موقع 24:
2025-06-17@06:55:31 GMT

غيرة الأصدقاء

تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT

غيرة الأصدقاء

في إحدى الجلسات التي جمعتني بأصدقاء أعتز بهم، كنا نتحدث في شتى المواضيع، إلى أن وصل بنا الحديث ـ على غير قصد ـ إلى غيرة وحسد الأصدقاء. وما إن طُرح الموضوع حتى بدا كأنه باب كان ينتظر أن يُفتح. 

جلسنا نضحك بداية، كلٌّ يروي قصة طريفة مرّ بها، عن صديق أبدى غيرة غير متقنة الإخفاء، أو عبّر عن إعجاب مشوب بالمرارة.

ثم بدأ الحديث يأخذ عمقاً مختلفاً، تحول الضحك إلى تأمل، والقصص الطريفة إلى اعترافات مضمخة بالحزن والخذلان.

المفاجئ ليس أن الحسد موجود بين الأصدقاء، بل أن وجوده بات مألوفاً إلى حدّ أننا لم نعد نشعر بخطورته. نراه، نبتسم له، ونسميه "طبيعي"، وكأن الغيرة غريزة لا علاج لها. نضحك منه مرة، ونتغاضى عنه مرات، ونحاول تبريره أحياناً. لكن الحقيقة أن الحاسد لا يحتاج إلى ظرف، يكفيه أن يرى غيره ناجحاً، متألقاً، سعيداً… حتى تبدأ نيران قلبه بالاشتعال، دون أن ينتبه أن الدخان وحده كفيل بخنق العلاقة.

أحد الأصدقاء تحدّث عن ترقية حصل عليها في عمله، فإذا بصديقه المقرب يعلّق بكل خفة دم: "أكيد واسطة"، قالها وضحك، وكأن الطعنة التي وجهها كانت طرفة. وآخرون ذكروا مواقف شبيهة، تهنئة باردة، نظرات مصقولة بالشك، تراجع مفاجئ في العلاقة عقب كل إنجاز، وكأن النجاح يُعدّ خيانة في عُرف بعض الناس.

المؤلم في حسد الأصدقاء ليس الغيرة ذاتها، بل السذاجة التي يُحاولون تغليفها بها. كلمات ناعمة، ملامح متماسكة، لكنك تشعر أن الروح ترتجف من الداخل، وأن القلب يقول ما لا تقوله الشفاه. 

الأسوأ من الحسد ذاته، هو غياب الوعي به. أن ترى من كان أقرب الناس إليك، يتحول إلى شخص لا يعرف كيف يُسيطر على مشاعره، لا يملك أدنى فكرة عن تهذيب نفسه أو وزن كلماته. لا يستوعب أن الغيرة شعور طبيعي، لكنها تصبح سامة حين تُترك بلا رادع، وتُترجم إلى تصرفات صبيانية تُفسد علاقات ناضجة.

أليست حسرة كبرى أن يخسر إنسان صديقاً عاش معه سنوات طويلة، فقط لأنه لم يتعلم كيف يُنظّف قلبه؟

أما الإنسان الواعي، فإنه حين يشعر بشيء من الغيرة، يتوقف، يتأمل، يراجع دوافعه. يسأل نفسه: "هل أنا منزعج لأنه أخطأ، أم لأن نجاحه يُشعرني بالنقص؟" يهدّئ من غليانه، يهذب لسانه، ويحفظ على نفسه نقاء علاقته. لأن العقل يُمسك بزمام القلب، فلا يدعه يتمادى، ولا يسمح له أن يقطع روابط سنوات بلحظة انفعال.

ومن يقرأ كثيراً، ويعيش مع الأفكار، يعرف أن المقارنة قاتلة، وأن الصداقة أثمن من أن تُذبح على مذبح الغيرة. القراءة تُهذّبك، لا لأنها تملأك معلومات، بل لأنها تجعلك ترى نفسك من بعيد، وتخجل حين تجد فيك ما كنت تنتقده في غيرك.

الصداقة الحقيقية لا تُختبر في الحزن، فالجميع يتعاطف مع الباكي، لكن الفرح هو الغربال الحقيقي. كم من صديق ربّت على كتفك حين سقطت، ثم اختفى حين وقفت! لأن الفرح يفضح، ويكشف من يراك نِدّاً لا حبيباً. الصديق الحقيقي هو من يفرح لك كأنك هو، ويصفّق لك دون أن يقارن، ويحتفل بك دون أن يشعر أن إنجازك خصمٌ من رصيده.

