وطنٌ في معرضِ التاريخِ البغيضِ للبشرِ
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
وطنٌ في معرضِ التاريخِ البغيضِ للبشرِ
وجدي كامل
هذه الحرب تستدعي التأمل والتفكير النقدي، والمراجعات الجذرية الجادة والعميقة التي هي من قبل، ومن بعد، من ضروريات الحياة والتطور للافراد والجماعات. هناك الكثير من القضايا والموضوعات التي كنا نمر عليها مرورًا تقليديًا وروتينيًا، وهي لا تستحق كل ذلك المرور البارد غير المنتج، بل تستحق إعادة النظر، واعتماد زوايا جديدة وفقًا للمستجدات اليومية التي تجري في نطاق اجتماعنا الوطني الكلي المعقد.
نحن، وبهذه العقلية المنحازة، الآثمة، المؤيدة لأهدافها التصنيفية، التقسيمية، التصفوية نختار المقرّبين، ونمايز الصفوف ليس فقط على قانون “الوجوه الغريبة” الذي سنته بعض مدن الشمال اعتقادا في صفائها الاثني ودعمًا لمشاعر التفوق لديها، بل على أساس اللغة، والدين، والأيديولوجيا المؤدية الى الغاء الآخرين بتغليب القُرابة الاثنية والدينية والسياسية، دون أن نستوعب أن المبدأ في التقسيم والتصنيف، والاستجابة لجاذبياته يبذل منذ اتجاهات ومضامين التربية والطفولة الاجتماعية، وثقافة التعنصر، والتحيز المؤيدة لادامة واستدامة الامتيازات التاريخية لاحتكار سلطة التصرف في الحق العام الذي يجيز اخذ الدولة، كغنيمة. كل ذلك يشكل، وفي حد ذاته مدعاة للتقسيم، الذي الذي ينشأ كفكرة في الذهن، متخذة الاختلاف كمحفّز للخلاف والفرقة، وهو بابٌ للحرب دون اخفاء او مواربة.
“الاعتراف المتبادل وفقا لمراعاة الحقوق والواجبات هو الأساس الحقيقي لأي تعايش، وليس مجرد التسامح الذي يضمر تفوق طرف على آخر.” حسب أكسيل هونيث. أما الحرب فانها لا تألو جهدًا في توظيفنا ضمن صفوف مقاتليها الرمزيين، لأنها تجدنا منقسمين بالتربية والنشأة وحروب المصالح الصغيرة التي نخوض غمارها في مساعينا اليومية في الحياة مشهرين سوء النوايا تجاه بعضنا البعض وسوء الفهم كذلك لأتفه الاسباب. فعندما تَصِرُّ عينُك أو تحمرُّ لأخيك في الظلام، كما يقال، فهذا يعني أننا نعيش في بيئة تتغذي بالكراهية وعدم التسامح، لا لشيء سوى أن ذلك سلوك متجذر في ثقافتنا. وهذا يقتل الأخوّة في العائلة، والعائلة في الوطن، ويحوّل الوطن إلى خرائب تستحق الإحالة والتضمين في معرض للتاريخ البغيض للبشر. لكنا لا نفعل ذلك خشية تفعيل التقاليد القانونية للمحاسبة او الادانة الرمزية مستقبلا.
ومن العبارات الرائجة التي تستحق لاعادة الفحص في ادبيات الدعوة لتحقيق العدالة، كما احيانا لجبر الضرر عبارة كـ”القبول بالآخر” فالقبول بالآخر يحمل ويرجح قبلا، وضمنيًا تصنيفًا بان هنالك اخر، ثم يحل ويأتي بعد ذلك استحقاقه القبول. “الهويات القاتلة ليست من الظواهر الطبيعية، بل هي نتيجة خطاب تقسيمي يُزرع في الأفراد منذ الصغر.”، ذلك ما ذكره أمين معلوف ولكنها تبدو هكذا عندما قولا وفعلا بما يجعل تعايشنا كسودانيين شقاءً متواصلاً، ووجودا عبثيًا، تلتهمه الذئاب متى أرادت وأينما اختارت إعلان وقائع افتراسها، كما فعله فينا “أبطال” هذه الحرب المتواترة، المدمرة.
التعليم ليس كافيًا لتصفية أسباب ذلك، كما أن التثقيف عبر تراكم المعلومات والتباهي بالمعارف لن يضيء الطريق، بقدر ما تفعل ذلك إنارة الضمائر وهندسة العقول وتدريبها على إتقان التفكير العلمي، والدفاع عن الحقائق الكبرى التي فئ مقدمتها أننا شركاء في الأرض، والحقوق، والأهداف، وهذا ما يستحق الجهد والإخلاص لصنع الحياة الملهمة.
لست متأكدًا مما إذا كانت التربية والثقافة فقط قد جنت علينا، أم ارتباط ذلك بعقليتنا السياسية وعلاقتنا الخاطئة بممارستها؟ ولكن من الصحيح ان القيم التي تعمل عليها العقلية السياسية لا بد من انها تستمد اخطائها من القيم الاجتماعية ذاتها وان ذلك يصبح حيويًا في تكوين الخيبة والنكبة التي نسمّيها مجازا ب “الحياة”.
إدارة الحياة لا يمكن أن تكون علمًا بالقدر الذي يجب أن تكون فيه قدرة وتحصيلًا وتأهيلًا نتعب لأجله، ونخلص النوايا لتحقيقه. لا نحتاج إلى عصفٍ ذهني كلما وقعت المأساة ، بل إلى معرفة منطلقات ومصادر وآليات التفكير الذي يمنع حدوثها لكي ننجو من عقاب وعواقب إفسادها بإعدام فرص التعايش بيننا كسودانيين، سواء بالحرب أو بغيرها.
إذا أردنا النجاة من دوامة الصراعات، فلا بد أن نزيل سوء الفهم بتحسين التعارف الثقافي ونعيد النظر في علاقتنا بتنوعنا ونتحقق من هوياتنا، ونؤكد على مستحقات العمل المشترك، وصيانة الحقوق، والاحترام المتبادل بدلًا من تربية ورعاية الاصطفافات التي لن تقود سوى نحو الهاوية. فالحروب، كل الحروب وكما قال الفرنسي فولتير : “قائمة على سوء الفهم”.
الوسومالتربية التعليم الثقافة الحرب السودان القبول بالآخر وجدي كامل وطنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: التربية التعليم الثقافة الحرب السودان وطن
إقرأ أيضاً:
ماذا لو فقدت وظيفتك؟ توصيات خبراء للحفاظ على صحتك العقلية وإدارة أمورك المالية
لا بد أنك تساءلت يومًا، في ظل المتغيرات العالمية من أزمات اقتصادية وحروب ونزاعات: "ماذا لو فقدت وظيفتي؟" مجرد التفكير في هذا الأمر قد يسبب لك ألمًا في المعدة وضيقًا في الصدر، ولكن كل متوقع آتٍ. وهناك خطوات يمكنك اتباعها إذا حدث ذلك. اعلان
إذا فقدت وظيفتك، ينصح الخبراء بأخذ استراحة قصيرة لاستيعاب الأمر، ومن ثم التحرك بخطة واضحة للبحث عن وظيفة جديدة.
تقول ليندسي بريان-بودفين، المعالجة المالية: "قد يبدو التسريح من العمل شخصيًا للغاية، لكنه لا يعكس قيمتك. في بعض الثقافات، يرتبط العمل بالهوية بشكل وثيق، مما يجعل التسريح أكثر تأثيرًا من الناحية النفسية."
إليك أهم توصيات الخبراء لمساعدتك على تجاوز هذه المرحلة:
1- خذ وقتًا لاستيعاب الأمرفقدان الوظيفة قد يكون صادمًا، لذلك من الضروري أن تمنح نفسك وقتًا للتعامل مع المشاعر مثل الغضب أو الحزن. وعن ذلك تقول بريان-بودفين: "الاعتراف بالمشاعر وتقبلها هو الخطوة الأولى لتجاوز هذه المرحلة بنجاح."
2- راجع وضعك المالي الحاليقم بمراجعة ميزانيتك الشخصية وابحث عن النفقات التي يمكن تقليلها مؤقتًا. إذا كنت تتلقى تعويضات نهاية الخدمة، حدد المدة التي ستغطيها احتياجاتك الأساسية. كما يُوصى بالتقدم للحصول على إعانات البطالة بأسرع وقت ممكن.
Relatedهل تسعى للحصول عن وظيفة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟ هناك دول أوروبية تبحث عنك6 خطوات تحميك من التعرض لعملية احتيال من الشركات الوهمية أثناء بحثك عن وظيفة عبر الانترنتبسبب الذكاء الاصطناعي.. ثلاثة ملايين وظيفة مهددة في بريطانيافولفو تلغي 3 آلاف وظيفة في سبيل خفض التكاليف3- تذكر أنك لست وظيفتكالتسريح من العمل قد يؤثر على ثقتك بنفسك. لذا، قم بإنشاء قائمة بصفاتك الإيجابية والمهارات التي تضيف إلى قيمتك كشخص، وذكّر نفسك أن هويتك وقيمتك أكبر من وظيفتك.
4- كن أكثر استراتيجية في إنفاقكوفقًا لجيسي ميكام، مؤسس تطبيق YNAB لإدارة الأموال: "في حالة التسريح، يصبح من الضروري التعامل مع كل دولار بحذر." ومع ذلك، لا تُفرط في التقشف، بل حافظ على التوازن بين تقليل النفقات والقيام بالأنشطة التي تمنحك السعادة.
5- تجنب الاعتماد الزائد على بطاقات الائتمانقد يكون استخدام بطاقة الائتمان ضروريًا في بعض الحالات، لكن تجنب الاعتماد الكلي عليها لتفادي تراكم الديون التي قد تصبح عبئًا كبيرًا فيما بعد.
6- استفد من موارد المجتمعابحث عن الموارد المتاحة في مجتمعك، مثل بنوك الطعام أو برامج المساعدات المؤقتة. في هذا السياق، تنصح بريان-بودفين: "تقدم المجتمعات برامج دعم للفواتير الأساسية، مثل الكهرباء والمياه."
7- ابدأ البحث عن وظيفة بخطةأثناء التقدم للوظائف، خذ وقتًا لإعادة تقييم أهدافك المهنية. كن واضحًا بشأن القيمة التي يمكنك تقديمها لصاحب العمل، وأظهر ما يمكنك إنجازه بناءً على خبراتك السابقة.
8- استثمر في بناء شبكتك المهنيةتواصل مع زملائك السابقين عبر LinkedIn أو شارك في فعاليات شبكات التواصل المهني. يمكن أن تساعدك الدورات التدريبية والشهادات عبر الإنترنت في تحسين مهاراتك وتعزيز فرصك في سوق العمل.
تذكر أن فقدان الوظيفة ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بداية جديدة تمنحك فرصة لإعادة تقييم مسارك المهني، وتحقيق أهداف جديدة، واكتشاف مكنونات في نفسك لم تكن تدركها سابقًا!
المصادر الإضافية • AP
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة