التبرير اللا اخلاقي .. كيف يُعاد تشكيل العقول؟
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
هناك قوى خفية تحرك الجماهير دون أن يدركوا، تدفعهم نحو ما لم يكن يومًا مقبولًا، حتى يصبح المرفوض مألوفًا، والمستنكر والمستهجن أمرًا عاديًا. هذه القوى ليست وليدة اللحظة، انما تمتد جذورها في أعماق النفس البشرية، حيث يسهل العبث بالمفاهيم حين يُعاد تشكيلها ضمن قوالب جديدة.
“وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ” (النمل: 24).
الخوف هو أقدم الأدوات، فحين يشعر الإنسان بالتهديد، يكون مستعدًا للتنازل عن أي مبدأ مقابل الشعور بالأمان، حتى لو كان الثمن هو التخلي عن الحق والقبول بالباطل. والعقل حين تحاصره العواطف يفقد صلابته، يصبح هشًا، سهل التوجيه، يصدق ما يريحه، وينفر مما يزعجه، حتى لو كانت الحقيقة ذاتها. وحين يُعاد تعريف الأخلاق وفقًا للمصلحة، يصبح كل شيء قابلًا للتبرير، وما كان عيبًا بالأمس، قد يصبح شجاعة اليوم، وما كان جريمة، قد يُبرَّر تحت مسمى الضرورة.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
“إنّما بَدءُ وقوعِ الفِتَن أهواءٌ تُتَّبَع، وأحكامٌ تُبتَدَع، يُخالَفُ فيها كتابُ اللهِ، ويَتَوَلَّى عليها رجالٌ على غيرِ دينِ اللهِ، فلو أنّ الباطلَ خَلَصَ من مِزاجِ الحقِّ لم يَخفَ على المُرتادين، ولو أنّ الحقَّ خَلَصَ من لَبسِ الباطلِ لانقطعت عنه ألسنُ المعاندين، ولكن يُؤخَذُ من هذا ضِغثٌ، ومن هذا ضِغثٌ، فيمزجانِ، فيجيئانِ معاً، فهنالك يستولي الشيطانُ على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من اللهِ الحُسنى.”
(نهج البلاغة، الخطبة 50)
المعضلة ليست في تمرير الباطل، بل في تحويله إلى حق، في جعله قاعدة اجتماعية يتبناها الجميع دون تفكير. يتم ذلك حين تتحول القيم إلى شعارات جوفاء، وحين يصبح الإنسان مجرد مستهلك للأفكار، لا صانعًا لها، يردد ما يسمع، ويعتاد ما يُعرض أمامه، حتى يُخدّر حسه النقدي، فلا يرى سوى ما يُراد له أن يراه. عندها، يفقد المجتمع مناعته الفكرية، يصبح هشًا أمام أي موجة جديدة، فيتبناها دون وعي، ويقاوم من يعارضها وكأنها الحقيقة المطلقة.
المعركة ليست في إقناع الإنسان بالخطأ، بل في جعله يراه صوابًا، في جعله يدافع عنه دون أن يدرك أنه ضحية، في جعله يردد المقولات التي وُضعت له، دون أن يسأل: من وضعها؟ ولماذا؟ وهنا، يكون الانتصار الأكبر للقوى الخفية التي لا تحتاج إلى فرض أفكارها بالقوة، بل يكفيها أن تجعل الناس يطالبون بها بأنفسهم، ويتحركون نحوها وهم يظنون أنهم أحرار.
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات فی جعله
إقرأ أيضاً:
الوطنية للانتخابات: لنا الحق في إبطال أي صندوق شابه البطلان
علق المستشار أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، على تصويت المصريين بالخارج في اليوم الأول في الدوائر الملغاة من المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.
وقال أحمد بنداري في مداخلة هاتفية على قناة " الحدث اليوم، :" حالة الجدل حول سير العلمية الانتخابية امر إيجابي".
وتابع أحمد بنداري :" الهيئة الوطنية للانتخابات تقوم بدورها في تنظيم العملية الانتخابات، والهيئة اتخذت قرارات بإلغاء دوائر انتخابية كي يكون صوت الناخب في مكانه الصحيح ".
واكمل احمد بنداري :" الهيئة تقوم بإبطال أي صندوق انتخابي يتعرض أي امر يستعدي بطلان نتائجه"، مضيفا:" القانون اعطانا الحق إبطال أصوات الصندوق الانتخابي لو شابه أي امر يدعو للبطلان ".
ولفت أحمد بنداري :" الهيئة عاملة حسابها إن المحكمة الإدارية العليا قد تصدر أحكاما تبطل دوائر انتخابية وعلى الهيئة تنفيذ هذا الحكم، وكل هذه الأمور معمول حسابها في ميزانية الانتخابات ".