موقع النيلين:
2025-06-18@05:22:38 GMT

السعودية تنزل إلى الملعب (2)‼️

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

1 في الحلقة الأولى من هذا المقال، قلت إن المملكة العربية السعودية شرعت في رسم سياسة جديدة تجاه السودان وبطريقة مستقلة، آخذةً في الاعتبار مصالحها وأمنها القومي، بالإضافة إلى نظرتها للمخاطر الاستراتيجية المحيطة بمنطقة القرن الأفريقي، وخشيتها من أن يُحاط بها.

وقد بدأت تلك السياسة بدبلوماسية نشطة لأجل فك الطوق عن رقبة السودان، ولعب دور حاسم في الأزمة السودانية.

فماذا فعلت المملكة العربية السعودية؟
2
بدأت المملكة العربية السعودية جولة دبلوماسية أفريقية مكثفة لدول الطوق، فزار نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبد الكريم الخريجي في مارس الماضي تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان، وكينيا. وتركزت المحادثات حول تحقيق الاستقرار في السودان، في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها البلاد.

يجدر بالذكر أن ذات الدول كان قد زارها في 29 نوفمبر من العام الماضي شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة في الإمارات العربية المتحدة، مضافًا إليها أوغندا وأفريقيا الوسطى، وهي الدول التي تلعب دورًا رئيسًا في تأزيم الأوضاع السياسية والعسكرية في السودان، بدعم كامل لمليشيا الجنجويد المدعومة من الإمارات. وفي كل تلك الزيارات، كان موضوع السودان حاضرًا في جميع النقاشات التي جرت في عواصم تلك الدول.

3
بعد جولة نائب وزير الخارجية السعودي إلى “دول الطوق”، قام وفد سعودي رفيع المستوى بزيارة إلى مدينة بورتسودان السودانية.

ضم الوفد ممثلين من وزارة الخارجية، وصندوق التنمية السعودي، ومركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية. التقى فيها عبد الكريم الخريجي عددًا من المسؤولين في وزارة الخارجية ووزارات القطاع الاقتصادي السودانية.

من المؤكد أن مباحثات حول الجوانب السياسية والعسكرية قد جرت، خاصة أن الزيارة جاءت بعد إعلان تحرير القصر الجمهوري (في 26 مارس)، وهو منعطف مهم في الحرب، أكد تقدم الجيش السوداني واقترابه من الزحف إلى الأقاليم التي لا تزال المليشيا نشطة فيها بعد دحرها نهائيًا.
4
في 23 مارس من ذات الشهر، استدعت المملكة العربية السعودية محمد كاكا، رئيس تشاد، وذهب تحت غطاء أداء العمرة، تاركًا دعوة كان يفترض أن يلبيها من أبوظبي.
كان هذا الاستدعاء يهدف إلى إفساد مخطط نظام محمد بن زايد من قبل الرياض.
وقد أشارت دورية أفريكا كونفدنشيال الشهر الماضي إلى زيارة محمد كاكا إلى أبوظبي في أوائل مارس طلبًا للطمأنة، وقالت إن “استقباله في انجامينا يشير إلى أنه عاد بخيبة أمل”.
روجت بعض الدوائر أن الغرض من الزيارة هو الاستماع لرأي المملكة في الدور الذي يلعبه في الحرب في السودان، كما أشيع أنه التقى بالرئيس البرهان، لكن لم تتأكد تلك الأنباء.
5
في يوم الجمعة، 28 مارس 2025، وصل الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في زيارة رسمية.​
لم يتسرب الكثير عن تلك اللقاءات التي جرت على أعلى المستويات، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن الرئيس البرهان قد عاد ظافرًا من المملكة، ليس فقط بالوعود، بل بدعم فعلي وعلى كافة المستويات. وبدأت الإدارة التنفيذية (لجنة التنسيق العليا) التي تكونت، بالعمل من اليوم التالي، إظهارًا للجدية.
6
في منتصف فبراير الماضي، رفضت المملكة العربية السعودية المشاركة في مؤتمر دعت له الإمارات بأديس أبابا، عُقد تحت عنوان “العون الإنساني رفيع المستوى”، بعد أن قاطعت الحكومة السودانية المؤتمر، معتبرةً أنه بازار سياسي تحت غطاء إنساني، لتلميع صورة الإمارات الوالغة في دماء السودانيين.
يعني ذلك أن المملكة العربية السعودية قد خرجت من تحالف “إنقاذ الأرواح” الذي تكوَّن في أعقاب مؤتمر جنيف في العام الماضي بتدبير من الإمارات، أي مزيدًا من الابتعاد عن أجندة أبوظبي ومعارضتها علنًا.
7
بعد إعلان مؤتمر لتحالف التأسيسي الذي انعقد في العاصمة الكينية نيروبي في 18 فبراير الماضي لتشكيل حكومة موازية في السودان، أكدت السعودية، في بيان لها بتاريخ 27 فبراير، “رفضها أي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية للسودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه، بما فيها الدعوة إلى تشكيل حكومة موازية.”
يعني ذلك أن المملكة رفضت المؤامرة والطبخة النيئة التي تجهزها أبوظبي لتقسيم السودان على غرار ما فعلت في ليبيا واليمن. بل وقادت المملكة كل الخليج ليعلن رفضه لتلك الحكومة، إضافة إلى قيادتها لكافة المؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية لرفض تكوين أي حكومة موازية في السودان.
8
صحيح أن تحركات السعودية النشطة مؤخرًا في الملف السوداني ليست مجرد جهود دبلوماسية لحل الأزمة، ولا للحد من تدخلات أبوظبي الكارثية في السودان، ولا تتعلق فقط بوقف توسع النفوذ الإماراتي الذي يهدد طرق الملاحة والتجارة في البحر الأحمر،
بل تأتي تلك التحركات ضمن رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ السعودي في أفريقيا، حماية المصالح الاقتصادية، وضمان الأمن الإقليمي، في ظل منافسة محتدمة مع دول داخل الخليج وخارجه.