علينا أن نراجع أنفسنا، لا لنُحصي عدد الحاسدين في محيطنا، بل لنسأل: هل نحن نغار؟ وهل نكتم غيرتنا حتى لا تجرح؟ وهل نفرح للآخرين كما نحب أن يفرحوا لنا؟ لأن القلب الضيق لا يُنقذه اتساع الابتسامة، والعين الحاسدة لا يلمع فيها نور الحب، مهما تلألأت بالادّعاء.

فما أجمل أن نكون ممن يفرحون لغيرهم، لا لأننا نملك أكثر، بل لأننا نملك قلوباً نظيفة لا تعرف السواد. وما أصفى الصداقات التي تُبنى على الفرح الصادق، لا على المقارنة الخفية، ولا على الحذر من أن يكون لصديقنا جناحٌ أطول.

كما قال ميخائيل نعيمة: «الصديق الحقيقي هو الذي تتضخّم في عينه محاسنك وتتقلّص معايبك، والذي لا يحسدك إذا كنت أغنى منه في أي ناحية من النواحي، بل يتمنى لك المزيد، ولا يكبر عليك إذا كان أغنى منك، بل يجعلك تشعر كما لو كنت أنت الغني وكان هو الفقير».

أما أولئك الذين يغارون منا في الخفاء، ويهنّئوننا بأصوات مرتجفة، ثم ينسحبون فجأة وكأنهم لم يكونوا… فنسأل الله أن يهديهم إلى نفوس أنقى، أو يهدينا إلى نسيانهم.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: حرب ترامب التجارية وقف الأب عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مقالات

إقرأ أيضاً:

مستوطنة بيت يام بنت البحر التي قصفتها إيران

مدينة ومستوطنة إسرائيلية ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط شمالا وتتبع مدينة تل أبيب، أقيمت عام 1923، زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، وتوسعت بعد نكبة 1948 على جزء من أراضي بلدة يافا الفلسطينية.

يعني اسمها بالعبرية "بنت البحر"، وسميت كذلك بسبب إطلالتها المميزة على البحر الأبيض المتوسط، ويسكنها قرابة 127 ألف نسمة، واستوطنها خليط من اليهود المتدينين الذين هاجروا من أوروبا إلى فلسطين.

الموقع

تقع المدينة على شاطئ البحر المتوسط جنوبي مدينة يافا، وتحدها مدينة حولون شرقا، ومدينة ريشون لتسيون جنوبا وتل أبيب شمالا.

ترتبط المدينة بالعديد من المدن الإسرائيلية من خلال طريق رئيسي يرتفع عن الطريق الساحلي.

وترتفع بيت يام عن سطح البحر ما بين 100 متر و200 متر، وتحيط بها الكثبان الرملية من الجنوب والشرق، مما دفع السلطات لزراعتها بالأشجار الحرجية لتثبيت الرمال.

ويشبه شكل المدينة العام المثلث متساوي الساقين، قاعدته في الجنوب، ورأسه في الشمال، وهو ما جعل النمو العمراني فيها يتركز جنوبا، في حين تنتشر في شمالها آلاف الفنادق والمنتجعات والمقاهي والملاعب، وذلك على شاطئ البحر.

السكان

استقطبت بات يام أعدادا كبيرة من المهاجرين اليهود فزاد عدد سكانها، ومع حرب النكبة سيطرت عليها العصابات الصهيونية بشكل كامل وطردت جميع سكانها الفلسطينيين، ومن يومها بدأ اليهود المهاجرون يتوافدون عليها من مختلف أنحاء العالم.

وتطور عدد سكانها من نحو ألف نسمة عام 1948، حتى وصل 10 أضعاف عام 1953، ثم 15 ألف نسمة عام 1956، وتمثلت الزيادة الكبيرة في عدد السكان عام 1967، إذ بلغ نحو 62 ألف نسمة، وحتى بداية الألفية الثالثة وصل إلى 170 ألف نسمة.

ويبلغ عدد سكان مدينة بيت يام حوالي 127 ألف نسمة، بحسب الإحصاء الإسرائيلي لعام 2022. وهي بذلك تحتل المرتبة السادسة من حيث تعداد السكان بإسرائيل.

التاريخ

تأسست هذه المستوطنة عام 1926، وكانت في بداياتها حيا سكنيا صغير جدا يضم 24 عائلة من اليهود المتدينين، معظم أفرادها من اليهود الألمان الذين هاجروا إليها هربا من ألمانيا النازية.

إعلان

أطلق المهاجرون اليهود الذين استوطنوها وقتئذ اسم بايت فاغان على المستوطنة، وتعني بالعربية البيت والحديقة.

