مشروع طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يهدف لنقل سكان قطاع غزة إلى دول مجاورة، تحت ذريعة "تحويل القطاع إلى وجهة سياحية عالمية" باسم "ريفييرا الشرق الأوسط". تركزت الرؤية الاقتصادية للمشروع على ثلاثة محاور رئيسية هي السياحة والزراعة والتكنولوجيا، مع التركيز الأساسي على إخلاء القطاع بالكامل من سكانه تمهيدا لإعادة تشكيله عمرانيا واقتصاديا.

برر ترامب خطته بأنها تهدف إلى "إنقاذ الفلسطينيين من جحيم غزة"، وتوفير "حياة أكثر رفاهية واستقرارا" لهم، في ظل الدمار الواسع الناتج عن العدوان الإسرائيلي على القطاع بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

طرح فكرة المشروع

في الرابع من فبراير/شباط 2025، وفي لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، طرح ترامب مقترحا يقضي بنقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، تحت غطاء ما وصفه بـ"الدوافع الإنسانية".

وبرر ترامب خطته بأنها تهدف إلى "إنقاذ الفلسطينيين من جحيم غزة" ونقلهم إلى حياة أكثر رفاهية واستقرارا، في ظل ما وصفه بـ"الدمار الواسع" الناتج عن الهجمات الإسرائيلية. وتضمنت رؤيته تحويل القطاع إلى "وجهة سياحية عالمية" أطلق عليها اسم "ريفييرا الشرق الأوسط".

أعادت هذه الفكرة مقترحا مماثلا قدمه صهر ترامب ومستشاره السابق جاريد كوشنر عام 2024، والذي اعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجرد "نزاع عقاري"، وذهب إلى أن العقارات المطلة على البحر في غزة تُمثل فرصة اقتصادية ضخمة إذا أعيد إعمارها بشكل مناسب.

سبق لترامب وصف غزة بأنها "فرصة عقارية رائعة"، وأبدى اهتماما متكررا بتحويل القطاع إلى منطقة استثمارية ذات طابع سياحي فاخر، مؤكدا على أن السيطرة الأميركية على القطاع هي الشرط الأساسي لتحقيق هذه الرؤية.

إعلان

وكشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن خطة المشروع صاغها البروفيسور جوزف بيلزمان، أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن، وقدّمها لفريق ترامب عام 2024 عبر مركز التميز للدراسات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتقدّر تكلفة "المشروع" لو تم تنفيذ هذه الرؤية بما يزيد عن 100 مليار دولار.

مضمون المشروع

تركزت "الرؤية الاقتصادية" لمشروع "ريفييرا الشرق الأوسط" في قطاع غزة على ثلاثة محاور رئيسية وهي السياحة والزراعة والتكنولوجيا، إلا أن جوهر المشروع يتمثل في إخلاء القطاع بالكامل من سكانه تمهيدا لإعادة تشكيله عمرانيا واقتصاديا.

ويتضمن المشروع إعادة تدوير ركام الأبنية المدمرة لاستخدامها في مشاريع بنية تحتية لاحقة، بما في ذلك الأنفاق والمنشآت العمودية التي كانت تستخدمها فصائل المقاومة الفلسطينية.

وفي الجانب البيئي والتقني، اقترح بيلزمان تحويل غزة إلى منطقة تعتمد كليا على الطاقة الشمسية، مدعومة بشبكة حديثة من السكك الحديدية والموانئ البحرية والجوية، بما يضمن فصلها اقتصاديا عن إسرائيل.

ويتضمن المشروع إعادة تخطيط القطاع جغرافيا بما يشمل تحويل الساحل الغربي المطل على البحر الأبيض المتوسط إلى واجهة سياحية تضم فنادق ومرافق فاخرة، في حين يُخصص الجانب الشرقي لأبراج سكنية تصل إلى 30 طابقا، فيما تُستخدم المناطق الوسطى للزراعة الحديثة والبيوت المحمية.

أما اقتصاديا، فيدعو المشروع إلى إلغاء النظام المالي التقليدي، واستبداله بمنصة رقمية للتعاملات المالية تكون خاضعة للرقابة ومرتبطة بشبكات الدعم الخارجي "لضمان الشفافية وضبط تدفقات التمويل".

وفي المجال التعليمي، يضم المشروع تطوير مناهج دراسية جديدة تهدف إلى "مكافحة التطرف"، مع الاستعانة بخبرات دولية لإعداد منظومة تعليمية متكاملة تغطي كافة المراحل الدراسية.

إعلان التسمية

لا يشير مصطلح "ريفييرا" إلى منطقة بعينها، بل هو تعبير مشتق من اللغة الإيطالية ويعني "الساحل". وقد ارتبط هذا المصطلح تاريخيا بالسواحل الفاخرة والمناطق السياحية ذات الطابع الراقي، لاسيما جنوب أوروبا، التي أصبحت وجهة مفضلة للأثرياء والمشاهير الباحثين عن الاستجمام والترفيه تحت أشعة الشمس.

يعود أصل الكلمة إلى اللاتينية، وغالبا ما يُستخدم لوصف مناطق ذات خصائص جغرافية متميزة ومناخ معتدل ومناظر خلابة لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.

هدف المشروع

يركز الهدف الأساسي من مشروع "ريفييرا الشرق الأوسط"، كما حدده ترامب، على تهجير سكان قطاع غزة إلى دول مجاورة، وتحديدا مصر والأردن، تمهيدا لتحويل القطاع إلى منطقة سياحية واستثمارية فاخرة.

