شهادات رجال البحث الجنائى.. كواليس حل ألغاز الجرائم المعقدة
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
في عالم الجريمة، قد يبدو لبعض المجرمين أن خططهم محكمة، وأنهم أذكى من العدالة، لكن في المقابل، هناك رجال البحث الجنائي، الذين يمتلكون خبرة وحنكة تجعلهم قادرين على حل أكثر الألغاز تعقيدًا وكشف خيوط الجرائم الغامضة.
فكيف يعمل هؤلاء المحققون؟ وما هي أكثر القضايا التي واجهتهم صعوبة؟
-رجال البحث الجنائي.
عند وقوع أي جريمة، يكون رجال البحث الجنائي هم أول من يبدأ في تفكيك الألغاز، معتمدين على مهارات التحليل، والاستنتاج المنطقي، والاستعانة بأحدث التقنيات لكشف الحقيقة.
ومن أبرز أدواتهم:
* تحليل مسرح الجريمة: أي تفصيل بسيط قد يكون مفتاحًا لحل القضية.
* البصمات والحمض النووي: العلم لا يكذب، وتحليل الأدلة الجنائية قد يكشف المجرم حتى بعد سنوات.
* تتبع الاتصالات والمراقبة الإلكترونية: التكنولوجيا أصبحت سلاحًا قويًا في كشف الجرائم الحديثة.
* التحقيقات والاستجوابات: مهارة قراءة لغة الجسد واستدراج المشتبه بهم للاعتراف من أهم أدوات المحققين.
-شهادات من أرض الواقع.. قضايا معقدة تم حلها بذكاء رجال البحث الجنائي
- قضية "الصندوق الغامض" في الإسكندرية
تلقى قسم الشرطة بلاغًا عن صندوق خشبي غريب تم العثور عليه ملقى في البحر بالقرب من كورنيش الإسكندرية.
عندما فتحه رجال البحث الجنائي، كانت الصدمة: جثة لرجل مقطعة الأوصال، دون أي مستندات تثبت هويته.
كيف تم حل اللغز؟
بدأ فريق البحث بتحليل نوع الخشب المستخدم في الصندوق، وتوصلوا إلى أنه من ورشة محددة في منطقة العطارين.
من هناك، تم تتبع قائمة الزبائن، ليتم الاشتباه في رجل اشترى صندوقًا مشابهًا قبل أيام.
وبعد مداهمة منزله، تم العثور على آثار دماء في الحمام، ليتبين أنه قتل صديقه بسبب خلاف مالي، وقطع جثته لإخفاء الجريمة.
- قاتل "المكالمة الأخيرة" في القاهرة
في عام 2023، عُثر على جثة شاب داخل سيارته بمنطقة التجمع الخامس، دون أي علامات سرقة أو اقتحام.
لم يكن هناك أي شهود، لكن فريق البحث الجنائي لاحظ أمرًا غريبًا: هاتف الضحية كان ملقى بعيدًا عن السيارة، وبه مكالمة لم تكتمل.
-كيف تم كشف القاتل؟
بتحليل المكالمة الأخيرة، تبين أنها كانت مع صديق مقرب للضحية. وعند استجوابه، بدت عليه علامات الارتباك، وبعد مواجهته بالأدلة، انهار واعترف أنه قتله خلال مشادة كلامية، ثم حاول إخفاء هاتفه ليبدو الأمر وكأنه حادث سرقة.
- لص المستشفيات.. الذي لم يتوقع أن الكاميرات تكشفه
رجل مجهول الهوية كان يتنقل بين مستشفيات القاهرة الكبرى، يسرق الأموال والهواتف المحمولة من المرضى والمرافقين، دون أن يترك أي أثر. كان الأمر محيرًا، حيث لم تتمكن الشرطة من تحديد أي مشتبه به.
-كيف تم الإيقاع به؟
بعد تحليل فيديوهات المراقبة بدقة، لاحظ رجال البحث الجنائي أن نفس الشخص كان يظهر في كل مستشفى يرتدي زيًا طبيًا مختلفًا.
تم تتبع تحركاته إلى إحدى الشقق السكنية، حيث عُثر على المسروقات كاملة، ليتم القبض عليه بتهمة الاحتيال والسرقة.
- التقنيات الحديثة في البحث الجنائي.. كيف تطورت التحقيقات؟
لم يعد البحث الجنائي يعتمد فقط على الحدس والتجربة، بل دخلت التكنولوجيا الحديثة في صلب عمل المحققين، ومن أبرز الأدوات التي تساعد في كشف الجرائم:
* تحليل بيانات الهواتف والمكالمات: تعقب آخر اتصالات الضحية يمكن أن يكون مفتاحًا لحل أي جريمة.
* الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات: برامج قادرة على تحليل الفيديوهات والصور لكشف الوجوه غير الواضحة.
* تحليل الحمض النووي المتقدم: حتى لو مرت سنوات على الجريمة، يمكن للحمض النووي كشف القاتل.
* التقنيات الحرارية والطائرات المسيرة: تستخدم لمراقبة المجرمين والبحث عن جثث مخفية.
- الجانب النفسي.. كيف يتعامل رجال البحث الجنائي مع الضغط؟
يعيش رجال البحث الجنائي تحت ضغط نفسي هائل، فهم يتعاملون مع مشاهد جرائم مروعة، وعليهم فك ألغازها في أسرع وقت. ولذلك، يتدربون على:
* فصل العاطفة عن التحقيقات حتى لا تؤثر المشاهد القاسية على قراراتهم.
* استخدام مهارات الاستجواب النفسي لاستدراج المجرمين دون أن يشعروا بذلك.
* العمل الجماعي والتنسيق مع الفرق الجنائية، لأن كشف الجريمة لا يعتمد على شخص واحد.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: البحث الجنائى كشف القضايا حل القضايا اخبار الحوادث رجال البحث الجنائی
إقرأ أيضاً:
معاناة الطلاب الغزيين في الحصول على شهادات بدل فاقد خلال الحرب
غزة – في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، لا تتوقف الخسائر عند حدود الأرواح والممتلكات، بل تمتد لتطال أحلام الشباب ومستقبلهم التعليمي.
وجد آلاف طلاب الثانوية العامة (التوجيهي) والجامعات أنفسهم أمام معضلة فقدان وثائقهم الرسمية وشهاداتهم الدراسية، إما بسبب النزوح، أو الضياع دفنا تحت ركام منازلهم المهدمة، أو تدمير المدارس والجامعات وفقدان سجلاتها وأرشيفها أو خوادمها الإلكترونية.
ورغم أن الحصول على شهادة "بدل فاقد" يُعد إجراء روتينيا في الظروف الطبيعية، فإنه في بيئة الحرب يتحول إلى رحلة شاقة مليئة بالعقبات والإجراءات المعقدة.
تقول الطالبة ناريمان أبو شعيب للجزيرة نت "حاولت جاهدة استخراج بدل فاقد لشهادة الثانوية العامة التي دُفنت مع كل أوراقي وشهاداتي الأخرى تحت ركام منزلي، الذي أصبح أثرا بعد عين عندما استهدفته الطائرات الحربية الإسرائيلية، لكن دون جدوى".
توجهت إلى مديرية التربية والتعليم في النصيرات فأبلغوها أن استخراج الشهادة صعب للغاية في ظل الحرب، لعدم وجود نظام (سيستم) وصلاحيات للدخول إلى برنامج الشهادات وبيانات الطلاب في المديرية، لأنها ممنوحة فقط لموظفي وزارة التربية والتعليم في غزة، والتي توقفت عن العمل بسبب القصف والحرب.
تمنح الوزارة، وعبر بعض مديرياتها التي تعمل جزئيا، الطالب إفادة مؤقتة تفيد بإنهائه متطلبات الثانوية العامة، إلى حين عودة العمل فيها واستعادة بيانات الطلاب لاستخراج الشهادات الورقية الرسمية. إلا أن هذه الإفادة لا تُغني عن الشهادة الأصلية، التي تعد الأساس للتقدم لأي وظيفة أو منحة.
وتعاني أبو شعيب أيضا من صعوبة الحصول على بدل فاقد لشهادتها المتوسطة، بسبب صعوبة التواصل مع كليتها أو معرفة ما إذا كان لديهم مكتب تنسيق للطلاب، وهي الحاصلة على دبلوم الإعلام الرقمي من كلية فلسطين التقنية في دير البلح.
إعلانكانت أبو شعيب تحتفظ بأوراقها الثبوتية وشهاداتها التعليمية في حقيبة صغيرة داخل بيتها، لكنها وجدت نفسها تبحث عبثا بين الركام عن بقايا ماضيها، فلم تخسر جدرانا وسقفا فحسب، بل ضاعت معها هويتها القانونية وشهاداتها التي كانت تفتح أمامها أبواب العمل والدراسة. وأصبح إثبات شخصيتها معضلة، وأُغلقت أمامها فرص العمل والمنح.
معاناة
من جهته، يروي طالب تكنولوجيا المعلومات في جامعة فلسطين بغزة، عبد الله القطراوي، للجزيرة نت تفاصيل معاناته، "بعد تخرجي في 18 سبتمبر/أيلول 2023، حاولتُ بشتى الطرق الحصول على شهادتي الثانوية والجامعية خلال فترة الحرب، من أجل التقديم على المنح الدراسية في الجامعات الدولية لتحقيق أهدافي في الدراسات العليا خارج البلد، ولكن للأسف لم أتمكن من ذلك".
ويتابع "بعد فترة طويلة من البحث، تواصلت مع الجامعة عبر رقم واتساب، وطلبت استخراج بدل فاقد لشهادتي الجامعية، فجاء الرد بأن الأمر صعب في الوقت الحالي بسبب مشاكل تقنية تحول دون ذلك، وأنه بإمكاني الحصول على إفادة تخرّج عبر البريد الإلكتروني، إلى حين التمكن من إصدار الشهادات الرسمية".
كما واجه القطراوي صعوبات كبيرة في محاولة استخراج نسخة بديلة عن شهادة الثانوية العامة التي فقدها في الحرب بعد استهداف منزله، ولم يتمكن من ذلك أيضا.
ويعاني الكثير من طلاب الثانوية العامة وخريجي الجامعات من فقدان أوراقهم الثبوتية وشهاداتهم خلال العدوان، غير أن الأرقام والإحصائيات غير متوفرة حتى الآن لعدم القدرة على حصرها بسبب الظروف الأمنية التي تعيق عمل المختصين في هذا الجانب.
وأكد مدير عام العلاقات العامة والدولية بوزارة التربية والتعليم في غزة أحمد النجار، للجزيرة نت، أن الوزارة، في ظل الحرب، لا تستطيع استخراج شهادة الثانوية العامة الرسمية كبدل فاقد للطلاب، بسبب تعرض مركز خدمات الجمهور المخصص لاستخراج الشهادات للقصف والتدمير، وعدم توفر الأوراق الخاصة والأختام والتواقيع الرسمية.
وأشار إلى عدم القدرة على استرجاع بيانات الطلاب المحوسبة لصعوبة الوصول إلى الخوادم الرئيسية للوزارة، وعدم قدرة مهندسي الحاسوب على العمل بسبب المخاطر الأمنية والتقنية. وقال "تمنح المديريات التابعة للوزارة، والتي تعمل جزئيا في بعض المناطق، الطلاب الذين فقدوا شهاداتهم إفادة مؤقتة عبارة عن مستند للاستخدام داخل غزة في الجامعات المحلية، لكنها لا تصلح للمعاملات الخارجية الخاصة بالمنح أو عقود العمل".
وزاد توقف البريد بين شطري "الوطن"، غزة والضفة الغربية، وفقا له، من تفاقم المشكلة، حيث لا يمكن إيصال الشهادة الورقية الرسمية المختومة والموقعة والموثقة من مقر الوزارة في رام الله إلى الطالب في القطاع.
بدوره، أوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في جامعة الأقصى بغزة، محمد حمدان، أن جامعته ما زالت حتى اليوم عاجزة عن منح الطلاب شهادة ورقية رسمية بدل فاقد، بسبب الدمار الهائل الذي لحق بمقومات الجامعة سواء في مقرها الرئيسي بغزة أو في خان يونس، وعدم وجود أماكن صالحة وآمنة للعمل، وصعوبة الوصول إلى الخوادم الرئيسية وقواعد بيانات الطلاب والأرشيف، نتيجة انقطاع الكهرباء والإنترنت، وصعوبة تشكيل لجنة طوارئ.
إعلانوقال للجزيرة نت "الشهادات الورقية تحتاج إلى مواصفات خاصة ودرجة أمان عالية يصعب تحقيقها في ظل الحرب، مثل توفير الأوراق الخاصة والأختام واعتمادها، والحصول على التوقيعات اللازمة، وتدقيق رمز التحقق "كيو آر"، والحصول على برنامج "بي دي إف" مغلق المصدر وغير قابل للفتح لمنع التزييف".
جامعة الأزهر في غزة، كغيرها من الجامعات، التي فقدت القدرة على منح الطلاب شهادات ورقية رسمية بسبب أوضاع الحرب. وحسب مصدر مطلع، فإنها لا تستطيع حاليا إصدار شهادات ورقية مختومة، لكنها تمكنت، بعد جهود حثيثة، من منحهم شهادات إلكترونية بدل فاقد عبر مقراتها التي تعمل جزئيا في غزة ودير البلح.
ومنذ بداية العدوان وحتى نهاية أبريل/نيسان 2025، لم تتمكن الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية من منح الطلاب شهادات ورقية رسمية بدل فاقد، وفق ما صرح به عميد القبول والتسجيل شادي كحيل للجزيرة نت.
وتابع "نمنحهم إفادة وكشف درجات إلكتروني فقط نظرا لتوقف خدمات الكلية على برنامج أوراكل الداخلي بعد تعرضها للقصف والتدمير الممنهج، وفقدان قاعدة البيانات وأرشيف الطلاب، وصعوبة الوصول إلى الخوادم الرئيسية في الخارج بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت، وصعوبة التواصل بين الموظفين أنفسهم جراء الخطر الأمني والنزوح".
يُشار إلى أن إفادة الثانوية العامة، أو الشهادة الجامعية، أو كشف الدرجات الإلكتروني، لا يتم التعامل معهم كمستند رسمي عند التقدم لأي وظيفة أو منحة خارجية، إذ تطلب الجهات الخارجية إرفاق شهادة رسمية مصادق عليها من وزارتي التربية والتعليم والخارجية الفلسطينيتين، وكشف درجات بالمواصفات نفسها المعتمدة للشهادة الورقية الرسمية.