الجزيرة:
2025-12-12@08:20:41 GMT

حرب الصورة.. كيف تقاتل حماس بالكاميرا؟

تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT

حرب الصورة.. كيف تقاتل حماس بالكاميرا؟

في لحظة غير متوقعة، وأمام عدسات الكاميرات، انحنى أحد الأسرى الإسرائيليين ليقبل رؤوس مقاتلي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس الذين كانوا يسلمونه للصليب الأحمر. وكان هذا المشهد كفيلًا بإثارة عاصفة من الجدل، إذ التقطته وسائل الإعلام العالمية كصورة تحمل أبعادًا تتجاوز الحدث نفسه: صورة جندي مهزوم، ورمز قوة تحرص على إظهار نفسها بشكل إنساني، ورسالة مبطنة تعيد تشكيل السردية حول طبيعة الصراع.

ولم يكن هذا المشهد استثناءً، بل جاء ضمن سلسلة من المشاهد التي صممتها حركة حماس بعناية خلال عمليات تبادل الأسرى الأخيرة. ومنذ اللحظة الأولى لعمليات التسليم، ظهر المقاتلون الملثمون في أزياء عسكرية منظمة، حاملين أسلحتهم بأوضاع تعكس الانضباط، وأحيانًا يقدمون المياه والتمر للأسرى الإسرائيليين قبل إطلاق سراحهم. مشاهد كهذه لم تكن مجرد نقل للأحداث، بل كانت بمثابة رسائل إعلامية مدروسة، صُممت لتصل إلى الجماهير الفلسطينية، والعدسة الغربية، وصناع القرار في إسرائيل.

حين تتحول الصورة

في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لطالما كانت الصورة أداة قوية في يد الطرفين، رغم أن الرأي الغربي اختار أن ينظر من عدسة الميركافا الإسرائيلية. فقد احتكرت إسرائيل لعقود السردية الإعلامية العالمية، واستخدمت وسائلها لنقل صورة الإسرائيلي الضحية، والفلسطيني المعتدي. إلا أن حماس، خاصة في السنوات الأخيرة، أدركت أهمية كسر هذه الهيمنة البصرية عبر توظيف مشاهد التوثيق الميداني، وفن بناء الرموز في لحظات حساسة مثل تسليم الأسرى، وهو أمر ممتد عن صورة التغطية الحية للمعارك وصور المقاومة اليومية طوال شهور الحرب.

إعلان

إحدى أبرز المشاهد التي حفرت في الذاكرة كانت لحظة تسليم الأسرى الإسرائيليين في مخيم النصيرات بقطاع غزة، حيث ظهر مقاتلو حماس يرافقون المحتجزين بهدوء، يلبسون الزي الرسمي، ويحملون أسلحتهم بطريقة توحي بالسيطرة دون تهديد مباشر. مشهد بدا وكأنه محاكاة لعروض الجيوش النظامية في عمليات تبادل الأسرى بين الدول، في محاولة واضحة لترسيخ صورة حماس ككيان منظم له القدرة على فرض شروطه.

"اليوم التالي للطوفان" لافتة حملها أحد مقاتلي حماس أثناء تسليم إسرائيليين في خان يونس (الفرنسية)

وفي مشاهد أخرى، اختارت حماس توثيق اللحظات الإنسانية، مثل تقديم الطعام والماء للأسرى قبل تسليمهم، وإظهارهم يمشون بحرية دون قيود. وهذه الصور استهدفت توجيه رسائل مزدوجة: إلى الداخل الفلسطيني لتأكيد "أخلاقية المقاومة"، وإلى الخارج لنفي اتهامات الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة إظهارها كمنظمة إرهابية.

سردية إسرائيل

على الجانب الآخر، أثارت هذه الصور غضبًا واسعًا في إسرائيل، فقد سارع الإعلام الإسرائيلي إلى وصفها بأنها "إذلال" للأسرى، وسعى لتقديمها كدليل على "وحشية" حماس رغم أن الصور لم تتضمن أي مشاهد عنف.

