الحكومة تستعد لعيد الفطر بجميع المحافظات| استمرار إنتاج الخبز وفتح منافذ السلع ..تفاصيل
تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT
في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة توفير السلع الغذائية الأساسية والرقابة على الأسواق، أكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، رفع درجة الاستعداد القصوى بكافة قطاعات الوزارة والجهات التابعة لها ومديريات التموين في المحافظات استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك.
استعدادات وزارة التموين بعيد الفطروتهدف هذه الإجراءات لضمان توافر السلع الأساسية ومنع أي ممارسات احتكارية أو استغلالية بحق المواطنين.
وفي هذا الصدد، كشف الدكتور شريف فاروق أن خطة الوزارة خلال فترة العيد ترتكز على استمرار عمل غرف العمليات الرئيسية بالوزارة والمديريات على مدار الساعة، لتلقي شكاوى المواطنين والتعامل الفوري معها.
وأكد أنه تم رفع تقارير يومية حول الموقف التمويني بالمحافظات لضمان استقرار الأسواق.
وشدد الوزير على تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق والمنافذ التموينية والمجمعات الاستهلاكية لضمان توافر السلع بأسعار مناسبة وجودة عالية.
كما تم التأكد من توافر اللحوم الطازجة والمجمدة، بالإضافة إلى مستلزمات العيد مثل الكحك والبسكويت وباقي السلع الأخرى، بالتعاون مع الجهات المعنية والغرف التجارية، كما تم متابعة استقرار الأسعار والتدخل الفوري في حال وجود أي زيادات غير مبررة.
وفيما يخص توافر الخبز المدعم خلال فترة العيد، أكد الوزير استمرار عمل المخابز البلدية المدعمة وفق المواعيد الرسمية قبل رمضان، مع تنظيم إجازات المخابز بالتناوب لضمان عدم حدوث أي نقص.
كما تم صرف حصص الدقيق مسبقًا للمخابز العاملة خلال العيد، ومتابعة المطاحن لضمان توفير أرصدة كافية من الدقيق بنسبة استخراج 87.5%.
ضخ كميات من السلع في العيدوعلى مستوى توافر المواد البترولية والبوتاجاز، أشار الوزير إلى استمرار عمل محطات الوقود بكامل طاقتها خلال العيد، مع التأكد من توافر البنزين والسولار بكميات مناسبة في جميع المحافظات. كما تم متابعة أرصدة أسطوانات البوتاجاز بالمستودعات لضمان وجود مخزون استراتيجي يكفي لتلبية الطلب.
بالإضافة إلى التنسيق مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية لضخ كميات كبيرة من السلع الأساسية بالمجمعات الاستهلاكية ومنافذ التموين قبل العيد.
كما تم متابعة صرف المقررات التموينية من خلال البدالين التموينيين ومنافذ مشروع "جمعيتي"، والتأكد من توافر كافة السلع للمواطنين، مع استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية ومصانع تعبئة الزيوت ومخازن شركتي الجملة، واستمرار صرف المنحة الاستثنائية للأسر الأولى بالرعاية.
وأكد الوزير على تعزيز المبادرات لتخفيف الأعباء عن المواطنين من خلال التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير السلع بأسعار مخفضة، كما تم تكثيف الحملات اليومية بالتعاون مع الجهات الرقابية لضبط أي مخالفات بالأسواق والمخابز والمحلات العامة.
وتم إعداد نشرات توعوية لحث المواطنين على الاستهلاك الرشيد خلال فترة العيد، كما تم استقبال شكاوى المواطنين عبر منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة وأرقام هواتف غرف العمليات بمديريات التموين في المحافظات.
وأكد الوزير أن الوزارة ستواصل جهودها لضمان استقرار الأسواق وتوفير احتياجات المواطنين خلال العيد، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد أي مخالفات تموينية أو احتكارية.