أثناء ثورة 1929، تركها اليهود بسبب ازدياد حدة المواجهات مع الفلسطينيين، ولكنهم عادوا إليها بعد 3 أعوام.

وفي عام 1937، أصبح للمستوطنة مجلس محلي، وتغير اسمها القديم وأصبحت تسمى "بيت يام"، وزادت وتيرة الهجرة اليهودية إليها.

ومع حرب النكبة الفلسطينية عام 1948، سيطرت العصابات الصهيونية عليها بشكل كامل.

وبسبب إطلالتها البحرية استقبلت أعدادا كبيرة من يهود أوروبا الذين جلبتهم عصابة البلماح الصهيونية إبان الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1958، منحت إسرائيل القرية مكانة المدينة، وفي تلك الفترة توافد عليها الكثير من اليهود، بعدما شهدت تطورا عمرانيا كبيرا، وتوسعت أراضيها، وهو ما جعل منها لاحقا إحدى أكبر المدن في إسرائيل.

بات يام يعتمد اقتصادها بالدرجة الأولى على السياحة (شترستوك) الاقتصاد

يعتمد اقتصاد المدينة بالدرجة الأولى على السياحة، إذ تتميز بإطلالتها البحرية التي يبلغ طولها 3.2 كيلومترات، ويقصدها آلاف السياح الأجانب سنويا لقضاء إجازتهم في الفنادق والمنتجعات المنتشرة فيها.

كما يعتمد اقتصادها على الصناعة، ففيها عشرات المصانع المختلفة، ومن أبرزها: صناعة المواد الغذائية كاللحوم المعلبة والأسماك والفواكه المجففة والمرطبات، ومصانع النبيذ ومصانع الزجاج والخراطيم والقطن والجلود والمعادن، فضلا عن مصانع مواد البناء والمواد الكيميائية، والمطابع.

والوظيفة التجارية للمدينة وظيفة ثانوية، فهي تكاد تخلو من الأسواق التجارية ما عدا البقالات الصغيرة المتفرقة التي تنتشر في الأحياء المختلفة. ويعتمد السكان على أسواق مدينة تل أبيب المركزية.

وتفتقر المدينة كذلك إلى المناطق الزراعية، وذلك بسبب ضيق المساحات الزراعية، فضلا عن تربتها الرملية غير الخصبة.

مشهد من الدمار الذي خلفه القصف الإيراني على بيت يام في يونيو/حزيران 2025 (الأوروبية) قصف وعمليات فدائية

منذ تأسيسها شهدت المدينة عمليات فدائية عدة، وتعرضت إلى قصف صاروخي من فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وحزب الله اللبناني وإيران.

ويوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2013، وقع انفجار في حافلة بمدينة بات يام دون وقوع إصابات، وقالت إسرائيل إنها اعتقلت 4 من عناصر حركة الجهاد الإسلامي اتهمتهم بالوقوف وراء العملية.

وفي 20 فبراير/شباط 2025، حدثت انفجارات واندلعت حرائق في 3 حافلات داخل موقف في بات يام، بعد تفجير العديد من العبوات الناسفة فيها، ولم تسفر الانفجارات عن أي إصابات.

وأثناء المواجهات العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل تعرضت المدينة إلى قصف صاروخي من غزة، لا سيما عقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تلاها عدوان إسرائيلي على القطاع.

كما قصف حزب الله اللبناني المدينة في سياق عملية الإسناد التي أطلقها تضامنا مع قطاع غزة عامي 2023 و2024.

وردا على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع متعددة في إيران يوم 13 يونيو/حزيران 2025، تعرضت المدينة إلى قصف صاروخي إيراني، مما خلف عددا من القتلى والمصابين ودمارا واسعا في الممتلكات.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مستوطنة بيت يام بنت البحر التي قصفتها إيران
  • آل باتشينو: أبنائي سر إلهامي الحقيقي في التمثيل
  • غيرة غير طبيعية.. فاروق حسني يكشف سبب عدم زواجه
  • برج العقرب .. حظك اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025: تجنب الغيرة
  • جماعة الحوثي لـالمستوطنين: الرعب الحقيقي لم يبدأ
  • الرد الإيراني و”الأسد الصاعد” الحقيقي
  • أحمد موسى: لا منتصر في حرب إيران وإسرائيل.. وتل أبيب تخفي حجم الخسائر الحقيقي
  • غيرة كريم على خطيبته نور ستارز بسبب رقصها .. فيديو
  • دفء الوطن: بين الولاء الحقيقي والارتزاق الموسمي
  • سيناتور روسي يكشف الهدف الحقيقي للضربات الإسرائيلية على إيران