حرص رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن يختم رئاسته للأركان بتصعيد جديد ضد مصر، عبر إعلانه عن قلقه تجاه قدرات الجيش المصري، التي وإن لم تمثل تهديدا حاليا إلا أنها تمثل تهديدا محتملا في أي لحظة.
هاليفي الذي كان يحاضر في ضباطه قبل تركه الخدمة مطلع هذا الشهر؛ أوضح أن الجيش المصري يملك منظمات قتالية متطورة وطائرات وغواصات وسفنا حربية ودبابات حديثة، إلى جانب عدد كبير من قوات المشاة، بدون داع، ما اعتبره خطرا كبيرا!!
تصريحات الجنرال هاليفي جاءت بعد تصريحات مندوب تل أبيب الدائم في الأمم المتحدة داني دانون؛ الذي عبر أيضا عن مخاوف كيانه بشأن تسلح الجيش المصري، مدعيا أن مصر ليس لديها أي تهديدات في المنطقة فلماذا تحتاج كل هذه الغواصات والدبابات؟!
كأن الجنرال والدبلوماسي استيقظا فجأة فوجدا الجيش المصري يطور قدراته القتالية، ويمتلك كل هذه المنظومات التسليحيةّ!! رغم أنه يتسلح علنا ومن المصادر ذاتها التي تمد إسرائيل بأحدث الأسلحة، ولن تخفي عنها بالتأكيد صفقاتها المتتالية مع الجيش المصري خلال السنوات الماضية.
الجيش المصري هو أقوى الجيوش العربية، وهو أحد الجيوش الكبرى الرئيسية في المنطقة إلى جانب الجيش الإسرائيلي والتركي والإيراني، ووفقا لمؤشر جلوبال فاير بور؛ احتل الجيش المصري المرتبة التاسعة عالميا في العام 2020 متقدما على الجيشين التركي والإسرائيلي، لكنه تراجع عشر درجات ليصل إلى المرتبة 19 عالميا في العام 2025، وقد لا يكون هذا التراجع لأسباب تخصه، ولكنها تخص جيوشا أخرى قفزت إلى مراكز متقدمة بحكم تطويرها لمنظوماتها التسليحية، وعديد قواتها، وتجهيزاتها، ومنها الجيش الإسرائيلي الذي حل في المرتبة 15 عالميا.
وفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، الصادر في آذار/ مارس 2022 كانت مصر ضمن الدول العشر الأولى في العالم الأكثر استيرادا للأسلحة، خلال الفترة ما بين 2017 و2021، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالميا بعد الهند والسعودية، لكن مشتريات مصر من السلاح الدولي تراجعت في السنوات التالية، ربما شعورا بالاكتفاء، أو نظرا لعدم توفر السيولة المالية اللازمة.
المخاوف التي عبر عنها عسكريون وساسة إسرائيليون من هذا التسليح المصري هي "تلكيكة" لابتزاز مصر، وفرض مواقف وسياسات صهيونية تتعلق بتهجير أهل غزة إلى مصر، أو إقحام مصر في إدارة القطاع، ونزع سلاح المقاومة، ما يعني الدخول في مواجهة مسلحة مع حماس وغيرها من فصائل المقاومة.
نتنياهو وجنرالاته يحاولون إنقاذ أنفسهم من ملاحقات قضائية وسياسية، ومن السجون واللعنات بسبب فشلهم التاريخي يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولذا يسعون للتحرش بمصر حينا وبلبنان حينا وسوريا حينا، المهم أن تبقى الحالة ملتهبة، ولا تنطفئ نيرانها بعد توقف القتال ولو مؤقتا في غزة انتظارا لمفاوضات المرحلة الثانية.
سعت سلطات الاحتلال وإعلامها خلال الفترة الماضية لتسليط الضوء على تعزيزات عسكرية مصرية في سيناء، وبالذات في المنطقة ج التي لا تسمح اتفاقية السلام لمصر بالاحتفاظ فيها إلا بقوات رمزية من الشرطة وحرس الحدود. والحقيقة أن مصر عززت حضورها في تلك المنطقة بعد ثورة يناير 2011 بهدف مواجهة الجماعات المسلحة هناك، وتطور الأمر كثيرا بعد انقلاب 2013، وقد تم ذلك بتنسيق كامل مع السلطات الإسرائيلية، التي سمحت بوجود تلك القوات الثقيلة.
الآن تدعي السلطات الإسرائيلية أن مصر خرقت اتفاقية السلام، لتغطي على خرقها هي الواضح للاتفاقية ذاتها، فبالإضافة إلى التحرشات المتعددة بنقاط المراقبة المصرية على الحدود، وقتل أو إصابة عدد من الجنود المصريين، تم الإعلان عن بعضهم والتعتيم على آخرين، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحتل حاليا محور فيلادلفيا، ويرفض الانسحاب منه، رغم أن هذا الانسحاب كان مقررا أن يتم قبل نهاية المرحلة الأولى من اتفاقية وقف الحرب في غزة وتسليم الرهائن، وهذه المرحلة التي شملت 42 يوما انتهت فعليا يوم أمس السبت. والمعروف أن ممر فيلادلفيا منطقة عازلة منزوعة السلاح وفقا لاتفاقية المعابر للعام 2005 والتي هي جزء مكمل لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.
هي ليست مخاوف إسرائيلية حقيقية، فإسرائيل تدرك أن النظام المصري الحالي لا يرغب في حرب، ولا يرغب في المساس باتفاقية السلام، لكن الإدعاءات الإسرائيلية هدفها اختلاق ذرائع ومبررات لممارسة المزيد من الضغوط على الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين.
ربما الخوف الحقيقي كما عبر عنه رئيس أركان جيش الاحتلال (المنصرف) هرتسي هاليفي هو أن "الجيش المصري قد يجد نفسه في ظل قيادة مختلفة بين ليلة وضحاها"، في إشارة إلى احتمال تغير النظام المصري الحالي.
كما أن جانبا من المخاوف الصحيحة هو في تنامي مشاعر العداء الشعبي المصري ضد الكيان الصهيوني، والمطالب الشعبية المتزايدة بإلغاء، أو في الحد الأدنى تجميد اتفاقية السلام التي بلغ عمرها هذا الشهر 46 عاما.
من الطبيعي أن تتصاعد موجة العداء للصهاينة لدى الشعب المصري الذي يرتبط بروابط عميقة مع أهل غزة، والذي قدم تضحيات كبيرة من أجل القضية الفلسطينية عبر خمس حروب سابقة؛ بدأت بحرب النكبة 1948 مرورا بحرب السويس عام 1956، ثم حرب 1967، ثم حرب الاستنزاف، وأخرها حرب أكتوبر 1973، حيث تحتفظ معظم العائلات المصرية بصور شهدائها في تلك الحروب. وحين يشعر المصريون أن العدو لم يكتف بتدمير غزة بل يريد أيضا تهجير أبنائها قسرا إلى مصر أو غيرها؛ فمن الطبيعي أن يتزايد غضبهم، وأن يطالبوا قواتهم المسلحة بمواجهة هذه الغطرسة الإسرائيلية قبل أن تنقل حربها إلى سيناء أو إلى العمق المصري.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه جيش الإسرائيلي مصر التسليحية غزة مصر إسرائيل غزة جيش تسليح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاقیة السلام الجیش المصری
إقرأ أيضاً:
ما هي منظومات الدفاع الإسرائيلية التي تواجه صواريخ إيران؟
تمتلك إسرائيل أنظمة دفاع جوي متطورة ساهمت في مواجهة وابل من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة المتفجرة، التي أطلقتها إيران خلال اليومين الماضيين، في تصعيد غير مسبوق بين الخصمين الإقليميين.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي السبت إن منظومة الدفاع حققت "نسبة نجاح تتراوح بين 80 و90 بالمئة"، لكنه أكد أنه لا يوجد نظام مثالي بنسبة 100 بالمئة، ما يعني أن بعض الصواريخ الإيرانية اخترقت منظومة الدفاع.
فما هي الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في صد الهجمات الإيرانية؟نظام القبة الحديدية
طورت شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة منظومة القبة الحديدية بدعم من الولايات المتحدة، وصارت جاهزة للعمل في عام 2011.
وقالت الشركة إن النظام يستطيع اعتراض صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى التي كان حزب الله وحركة حماس يطلقونها باتجاه إسرائيل.
ونشرت إسرائيل نظام القبة الحديدية في عام 2011 قرب قطاع غزة لتجربة قدرته على مواجهة القذائف والصواريخ قصيرة المدى.
وتتبع أنظمة القبة الحديدية المقذوفات قصيرة المدى بواسطة رادار خاص يحلل بيانات المقذوفة ومنطقة السقوط المحتملة، وفي حالة التأكد من سقوط المقذوفة في منطقة حساسة، يتم إرسال الإحداثيات لوحدة إطلاق الصواريخ لاعتراض المقذوفة.
ويتكون نظام القبة الحديدية من رادار يقوم بالكشف والتتبع، ونظام تحكم بالإطلاق إضافة إلى 3 قاذفات، كل واحدة تحمل 20 صاروخا.
ونشرت إسرائيل نسخة بحرية من القبة الحديدية لحماية السفن والأصول البحرية في عام 2017.
مقلاع داوود
جرى تصميم منظومة ديفيدز سلينغ (مقلاع داود) الصاروخية متوسطة المدى لإسقاط الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من مسافة تتراوح بين 100 و200 كيلومتر.
وجرى تطوير وتصنيع المنظومة بشكل مشترك بين مؤسسة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة المملوكة لإسرائيل وشركة آر.تي.إكس الأميركية، التي كانت تعرف سابقا باسم ريثيون، وهي مصممة كذلك لاعتراض الطائرات والطائرات المسيرة وصواريخ كروز.
ودخل مقلاع داوود في الخدمة فعليا عام 2017، ويتكون النظام من 3 مستويات، كل واحد منها مصمم للتعامل مع تهديد من مسافة مختلفة، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.
ويعتمد مقلاع داوود على رادار إسرائيلي، ولديه القدرة على تعقب الطائرات والصواريخ الباليستية. ويمكنه تتبع ما يصل إلى 1200 هدف على مدى 474 كلم، وتتبع 200 هدف في الدقيقة.
منظومة "آرو"
تعتبر منظومة الصواريخ آرو بعيدة المدى آخر طبقات منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وهي منظومة قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي على مسافة أكثر من 2400 كلم.
وتتكون من مجموعة من الأنظمة الاعتراضية لتوفير الدفاع متعدد المستويات ضد الصواريخ الباليستية. ويتمركز هذا النظام في القواعد الجوية الإسرائيلية.
وينقسم نظام السهم آرو إلى قسمين: نظام " آرو 2" ونظام "آرو 3". وذكرت "رويترز" أن هذا النظام مطور خصيصا لمواجهة التهديد الإيراني.
ويقوم نظام آرو 3 يقوم بالكشف والتتبع والتمييز والاشتباك، ويعتمد عليه الجيش الإسرائيلي لحماية المواقع الاستراتيجية.
منظومة ثاد الأميركية
ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أكتوبر الماضي أنها سترسل إلى إسرائيل نظام دفاع جوي مضاد للصواريخ على الارتفاعات العالية.
وتعد منظومة ثاد مكونا رئيسيا في أنظمة الدفاع الجوي للجيش الأميركي، وهي مصممة لاعتراض وتدمير تهديدات الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير والمتوسط وفوق المتوسط خلال المرحلة النهائية من تحليقها.
ويعد نظام "الثاد" فعالا ضد الصواريخ الباليستية، وصنعته شركة "لوكهيد مارتن"، أكبر شركة لصناعة الأسلحة في الولايات المتحدة الأميركية.
ويحتوي هذا النظام على 6 قاذفات مثبتة على الشاحنات. وقد بدأ الجيش الأميركي بتشغيل هذا النظام سنة 2008، وهو نظام قابل للنشر والنقل بسرعة.