدالة تنتصر في #اليرموك… فهل ننتصر للمسؤولية؟
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد بني سلامة
في سابقة قضائية غير مسبوقة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في الأردن قرارًا يُعيد الأمل والثقة إلى قلوب الأردنيين، حين أنصفت طالبة دكتوراه من جامعة اليرموك، بإلغاء قرار رسوبها، بعد أن تبيّن أن هناك تجاوزات لا تليق بمكانة المؤسسة الأكاديمية العريقة، ولا تنسجم مع القيم التي يجب أن تسود في بيئة العلم والمعرفة.
هذا القرار القضائي النزيه ليس مجرد حكم قانوني، بل هو صرخة في وجه الظلم، ودليل حي على أن القضاء الأردني ما زال حصنًا منيعًا للعدالة، ومنارة مضيئة في زمن تتعثر فيه الكثير من القيم. كل التحية والإجلال لقضاتنا الأجلاء، الذين أثبتوا أن الضمير الحي، إذا اجتمع مع قوة القانون، قادر على إعادة الحقوق لأصحابها، مهما كانت التعقيدات.
كما لا يسعنا إلا أن نُشيد بدور المحامي القدير، الأستاذ راتب النوايسه، الذي أثبت بحكمته ومهنيته أن المحاماة ليست مرافعة أمام القاضي فقط، بل دفاع عن العدالة نفسها، وإيمانٌ لا يتزعزع بقيمة الإنسان وحقه.
مقالات ذات صلةلكن… هل يكفي أن نقول “شكرًا للقضاء” ونمضي؟ ألا يستوجب هذا القرار وقفة حقيقية وجريئة أمام حجم الخلل داخل أروقة الجامعة؟ هل يُعقل أن تصل الأمور إلى حدّ أن يُظلم طالب أو طالبة إلى هذه الدرجة، ويُدفع به إلى المحاكم ليبحث عن حقه الذي كان يجب أن يُصان داخل الجامعة نفسها؟
نحن لا نتحدث هنا عن خطأ عابر، بل عن خلل متجذّر في دوائر يُفترض أن تكون الأكثر انضباطًا ونزاهة، كالدائرة القانونية، وعمادة البحث العلمي والدراسات العليا. فالمسؤولية هنا لا يجب أن تتوقف عند حدود “المراجعة”، بل يجب أن نطالب بمحاسبة كل من ساهم في هذا الظلم، أو تغاضى عنه، أو فشل في منعه. لأن العدالة المتأخرة، وإن كانت عادلة، تظل مؤلمة، خاصة حين يتعلق الأمر بمستقبل أكاديمي وعلمي لطالب سعى واجتهد.
ولا بد هنا من التأكيد على أن المحاسبة ليست ترفًا إداريًا، وليست خيارًا قابلًا للتأجيل، بل هي واجب وطني وأخلاقي، وركيزة أساسية في بناء المؤسسات الرشيدة. إن ثقافة الإفلات من المسؤولية يجب أن تُستأصل من جذورها، ويجب أن تُزرع مكانها ثقافة المساءلة والمحاسبة وتحمل المسؤولية. فالمناصب تكليف لا تشريف، ومن لا يملك الكفاءة أو الأمانة لا يحق له أن يتولى شأنًا من شؤون الناس، خصوصًا في بيئة أكاديمية تتعامل مع عقول ومستقبلات ومصائر.
إن الحزن يعتصر القلب حين نتأمل ما آل إليه حال جامعة اليرموك، التي كانت يومًا في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي منارة علمية، تقف في مقدمة الركب، لا على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى الشرق الأوسط كله. كانت الجامعة مفخرة للأردن، ومحط أنظار الباحثين، ومهوى أفئدة الطلبة من كل الأقطار.
واليوم، بكل ألم، نرى جامعات حديثة النشأة، بل وبعض الجامعات الخاصة، تتقدم على جامعة اليرموك في مختلف المؤشرات: البحث العلمي، الأداء الإداري، وحتى السمعة الأكاديمية. وهذا الانحدار لا يمكن تفسيره بعوامل عابرة، بل هو نتيجة تراكمات وسوء إدارة وتهاون في المسؤوليات، تركت آثارها العميقة على صورة الجامعة ومكانتها.
نُناشد كل مسؤول، وكل غيور على مؤسساتنا التعليمية، أن يُعيد النظر فيما يحدث، وأن لا تُدفن هذه القضايا تحت ركام النسيان. ما حدث مع هذه الطالبة ليس حالة فردية، بل هو مؤشر خطير على خلل مؤسسي يستحق التوقف عنده بكل جدية، واتخاذ قرارات جريئة تُعيد الأمور إلى نصابها، وتحفظ للجامعة هيبتها، وللطلبة كرامتهم، ولمستقبل التعليم العالي في الأردن ما يستحقه من احترام وتطوير.
وفي الختام، نسأل الله أن يحفظ الأردن ومؤسساته، وجامعاته، وأهله من العلماء والمربين، تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة، وأن تبقى العدالة نورًا يُضيء درب الوطن، مهما اشتدت العتمة.