640 ساحة لأداء صلاة عيد الفطرمن جهته، أعلن المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، تخصيص وتجهيز 640 ساحة لأداء صلاة عيد الفطر المبارك بجميع مراكز ومدن وأحياء المحافظة. وأضاف أن مديرية الأوقاف خصصت خطيبًا أساسيًا وخطيبًا احتياطيًا لكل ساحة، وتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية لتأمين ساحات الصلاة وتعزيز الخدمات عليها.
وأشار النجار إلى تكليف الهيئة العامة للنظافة والتجميل بتكثيف حملات النظافة في محيط المساجد وساحات الصلاة والشوارع المؤدية لها، بالإضافة إلى الحدائق والمتنزهات والأماكن المحيطة، وتم إلغاء الإجازات للعمال والسائقين والمشرفين في قطاعات النظافة والحدائق ومحطات المناولة.
ووجه النجار رؤساء الأحياء والمراكز والمدن بالتواجد الميداني لمتابعة حالة النظافة وإزالة أي إشغالات من محيط المساجد والساحات، مع تكثيف حملات رفع الإشغالات خلال أيام العيد.
وأعلن عن وضع سيارات إطفاء بجوار ساحات المساجد الكبرى التي تشهد إقبالا كبيرًا من المواطنين، بالإضافة إلى تواجد سيارات الإسعاف في العديد من المواقع للتعامل مع أي أحداث طارئة.
أما إدارة المرور في الجيزة، فقد قامت بتعزيز السيطرة على مواقف سيارات الأجرة، مع التأكد من التزام السائقين بتعريفة الركوب المحددة.
وأكد الدكتور السيد مسعد، وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة، إطلاق حملة نظافة وتعقيم واسعة بجميع المساجد على مستوى المحافظة استعدادًا لصلاة العيد، مع ضمان تهيئة الأجواء الإيمانية للمصلين.
من جانب آخر، أكد الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، أن مديرية الشئون الصحية رفعت درجة الاستعداد في جميع المستشفيات الحكومية استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك، كما تم تنظيم عمل الأطقم الطبية والتمريض خلال أيام العيد لضمان تقديم الخدمة الطبية بشكل منتظم.
كما شدد على التعاون مع مديريات الطب البيطري والتموين ومباحث التموين لمراقبة الأسواق والمحلات التجارية، خاصة تلك التي تبيع الأسماك المملحة والفسيخ، وتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية.
وأعلن الدكتور حمودة الجزار، مدير مديرية الشئون الصحية بالقاهرة، عن رفع درجة الاستعداد القصوى في المستشفيات لاستقبال حالات الطوارئ خلال العيد. كما تم إنشاء غرفة طوارئ بالمديرية تعمل على مدار 24 ساعة لتلقي أي شكاوى من المواطنين.
وأشار مدير الشئون الصحية إلى أن إدارة صحة البيئة تقوم بالمرور على دورات مياه المساجد للتأكد من نظافتها، وكذلك مراقبة النظافة العامة في الأسواق لتوفير بيئة صحية للمواطنين خلال الاحتفالات.
وفيما يخص مرفق الإسعاف، أشار الدكتور حسام البالي، مدير إسعاف القاهرة، إلى رفع درجة الاستعداد في مرفق الإسعاف، مع تجهيز عدد كاف من سيارات الإسعاف المنتشرة في أنحاء القاهرة، وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة للتعامل مع الحالات الطارئة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التموين السلع الخبز عيد الفطر المجمعات الاستهلاكية منافذ السلع المزيد
إقرأ أيضاً:
تفاصيل مؤامرة النظام المخلوع لسرقة ثروات المواطنين في سوريا
يمثل صدور المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025 عن الحكومة السورية الانتقالية خطوة في مسار سوريا الناشئة نحو تفكيك الإطار القانوني للمصادرة الممنهجة، التي كانت سمة بارزة لنظام حكم الأسد.
وقد صدر المرسوم في 10 مايو/أيار 2025، استنادا إلى المادة 48 من الإعلان الدستوري الصادر في 13 مارس/آذار من العام نفسه، بهدف إلغاء جميع قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة بين 2012 و2024. وبذلك يسعى إلى معالجة أحد أخطر أشكال انتهاكات حقوق الملكية التي مارستها الدولة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
وتشير بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى توثيق ما لا يقل عن 40 ألفا و602 قرار حجز ومصادرة، طالت قرابة 320 ألف مواطن سوري خلال تلك الفترة، ما يجعل هذه القضية شرطا أساسيا لإعادة بناء العقد الاجتماعي في سوريا ما بعد الأسد.
يقسم هذا المقال تحليله إلى محورين رئيسيين: يتناول الأول الخلفية التاريخية والإطار القانوني الذي أفضى إلى صدور هذا التدخل التشريعي، أما المحور الثاني فيقدم قراءة نقدية للمرسوم رقم 16 من حيث مضمونه وإطاره المؤسسي، محددا مكامن الإصلاح التي جاء بها، إلى جانب الثغرات التشريعية التي تعيق تحقيق عدالة شاملة.
القسم الأول: الإطار القانوني والسياق التاريخيإرث المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012: صدر هذا المرسوم في سبتمبر/أيلول 2012، في أوج حملة القمع العنيفة التي شنها نظام الأسد ضد الحراك الشعبي الذي بدأ في مارس/آذار 2011، مجسدا تحول القانون من أداة للحكم إلى وسيلة مركزية لتحويل مؤسسات الدولة إلى آلية منظمة للمصادرة التعسفية ذات الدوافع السياسية والأمنية، خارج أي إطار قضائي منصف.
وقد منح المرسوم وزير المالية صلاحية غير مسبوقة لإصدار قرارات الحجز التحفظي بناء على "طلب مسبب" من الأجهزة الأمنية فقط. هذه الصيغة، التي صيغت عمدا بعبارات فضفاضة، مكنت من حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لأي شخص يُشتبه في ارتكابه "جرائم إرهابية" دون وضع معايير دقيقة للاشتباه، أو توفير ضمانات للمراجعة، أو الاعتراض، أو إحالة القضايا إلى القضاء.
إعلانوبذلك، رسخ انتهاكا ممنهجا لمبدأ الحصرية القضائية في تقييد الملكية، إذ استحوذت السلطة التنفيذية على صلاحيات قضائية من دون أي تفويض دستوري أو ضمانات إجرائية.
تكشف الأدلة التي وثقها تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان النطاق الواسع لهذا التوظيف السياسي للقانون؛ فبين 2012 و2024، سُجل ما لا يقل عن 40 ألفا و602 قرار صادر عن وزارة المالية تتعلق بأصول وممتلكات مواطنين سوريين، شملت تجميد الأصول المنقولة وغير المنقولة، وأوامر الحجز الاحتياطي، والمصادرة، والتجميد الدائم للحسابات المصرفية.
ويظهر التحليل الديمغرافي للسكان المتضررين أن هذه الإجراءات استهدفت، بشكل مدروس، المعارضين السياسيين، والمعتقلين السابقين، والمختفين قسرا، واللاجئين، والنازحين، وبشكل خاص أفراد أسرهم، في انتهاك صارخ للمبدأ القانوني الأساسي للمسؤولية الفردية المكرس في كل من التقاليد الدستورية السورية والقانون الدولي.
الأساس الدستوري للمرسوم رقم 16 لعام 2025يستمد المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025 تفويضه من المادة 48 من الإعلان الدستوري الصادر في 13 مارس/آذار 2025، التي تكرس صلاحية إلغاء القوانين وآثارها بالنظر إلى الطبيعة الممنهجة للانتهاكات القانونية في ظل النظام السابق، بما يقتضي ليس فقط إصلاحا مستقبليا، بل أيضا تصحيحا بأثر رجعي للمظالم المتراكمة.
ويستند مبدأ التصحيح بأثر رجعي، الوارد في المرسوم، إلى قاعدة قانونية مفادها أن "القرارات الباطلة لا تترتب عليها آثار قانونية، ولا تستلزم الطعن القضائي لإبطالها، بل تُلغى بإجراء تنظيمي فور ثبوت سبب البطلان".
ويجسد الأثر الرجعي، كما نصت عليه أحكام المرسوم التنفيذية، مبدأ التصحيح الإداري المباشر للقرارات الباطلة، عبر إبطال جميع الآثار القانونية الناشئة عن قرارات الحجز الملغاة، بما في ذلك شطب القيود العقارية، وإلغاء التجميد الإداري في السجلات الرسمية، وإعادة الوضع القانوني للأصول المحجوزة إلى حالتها السابقة.
ومع أن هذا المبدأ يتمتع بسلامة قانونية، إلا أن تطبيقه العملي يصطدم بتحديات معقدة في سياق مصادرات استمرت لأكثر من عقد. فقد أدى تحويل الحجز الاحتياطي إلى مصادرة دائمة، ونقل الملكية إلى أطراف ثالثة مرتبطة بالنظام السابق أو المليشيات التابعة له، وتسجيل الممتلكات باسم الدولة، إلى خلق أوضاع قانونية متشابكة تتجاوز مجرد التراجع الإداري.
ولذلك، فإن تفعيل هذا المبدأ الدستوري يتطلب ابتكار آليات قانونية متقدمة لمعالجة الانتهاكات متعددة المستويات، وتسوية المطالبات المتعارضة، والتعامل مع حالات الاستحالة المادية لاستعادة الحقوق.
القسم الثاني: التقييم النقدي لمحتوى الإصلاح والثغرات المؤسسيةيكشف المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025 عن بنية متناقضة؛ فهو من جهة يقر بالانتهاكات القانونية الممنهجة، ومن جهة أخرى يحد من نطاق الانتصاف بطرق تحد من أثره الإصلاحي.
فالمادة الأولى منه تحصر الإلغاء صراحة في قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة "استنادا إلى المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012" دون مرجع قضائي أو تعليمات أمنية مباشرة.
ورغم أن هذه الصيغة تعالج الشريحة الكبرى من عدد الانتهاكات، فإنها ترسخ استثناءات تُضعف إلى حد كبير الأثر الإصلاحي للمرسوم.
إعلانومن أبرز هذه الاستثناءات استبعاد قرارات الحجز القضائي الصادرة عن النيابة العامة أو قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة، رغم أن كثيرا منها استند إلى الإطار ذاته من التجريم المبهم والدوافع السياسية الذي وسم قرارات الحجز الإدارية.
يمثل هذا الاستبعاد للضبط القضائي إشكالية عميقة في ضوء واقع القضاء السوري تحت حكم الأسد، إذ أصدرت السلطات القضائية، في كثير من الحالات، أوامر ضبط وفق المنطق القانوني نفسه القائم على التلاعب السياسي والغموض التشريعي.
كما أن قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012، الذي منح النائب العام أو من ينوب عنه صلاحية تجميد الأصول، عمل ضمن الإطار الأمني ذاته الذي أسس له المرسوم رقم 63.
ورغم أن وزير العدل قد شكل لجنة قضائية خاصة لمراجعة أحكام محكمة مكافحة الإرهاب، فإن غياب نصوص صريحة في المرسوم رقم 16 لربط هذه القرارات القضائية بإلغاء الإطار الاستثنائي الأوسع يترك مساحة واسعة من أوامر الضبط وتجميد الأصول قائمة ونافذة.
وتتضاعف الإشكالية باستثناء المرسوم للإجراءات التي تحولت إلى حجز تنفيذي أو إلى مصادرة نهائية، بما في ذلك العقارات التي حُول حجزها الاحتياطي إلى مصادرة دائمة، أو التي سُجلت باسم الدولة، أو نُقلت ملكيتها إلى أطراف ثالثة، غالبا ما تكون جهات مرتبطة بالنظام السابق أو المليشيات الموالية له.
