جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-15@10:10:13 GMT

من هو الجدير بالمنصب؟!

تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT

من هو الجدير بالمنصب؟!

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

"الحرس القديم" مصطلح كثُر استخدامه في السنوات الأخيرة في الوطن العربي من جيل الشباب، ويُشير هذا المفهوم إلى كبار المسؤولين في أي دولة والذين يحتفظون بمناصبهم لعقود طويلة، على الرغم من إخفاقاتهم الكثيرة، ولكن هناك إصرار يتمثل في حبهم الشديد وتمسكهم بالكرسي أو المنصب إلى ما لا نهاية.

هؤلاء المسؤولون يعتقدون؛ بل يجزمون بأحقيتهم بأن يُخلَّدوا في أماكنهم، فلا يُوجد شخص في هذا الكون يستطيع أن يقوم بالواجبات اليومية لتلك الشخوص "الطرزانية" من وجهة نظر الجهات العُليا التي سمحت لهم وعينتهم؛ باعتبارهم أفرادًا جاءوا من عالم آخر، وبأنَّ الوظيفة هنا تشريف وليست تكليفًا. والأهم من ذلك كله، أن هناك شعورٌ بأنَّ حياتهم لا يُمكن أن تستمر بتركهم المنصب؛ بل هم مثل السمك الذي يموت بخروجه من محيط الوظيفة الحكومية. من هنا تأتي المعضلة الكبيرة في معارضتهم للإصلاحات الجديدة التي يفرضها واقع المُتغيرات الجديدة وبالدرجة الأولى مصلحة الوطن والمواطن، وذلك انطلاقًا من القاعدة الصحيحة التي تقول "لكل زمن دولة ورجال"، ذلك لكون أن الإنسان له سنوات معينة في الإنتاج والعطاء؛ بل وحتى في الإبداع يمكن أن يمتد لعقد من الزمن كحد أقصى.

صحيحٌ أن مفهوم "الحرس القديم" يعود لقرون مضت وتحديدًا عصر الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي كانت له مقاييس ومواصفات في حرسه القديم من القادة والشخصيات السياسية في بلاطه الإمبراطوري، إلّا أن الوجود الحقيقي لهم في معظم بلداننا العربية ودول العالم الثالث مزروع من دول أجنبية بهدف المحافظة على مصالح الدول الاستعمارية، التي خرجت من الأبواب بسبب الثورات الوطنية، ثم عادت من النوافذ الخلفية من خلال هؤلاء. كلٌّ من في منظومة الحرس القديم يحارب الأفكار الجديدة وينغلق على نفسه؛ فالخطر الأكبر الذي لا يُمكن تحمله وقبوله هو الدماء الجديدة من الجيل الصاعد الذين يفترض بهم أن يحملوا الراية نحو الغد المشرق وهذه سنة الحياة، انطلاقًا من المبدأ المُتعارَف عليه في الدول التي تُحارب الفساد وتُحقق العدالة الاجتماعية بتخصيص سنوات معينة للمسؤول الحكومي لا تتجاوز الخمس سنوات، ثم يخضع للتقييم الذي يحدد مدى استمراريته في المنصب من عدمه.

في كل مرحلة يحتاج الوطن إلى أصحاب الابتكارات والمشاريع الإصلاحية، فهناك تجارب عالمية ناجحة كان لها الدور الأكبر في انتشال تلك المجتمعات الفقيرة من شظف العيش والانطلاق بأوطانها نحو حجز مكان بارز في مصاف الدول المتقدمة، على الرغم من قلة الموارد الطبيعية واستبدال ذلك بما يعرف بـ"الاقتصاد المعرفي"، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على عقول الأبناء الذين يحولون إبداعاتهم العلمية والبحثية إلى مشاريع إنتاجية واعدة تصدر إلى مختلف دول العالم.

هنا أتذكر تجارب آسيوية وأفريقية من دول مثل ماليزيا التي نجح فيها مهاتير محمد في عقد الثمانينيات لتُصبح ماليزيا دُرة التاج لدول شرق آسيا من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بينما يقود مُؤسس سنغافورة (لي كوان يو) تلك الجزيرة التي تفتقر إلى النفط والغاز والمعادن لتصبح واحدة من أفضل اقتصاديات العالم قاطبة، معتمدًا في بداية عمله على تطوير التعليم ومحاربة الفساد من الأعلى، أو ما أصبح يعرف بـ"تكنيس الدرج من الأعلى" أي التخلص من فساد الحرس القديم ومحاسبتهم وطردهم من مفاصل الدولة.

أما التجربة الثالثة، فأتت من قلب القارة السمراء التي ينخر فيها الفساد؛ إذ كانت جمهورية رواندا لا تملك ثروات طبيعية، ولا منفذًا على البحر، لكن تهيأ لها قائدٌ أمين عمل جاهدًا على اجتثاث الفساد والمُفسدين، ويُدعَى (بول كاغامه) الذي تولى الرئاسة في مطلع هذه الألفية، فقد أصدر قانونًا إجباريًّا يتم تطبيقه ميدانيًّا على خمسة آلاف مسؤول رواندي وعائلاتهم؛ بما فيهم رئيس الجمهورية نفسه؛ وذلك بهدف الكشف عن حساباتهم البنكية وأملاكهم في الداخل والخارج، وتطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟". وبالفعل ذهب إلى حبل المشنقة بعض المسؤولين الذين نهبوا المال العام.

ومن المُفارقات العجيبة أن رواندا خرجت من أسوأ حرب أهلية في التاريخ؛ قُتِل فيها مليون مواطن رواندي في تسعينيات القرن الماضي، لكنها نهضت من مُستنقع الإبادة الجماعية لتتحول إلى أفضل سوق مفتوح في أفريقيا، وبنموٍّ سنوي تجاوز أفضل الاقتصاديات في العالم.

وفي الختام.. من المؤسف حقًا أنَّ دولنا العربية التي تملك الثروات المعدنية والنفط والغاز والزراعة والثروات السمكية الطائلة لم تنجح في انتشال مواطنيها من الفقر والجهل والأُمِّية، إذ نجد الكثير من الدول العربية دولًا فاشلة بسبب نهب الأموال وتحويلها للخارج في البنوك الغربية، وقد لا ترجع يومًا ما للذين أودعوها، فقد أعلن الرئيس الأمريكي عن نيته مصادرة المليارات التي أودعها رموز الفساد في العراق إبان الاحتلال الأمريكي وسقوط بغداد في العقد الأول من الألفية الثالثة.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الإسباني سانشيز يعتذر عن فضائح الفساد في حزبه الاشتراكي

يونيو 12, 2025آخر تحديث: يونيو 12, 2025

المستقلة/- اعتذر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن فضائح الفساد داخل حزبه الاشتراكي يوم الخميس، بعد ساعات من تورط عضو بارز في منظمته السياسية في فضيحة رشاوى.

وقال سانشيز في مؤتمر صحفي متلفز بمقر الحزب في مدريد: “أحضر هنا لأعتذر لمواطني وأنصار حزب العمال الاشتراكي الإسباني”.

جاء هذا الاعتذار العلني الاستثنائي بعد ساعات من نشر الصحافة الإسبانية تقريرًا يفيد بأن وحدة العمليات المركزية (UCO) التابعة لقوة الشرطة الوطنية للحرس المدني تمتلك أدلة تربط سانتوس سيردان، ثالث أعلى عضو في الحزب الاشتراكي، بتلقي رشاوى.

ويشير تحقيق وحدة العمليات المركزية إلى تواطؤ سيردان مع وزير النقل السابق خوسيه لويس أبالوس ومستشاره السابق، كولدو غارسيا، لتحصيل عمولات غير قانونية مرتبطة بمشاريع أشغال عامة.

وقال سانشيز: “لقد تمكنا هذا الصباح من معرفة محتوى التقرير… ظهرت أدلة، وهي خطيرة للغاية. للأسف، الفساد موجود في هذا العالم، ولكن يجب عدم التسامح مطلقًا عند حدوثه.”

في بيان صحفي أعلن فيه استقالته، أكد سيردان أنه “لم يرتكب جريمة قط ولم يكن متواطئًا فيها”، وقال إنه يستقيل للتركيز على دفاعه القانوني. وأضاف سيردان أنه سيخضع للاستجواب الطوعي من قبل قاضي المحكمة العليا الذي يحقق في قضية أبالوس وغارسيا.

جاءت أنباء تواطؤ سيردان المزعوم مع أبالوس وغارسيا بعد أيام قليلة من مداهمة منزل وزير النقل السابق في فالنسيا من قبل وحدة مكافحة الجريمة المنظمة (UCO)، وهي وحدة متخصصة داخل الحرس المدني تُعنى بأخطر الجرائم والجريمة المنظمة. ويُصرّ السياسي، الذي طُرد من الحزب الاشتراكي عام 2024، على براءته، وصرح للصحفيين هذا الأسبوع بأنه كان ضحية “خدع وأكاذيب”. من جانبه، أصرّ غارسيا دائمًا على أنه لم يكن هناك أي مخالفة.

أعرب سانشيز عن “غضبه وحزنه العميقين” إزاء هذه الفضائح، لأنه لطالما آمن بالسياسة النظيفة والتجديد الديمقراطي، فضلًا عن مكافحة الفساد.

وأكد رئيس الوزراء أنه سيعيد هيكلة القيادة العليا لحزبه بالكامل، وسيأمر بإجراء تدقيق مستقل لمالية الحزب.

مقالات مشابهة

  • 10 أسباب لرفع عداد الكهرباء القديم وتركيب أبو كارت
  • مسؤول إيراني كبير: سنستهدف قواعد الدول التي تدافع عن إسرائيل
  • إيران: الحرس الثوري يكشف عن قائمة الأهداف التي هاجمها في إسرائيل
  • بنعبد الله: الشباب المغربي قوة حاضرة ينبغي أن تقتحم الفضاء السياسي رغم هيمنة أساليب الفساد
  • ضربة قاصمة لإيران.. معلومات عن القائد العام للحرس الإيراني الذي اغتالته إسرائيل في قلب طهران؟
  • من هو أمير علي حاجي قائد سلاح الجو الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثّق الضربات التي استهدفت مواقع داخل إيران.. فيديو
  • رئيس الوزراء الإسباني سانشيز يعتذر عن فضائح الفساد في حزبه الاشتراكي
  • المقرحي: توحيد سعر الصرف هو المدخل لإنعاش الاقتصاد ومحاربة الفساد
  • الإيجار القديم.. الحكومة تناقش خطة تعداد السكان والمنشآت 2027