???? شبح السيناريو الليبي وكيف ستمنع مركزية الاقتصاد تقسيم السودان على غرار ليبيا
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
الاقتصاد السياسي للسودان
شبح السيناريو الليبي وكيف ستمنع مركزية الاقتصاد تقسيم السودان على غرار ليبيا
إعلان الحكومة الجديدة في السودان يثير تساؤلات حول ما إذا كان البلد يسير نحو سيناريو ليبي يتمثل في وجود حكومتين متنافستين، أو أنه سيتبع مسارًا مختلفًا. ولتقييم ذلك، يجب تحليل أوجه التشابه والاختلاف الأساسية بين الوضع في السودان والأزمة السياسية في ليبيا بعد عام 2014، عندما ظهرت إدارتان متنافستان في طرابلس وطبرق، وكل منهما تدعي الشرعية
من ابرز أوجه التشابه الرئيسية بين الأزمة السودانية والليبية هو اولا طبيعة الصراع وهي صراع بين فصيلين متنافسين ذوي نفوذ عسكري حيث ان كلا البلدين شهدا تنافسًا سياسيًا وعسكريًا عميقًا.
ثانيا، التدخلات الخارجية والتأثيرات الإقليمية حيث أن كلا من السودان وليبيا يشهدان تدخلات إقليمية ودولية تدعم الأطراف المتنازعة.
ثالثا، التجزئة السياسية والانقسامات الإقليمية حيث ان السودان، مثل ليبيا، يمتلك مراكز قوة إقليمية يمكن أن تعزز الانقسام طويل الأمد.
الا ان المتأمل لطبيعة التركيبة الاقتصادية والمؤسسة للبلد يمكن أن يرى نقاط الاختلاف الاي من شأنها أن تمنع السودان من تكرار السيناريو الليبي
اولا، اختلاف الديناميكيات بين الجيش والميليشيات ففي ليبيا، كان الصراع بين فصائل سياسية ذات هياكل عسكرية قوية تمكنت من إدارة مناطقها بفعالية.اما في السودان، فإن قوات الدعم السريع تعمل كميليشيا أكثر من كونها مؤسسة حكومية منظمة، مما يجعل من الصعب عليها إنشاء حكومة مستقلة
ثانيا ،التحديات المرتبطة بالاعتراف الدولي، فقوات الدعم السريع تفتقر إلى البنية السياسية التي تمكنها من إقامة حكومة معترف بها دوليًا، على عكس ليبيا حيث تمتعت الحكومتان المتنافستان بدرجة من الشرعية الدولية
ثالثا وهو العامل الأهم، مركزية الاقتصاد السوداني وسيطرة الحكومة على الموارد، إذ يعد الاقتصاد المركزي أحد الفروقات الأساسية بين السودان وليبيا فيما يتعلق بالتجزئة السياسية. ففي حين أن ثروة ليبيا – وخاصة عائدات النفط – كانت مقسمة بين الفصائل المتناحرة، لا تزال الموارد الاقتصادية الرئيسية في السودان تحت سيطرة الدولة الرسمية، مما يمنح الحكومة ميزة اقتصادية كبيرة تجعل من الصعب على قوات الدعم السريع إنشاء حكومة موازية مستقرة. إذ يعتمد السودان بشكل كبير على صادرات النفط، لكن البنية التحتية النفطية الأساسية تتركز في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، وخاصة ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، وهو نقطة التصدير الرئيسية للنفط القادم من كل من السودان وجنوب السودان. و رغم أن بعض حقول النفط تقع في مناطق النزاع، إلا أن خطوط الأنابيب ومنشآت التصدير لا تزال خاضعة لسيطرة القوات المسلحة السودانية. هذا يمنح الجيش السوداني ميزة استراتيجية قوية، حيث يشكل النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية عبر رسوم العبور التي يدفعها جنوب السودان لاستخدام خطوط الأنابيب السودانية. وعلى خلاف الوضع السوداني، في ليبيا، كانت موارد النفط موزعة بين الشرق والغرب، حيث كانت الجيش الوطني الليبي في الشرق وحكومة الوفاق الوطني في الغرب يتمتعان بوصول مستقل لعائدات النفط. و هذا بدوره مكّن الفصيلين من تمويل حكومتين منفصلتين بشكل مستدام. أما في السودان، فـقوات الدعم السريع لا تمتلك أي مصدر دائم ومستقل للتمويل عبر النفط، مما يجعلها عاجزة عن إنشاء هيكل حكومي مماثل.
رابعا، السيطرة على النظام المالي والمصرفي، نقطة ضعف قوات الدعم السريع. فعلى عكس ليبيا، حيث أسس كل طرف شبكة مصرفية مستقلة، لا تزال المؤسسات المالية والمصرفية السودانية تحت سيطرة الجيش. فالبنك المركزي السوداني والبنوك التجارية الكبرى تقع في الخرطوم وبورتسودان، حيث تتمتع القوات المسلحة السودانية بالنفوذ الكامل. هذا يعني أن الحكومة لا تزال تتحكم في السياسات النقدية، قيمة العملة، والاحتياطي الأجنبي، مما يجعل من الصعب على قوات الدعم السريع تمويل عملياتها عبر القنوات الرسمية. أيضا هنالك تحديات مالية اخرى تواجه قوات الدعم السريع التي لا تمتلك أي وسيلة للوصول إلى النظام المالي الرسمي وتعتمد على: تهريب الذهب: حيث تسيطر على بعض مناطق التعدين، خاصة في دارفور، وتقوم بتصدير الذهب بطرق غير شرعية . الدعم الخارجي: هناك تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع تحصل على تمويل وتسليح من بعض الدول الإقليمية، لكن هذا لا يمثل نموذجًا اقتصاديًا مستدامًا. النهب وفرض الضرائب: في المناطق التي تسيطر عليها، تقوم بفرض ضرائب غير رسمية على الشركات، لكن هذه ليست آلية يمكن أن تدعم حكومة موازية على المدى الطويل.
على عكس ليبيا، حيث تمكن الجيش الوطني الليبي من توقيع عقود تصدير نفطية مباشرة وتأمين مصادر تمويل دولية، لا تمتلك قوات الدعم السريع أي نموذج مماثل، مما يعوق قدرتها على إدارة حكومة مستقلة.
خامسا، الأهمية الاستراتيجية لميناء بورتسودان
لماذا بورتسودان مهمة؟
ميناء بورتسودان هو شريان الحياة للاقتصاد السوداني، حيث يعالج أكثر من 90% من التجارة السودانية و يعتبر مركزًا رئيسيًا لواردات الغذاء، الوقود، والسلع الصناعية، وكذلك صادرات النفط، الذهب، والثروة الحيوانية. طالما أن الجيش السوداني يحتفظ بالسيطرة على الميناء، فإنه يسيطر على اقتصاد البلاد بالكامل، مما يمنع قوات الدعم السريع من تطوير طرق تجارية مستقلة أو تأمين إمدادات حيوية
مقارنة بالموانئ الليبية
في ليبيا، كانت الموانئ موزعة بين الحكومتين المتنافستين، حيث سيطرت حكومة الوفاق على طرابلس، بينما سيطر الجيش الوطني الليبي على بنغازي، مما سمح للطرفين بالحصول على الموارد اللازمة لتشغيل حكومتين منفصلتين. في السودان، يوجد ميناء رئيسي واحد، مما يعني أن أي طرف يسيطر عليه يملك الهيمنة الاقتصادية الكاملة. وإذا لم تستطع قوات الدعم السريع الوصول إلى طرق التجارة، الوقود، والمواد الغذائية، فسيكون من الصعب عليها تشكيل إدارة مستقرة.
الجدول المرفق يلخص الفوارق بين السيناريوهين من حيث الانقسام السياسي والاقتصادي.
د. سبنا امام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الجیش الوطنی اللیبی قوات الدعم السریع فی السودان فی لیبیا من الصعب لا تزال
إقرأ أيضاً:
سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان
بدخول قوات الدعم السريع إلى حقل هجليج النفطي بغرب كردفان، أكبر حقول البترول في السودان، تصبح كل مناطق النفط في غرب السودان تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
تقرير: التغيير
الجيش السوداني – وبحسب مصادر عسكرية – أكد انسحاب اللواء (90) التابع لبابنوسة من المنطقة باتجاه دولة الجنوب، حيث سبقته إلى هناك قوات الفرقة (22) بابنوسة واللواء (89) مشاة واللواء (170) مدفعية، تجنبًا للخسائر المادية والبشرية، برفقة عدد من المهندسين والعاملين بالحقل.
الهجوم المتكرر بالطائرات المسيّرة والمدافع من قبل قوات الدعم السريع على حقول النفط بغرب كردفان دفع العاملين والشركات العاملة إلى مغادرة حقول الإنتاج منذ وقت مبكر، حيث توقف العمل.
تراجع وأرقامإنتاج النفط السوداني تراجع إلى (60) ألف برميل يوميًا قبل الحرب، وتوقف تمامًا أثناء الحرب. وكان حقل هجليج ينتج (70) ألف برميل قبل أن يتراجع إلى حوالي (40) ألف برميل، في منطقة تقع فيها حوالي (70) بئرًا وترتبط بحقول النفط في حقول (نيم) و(دفرة) و(كنار)، بخط الأنابيب الرئيسي، وبالمنشآت النفطية ووحدة المعالجة المركزية في هجليج.
