شمسان بوست / متابعات:

في تطور ميداني مفاجئ، سيطر الجيش السوداني صباح اليوم الجمعة على القصر الجمهوري في وسط العاصمة الخرطوم، بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع التي كانت تتحصن داخل المبنى. وأكدت مصادر ميدانية أن القوات المسلحة السودانية نفذت عملية نوعية استمرت لساعات، مستخدمة الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، أسفرت عن استعادة السيطرة الكاملة على واحد من أهم رموز السيادة في البلاد.


شهود عيان تحدثوا عن دوي انفجارات ضخمة واشتباكات متواصلة منذ الفجر وحتى ساعات الصباح الأولى، تخللها تقدم آليات الجيش السوداني من عدة محاور نحو محيط القصر، قبل أن تتمكن وحدات الاقتحام من دخوله وتطهيره بالكامل. وبحسب المصادر، فقد انسحبت قوات الدعم السريع بشكل مفاجئ من الموقع، بينما تم القبض على عدد من أفرادها، بعضهم في حالة إصابة بالغة.

القصر الجمهوري، الذي ظل خلال الأشهر الماضية تحت سيطرة قوات الدعم السريع، يمثل نقطة استراتيجية وسيادية بالغة الأهمية، لكونه مقر الحكم ورمز الدولة السودانية، ويقع في موقع حساس وسط العاصمة وعلى مقربة من مؤسسات ومقار دبلوماسية بارزة. استعادة هذا الموقع من قِبل الجيش تعتبر ضربة موجعة لقوات الدعم السريع التي تراجعت ميدانيًا في أكثر من جبهة خلال الأسابيع الماضية.

وتأتي هذه التطورات بعد قرابة عامين من اندلاع الصراع المسلح بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي خلّف آلاف القتلى والجرحى، وتسبب في نزوح ملايين السودانيين داخليًا وخارجيًا، وسط انهيار شبه تام في مؤسسات الدولة والخدمات الأساسية.


ردود الفعل على السيطرة الجديدة تنوعت ما بين الترحيب الحذر من القوى السياسية والمدنية، والقلق الشعبي من اتساع رقعة المواجهات في الخرطوم، خاصة مع استمرار الاشتباكات في بعض المناطق الجنوبية والغربية للمدينة. المواطنون، رغم شعور بعضهم بالأمل جراء هذا التقدم، ما زالوا يعيشون تحت وقع القصف والانفلات الأمني، في ظل غياب أفق واضح لحل سياسي شامل.


وفي الوقت الذي لم تصدر فيه قوات الدعم السريع أي بيان رسمي بشأن انسحابها من القصر، تحدثت حسابات تابعة لها عن “إعادة تموضع تكتيكي” دون الخوض في تفاصيل، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات لهجمات مضادة في الساعات أو الأيام المقبلة.


السيطرة على القصر الجمهوري تمثل من الناحية العسكرية والمعنوية تقدمًا كبيرًا لصالح الجيش، وقد تعيد رسم خارطة السيطرة داخل العاصمة، إلا أن المشهد العام لا يزال هشًا، في ظل غياب تسوية سياسية حقيقية، واستمرار حالة الاحتراب التي تعصف بالبلاد منذ ربيع عام 2023.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع القصر الجمهوری

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع

رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد. اعلان

دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

تحذير من تقسيم السودان

وفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي "جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية" التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو "حميدتي".

وأكد البيان أن هذه الخطوة "ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان"، منددا مجددا بـ"جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ" لقرارات الأمم المتحدة.

حكومة موازية وسط رفض محلي ودولي

وأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.

وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل "حكومة السلام والوحدة"، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل "الوجه الحقيقي للسودان"، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.

وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر "تفكك السودان"، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.

Related 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ هجوم على مدنيين في السودان11 قتيلًا في هجوم دموي لقوات الدعم السريع بشمال كردفانعبر تذاكر مجانية.. مبادرة مصرية لإعادة اللاجئين السودانيين من القاهرة إلى الخرطوم اتهامات لـ"الدعم السريع" باستهداف المدنيين

وقبل أيام، اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.

وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.

وأكد البيان أن "من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين".

وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه "انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية".

ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.

انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانية

وتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.

في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.

13 وفاة بسبب الجوع في دارفور

وفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة "شبكة أطباء السودان" أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.

ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.

أزمة إنسانية خطيرة

وبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.

من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا".

وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن "أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%".

وتوقع بلبيسي عودة "نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر
  • رعد في القصر الجمهوري ووفيق صفا في اليرزة
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • الدعم السوداني
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”
  • بارا في قبضة الجيش السوداني
  • العمليات القتالية تحتدم.. وطيران الجيش السوداني يسيطر على أجواء كردفان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
  • الجيش السوداني يسترد مدينة كبيرة في كردفان