ويعد هذا النقل أحد أخطر الأساليب التي اعتمدها نظام بشار الأسد لشرعنة المصادرة السياسية، إذ جرى نقل ملكية آلاف العقارات من أصحابها الأصليين دون مراعاة الأصول القانونية.
وعلى الرغم من الأهمية القانونية لمبدأ الأثر الرجعي الذي نص عليه المرسوم، فإن تصميم آلية تطبيقه يعاني من قيود هيكلية واضحة. فالمادة الثانية تنص على شطب تسجيلات العقارات الناتجة عن القرارات الملغاة، وإلغاء التجميد الإداري في السجلات الرسمية، وإعادة الوضع القانوني للأصول إلى حالتها السابقة، غير أن تحليل الشبكة السورية لحقوق الإنسان يؤكد أن هذا التصحيح الإداري لا يواجه التعقيدات القانونية المتراكمة عبر أكثر من عقد من نزع الملكية.
وتشمل هذه التعقيدات العقارات التي خضعت لعمليات بيع أو نقل ملكية متعددة، أو التي أُدمجت في مشاريع تطوير، أو فُقدت أو أُتلفت وثائقها الأصلية، وهي حالات تتجاوز إمكانية المعالجة عبر مجرد التراجع الإداري.
أما على صعيد التنفيذ، فقد أُنيطت المهمة بوزارة المالية بالتنسيق مع وزارتي العدل والداخلية، وهو ما يكشف عن قصور في الإحالة التنفيذية ومحدودية في البنية المؤسسية، فرغم أن المادة الثانية تفوض صلاحيات التنفيذ، فإنها لا تحدد جدولا زمنيا واضحا، ولا إجراءات مفصلة، ولا آليات للمساءلة، ما يجعل التطبيق عرضة للبطء أو التعطيل.
ويؤدي هذا الغموض المؤسسي إلى خطر أن يبقى المرسوم بلا أثر عملي ملموس، خصوصا في غياب جهة إدارية مستقلة تُعنى بمراقبة التنفيذ ومعالجة المظالم الناشئة.
القصور التشريعي: تقييم منهجي للقيود الهيكليةيبرز الخلل التشريعي الأهم في أن المرسوم رقم 16 لم يُلغِ صراحة المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012. ورغم أن المرسوم الجديد علق فعليا تطبيق جزء أساسي من أحكام المرسوم رقم 63، فإن إبقاءه في المنظومة القانونية، ولو معطلا، يترك الباب مفتوحا لإحيائه قانونيا مستقبلا، وهو ما يتناقض مع متطلبات العدالة الانتقالية التي تستدعي قطعا حاسما مع البنى القانونية الاستبدادية.
كما يشكل عدم معالجة المرسوم للإجراءات الصادرة بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012 ثغرة تشريعية أخرى، إذ تبقى قرارات تجميد الأصول الصادرة عن النائب العام أو من ينوب عنه، والتي غالبا ما استندت إلى السياق ذاته من التجريم السياسي والغموض القانوني، خارج نطاق الإلغاء.
إعلانهذا النهج الانتقائي في تفكيك الإطار التشريعي الأمني يعكس ما يمكن تسميته بـ"التجزئة والتأويل" في مسار العدالة الانتقالية، تاركا مساحات واسعة من الانتهاكات ذات الدوافع السياسية دون معالجة قانونية.
ولا يتضمن المرسوم أي نصوص تتعلق بالمحاسبة المؤسسية أو الفردية للمسؤولين عن إصدار أو تنفيذ قرارات الحجز الباطلة، سواء كانوا موظفين في وزارة المالية، أو ضباطا في الأجهزة الأمنية، أو قضاة متواطئين بالصمت أو الدعم.
كما يغيب عن المرسوم أي تنظيم لمسألة التعويضات، سواء الرمزية أو المادية، وعدم إنشاء آليات لتقييم الخسائر أو صرف تعويضات مالية في حال تعذر استعادة الممتلكات.
