يحل رمضان شهر الرحمة والتسامح فتعلو الأصوات بالدعوة إلى الصلاة والقيام والصيام. لكن المفارقة الصادمة ان بعضا ممن يدعون إلى هذه العبادات يغفلون عن أسمى قيمها وهي الرحمة والعطاء. كيف لمن يخشع في صلاته ويتلو آيات الانفاق والعطف ان يغض الطرف عن جوع مسكين أو دمعة يتيم وهو قادر على العطاء.
لم يكن الدين يوما مجرد طقوس بل هو سلوك وأخلاق قبل ان يكون ممارسات ظاهرية.

كم من أشخاص يحرصون على أداء الصلاة في أوقاتها ويقيمون الليل لكنهم لا يتورعون عن تجاهل المحتاجين. ربما يتفاخرون بولائمهم العامرة بينما هناك من يبيت بلا طعام. هؤلاء يمارسون تدينا شكليا يركز على الصورة لا الجوهر وهو نقيض لما جاء به الإسلام.
النبي محمد عليه الصلاة والسلام عندما سئل أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. جعل العطاء صفة من صفات الإيمان الحق فلم يفصل بين العبادة والإحسان إلى الخلق. من أراد القرب من الله فلابد ان يكون قلبه ممتلئا بالرحمة ويده ممدودة بالعطاء.
الصيام ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب بل هو تجربة روحية تهدف إلى تهذيب النفس واستشعار معاناة الفقراء. من يصوم نهاره ويشعر بالجوع لساعات كيف له ان يتجاهل من يجوع طوال العام. من يردد قوله تعالى ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ثم يبخل بما يفيض عن حاجته كيف له ان يدعي التقوى.
الإسلام لم يجعل العبادات معزولة عن القيم الإنسانية بل جعلها مرتبطة بها ارتباطا وثيقا. النبي محمد عليه الصلاة والسلام قال من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. العبادات بلا أخلاق أو رحمة لا قيمة لها عند الله بل تتحول إلى مجرد طقوس فارغة لا تؤثر في القلوب.
مع حلول رمضان تزداد مظاهر البذخ في بعض المجتمعات حيث تنفق الاموال على الولائم الفاخرة والمناسبات الرمضانية. في المقابل يظل الفقراء يترقبون يدا تمتد اليهم لتخفف عنهم قسوة الحياة. هذا المشهد يعكس خللا في فهم المقاصد الحقيقية للصيام فهو ليس تخزين الطعام بالنهار ثم تناوله بوفرة في الليل.
الغرض من رمضان ليس إشباع الجسد فقط بل تربية النفس على الإحساس بالآخرين ومد يد العون لهم. الإسلام حذر من هذا التناقض فجاء في الحديث الشريف ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه. كيف لمن يشبع ان يغفل عن جوع من يسكن في نفس المدينة بل ربما في نفس الحي.
رمضان ليس مجرد موسم للعبادات الشكلية بل هو فرصة لتجديد العلاقة مع الله عبر الرحمة والعطاء. من كان ميسورا فليبحث عن الفقراء قبل ان يبحث عن موائد الإفطار الفاخرة. من كان حريصا على قيام الليل فليكن احرص على مساعدة المحتاجين فذلك القيام الحقيقي.
المجتمع بحاجة إلى صحوة إنسانية يفهم فيها الناس ان الإيمان ليس مجرد ركعات بل هو قلب يرحم ويد تعطي ونفس تسامح. من اراد القرب من الله فليرحم عباده أولا والا فلا حاجة لعبادته الجافة. الرحمة هي جوهر الدين وبدونها تتحول العبادات إلى حركات لا روح فيها.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

رمضان عبد المعز: هذا العمل مفتاح الطمأنينة في ختام العام الهجري

قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، في رسالة روحانية بمناسبة اقتراب نهاية العام الهجري 1446 واستقبال العام الجديد 1447، إن كل لحظة من لحظات عمر المؤمن خير، سواء كانت سراء أو ضراء، مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير..."، مؤكداً أن السراء تحتاج لشكر، والضراء تحتاج لصبر، وفي كلٍ أجر عظيم من الله.

رمضان عبد المعز: هذا العمل مفتاح الطمأنينة في ختام العام الهجريرمضان عبد المعز: الإسلام يرعى مصالح الناس وحسن الظن بالله عبادةرمضان عبد المعز: هذه أعظم عبادة تحقق لك النصر والسكينة في الدنيارمضان عبد المعز: اللي ما يخافش ربنا لا يُؤتمن على زواجه

وأشار الداعية الإسلامي، خلال تصريحات تليفزيونية، اليوم الأحد، إلى أن السنين تمضي سريعًا سواء كانت أفراحًا أو أتراحًا، مستشهداً بالقول: "مرت سنين بالوصال فكانت من قصرها أيام، ثم انثنت أيام هجر فكانت من طولها أعوام، ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام".

وأضاف الشيخ رمضان عبد المعز أن القرآن الكريم يعلّمنا التفاؤل وحسن الظن بالله حتى في الشدائد، موضحًا أن الله وعد بقوله: “فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا”.

رمضان عبد المعز: شيء عظيم يعيشك في أنس وطمأنينة 

ونوه بأن "الشيء العظيم اللي يعيشك اللحظة في أنس وطمأنينة حتى لو لحظة صعبة هو حسن الظن بالله، فكما قال سيدنا موسى عليه السلام لما ارتجف الناس عند البحر: "كلا إن معي ربي سيهدين"، فكل من معه الله يطمئن، ولو ضاقت به الدنيا بما رحبت".

ودعا الشيخ رمضان عبد المعز المسلمين إلى البدء بسنة هجرية جديدة بروح الأمل والإيمان واليقين في عطاء الله، قائلاً: "يقيني بالله يقيني... واللي معاه ربنا ينام مطمئن النفس، مستريح البال، قرير العين".

طباعة شارك الشيخ رمضان عبد المعز رمضان عبد المعز الداعية الداعية الإسلامي نهاية العام الهجري 1446 نهاية العام الهجري العام الهجري العام الجديد 1447

مقالات مشابهة

  • هشام عبد العزيز: الإسلام رسالة أخلاق وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
  • رمضان عبد المعز: هذا العمل مفتاح الطمأنينة في ختام العام الهجري
  • علي جمعة: النبي مؤسس لدولة قائمة على الرحمة والعدالة والقانون
  • الأزهر: الإسلام دعا إلى الإحسان للكائنات ورتب عليه الأجر والثواب
  • فيديو نادر يظهر أبراج الكويت حينما كانت تحت الإنشاء
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (باب الخروج من القمقم… أين)
  • رئيس جامعة الأزهر: مشهد الوقوف بعرفات في القرآن صورة رمزية للحشر
  • حال مقتله.. خامنئي يرشح ثلاثة من كبار رجال الدين لخلافته
  • يوم الأب .. تعرف على مكانته في الإسلام ومن أين جاءت فكرة الاحتفال
  • 4 عبادات تطفئ غضب الله.. لا تفوت أجرها