كما أجمل عددا من الأهداف للمشروع في مقدمتها تقليص التكاليف المرتبطة بالدعم العسكري والأمني المقدم لدول المنطقة، إلى جانب ترحيل الفلسطينيين إلى ما وصفها بـ"مناطق أكثر أمنا".

ومن هذا المنطلق سعى ترامب إلى تسويق قطاع غزة باعتباره موقعا استثماريا واعدا تحت السيطرة الأميركية، في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بتمويل مشروع الإعمار تحت مظلة إعادة الهندسة الديموغرافية والجيوسياسية للمنطقة.

رفض واستنكار

أثار مقترح "ريفييرا الشرق الأوسط"، موجة رفض واستنكار واسعة على المستويين العربي والدولي، اعتُبرت في مجملها إدانة واضحة لما وُصف بمحاولة شرعنة التهجير القسري تحت غطاء "الدوافع الإنسانية".

على المستوى الفلسطيني، قوبل المشروع برفض قاطع، إذ استُحضر في الأذهان مشهد نكبة عام 1948، عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، الأمر الذي عزز مخاوف تكرار هذا النزوح القسري.

أما على المستوى الدولي، فقد واجه المقترح انتقادات حادة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، إلى جانب اعتراضات صريحة من دول عدة، منها مصر والأردن والسعودية وتركيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا.

إعلان

كما صدرت مواقف رافضة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أكدا فيها أن بلديهما لن يكونا طرفا في أي خطة لإعادة توطين الفلسطينيين خارج أرضهم.

وتكرّس هذا الموقف أثناء القمة العربية التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة يوم 4 مارس/آذار 2025، والتي تبنّت موقفا موحدا ضد التهجير، مقرّة في بيانها الختامي خطة مصرية لإعادة إعمار غزة بكلفة تقديرية بلغت 53 مليار دولار، في تأكيد على دعم صمود الفلسطينيين في موطنهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ریفییرا الشرق الأوسط تحویل القطاع إلى إلى منطقة قطاع غزة غزة إلى

إقرأ أيضاً:

ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوان

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيراً مبطناً لإيران، داعياً إياها للتفاوض "قبل فوات الأوان"، في وقت تحركت فيه حاملة الطائرات "نيميتز" نحو الشرق الأوسط وسط تصعيد عسكري بين إسرائيل وطهران. اعلان

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة تحذير غير مباشرة لطهران، داعياً إياها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات "قبل فوات الأوان". وقال ترامب، خلال مشاركته في قمة مجموعة السبع، إن "إيران ليست بصدد الانتصار في هذه الحرب، وعليها التفاوض فوراً"، مضيفاً أن الولايات المتحدة "قدّمت دعماً كبيراً لإسرائيل، التي تُبلي بلاءً حسناً".

وفي تزامن لافت مع تصريحاته، تحركت حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" من بحر جنوب الصين نحو الشرق الأوسط، في خطوة وصفت بأنها تأتي ضمن "أسباب عملياتية طارئة"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية.

ويُنظر إلى هذا الانتشار البحري كإشارة واضحة لردع إيران، خاصة مع تواجد حاملة الطائرات "كارل فينسن" في المنطقة أيضاً، ما يعكس استعداداً أميركياً للتصعيد في حال تجاوزت طهران "الخطوط الحمراء".

Relatedنتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدينةإسرائيل إستهدفت منشآت إيرانية حيوية: ما هي وما أهميتها؟ حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح واشنطن بالقوة تجاه إيران؟

وفي وقت تتوالى فيه الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن إسقاط إيران "بالضربة القاضية" يحتاج إلى تدخل أميركي مباشر، وتحديداً استهداف منشأة فوردو النووية، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي للمطالبة العلنية بدعم ترامب لتنفيذ هذه المهمة.

ورغم أن ترامب شدد في مقابلة مع شبكة "ABC" على أن الولايات المتحدة "غير منخرطة حالياً" في المواجهة، فإن تحركات البحرية الأميركية، والمطالب الإسرائيلية الصريحة، والتصعيد في الميدان، كلها عوامل تضغط باتجاه إحتمال تحوّل الموقف الأميركي من الحذر إلى التدخل.

ويُضاف إلى ذلك استهداف السفارة الأميركية في تل أبيب جراء القصف الإيراني فجر الاثنين، ما دفع السفير الأميركي مايك هاكابي إلى إعلان إغلاق السفارة والقنصلية في كل من تل أبيب والقدس. ورغم عدم تسجيل إصابات، فإن هذا التطور يُعتبر بمثابة اختبار حقيقي للخط الأميركي الأحمر بشأن المساس بمصالح واشنطن.

فهل يُقدِم ترامب على اتخاذ القرار الفاصل، أم يكتفي بالتلويح بالعصا؟

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عاجل | ترامب: المرشد الإيراني هدف سهل
  • اميركا تُعزّز دفاعاتها في الشرق الأوسط تحسّبًا لتصعيد مع إيران
  • مسؤولون أميركيون: لن ننضم لإسرائيل في ضرب إيران
  • واشنطن: قواتنا تحافظ على "وضعية دفاعية" في الشرق الأوسط
  • ترامب سيغادر قمة مجموعة السبع.. والبيت الأبيض: الوضع في الشرق الأوسط السبب
  • البيت الأبيض: ترامب يعود إلى واشنطن الليلة على خلفية تطورات الشرق الأوسط
  • واشنطن تعلن نشر قدرات عسكرية إضافية في الشرق الأوسط
  • ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوان
  • أبو العلا: نناقش مشروع موازنة الدولة في ظل تلاعب الكيان الصهيوني بمقدرات الشرق الأوسط
  • ترامب: إسرائيل وإيران ستنعمان بالسلام “قريبا”