خرج مئات السوريين -أمس الخميس- في مدينة السويداء (جنوبي سوريا) إلى الشوارع لليوم الخامس على التوالي للاحتجاج على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والمطالبة برحيل رئيس النظام بشار الأسد.

وقال شهود ونشطاء المجتمع المدني إن سكانا تجمعوا في ميدان رئيسي بالمدينة الواقعة جنوب غرب البلاد، في احتجاجات اندلعت الأسبوع الماضي بسبب رفع حاد مفاجئ لأسعار المحروقات زاد من سوء الأوضاع المعيشية.

واجتمع زعماء دينيون بارزون بالطائفة الدرزية، الخميس، للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات، وأقروا بالحق في الاحتجاج السلمي على سياسات الحكومة.

وقال "الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز" الشيخ حكمت الهجري -لأعضاء بالطائفة التي ينتمي إليها معظم سكان المحافظة- إن هذا الحراك صوت الحق للشعب السوري. لكنه ندد بالتخريب أو أعمال العنف.

وكان شيخ "عقل الطائفة الدرزية" في سوريا حمود الحناوي أكد -في كلمة أمام متظاهرين في السويداء قبل يومين- إن الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة "نابعة من صميم الواقع".

وهتف محتجون كانوا قد أحرقوا الأربعاء ملصقا ضخما للأسد معلقا في الميدان الرئيسي "بدنا ناكل يا بشار" و"ارحل، ارحل يا بشار". وكانت قد سُمعت مثل هذه الهتافات بداية الثورة ضد حكم الأسد عام 2011، وقد واجهت حملة قمع عنيف من قوات أمن النظام وأشعلت شرارة صراع مستمر منذ أكثر من عقد.

محتجو السويداء نفذوا اضرابات وقطعوا شوارع بالإطارات المحترقة خلال الأيام الماضية (مواقع التواصل) 50 نقطة تظاهر

وأول أمس، أحصت تنسيقيات الاحتجاجات بالمحافظة -خلال 24 ساعة- أكثر من 50 نقطة تظاهر، إذ بدأت قبل أيام بمطالب واحتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية في المحافظة، وفقدان المواد الأساسية، وارتفاع معدلات التضخم.

ونأت السويداء -التي تضم معظم دروز سوريا- بنفسها عن الاحتجاجات التي خرجت في معظم مناطق البلاد عام 2011 مطالبة بإسقاط النظام السوري، إلا أن هذه المحافظة الجنوبية شهدت عدة مرات احتجاجات على الأوضاع المعيشية عمل النظام كل مرة على احتوائها.

وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت لانخفاض قيمة عملتها إلى رقم قياسي بلغ 15 ألفا و500 ليرة للدولار الأسبوع الماضي، في انهيار متسارع. وكانت العملة تُتداول بسعر 47 ليرة للدولار بداية الصراع قبل 12 عاما.

وقالت مصادر أمنية ودبلوماسيون -وفق ما نقلت رويترز- إن احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخرا دعوات نادرة للإضراب.

ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية الاحتجاجات، لكن معلقين موالين للحكومة اتهموا قوى أجنبية بتأجيج الاضطرابات وحذروا من تفشي الفوضى إن استمرت.

وكان رئيس النظام أصدر الأسبوع الماضي مرسوما بزيادة الأجور بنسبة 100%، كما أعلنت الحكومة قرارات برفع أسعار المحروقات بنسبة تصل إلى 200%.

وتضمن المرسوم الصادر زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى قرابة 13 دولارا، في حين يراوح راتب موظف القطاع العام بين 10 و25 دولارا، وفق سعر الصرف بالسوق السوداء.

ويعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، في حين يعاني أكثر من 12 مليونا منهم انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام

تحوّلت سوريا في عهد النظام السوري السباق إلى "دولة مخدرات"، حيث يُصنَع الكبتاغون محلياً ويُهرَب إلى الخليج بقيمة سنوية تناهز 9 مليارات دولار، رغم الحملات الأمنية المستمرة مازالت تنشط صناعته وتجارته. اعلان

خلال سنوات الحرب الطويلة التي شهدتها سوريا، تحولت البلاد إلى ما يُعرف بـ"الدولة المخدرات"، حيث أصبح مخدر "الكبتاغون"، وهو نوع من الأمفيتامينات الاصطناعية، أحد أهم صادرات النظام وأكثرها ربحاً، وانتشرت تجارته عبر معظم دول الشرق الأوسط.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد، تعهدت الحكومة الانتقالية باتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه التجارة، لكن الشرطة السورية لا تزال تنفذ أسبوعياً عمليات ضبط قياسية للحبوب المخدرة.