ويجب أن يظل رد الممتلكات الخيار الأول والأساسي لجبر الضرر، على أن يقتصر التعويض المالي على الحالات التي تثبت فيها استحالة الرد قضائيا.
وإلى جانب ذلك، يفتقر المرسوم إلى أحكام واضحة بشأن الشفافية والوصول إلى المعلومات؛ فهو لا يُلزم وزارة المالية أو الجهات المختصة بنشر قوائم المتضررين، ولا ينص على آليات تمكنهم من الاطلاع على ملفاتهم، أو تقديم اعتراضات، أو استرجاع وثائقهم العقارية.
الآثار المترتبة على السكان المتضررين: التحديات الجغرافية والقضائيةتتجسد القيود العملية للمرسوم بوضوح عند النظر إلى واقع التشتت الجغرافي للسكان المتضررين وتجزؤ الولاية القضائية عليهم، حيث يقصي إطار التنفيذ فعليا الفئات الأكثر تضررا من نظام الاستيلاء السابق، مثل اللاجئين، والنازحين داخليا، وسكان المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة الانتقالية.
وهنا تظهر ثغرة حرجة تتعلق بـ"الأشخاص المتضررين المقيمين خارج البلاد أو في مناطق خارج سيطرة الحكومة الانتقالية، مثل المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية (قوات سوريا الديمقراطية)"، حيث يواجه هؤلاء صعوبات كبيرة في الوصول إلى السلطات المختصة.
ويؤثر هذا الاستبعاد الجغرافي على ملايين السوريين الذين صُودرت ممتلكاتهم غيابيا كإجراء عقابي على معارضتهم المزعومة للنظام، فيما يحرمهم غياب أي ترتيبات استثنائية أو إجراءات بديلة من الاستفادة من المرسوم، رغم الإلغاء الرسمي لقرارات الحجز.
وتتخطى العقبات الإجرائية حدود التحديات الجغرافية لتشمل صعوبات تتعلق بالوثائق والإثبات، إذ فقد كثير من المتضررين أوراق ملكياتهم أو اضطروا للتخلي عنها أثناء النزوح، بينما أُتلفت سجلات آخرين في العمليات العسكرية، أو أُزيلت عمدا من قبل الأجهزة الأمنية.
ويؤدي غياب أي نصوص في المرسوم بشأن معايير الأدلة البديلة، أو القرائن القانونية لصالح المالكين المسلوبين، أو إجراءات مبسطة لمعالجة أنماط الانتهاكات الشائعة، إلى تحميل الضحايا أعباء إثبات ثقيلة.
ويضاف إلى ذلك بعد زمني يزيد من تعقيد الوضع، إذ لا يحدد المرسوم مهلا زمنية للتنفيذ أو آجالا لتقديم الطلبات، كما لا ينص على قواعد للتقادم تحمي حقوق المتضررين.
هذا الغموض، مقترنا بغياب إلزامية الإخطار العام، يجعل كثيرا من الضحايا يجهلون حقوقهم بموجب المرسوم، أو يفوتون مهلا غير معلنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
خاتمةيحتل المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025 موقعا إشكاليا في مسار العدالة الانتقالية السورية؛ إذ يجمع بين كونه اعترافا رسميا بالانتهاكات المنهجية لحقوق الملكية التي ارتكبها نظام الأسد، وبين قصوره الواضح كإجراء جزئي غير كافٍ لمعالجة الاستبداد القانوني الراسخ.
إن استعادة حقوق الملكية تمثل ركيزة أساسية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وضمان عودة ملايين السوريين إلى ممتلكاتهم ومجتمعاتهم بسلام وكرامة.
ويتطلب تحقيق ذلك الشروع في مراجعة شاملة لجميع القوانين والمراسيم التي أقرها النظام السابق والتي شرعنت المصادرة والنهب، مع تبني مسارات تشريعية واضحة وملزمة تضمن تحقيق العدالة والمساءلة، وتؤسس لقطيعة حقيقية مع الممارسات القانونية الاستبدادية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline