حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تغري بنوك عاملة بالدولة، المتعاملين مع بنوك أخرى، بالحصول على مزايا تفضيلية عند نقل المديونية إليها. وتشهد الفترة الحالية من العام، حيث حلول شهر رمضان المبارك، تزايد العروض الحصرية لنقل السلفيات والمديونية، والتي تبشر بالحصول على سعر فائدة أو نسبة مرابحة منخفضة، مع السماح بتأجيل الأقساط لمدة 7 أشهر.

 
وعادة ما تحمل عروض البنوك لنقل المديونية عناوين براقة مثل التخلص من عبء القسط الشهري الكبير (أو الأقساط) للمديونية، بعد تقليل القسط الشهري المسدد للقرض أو التمويلات بأنواعها المختلفة، وإمكانية الحصول على سيولة جديدة من خلال منح العملاء مبالغ إضافية كزيادة في قيمة القرض القائم. وأجمع مصرفيون على أهمية عدم الانسياق إلى إغراءات البنوك من أجل شراء المديونات لدى بنوك أخرى من دون دراسة، مؤكدين أن انخفاض سعر الفائدة أو الربح على القرض الجديد يجب ألا يكون هو المعيار الوحيد لبيع المديونية لبنك جديد، خصوصاً أن تلك العملية يترتب عليها أعباء مالية من رسوم للسداد المبكر للقرض الأصلي ورسوم معاملة وتأمين على إجمالي القرض الجديد، ما قد يجهله الكثير من الراغبين في بيع قروضهم.  وطالب المصرفيون موظفي البنوك بعدم استغلال ضعف الثقافة المالية لدى بعض العملاء من أجل تحميلهم أعباء جديدة، مثل إغرائهم بتخفيض قيمة القسط الشهري للقرض بعد بيعه، دون التنبيه إلى زيادة مدة القرض، أو منح العملاء مبالغ إضافية، كزيادة في قيمة القرض من دون وجود حاجة فعلية لها، ما يورطهم في مزيد من الديون.

وأكد أمجد نصر، الخبير المصرفي، أهمية تواصل العميل المقترض والراغب في نقل مديونته، مع البنك المقرض، قبل الانتقال إلى بنك جديد من أجل التفاوض معه، وبحث إمكانية الحصول على تسهيلات أو مميزات مثل تخفيض سعر الفائدة، حيث توجد في كل بنك ما تعرف بـ «وحدة الاحتفاظ بالعملاء» لدراسة والتعامل مع مثل هذه الحالات، محذراً من أن الإقدام على بيع القروض إلى بنوك أخرى عملية معقدة، وقد يكون لها مزايا أو تتسبب في مزيد من الأعباء المالية، ولذا يجب على العميل أن يدرس الأمر بطريقة مالية ويعرف التكلفة أو المردود الإيجابي قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة التي يختلف أثرها من حالة إلى أخرى.
وحدد نصر، عدداً من العوامل التي قد تدفع عملاء البنوك لنقل مديونياتهم أو بيعها لبنوك أخرى، وأهمها أن يكون العميل المقترض راغباً في نقل المديونية من بنك تجاري إلى مصرف إسلامي، أو أن  يواجه صعوبات في التعامل مع البنك المقرض، مثل عدم منح تسهيلات إضافية، أو التشدد في منحه مبلغاً إضافياً للقرض. 
وأضاف أن العامل الأساسي الذي يغري غالبية العملاء لبيع قروضهم لبنك جديد، هو السعي للاستفادة من انخفاض سعر الفائدة على القرض الجديد، أو الحصول على سيولة إضافية، عبر بيع القرض القديم والحصول على قرض بقيمة أعلى من البنك الجديد، منبهاً إلى أن هناك عدداً من النقاط التي تجب دراستها قبل اتخاذ قرار نقل المديونية، وأهمها تحديد نوع القرض (شخصي، سيارة، عقاري)، ومعرفة ما تم سدادة من القرض والمتبقي ومدة السداد الباقية، ومعرفة التكلفة التي سيتحملها العميل من رسوم السداد المبكر والرسوم الإدارية التي سيتقاضاها البنك الجديد.
وذكر نصر، أن من الأخطاء الشائعة في عملية نقل المديونية، أن ينفذها المقترض في السنوات الأخيرة من عمر القرض بعد أن يكون قد سدد الجزء الأكبر من الفوائد، وأيضاً أن تكون التكلفة أعلى مقارنة بالمبلغ الإضافي الذي يتم الحصول عليه من خلال القرض الجديد، وأخيراً عدم معرفة الأعباء المترتبة من رسوم لجهات أخرى مثل دائرة الأراضي والأملاك وتكلفة تسجيل الإجارة في البنوك الإسلامية في حال نقل مديونية القروض العقارية، داعياً عملاء البنوك إلى التيقن من أن الربح هو هدف أي بنك في المقام الأول، وهو لا يقدم أي مزايا للعملاء مجاناً من دون دراسة العائد الذي يمكن تحقيقه.
واختتم نصر بالإشارة إلى أن المنافسة بين البنوك على شراء قروض العملاء لدى بنوك أخرى، تعد منافسة منطقية، لاسيما وأن قطاع الخدمات المصرفية للأفراد يعد من القطاعات الأكثر مساهمة في أرباح البنوك نظراً لارتفاع الفائدة على الإقراض، مقارنة بقطاع الشركات التي تتفاوض على التسعير بشكل كبير، وكذا لانخفاض مخاطر عملية الإقراض للأفراد بشكل عام.
عروض حصرية 
ومن جهته، قال أحمد أبو زيد، مسؤول بقسم التمويلات في أحد المصارف الإسلامية، إن المصارف تستغل حلول شهر رمضان المبارك، للإعلان عن عروض حصرية لنقل السلفيات والتمويل الشخصي، تسمح بتأجيل الأقساط لمدة 7 أشهر، بحيث يبدأ سداد أول قسط في أكتوبر المقبل، ويتمكن المتعامل من استلام راتبه بالكامل خلال فترة التأجيل. 
وأضاف أن من أهم المزايا لعملية نقل السلفيات أو التمويلات لدى البنوك الأخرى، أن العميل المقترض يتمكن من تقليل قيمة القسط الشهري ما يتيح له راحة مالية أكبر، كما تمكن الاستفادة من أقل نسبة مرابحة في الدولة (تبدأ من 2.5% فقط)، مؤكداً أن المصرف يوفر ميزة قد لا توفرها البنوك الأخرى، وهي أن التأمين على التمويل أو نقل المديونية يكون اختيارياً بالكامل، على عكس البنوك الأخرى التي تفرض 1% من قيمة التمويل مقابل التأمين الإجباري.

أخبار ذات صلة مكتوم بن محمد يلتقي رئيس مجلس إدارة بنك سنغافورة الرئيس التنفيذي لمجموعة «المشرق»: مبادرات الاستدامة تخلق فرصاً لزيادة ربحية بنوك الإمارات

بريق العروض 
وبدوره، نصح يوسف السويدي، الخبير المصرفي، المقترضين وعملاء البنوك بشكل عام بعدم الانسياق إلى بريق العروض التي تعلن عنها بعض البنوك الصغيرة، والتي قد لا تتعامل بشفافية، فتغري العميل المقترض بسعر فائدة أقل من دون أن توضح له الأعباء المترتبة من رسوم معاملة ورسم للتأمين على القرض الجديد وفروقات قد تمثل مبلغاً شهرياً قليلاً، ولكنها تشكل مبلغاً كبيراً على مدار سنوات القرض، داعياً المقترض الراغب في نقل المديونية أو القرض الذي حصل عليه إلى بنك أخر، إلى ضرورة معرفة الرسوم والفوائد التي سيتحملها لنقل المديونية لبنك جديد، وعدم الانسياق فقط إلى سعر الفائدة المنخفض كعنصر وحيد لنقل المديونية.
وأكد السويدي على ضرورة دراسة جودة الخدمات وتكاملها كعنصر مهم للتعامل مع البنك الجديد، إذ أن المقترض قد يوفر مبالغ شهرية زهيدة من نقل المديونية، ولكنه قد يعاني من عدم جودة الخدمات التي يوفرها البنك الجديد أو عدم تكاملها.
وطالب السويدي، موظفي البنوك بعدم استغلال ضعف الثقافة المالية لدى بعض العملاء من أجل تحميلهم أعباء جديدة مثل إغرائهم بتخفيض قيمة القسط الشهري للقرض بعد بيعه، دون التنبيه بزيادة مدة القرض، أو منح العملاء مبالغ إضافية كزيادة في قيمة القرض من دون وجود حاجة فعلية لها، ما يورطهم في مزيد من الديون، منوهاً أن علاقة البنك مع العميل لا بد أن تكون قائمة على الثقة، لأن البنك إذا خدع العميل بقرض أو استغل نقطة ضعفة وعدم ثقافته المالية لمرة واحدة، فقد يفقد ثقة العميل طوال العمر، وتالياً يخسر البنك على المدى الطويل.
فوائد نقل المديونية
أكد أحمد أبو زيد أن من أهم فوائد نقل المديونية، ما يسمى بجدولة الدين، حيث يتمكن العميل من توحيد وتجميع ديونه والتمويلات أو القروض التي حصل عليها في بنك واحد لإعادة ترتيبها وإدارتها، من حيث تحديد مبلغ الالتزام الشهري بدقة وتسديد قسط واحد بدلاً من عدة أقساط، إضافة إلى الرغبة في الحصول على خدمات ومنتجات جديدة غير متوفرة في البنك الذي يتعامل معه، ومنها مزايا البطاقات الائتمانية الحصرية وسهولة التعامل والحصول على الخدمات عبر التطبيق المصرفي.  وأوضح أنه في بعض الحالات قد يشكل (مبلغ القسط/الأقساط) نسبة عالية من دخل العميل الشهري، لذا يلجأ العميل لبنك آخر لإعادة هيكلة دينه من أجل تقليل القسط الشهري عبر تمديد فترة السداد. وأشار إلى أن أي خطوة الهدف منها تقليل الأعباء وتخفيض تكاليف القروض والديون من خلال ما يسمى بإعادة الهيكلة، لابد وأن تتم بعد دراسة، لافتاً إلى أن أي قرار على هذا النحو تجب ترجمته إلى أرقام فعلية يستطيع من خلالها الشخص الحكم على تصرفه، وإن لم يحسن ذلك، فعليه اللجوء إلى أهل الخبرة لإرشاده إلى اتخاذ القرار السليم، حتى يتجنب الوقوع مرة أخرى في نفس المشكلة أو الخسارة.
جدوى نقل المديونية 
من جانبه، أكد الدكتور غسان طاهر، الخبير الشرعي في الصيرفة الإسلامية، أنه ليس من الضروري أن يكون نقل المديونية من بنك إلى آخر، أوفر أو أكثر جدوى، حتى وإن كانت نسبة الأرباح المعلنة أقل عن نسبة الأرباح على المديونية القائمة، خصوصاً إذا أمضى العميل عدداً ما من السنوات في تسديد ما عليه، مرجعاً ذلك إلى أن أغلب التكاليف يكون العميل قد تكبدها ودفعها في السنوات الأولى من عمر القرض، وما تبقى من تكاليف لا يمثل إلا النسبة الأدنى من التكلفة، ولهذا فإن الجدوى من نقل المديونية تكون معدومة. 
ودعا طاهر، عملاء البنوك إلى عدم التسرع في نقل ديونهم لبنوك أخرى والانسياق وراء الإغراءات والإعلانات من أجل الحصول على مبالغ إضافية، وبالتالي زيادة الأعباء المالية عليهم وعلى أسرهم لسنوات أطول، وكذا تحمل تكاليف السداد المبكر والرسوم الإدارية للمديونيات الجديدة وغيرها من رسوم، والتي قد تكلف مبالغ طائلة في حال ما إذا كان حجم المديونية كبيراً، ناصحاً الجميع بالحرص على عدم تقييد دخولهم بديون وأعباء لا طاقة لهم بها، والابتعاد قدر المستطاع عن الاستدانة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: البنوك بنوك الإمارات التمويلات المصرفية القسط الشهری مبالغ إضافیة القرض الجدید البنک الجدید سعر الفائدة الحصول على بنوک أخرى بنک جدید من رسوم من خلال إلى أن من أجل من دون فی نقل

إقرأ أيضاً:

أتمنى ألا يأتوا مرة أخرى!

أسرّ الزوج إلى زوجته بعدم رضاه عن زيارة أقربائهم، ليس لأنه يكرههم أو يحقد عليهم، ولكن ما يُخلّفه أولادهم من «عبث ودمار» على مسمع ومرأى من ذويهم، مؤكدًا لها أن شعوره بالغصّة والإحباط ينبع من ذلك السرّ الدفين في أعماقه والمترسّب في شرايين قلبه.

واسترسل الزوج في حديثه قائلًا: فلا الأب الزائر ينصح أبناءه بالصمت أو الهدوء، ولا الأم بدورها تنهاهم عن حالة العداء التي يخرجونها من عقولهم بتصرفات لا تُطاق وصخب لا يُحتمل!

وفي السياق ذاته، تصوّر بأنك تنفق المئات إن لم تكن آلاف الريالات من أجل أن تعيش في بيت نظيف ومرتب، تعمل على أن تزهو أركان تفاصيله بالألوان الزاهية الجميلة، تمكث وقتًا طويلًا في اختيارات الأثاث الذي يتناغم مع المكان، ثم ترفقه ببعض المقتنيات الثمينة قيمة ومعنى، التي تُضفي على المكان راحة نفسية، ثم يأتي إليك زائر -كائنًا من يكون- وعلى حين غرة، يملأ أطفاله المكان صراخًا وإزعاجًا، بل وتدميرًا لكل ما يصل إلى أيديهم، وكأنهم جنود يدخلون في حرب ضروس يشتعل وطيسها منذ البداية ولا تنتهي إلا بالخسائر.

وبعد أن يرحل المعتدون، أي «الزائرون»، تحاول أن تُحصي حجم الخسائر التي تكبّدتها من هذه الزيارة الغاشمة على منزلك، ضمنيًا الزوج والزوجة في قرارة أنفسهم «منزعجون جدًا» مما حصل لمنزلهم، الأم الزائرة تضحك لأن صغيرها الشقي بدأ في الحركة بنشاط في المكان دون مساعدة منها، بل واستطاع أن يكسر صمته، ولا تنهاه إذا امتدت يده إلى جهاز تحكم التلفاز أو التكييف، ولا تسلبه من يديه قبل أن يبدأ في تحطيمها، فهي فخورة بأنه أصبح قويًا يعتمد على نفسه.

بعض الأطفال يمسكون بأي أداة تصل أيديهم إليها، ثم يبدأون في تشويه جدران المنزل، كل هذه السيناريوهات المخيفة والتصرفات الخاطئة تحدث في حضور «الأم والأب» اللذين يجعلان أنفسهما غير مهتمّين بما يدور حولهما، بل يستمران في حديثهما عن إنجازات أبنائهما أو طريقة تربيتهما لهم!

بينما هذه التصرفات المزعجة تحدث فعليًا عندهم في المنزل، ولا يجدون لها حلولًا أو قدرة على إيقافها، من كل ذلك أصبح الناس لا يتمنّون أبدًا زيارة الآخرين لهم لأنهم يعلمون أن لديهم أطفالًا مدمّرين ومزعجين للغاية.

الزيارة لها آداب وأصول متعارف عليها، بعض الزوار يمكثون عند ذويهم يومًا أو يومين ثم يرحلون، وبعد ذهابهم يكتشف أرباب المنزل أن هناك كوارث حدثت دون أن يتم إعلامهم بها، عملية ترميم الأشياء المكسورة والمُدمّرة تحتاج إلى وقت ومال وحالة نفسية تستطيع أن تتجاوز المشاهد المحزنة التي أصبحت جزءًا من الواقع.

فن التعامل مع الأطفال له أسس وقواعد تربوية تبدأ من الاهتمام والتوجيه والمتابعة من الوالدين للأبناء، فليس من التربية أن تدع الطفل يفعل ما يريد أن يفعله، خصوصًا في منازل الآخرين، على الأم أو الأب مسؤولية كبيرة في التحكّم بتصرفات أبنائهم والحد من مستوى الضوضاء وأعمال التخريب التي يقوم بها الأطفال، فليس من المعقول أن أي زيارة تنتهي بكارثة أو خسائر مادية وضغوطات نفسية.

أصبح بعض الناس يتذمّر عندما يتمّ مكاشفته بالحقائق، ويعتبر أن ما يفعله أطفاله هو مجرد أمر طبيعي لا يستدعي كل هذه الملاحظات أو الانزعاج منهم، لأنها تصدر بتلقائية دون قصد منهم في إحداث ضرر بالآخرين.

بكل مصداقية، نرى أن المسؤولية ليست فقط منحصرة في شقّ الأطفال، بل أيضًا الوالدان اللذان عليهما مسؤولية عظيمة ومهمة، فالطفل كما تُعوّده يعمل، ولذا من الواجب أن تكون هناك ردّة فعل مناسبة تمنع استمرار إلحاق الأذى بالآخرين.

مقالات مشابهة

  • السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية
  • أتمنى ألا يأتوا مرة أخرى!
  • ارتفاع في سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك مع تزايد الطلب على «الأخضر»
  • محافظ البنك المركزي : نشاط البنوك مع الخارج بات عبر عدن وليس صنعاء
  • البنك المركزي يصدر قرارًا بشأن فائدة البنوك
  • محافظ البنك المركزي: انتقال مقرات البنوك إلى عدن وقطع علاقاتها مع الحوثيين بشكل نهائي
  • ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب | فيديو
  • محافظ البنك المركزي: البنوك نقلت مقراتها إلى عدن وتعهدت بقطع علاقاتها مع الحوثيين
  • فيكرات: القرض الفلاحي يعتمد المرونة في مالجة ديون الفلاحين
  • تراجع الطلب على تدبير الدولار في البنوك المصرية (خاص)