جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@22:12:50 GMT

نقد التراث أم نقضه؟

تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT

نقد التراث أم نقضه؟

 

فوزي عمار

أغلبنا ينتقد التراث ويكيل له التهم، وهو أصلا لم يطلع على الكثير منه؛ فالتراث الإسلامي والعربي تقريبا كتب في مواضيع كثيرة من علم الاجتماع والجغرافيا والزراعة والرياضيات، وغيرها من مختلف العلوم.

ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع والعمران الذي نُطلق عليه اليوم بالتنمية، والإدريسي الذي رسم خريطة لملك صقلية تعتبر الأكثر تقدما من خرائط العالم القديم، وابن بيطار إمام العشابين العرب والذي أدخل النبات في علوم الصيدلة.

وفي الرياضيات، اخترع المسلمون علم الجَبر وسُمي باسمهم واخترعوا الخوارزميات (نسبة إلى الخوارزمي) حديث الساعة الآن لما له أساس في وسائط التواصل الاجتماعي.

وغير بعيد عن هؤلاء، الجاحظ يكتب أدبًا وفلسفة نقلت عنه إلى عصرنا هذا بإعادة صياغة لطرحه؛ ففي كتابه "المحاسن والأضداد" يقول الجاحظ بأسلوبه البلاغي والفكاهي: "ومن العجائب أن ترى الرجل يمدح الصبر، ويذم الجزع، وهو إذا مسه الشر جزع، وإذا ناله الخير فرح. وتراه يمدح القناعة، ويذم الطمع، وهو لا يزال يجمع المال، ويحرص على الادخار. وتراه يمدح التواضع، ويذم الكبر، وهو لا يزال يحب أن يُعظم ويُكرم. فكأنما مدح هذه الخصال لغير نفسه، وذم أضدادها لغيره".

وهو من نقل عنه المفكر العراقي علي الوردي في كتابه "وُعَّاظ السلاطين"؛ إذ ينتقد الوردي دور الوُعَّاظ الذين يُروِّجون لقيم مثالية، بينما يعيشون هم أنفسهم في تناقض مع هذه القيم. ويضيف الوردي: "الواعظ يدعو الناس إلى الزهد في الدنيا، وهو يحرص على جمع المال والجاه، وكأنما الزهد للعامة والثراء للخاصة".

ولو بحثنا أكثر لوجدنا تشابهًا بين الجاحظ والفيلسوف الفرنسي إيمانويل كانط يصل لدرجة التناص في مواضيع عدة، ويبدو أن كانط قرأ الجاحظ جيدًا، فقد سبق الجاحظ كانط بتسعمائة عام.

أحد أبرز جوانب التراث الذي يتعرض للنقد هو الفقه الإسلامي، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية مثل حقوق المرأة والعبودية والعقوبات الجنائية؛ فبعض الأحكام الفقهية التي كانت مناسبة لعصرها قد لا تكون ملائمة لعصرنا الحالي.

لذا نحن في حاجة لقراءة التراث العربي والإسلامي قراءة جيدة قبل نقده والطعن فيه بخبط عشواء، ونقضه بدلا من نقده، تحبط أجيالنا القادمة وتقوض ثقتهم في تاريخهم وبالتالي في أنفسهم.

إنَّ التراث العربي والإسلامي ثروة كبيرة، لكنه ليس معصومًا من النقد؛ فالنقد الموضوعي يساعدنا على فهم هذا التراث بشكل أفضل، واستخلاص الدروس منه لبناء حاضر ومستقبل أفضل. ويجب أن نتعامل مع التراث بوعي نقدي، ونفهم أنه جزء من مسيرة الإنسان الطويلة في البحث عن المعرفة والحقيقة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشورى ينهي مناقشة مشروعي قانون التراث الثقافي وجرائم تقنية المعلومات

العُمانية: أنهى مجلس الشورى اليوم مناقشة كلًّا من: مشروع تعديل بعض أحكام قانون التراث الثقافي، ومشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأحالهما إلى مجلس الدولة لإتمام دورتهما التشريعية.

جاء ذلك خلال أعمال الجلسة الاعتيادية للمجلس الثانية عشرة لدور الانعقاد العادي الثاني (2024-2025م) من الفترة العاشرة (2023-2027م)، والتي عُقدت برئاسة سعادة طاهر بن مبخوت الجنيبي نائب رئيس مجلس الشورى.

وفي مستهل أعمال الجلسة، قدّم سعادة عبد الله بن حمد الحارثي، رئيس لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بمجلس الشورى ومقررها في هذه الجلسة، تقرير اللجنة حول مشروع تعديل بعض أحكام قانون التراث الثقافي.

ومن جانبه، قدّم سعادة الدكتور طلال بن سعيد المحاربي، نائب رئيس اللجنة التشريعية والقانونية، إيضاحات من ناحية الصياغة القانونية ومدى توافق مواد المشروع مع القوانين النافذة ذات العلاقة.

وناقش أصحاب السعادة أعضاء المجلس مواد التعديل الواردة في مشروع القانون، حيث قدم عدد منهم ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن ما تضمنه تقرير اللجنة من توصيات وتعديلات، مؤكدين على أهمية تطوير التشريعات المتعلقة بصون التراث الثقافي بما يواكب المتغيرات والمستجدات.

كما استعرض المجلس تقرير اللجنة التشريعية والقانونية حول مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث قدّم سعادة الدكتور أحمد بن سعيد السعدي، رئيس اللجنة التشريعية والقانونية ومقرر اللجنة، شرحًا مفصلًا حول أهم مضامين المشروع والتعديلات التي ارتأت اللجنة أهميتها لتحديث وتطوير المنظومة التشريعية المرتبطة بهذا المجال الحيوي، في ظل التوسع المتزايد في استخدام الوسائل الإلكترونية والتقنية الحديثة على مختلف المستويات.

وقد شهدت الجلسة مداخلات من أصحاب السعادة الأعضاء الذين قدموا ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن بعض مواد المشروع.

وفي ختام المناقشات، أقر المجلس تقرير اللجنة التشريعية والقانونية حول مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تمهيدًا لاستكمال الإجراءات التشريعية اللازمة.

وتضمنت أعمال الجلسة كذلك مناقشة وإقرار تقرير لجنة الخدمات والمرافق العامة حول مشروع اتفاقية الخدمات الجوية بين حكومة سلطنة عُمان ومملكة هولندا فيما يتعلق بإقليم كوراساو.

وأشار تقرير اللجنة إلى أن هذه الاتفاقية تمثّل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون المشترك في مجال الطيران المدني بين البلدين، بما يسهم في فتح آفاق جديدة للنقل الجوي، وتسهيل حركة المسافرين والبضائع، فضلًا عن تشجيع الاستثمارات المتبادلة في قطاع الطيران والخدمات المرتبطة به، وهو ما من شأنه أن يدعم توجهات سلطنة عُمان في تعزيز مكانتها كمركز لوجستي إقليمي ودولي.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس سيعقد اليوم جلسته الاعتيادية الثالثة عشرة، والتي ستخصص لمناقشة بيان وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

مقالات مشابهة

  • الشعر للناس… أمسية شعرية شبابية تُعيد نبض الكلمة إلى ساحات حلب
  • ختام ورشة عمل الحرف التقليدية المستوحاة من التراث المصري والصيني بجامعة الأقصر..صور
  • الأمير فيصل بن مشعل يزور مركز التراث الثقافي بالقصيم في مقر فرع هيئة التراث بالمنطقة
  • تدشين مبادرة "شبابنا وتراثنا" بنادي الفيوم لتعزيز الوعي الأثري لدى الشباب
  • ولي عهد الشارقة يعيِّن مديرين جدداً في هيئتي «الآثار» و«المتاحف» و«معهد التراث»
  • بتمويل أوروبي.. اليونسكو ترميم مئات المنازل التاريخية في اليمن
  • تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
  • تونس في عدسة الكاميرا 1920.. معرض يوثّق الذاكرة البصرية للمدينة العتيقة
  • الشورى ينهي مناقشة مشروعي قانون التراث الثقافي وجرائم تقنية المعلومات
  • العناني مرشح مصر يعلن برنامجه لقيادة المنظمة: «يونسكو من أجل الناس»