على أن إنهاء الحرب لصالح مؤسسات الدولة السودانية، وصولًا لاستقرار السودان الموحد، يمثل حجر الرحى في تلك الاستراتيجية. فبدون استقرار السودان وانتصاره في هذه الحرب، لا يمكن الحديث عن استقرار في القرن الأفريقي، ولا يمكن ضمان تأمين البحر الأحمر، كما لا يمكن ضمان أمن الخليج نفسه، في ظل هذا النهم الإماراتي الساعي للسيطرة على موانئ وثروات الدول وطرق التجارة البحرية (عدن / بربرة / بورتسودان)، ومحاولة إنشاء إمبراطورية سياسية وعسكرية محيطة بالخليج سيكون لها تأثيرها الاستراتيجي على دول المنطقة كافة.
عادل الباز عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

حالة الجمود التي يعاني منها خريجي مدرسة الحركات المسلحة في فهم وتفسير الأحداث

حالة الجمود التي يعاني منها خريجي مدرسة الحركات المسلحة في فهم وتفسير الأحداث السياسية والميل الدائم لافتراض وجود مؤامرة ومصنع شرير ينتج الكوارث والمواقف المعارضة لخطاباتهم ومصالحهم، هي واحدة من مظاهر العجز الفكري والتنظيمي لهذه الحركات. فعدم القدرة على فهم أي حدث أو ظاهرة وإحالته مباشرة لمجموعة بعينها كونها الآمر الناهي في السودان عبر ثنائية الهامش والمركز، هو ما سيعجل بنهاية مشاريع هذه الحركات..

هذا الجمود هو المعيق الأساسي أمام هذه الحركات ومنسوبيها للقيام بحركة انتقال أو إعادة بناء لبنيتها الفكرية والتنظيمية. فمثلاً مانيس هذا، انتقل جسدياً من بيئة تنظيمية يمكن فهم سياقات نشأتها في ظروف حرب دارفور، وقد يكون تأثر بالخطاب التعبوي في تلك المرحلة، وهو خطاب محفز ورافض لمجموعات بعينها وكل ذلك مفهوم، لكن المدهش أنه بعد كل هذه السنين، وبعد انتقاله إلى وضع جديد وتلقيه لتعليم جيد ما يزال حبيساً لمقولات فارغة المحتوى..

فمثلاً في هذا البوست وبعيداً عن المعلومات المضللة الموجودة فيه يريد مانيس أن يقول إن حالة الصحوة تأتي عندما يلعن ابن الشرق أخاه الذي في الشمال، وأن الغرابي الحقيقي هو الذي يتبنى مقولات أبكر آدم إسماعيل وجدليته، وأن خطاب العدالة الحقيقي هو ما تتبناه الحركات، وأنه لا يكون الرجل ثورياً ومناضلا إلا إذا لعن الجلابة وهدد أبناء الشريط النيلي وأصحاب الامتيازات التاريخية!!.

هذه القوالب التي يحاول أبناء الحركات المسلحة فرضها على كل من يريد الحديث عن التهميش والظلم،باعتبار أن هذه القضايا لا تذكر إلا مقرونة بذلك الجلابي اللعين!!. الغريب أن شيبة ضرار نفسه يقول لكم يامانيس فكوا الشطر دا وأدونا نرضع منو، وهنا شيبة لا يخاطب حسبو البيلي المتربع على عرش وزارة ولا النائم فوق جبل من إنتاج شركات الذهب ولا صاحب وظيفة في حكومة السودان، بل يخاطب أولئك الذين يسيطرون على الميناء وماليته وجماعته من أصحاب مقولات المظالم التاريخية.

أتمنى يا مانيس أن تصغوا لشيبة وتشركوهم معكم في حقهم في إدارة الميناء وفي إدارة شؤون البلاد. وكيف لا فهم أهل الشرق وهم أحق من غيرهم في إدارة شؤونهم كما قلت أنت.
حسبو البيلي
#السودان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حالة الجمود التي يعاني منها خريجي مدرسة الحركات المسلحة في فهم وتفسير الأحداث
  • المعجزة التي يحق لكل سوداني أن يفتخر بها
  • تعرف على الدول العربية والإسلامية التي أدانت هجمات إسرائيل على إيران
  • رحيل “ساعاتي”.. سادن التوثيق الرياضي في المملكة العربية السعودية
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية
  • القنصل العام للسودان بجدة: جهود المملكة العربية السعودية هذا العام كانت استثنائية بكل المقاييس
  • "الإحصاء": استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.2% خلال مايو الماضي
  • من أقل المعدلات بين دول العشرين.. “الإحصاء”: استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.2% خلال مايو الماضي
  • “هيئة الإحصاء”: استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.2% خلال مايو الماضي