قالت دار الإفتاء المصرية، إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على أفضل رسله وخير خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أُمِرنا باحترامه وتعظيمه وحسن التعامل معه بطريقة تختلف عن تعاملنا مع غيره، فلا يمس المصحف إلا طاهر من الحدثين الأكبر والأصغر كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79].

وأضافت دار الإفتاء المصرية، في فتواها المنشورة عبر موقعها الإلكتروني، أنَّه لا يجوز وضع شيء من الكتب على المصحف؛ لأنه يعلو ولا يُعلَى عليه، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، ولذلك فليس من اللائق ولا من كمال الأدب معه أن نجعله مكان رنَّة الهاتف المحمول؛ لأنَّ له من القدسية والتعظيم ما ينأى به عن مثل ذلك: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]. 

هل تأخير إخراج الزكاة يبطل ثواب صيام رمضان؟.. الإفتاء تجيبصيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكمحكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضحهل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل

وأكدت الإفتاء، أن وضع آيات القرآن مكان رنات المحمول فيه عبث بقدسية القرآن الكريم الذي أنزله الله للذكر والتعبد بتلاوته، وليس لاستخدامه في أمور تحطُّ من شأن آيات القرآن الكريم، وتخرجها من إطارها الشرعي، فنحن مأمورون بتدبر آياته، وفهم المعاني التي تدل عليها ألفاظه، ومثل هذا الاستخدام فيه نقلٌ له من هذه الدلالة الشرعية إلى دلالة أخرى وضعية على حدوث مكالمة ما، مما يصرف الإنسان عن تدبره إلى الاهتمام بالرد على المكالمة، إضافةً إلى ما قد يؤدي إليه من قطع للآية وبتر للمعنى -بل وقلب له أحيانًا- عند إيقاف القراءة للرد على الهاتف.

وتابعت "كذلك الحال في الأذان لا يليق به أن يُجعَل رنَّةً للهاتف المحمول؛ لأنَّه شُرِع للإعلام بدخول وقت الصلاة، وفِي وضعه في رنَّة المَحمول إحداث للَّبس وإيهام بدخول الوقت، كما أن فيه استخدامًا له في غير موضعه اللائق به، ويمكن للإنسان أن يعتاض عن ذلك -لو أراد- بأناشيد إسلامية أو مدائح نبوية تتناسب مع قِصَر رنَّة الهاتف، أمَّا كلام الله تعالى فله قدسيته وتعامله الخاص اللائق به".

وأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.

وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.

وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.

وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.

وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).

استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيره

كان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن الكريم الأذان دار الإفتاء المصرية الإفتاء المزيد القرآن الکریم دار الإفتاء الله تعالى قال الإمام علیه وآله من غیره اس ت م ع ل ق ر آن ى الله الله ع

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء توضح عدة أمور تخص الأضحية.. تعرف عليها

كشف دار الإفتاء المصرية خلال منشور جديد لها عبر صفحتها على فيس بوك عن عدة يستحب تخص الأضحية. 

وقالت انه يستحب اختيار الأضحية كثيرة اللحم وإن كانت صغيرة السن؛ رعاية لمصلحة الفقراء والمساكين.

وأشارت إلى أن  الشاةُ الواحدة تكفى في الأضحية عن الفرد الواحد، وتكفي البدنة (الجمل أو الناقة)، والبقرة (أو الجاموس) كل واحدة منها عن سبعة أفراد، بشرط ألَّا يقل نصيب الفرد الواحد منها عن السُّبع.

وأوضحت أن  وقت نحر الأضحية يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى من اليوم العاشر من ذي الحجة، إلى غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة (رابع أيام العيد).

وبينت أن الأضحية السليمة تعكس نيتك الصافية واهتمامك بأداء العبادة على أكمل وجه، فاختر الأفضل منها قدر الاستطاعة.

التصرف الشرعي لشخص اشترى الأضحية وطرأ عليها عيبا يجعلها لا تصلحمستحبات العشر الأوائل من ذي الحجة.. احذر ترك الأضحية بهذه الحالة«اختار السليمة».. الإفتاء تحذر: الأضحية المعيبة لا تُجزئ عن المضحيهل يجوز إعطاء غير المسلم من لحوم الأضاحي؟.. دار الإفتاء: تؤلف القلوب

كما أن الأضحية تعكس قيم العطاء والتضامن في المجتمع، فاجعل من أضحيتك رمزًا للعطاء والمحبة، وهى فرصة لتعميق الإيمان وزيادة القرب من الله، فاجعل من أضحيتك وسيلة لتحقيق رضا الله تعالى.

وذكرت أيضا أن الأضحية تعزِّز قيم الطاعة والامتثال لأوامر الله، فاجعل من طاعتك وسيلة لتقربك إلى الله سبحانه وتعالى، ففي هذا العيد، نعبر عن تواضعنا بأداء الأضحية بكل إخلاص وصدق، فاجعل نيتك خالصة لله تعالى.

ما يستحب للمضحى فعله بالذبيحة قبل الأضحية؟

قالت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك: إنه يستحب للمضحى فعل عدة أمور قبل الأضحية وهي:

1- أن يربط المضحي الأُضْحِيَّةَ في مكان ظاهر قبل يوم النحر بأيام إن تيسر له ذلك، وعلى ألا يضر غيره، لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها.

2- أن يعلق شيئًا في عنق الأضحية ليُعلَم أنها أُضْحِيَّة، ويغطيها بشئ صيانة لها؛ وذلك قياسًا على الهدي. 

3- أن يسوقها إلى مكان الذبح برفق وهدوء.

4- أن يعرض الماء على الذبيحة قبل الذبح.

5- ويستحب أن يدعو فيقول: بسم الله، الله أكبر، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، اللهم منك وإليك، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين.

6- ينتظر حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة تمامًا قبل سلخها.

7- أن يأكل منها ويطعم ويدخر.

طباعة شارك الأضحية الشاةُ وقت نحر الأضحية الأضحية السليمة ما يستحب للمضحى فعله بالذبيحة قبل الأضحية

مقالات مشابهة

  • حكم الإفطار يوم عرفة وهل له كفارة؟ .. دار الإفتاء توضح
  • البشير والنذير في القرآن الكريم
  • التحلل من العمرة في حج التمتع.. الإفتاء توضح ما يترتب على ذلك
  • دار الإفتاء توضح عدة أمور تخص الأضحية.. تعرف عليها
  • المفتي: التمسك بأحكام وحدود القرآن الكريم سبيلنا للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي
  • مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
  • مفتى الجمهورية يشهد حفل تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية أم الزين بالشرقية
  • المفتي يشارك في احتفالية تكريم حفظة القرآن الكريم من أبناء قرية أم الزين بالشرقية
  • حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات
  • ما حكم الأضحية وشروط صحتها؟.. الإفتاء توضح