قوات الدعم السريع أكدت في بيان صحفي أن سيطرتها على الحقل لصالح الشعب السوداني، فيما راجت أنباء عن اعتزام قوات تأسيس التنسيق مع حكومة الجنوب فيما يتعلق بالنفط المُصدّر للخارج.
وقال القيادي بتحالف (تأسيس) محمد بشير، إن تحرير منطقة هجليج بولاية غرب كردفان يمثل مرحلة جديدة في الحرب، باعتبار أن المنطقة لديها ثقل اقتصادي واستراتيجي يتمثل في حقول النفط، الداعم الأبرز للاقتصاد، والسيطرة عليها تعني امتلاك ورقة استراتيجية في أي عملية بناء للدولة السودانية بشكلها الجديد.
وأضاف: في الجانب العسكري، موقع المنطقة الحيوي يجعلها نقطة ارتكاز تتحكم في خطوط الإمداد وحركة القوات، مما يغيّر ميزان القوى على الأرض بشكل أوضح.
وأشار بشير إلى أن سيطرة قوات تأسيس على كامل ولاية غرب كردفان تعني بداية مرحلة الحرب على ولايات شمال كردفان ووسط السودان.
هجليج حسابات واتفاقياتالباحث الاقتصادي عبد الله محمد أكد لـ(التغيير) أن السودان سيفقد ما بين (300) و(400) مليون دولار سنويًا جراء توقف نفط الجنوب.
مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الصادرات، حيث كانت الحكومة السودانية تأخذ حصتها كمواد بترولية وتصدر بقية النفط، وبالتالي ستضطر لتعويض ذلك بالاستيراد.
وأوضح عبد الله أنه حتى في حالة اتفاق قوات الدعم السريع والجنوب على تشغيل الحقول، لا يمكن تعديل الاتفاقيات الموقعة من جانب حكومة السودان، التي تمتلك ورقة ضغط مهمة تتمثل في امتلاك الخط الناقل وصولًا إلى الميناء في بورتسودان.
وأبدى تخوفه من أن يؤدي الصراع على النفط إلى انفصال جديد لغرب السودان على غرار ما حدث في جنوب السودان، حيث كان النفط أحد محفزات الانفصال.
تجنب المخاطرالعقيد المتقاعد النور سعد، وصف لـ(التغيير) الوضع بالخطير بعد سيطرة قوات الدعم السريع على اللواء (90) آخر معاقل الجيش في ولاية غرب كردفان، مشيرًا إلى أن الانسحاب كان لا بد منه في ظل سقوط الفرقة في بابنوسة، كما أن القتال في منطقة حيوية واستراتيجية كان سيوقع خسائر كبيرة في المنطقة، حتى لو كان اللواء (90) يمتلك إمكانيات قتالية، إذ كان سينسحب تجنبًا للخسائر كما ذكرنا.
#غرب_كردفان | محلية هجليج
◉ سيطرت مليشيا الدعم السريع على منطقة هجليج النفطية، بما في ذلك مقر قيادة اللواء 90 مشاة عقب انسحاب القوات المسلحة ليلًا تجنبًا لوقوع دمار في المنطقة، مع إجلاء العمال السودانيين والصينيين من الموقع النفطي.
◉ توغلت مليشيا الدعم السريع نحو 22 كيلومترًا… pic.twitter.com/Qnvh1ED1DM
— VISTA (@VistaMaps) December 8, 2025
وأكد سعد أن خطوط إمداد الدعم السريع باتت مفتوحة من ولاية شرق دارفور (الضعين)، مما يضيّق الخناق على مناطق جنوب كردفان المحاصرة وهي كادوقلي والدلنج. وأشار إلى ضرورة تحرك سريع ومدروس للجيش لفك حصار جنوب كردفان.
قائلًا: مرحلة الاستنزاف يجب ألا تطول حتى لا تتمكن قوات الدعم السريع – بمساعدة الإمارات – من بناء منظومات دفاعية في مناطق سيطرتها الجديدة كما حدث في نيالا.
وتابع: دولة جنوب السودان أيضًا متضررة من توقف النفط، وربما سيتم الضغط عليها من قبل داعمي قوات الدعم السريع لفتح خطوط إمداد جديدة من هناك للسودان، ولكن لا ننسى أن الحكومة في بورتسودان تمتلك أيضًا ميزة خطوط الصادر شرقًا، وبالتالي الوضع معقد جدًا.
وأضاف: الدعم السريع تقاتل بلا أخلاق، وهي جهة غير مؤتمنة على ممتلكات السودانيين، تمارس النهب والسرقة، وكلنا شهود عيان على الدمار والسرقات في حقول وشركات النفط. وأكد سعد ثقته في خطة قيادة الجيش السوداني في قلب الطاولة وتغيير المعادلة على الأرض.
الوسومإنتاج النفط في السودان حقل هجليج ولاية غرب كردفان