ولكن المعضلة التي تواجهها إسرائيل ليست فقط في الصور ذاتها، بل في تأثيرها على جمهورها الداخلي. إذ إن مشاهد الأسرى وهم يتصرفون بطمأنينة بين أيدي مقاتلي حماس تقوض سردية "الجيش الإسرائيلي الذي لا يُهزم"، وأن "حماس إرهابية"، وتطرح تساؤلات عن مدى قدرة حكومة نتنياهو على استعادة الأسرى بالقوة.

من البندقية إلى الكاميرا

تدرك حماس أن الصراع مع إسرائيل ليس عسكريًا فقط، بل هو صراع على الوعي والرأي العام. ولهذا السبب تعتمد بشكل متزايد على الصور والرموز في توجيه رسائلها. فبينما تعتمد إسرائيل على الترسانة العسكرية والدعم الدبلوماسي الغربي والإمساك بتلابيب الإعلام، فإن حركة حماس تراهن على مشاهد تصنعها بعناية لتكون أكثر تأثيرًا من أي بيان سياسي.

وقد يبدو المشهد الذي قبّل فيه أحد الأسرى رؤوس مقاتلي حماس لحظة عابرة، لكنه في عالم الإعلام الحربي يعادل نصرًا إستراتيجيًا. لأن المعركة اليوم لم تعد تُحسم فقط في ميادين القتال، بل أيضًا في مساحات الإنترنت وشاشات الأخبار. وهكذا تواصل حماس اللعب بذكاء في ميدان الصورة لتبارز جيش نتنياهو، ليس بالبندقية وحدها، بل بالكاميرا أيضًا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

حماس: استشهاد الأسير البساتين دليل جديد على سياسة القتل البطيء

غزة - صفا اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استشهاد الأسير عبد الرحمن سفيان محمد السباتين (21 عامًا) من بلدة حوسان بمحافظة بيت لحم، في سجون الاحتلال، يمثل جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات المروّعة التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين. وقالت الحركة في بيان وصل وكالة "صفا"، يوم الأربعاء، إن الإعلان عن ارتقاء الأسير السباتين يعد دليلًا جديدًا على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها الاحتلال بحق الأسرى، عبر التعذيب وسوء المعاملة والتجويع والإهمال الطبي المتعمد، في ظل ظروف اعتقالية قاسية وانتهاكات متصاعدة منذ بدء الحرب على غزة. وأكدت أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة من عمليات الإعدام الممنهج داخل السجون ومراكز التحقيق، والتي ارتفع على إثرها عدد شهداء الحركة الأسيرة بشكل خطير وغير مسبوق، في ظل غياب الرقابة الدولية وصمت المؤسسات الأممية والحقوقية، رغم العديد من المطالبات بتحمل مسؤولياتهم ومحاسبة الاحتلال. وحذرت حماس من نهج حكومة الاحتلال وإدارة مصلحة السجون. وحملتهم المسؤولية الكاملة عن استشهاد السباتين، وكافة الأسرى الذين يتعرضون للتعذيب والإخفاء القسري، خاصة معتقلي قطاع غزة الذين ما زال مصير الكثير منهم مجهولًا. 

مقالات مشابهة

  • انطلاق حملة دولية لتحرير الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • مزهر يدعو لتوسيع الحراك الدولي لمواجهة العدوان الإسرائيلي ويؤكد مركزية دعم الأسرى
  • استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي نتيجة التعذيب
  • حماس: استشهاد الأسير البساتين دليل جديد على سياسة القتل البطيء
  • استشهاد أسير فلسطيني في سجون العدو الإسرائيلي
  • إسرائيل تواصل احتجاز 32 أسيرا من قطاع غزة
  • WSJ: تضييق الاحتلال على مقاتلي حماس المحاصرين في الأنفاق تهديد للسلام
  • جدل في إسرائيل بعد تداول فيديو يظهر هروب رئيس الموساد الجديد أمام مقاتلي حماس | فيديو
  • حماس ترفض تصريحات لرئيس الأركان الإسرائيلي
  • الإعلام الحكومي: منخفض قطبي غدًا يضاعف معاناة النازحين بغزة