وصرّح أحد عناصر وزارة الداخلية السورية، أنور عبد الحي، بأن "هذه العمليات تتم بشكل دوري، ولكنها تتطلب جهداً كبيراً، وموارد بشرية ومادية هائلة".

وتشير التقديرات إلى أن حجم تجارة الكبتاغون في سوريا لا يزال يحقق أرباحاً سنوية تقدر بين 8 إلى 9 مليارات دولار أمريكي، رغم الجهود الرسمية لوقف انتشاره.

وفي مستودعات الشرطة، تمتلئ الصالات بالمخدرات التي تم ضبطها بعد أن تم تخبئتها بطرق متنوعة داخل شحنات مختلفة مثل الحبوب والأعلاف.

Relatedشبكة ترويج "حبات الكبتاغون": كيف أصبحت سوريا دولة مخدرات؟تحذير أممي من تحوّل العراق إلى محور إقليمي لتهريب المخدراتتفكيك شبكة أوروبية لتجارة المخدرات واحتجاز 800 كلغ من الكوكايينشبكات الإجرام تهدد استقرار الجوار

تُشكّل شبكات تهريب الكبتاغون تهديداً حقيقياً على الأمن القومي للدول المجاورة، خاصة لبنان والأردن والعراق، حيث وقعت عدة اشتباكات بين هذه الشبكات والقوات الأمنية في تلك الدول. ومع ذلك، تظل أسواق الخليج، وخصوصاً السعودية، الوجهة الرئيسية لتصدير هذا المخدر.

وقال الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، مهند الحاج علي: "إن تجارة الكبتاغون تشكل خطراً على استقرار لبنان، خاصة مع تصاعد وتيرة الإنتاج في سوريا. هذه الاشتباكات الأخيرة تشير إلى إعادة رسم طرق التهريب وليس القضاء عليها".

وأضاف الحاج علي: "في ظل العقوبات الدولية، وشح السيولة، وانهيار الاقتصاد، كيف يمكن لدولة لا تستطيع دفع رواتب موظفيها أن تمنع نشوء تجارة تجلب العملة الصعبة؟ بدون تعافٍ اقتصادي، سيملأ تجار الكبتاغون الفراغ، وستستمر هذه التجارة".

"النظام السوري كان نموذجاً لدولة المخدرات"

وقالت الخبيرة في شؤون الكبتاغون في معهد "نيو لاينز"، كارولين روز، إن "النظام السوري كان من النماذج النادرة التي مثلت فعلاً دولة مخدرات، إذ لم يكن مجرد متفرج على تجارة الكبتاغون، بل دعم إنتاجه وتصنيعه وتهريبه بشكل مباشر".

وأشارت روز إلى أن "الشبكات الإجرامية تدرك وجود إرادة دولية وداخلية للتصدي لها، وقد ردت على ذلك بهجمات انتقامية شملت اختطافات وقتل، ومحاولات استدراج القوات الحكومية لاختبار قدراتها".

مخاطر الكبتاغون

في مركز لإعادة تأهيل المدمنين خارج العاصمة اللبنانية بيروت، تحدث "إيليا"، وهو متعاطٍ سابق للكبتاغون، عن المفاهيم الخاطئة المتداولة حول خطورة المخدر، قائلاً: "الكثير من الناس يعتقدون أن الكبتاغون ليس مخدرًا قوياً، وهذا تصور خاطئ جداً".

وأوضح "إيليا": "الكبتاغون يشبه الميثامفيتامين البلوري، ويستمر تأثيره لساعات طويلة. يشعر الشخص بالسعادة والنشاط، ويمكن الوصول إليه بسهولة وبسعر زهيد، ولذلك يطلق عليه البعض 'كوكايين الفقراء'".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • زفاف جماعي لـ 58 عريساً وعروس في مديرية العرش بالبيضاء
  • الكشف عن موعد تشكيل أول مجلس شعب في سوريا بعد سقوط الأسد
  • سوريا تعلن القبض على رئيس فرع أمن الدولة السابق بدير الزور
  • سوريا ما بعد الأسد.. انقسام نقدي بين الليرة السورية والتركية
  • باراك يرّحب باستئناف نشاط الشركات السورية الأمريكية في سوريا
  • 3 تحديات أمنية تواجه الإدارة السورية رغم الاستقرار التدريجي
  • صمت سوريا عن التصعيد بين إيران وإسرائيل يثير التساؤلات
  • لليوم الخامس .. المسجد الأقصى مغلق
  • إسرائيل وإيران تتبادلان القصف لليوم الخامس
  • سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام