لجنة سورية: الإعلان الدستوري ليس بديلا للدستور الدائم
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
أكدت لجنة صياغة الإعلان الدستوري في سوريا، اليوم الاثنين، أن الإعلان ليس بديلا عن الدستور الدائم.
ونقلت وكالة الأنباء السورية عن اللجنة قولها إنه في ظل الفراغ القانوني الناتج عن إلغاء دستور 2012 الذي صاغه نظام بشار الأسد، أصبح من الضروري وضع إعلان دستوري ينظم المرحلة الانتقالية ويوجه مسار الدولة نحو الاستقرار وإعادة البناء، ولا يعتبر بديلا عن الدستور الدائم.
وأضافت أن الإعلان الدستوري يستمد مشروعيته من مؤتمري الحوار الوطني والنصر، وهو وثيقة قانونية لإدارة المرحلة الانتقالية، حيث إنه يضع الأسس العامة لنظام الحكم بما يضمن مرونة وكفاءة إدارة الدولة للحفاظ على وحدة البلاد سياسيا واجتماعيا وسلامة أراضيها.
وتابعت اللجنة -المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد الأسبوع الماضي- أن هذا الإعلان يحدد صلاحيات السلطات الثلاث.
وأشارت إلى أن مختلف مكونات الشعب السوري توافقت على ضرورة وجود إطار قانوني ينظم المرحلة الانتقالية ويحدد أسس الحكم ويضمن الحقوق والحريات.
كما قالت اللجنة السورية إنه بانتهاء أعمالها سترفع المقترح إلى رئاسة الجمهورية بهدف تأسيس مرحلة جديدة قائمة على القانون والمؤسسات بما يضمن الانتقال نحو سوريا أكثر استقرارا وعدالة.
من جهته، قال مصدر في لجنة صياغة الدستور السوري للجزيرة إن الإعلان الدستوري يضع أسسا لإدارة الدولة للحفاظ على وحدة البلاد.
إعلان
وكانت مصادر كشفت للجزيرة مساء أمس الأحد أن اللجنة الدستورية ستعمل على إصدار إعلان دستوري يضم 48 مادة.
وتشمل بنود الإعلام المرتقب تشكيل مجلس للشعب خلال 60 يوما من تاريخ إصدار الإعلان الدستوري، وسيعين رئيس الجمهورية أعضاء المجلس الذي سيضم 100 عضو.
كما يسمح الإعلان الدستوري بتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفق قانون يصدر لاحقا، حسب المصادر نفسها.
يذكر أن الرئيس السوري أحمد الشرع التقى أمس الأحد أعضاء اللجنة المكلفة بصياغة مسودة الإعلان الدستوري.
وكان الشرع قرر تشكيل لجنة من الخبراء لصياغة مسودة الإعلان الدستوري، وتتألف اللجنة من عبد الحميد العواك، وياسر الحويش، وإسماعيل الخلفان، وريعان كحيلان، ومحمد رضى جلخي، وأحمد قربي، وبهية مارديني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الإعلان الدستوری
إقرأ أيضاً:
ما الذي يعنيه لنا التغير الديموغرافي؟
طالعتنا بعض الإحصاءات الرسمية بمؤشرات أولية لانخفاض أعداد المواليد الجدد في سلطنة عُمان، حيث أظهرت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن الوطني للإحصاء والمعلومات انخفاضًا بنسبة 0.8% في مجمل أعداد المواليد الأحياء المسجلين حتى نهاية يونيو 2025 مقارنة بشهر يونيو من العام 2024. ومن قبله أفادت إحصاءات المركز بتراجع في أعداد المواليد الجدد في سلطنة عمان في عام 2024 مقارنة بعام 2023 بانخفاض قدره نحو 2.2%. ولا شك أن القراءة الديموغرافية المنهجية تقتضي تفصيلًا أكثر لهذه النسب والأرقام من ناحية، وقياسها عبر فترات طويلة أوسع، وتتبع كافة المؤشرات الديموغرافية الأخرى المتصلة بها من نسب خصوبة، ومن هجرات عمالية، ومن أعداد للزيجات والطلاقات الجديدة، ومن مؤشرات صحية مرتبطة بالحالة الإنجابية، إلا أن هذه المؤشرات كفيلة على الأقل كمدخل أن تعطينا مؤشرًا (أوليًا) لمناقشة قضية محتملة من قضايا التحول الاجتماعي الرئيسية في المجتمع العُماني.
التحول الديموغرافي في ذاته لا يمكن أن يخرج من قائمة الـ (5 – 10) تحولات كبرى عالمية Mega-trends تؤثر بطريقة هيكلية على مستقبل المجتمعات سواء في حالة نموها الاقتصادي، أو استقرارها الاجتماعي، أو قدرتها على استدامة الإنتاجية، أو وفاء دولها بالالتزامات تجاه الأجيال بما في ذلك نظم التقاعد والحياة الاجتماعية. تشير دراسة موسعة أجرتها شركة McKinsey & Company حول مسائل التغير الديموغرافي في العالم (طبقًا لتصنيف الاقتصادات العالمية) إلى مجموعة من الحقائق الملفتة، لعل من أهمها أن كبار السن سيشكلون ربع الاستهلاك العالمي بحلول عام ٢٠٥٠، وفي هذه الحالة قد تحتاج أنظمة التقاعد في بعض الاقتصادات الكبرى إلى توجيه ما يصل إلى 50% من دخل العمل لتمويل زيادة بمقدار مرة ونصف في الفجوة بين إجمالي استهلاك كبار السن ودخلهم، ومن النتائج التي تشير لها الدراسة أن الشباب قد يرثون نموًا اقتصاديًا أقل، ويتحملون تكلفة زيادة عدد المتقاعدين، بينما يتآكل التدفق التقليدي للثروة بين الأجيال.
هذه النتائج قد تختلف من سياق إلى آخر حسب طبيعة المرحلة الديموغرافية التي يمر فيها المجتمع، ولكننا نتحدث اليوم عن حالة اشتباك عالمي لا يمكن فيها عزل نتائج الحالة الديموغرافية لاقتصاد ما عن بقية الاقتصادات الأخرى، فمعادلة العرض والطلب وقضايا الاستهلاك العالمي ترتبط بشكل أصيل بطبيعة التركيب الديموغرافي للمجتمعات، ولذا يشار دائمًا في سياق التوقعات العالمية إلى أن القارة الإفريقية ستتحول إلى أكبر سوق لـ (الاستهلاك العالمي الشاب) لأنها وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة، «ستضيف 1.3 مليار نسمة إلى سكان العالم بحلول 2050، أي أكثر من نصف النمو السكاني العالمي». وسيكون ذلك مدفوعًا لديها بموجات تحضر عالية وطلب متزايد على التقانة وأشكال الإنتاجية الناشئة.
أين نقف في سلطنة عُمان من حالة التحول الديموغرافي؟ بربط المؤشرات المتعددة في هذا السياق تتموضع سلطنة عُمان بين مرحلتين تاريخيتين في الانتقال الديموغرافي وهي (المرحلتان الثانية والثالثة)، ولتبسيط ملامح هذا التموضع فإنه يتسم بانخفاض (نسبي) مستمر في معدلات الخصوبة الكلية، قد يكون غير متسارع ولكنه يتصف بالاستمرارية، إلى جانب تباطؤ (نسبي) في أعداد المواليد الجدد، بالإضافة إلى عدم استقرار في أعداد الوفيات، هذه المرحلة قد تمهد للدخول للمرحلة الثالثة التي تتسم بوضوح ما يُعرف بـ (النافذة الديموغرافية)، وبداية وضوح التغيرات في الهيكل العمري وتأثيرها على تركيب المجتمع. هذه المرحلة هي مرحلة (السياسات الاستباقية) بامتياز، فكلما استطاعت الدول في هذه المرحلة إدارة عملية التحول عبر سياسات سكانية وديموغرافية واضحة، استطاعت تحييد الآثار العكسية لهذه المرحلة على استقرارها الاجتماعي ونموها الاقتصادي وديمومة مواردها. ما الذي يجب أن ننتبه إليه في سياق المجتمع في عُمان نتيجة هذا التحول؟ والإجابة ثلاث تداعيات مهمة: تناقص قوة العمل المحلية على المدى البعيد (10 - 15) عامًا، التأثير على الاستهلاك في السوق نتيجة شيخوخة السكان وضعف الطلب العام، الضغط على استدامة نظم الحماية الاجتماعية ومهددات استدامة مصادر تمويلها الأساسية (الاشتراكات).
ولذا تصبح السياسات المطلوبة خلال المرحلة الحالية في تقديرنا خمس أساسية: السياسات الموجهة لتشجيع تكوين الأسرة وحماية الطفولة بما يضمن استدامة معدلات المواليد عند حدود معقولة وطبيعية بالنسبة للتغير الديموغرافي في المجتمع، وكذلك إعادة تشكيل السوق المحلية لتكون مهيئة لأنماط الطلب المتغيرة ولأنماط الاستهلاك المتغيرة، بما في ذلك وجود خدمات ومنتجات تتناسب مع فئة كبار السن، ومن السياسات المطلوبة كذلك تعديد مصادر تمويل أنظمة الحماية الاجتماعية وتعزيز استثمارات صناديقها لتكون أكثر استعدادًا لحالة من الضغط على مواردها بفعل تغيرات الهيكل العمري، إضافة إلى وجود سياسات تعليم و(تأهيل مهني) تهيئ قوة العمل الشابة الحالية للعمل في قطاعات إنتاجية مختلفة، ولقبول العمل في وظائف متعددة للمحافظة على دور قوة العمل المحلية في تحقيق النمو والإنتاج الاقتصادي، وتحييد الاعتماد الواسع على قوة العمل الأجنبية، ومن السياسات المطلوبة كذلك السياسات الصديقة للأسرة في محيط العمل والإنتاج والتي تتمحور حول تحقيق حياة متوازنة للمربين تساعدهم على الإيفاء بمتطلبات التنشئة الاجتماعية للأبناء من ناحية، ومتطلبات الإنتاج المهني من ناحية أخرى، وبما يضمن منظومة تنشئة متكاملة مدعومة من السياسات العامة على كافة المستويات.
إن نجاح السياسات السكانية يبقى مرهونًا بتوافر مجموعة متكاملة من المؤشرات مثل استقرار معدل الخصوبة الإجمالي على المستوى الوطني، وقياس معدلات مشاركة المرأة في العمل، ومستويات التحاق الأطفال ببرامج الطفولة المبكرة، والحد من نوعية المشكلات الأسرية الناجمة عن ظروف العمل غير المتوازنة، ومؤشرات الاستفادة من الحوافز الأسرية مثل إجازة الأبوة، إضافة إلى المؤشرات التعليمية للأبناء في مراحل التعليم المختلفة.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان