العُمانية: أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن وضع صيغ تفاوضية تحفظ توازنات الدول التجارية سيؤدي إلى استقرار الأسواق العالمية بعد الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.

وألقت حزمة الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على وارداتها بظلالها على الاقتصاد العالمي فشملت 34 بالمائة على الصين، و20 بالمائة على الاتحاد الأوروبي، إلى جانب نسب متفاوتة على عدد من الدول، ورسومًا بحد أدنى 10 بالمائة على الواردات الأمريكية كافة.

وقال المكرّم الدكتور محمد بن حميد الوردي عضو مجلس الدولة وأكاديمي ومحلل اقتصادي: إن الفترة المقبلة ستكون مليئة بالتقلبات والمفاوضات التجارية مما قد يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي، مضيفًا إن الأسواق العالمية ستستقر بعد توصل الدول الاقتصادية الكبرى إلى صيغ تفاوضية تحفظ توازناتها التجارية.

وأوضح أن الرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا ستؤدي إلى عرقلة التجارة العالمية وخاصة سلاسل التوريد مما سيؤدي إلى ضعف النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما أكدت عليه منظمة التجارة العالمية التي حذرت من خطر اندلاع حرب تجارية بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة، وأن التوقعات تشير إلى انكماش حجم التجارة العالمية للسلع في عام 2025 بنحو واحد بالمائة.

وبيّن أن التعريفات الجمركية الأمريكية ستؤدي إلى تأثيرات أخرى تتعلق بتقلبات الدولار والعملات الأخرى ومعدلات الفائدة الأمريكية وارتفاع معدلات التضخم، مما يضفي نوعًا من الضبابية وعدم اليقين في الاقتصاد العالمي ويضعف التجارة العالمية.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تهدف من هذه الرسوم الجمركية الجديدة إلى تحسين موقفها التفاوضي والحصول على أكبر المكاسب من المفاوضات القادمة لذا فهي تفتح الأبواب للتفاوض، وستتعامل الدول مع هذه الرسوم بشكل مختلف، فمنها من سيتخذ تدابير مضادة ومنها من سيتكيف معها ويسعى للتقليل من أثرها الاقتصادي.

من جانبه أشار الدكتور يوسف بن حمد البلوشي خبير اقتصادي إلى أن هدف أمريكا الرئيس من قرار الرسوم الأمريكية الجديدة هو إعادة هندسة دورة الاقتصاد الأمريكي بحيث يكون قادرًا على جذب استثمارات داخلية ودعم قطاع التصنيع الأمريكي والتصدير بشكل أكبر ما يوجد فرصًا كثيرة لسوق الولايات المتحدة.

وأضاف: إن أثر هذه الرسوم الجمركية الجديدة سيكون جسيمًا على الاقتصاد العالمي حيث سيؤدي إلى انخفاض الطلب العالمي خاصة من دول اقتصادية كبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وستكون له تداعيات على طلب الوقود من تلك الدول ما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، كما ستؤثر التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة واتخاذ بعض الدول تدابير مضادة على أسواق المال العالمية حيث ستخسر البورصات العالمية بسبب ذعر المستثمرين.

وبيّن أن سلطنة عُمان جزء من سلاسل التوريد والإمداد العالمية وستتأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية ولكن بشكل محدود نسبيًّا خاصة أن الواردات الأمريكية من النفط والغاز والمنتجات المكررة مُعفاة من الرسوم الجمركية ولكن التأثير سيكون من خلال انخفاض أسعار النفط جراء انخفاض الطلب العالمي وانخفاض معدلات النمو العالمية.

ولفت إلى أن هناك فرصًا لزيادة جاذبية سلطنة عُمان للاستثمار الأجنبي وتسكينها لتغذية السوق الأمريكي لأن فرض هذه الرسوم بمعدل 10 بالمائة لا تزال أفضل عن النسب الكبيرة المفروضة على العديد من دول العالم مثل الصين وتايوان، وعلى سلطنة عُمان أن تكثّف في المرحلة القادمة تسويق اقتصادها باعتباره وجهة استثمارية جاذبة.

من جهته أكد لؤي بطاينة خبير اقتصادي على أن ‏فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة يُتوقع أن يؤدي إلى تداعيات اقتصادية عالمية متعددة، أبرزها انكماش في حجم التجارة الدولية.

ومن المرجح أن تؤدي زيادة الرسوم إلى تباطؤ في حركة البضائع، خصوصًا بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وهذا قد يُضعف سلاسل الإمداد العالمية، كما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وضغوط تضخمية وزيادة تكاليف الاستيراد، ما يعني أسعارًا أعلى على المستهلكين.

وقال: إن الرسوم الأمريكية الجديدة ستؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد بين الدول والأقاليم، فقد تسعى الشركات لإعادة توزيع خطوط إنتاجها لتفادي الرسوم، ما يوجد فرصًا لبعض الدول النامية ويُضعف من تموضع دول أخرى كانت تعتمد على التصدير للولايات المتحدة.

وأوضح أن السيناريوهات المتوقعة بوصفها رد فعل عالميًّا على الرسوم الجمركية الأمريكية تتمثل في اتخاذ دول أخرى تدابير مضادة، ما يفتح الباب لحرب تجارية شاملة تُضر بجميع الأطراف. ومن السيناريوهات أيضًا التفاوض وإعادة صياغة الاتفاقات وخاصة اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، فقد تلجأ بعض الدول إلى التفاوض معها سعيًا لتقليل الرسوم أو الحصول على استثناءات.

وبيّن أن من السيناريوهات المتوقعة لمواجهة أثر الرسوم كذلك، دعم الدول صناعاتها المتضررة، إما عبر حزم تحفيزية أو عبر سياسات حمائية داخلية تدفع دولًا عديدة إلى تعزيز علاقاتها الإقليمية والاعتماد أكثر على التبادل داخل التكتلات، كمحاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.

وأعلنت الصين عن أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34 بالمائة على جميع المنتجات الأمريكية المستوردة، ردًا على فرض أمريكا رسومًا بالنسبة نفسها على الصين، وفي الجانب الآخر حذرت بعض الدول في الاتحاد الأوروبي من اتخاذ تدابير مضادة ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية.

كما واصلت أسعار النفط انخفاضها اليوم بأكثر من 3 بالمائة بعد خسارة تكبّدتها يوم الجمعة الماضي وبلغت 7 بالمائة جراء المخاوف من حدوث ركود اقتصادي قد يقلل الطلب على النفط الخام، كما خسرت مؤشرات عدد من البورصات في الأسواق العالمية بنسب متفاوتة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرسوم الجمرکیة الأمریکیة الأمریکیة الجدیدة الأسواق العالمیة الاقتصاد العالمی الولایات المتحدة التجارة العالمیة تدابیر مضادة بالمائة على هذه الرسوم سیؤدی إلى أسعار ا رسوم ا

إقرأ أيضاً:

بوتين يطمئن الأسواق: إنتاج أوبك سيوازن العرض والطلب ويحدّ من تقلبات النفط

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قدرة بلاده على تخفيف التداعيات المحتملة لأزمة سوق النفط التي قد تنشأ نتيجة التصعيد والتوتر المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط، خلال كلمته أمام الجلسة العامة لمنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي لعام 2025.

وأوضح بوتين أن روسيا ليست وحدها في مواجهة هذا التحدي، بل تعمل ضمن تحالف أوبك+ الذي يضم دولاً شريكة تلتزم بدقة باتفاقيات الإنتاج والتوريد.

وقال: “بالتأكيد قادرون على ذلك (تخفيف أزمة سوق النفط). أولا، الأمر لا يتعلق بنا فقط. نحن نلتزم بدقة شديدة بجميع اتفاقياتنا في إطار عملنا مع أصدقائنا وشركائنا في تحالف أوبك+.”

وأشار إلى أن الدول المشاركة في تحالف أوبك+ تقوم حالياً بزيادة الإنتاج تدريجياً وفق الاتفاقيات المبرمة، وذلك دون إحداث خلل في توازن العرض والطلب في الأسواق العالمية، بما يضمن استقرار الأسعار وتحقيق أسعار عادلة للمستهلكين والمصدرين على حد سواء.

وتأتي تصريحات بوتين في وقت تشهد فيه أسواق الطاقة العالمية حالة من القلق نتيجة التوترات السياسية والعسكرية المتصاعدة في الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل الاشتباكات بين إيران وإسرائيل، مما أثار مخاوف من نقص محتمل في إمدادات النفط، وأثر على أسعار الخام عالمياً.

ويأتي منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي هذا العام تحت شعار “القيم المشتركة – أساس النمو في عالم متعدد الأقطاب”، ويجمع بين كبار القادة ورجال الأعمال من مختلف أنحاء العالم لمناقشة تحديات الاقتصاد العالمي وتحليل مسارات النمو المستقبلية في ظل تغييرات جيوسياسية معقدة.

يُذكر أن المنتدى، الذي يُعقد في الفترة من 18 إلى 21 يونيو 2025، يشكل منصة مهمة لتنسيق السياسات الاقتصادية والتجارية بين الدول، خاصة في ظل تقلبات الأسواق الدولية، وتحديات الأمن الغذائي والطاقة.

مقالات مشابهة

  • الدولار يرتفع والأسهم العالمية تتراجع مع قصف المواقع النووية الإيرانية
  • تصعيد التوتر في الشرق الأوسط يهز الأسواق العالمية ويثير مخاوف من اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق
  • تجارية سوهاج: لجنة الأزمات تجسد استعداد الدولة لمواجهة التحديات العالمية
  • خبراء روس: ضرب المنشآت النووية الإيرانية تجاوز للخطوط الحمراء
  • عاجل- الرئيس السيسي يبحث انعكاسات التوترات الجيوسياسية على الأسواق العالمية ويوجه بضبط السياسات المالية
  • تحول جذري في مسار الحرب.. الضربة الأمريكية لـ إيران تهز العواصم العالمية
  • التصعيد الإيراني الإسرائيلي يضع الأسواق العالمية في حالة ترقّب ويُدخِل المستثمرين في حالة تأهّب
  • غداً.. تجار بغداد يتظاهرون لإلغاء التعرفة الجمركية الجديدة
  • خبراء: إدانة العرب للعدوان على إيران يحمي الاستقرار الإقليمي وسيادة الدول
  • بوتين يطمئن الأسواق: إنتاج أوبك سيوازن العرض والطلب ويحدّ من تقلبات النفط