تحبس صاحبها عن الجنة.. خطيب المسجد الحرام يحذر من التساهل في أموال الناس
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، المسلمين بتقوى الله -عز وجل- فطاعته أجلّ نعمة، وتقواه أعظم عصمة.
وقال الدكتور ماهر المعيقلي، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام، إن الإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان وأكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون، فالإسلام جاء لتحقيق أنبل القيم، وأفضل السمات، فهو يجمع ولا يفرق، ويبنى ولا يهدم دين بني على اليسر والسهولة والرفق والسماحة، خلق عظيم ولعظم مكانتها قرنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبر وجعلها دلالة من دلائل الإيمان.
وأوضح أن الصبر يحمل على ترك ما نهي عنه، والسماحة تحمل على فعل ما أمر به وتجمع بين طيب النفس، وحبّ الخير للناس فهي اليسر والمساهلة، واللين والتيسير في المعاملة، طلبًا لمرضاة الله تبارك وتعالى، فالسماحة ملتنا وشرعنا، وديننا ومنهجنا، بها بعث النبي -صلى الله عليه وسلم إلينا".
ولفت النظر إلى أن من صور ومظاهر السماحة المسامحة في البيع والشراء والاقتضاء والإحسان في الأخذ والعطاء، فلا يغالي في الربح عند بيعه ولا يماطل ويظلم البائع عند شرائه وإذا طالب غيره بحقه، لم يشتد عليه ويظلمه وفي هذا تيسير ورفق بالناس، وباب عظيم لجلب البركة وما كان الرفق في شيء إلا زانه.
وأكد المعيقلي أن من اتصف بخلق السماحة، سمت روحه وزكت نفسه ورقت أخلاقه وأورثته سماحته، سماحة الخلق والخالق، وعلى هذا الخلق من السماحة في المعاملة كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأوضح أن الحياة لا تصير سعيدة ولا النفوس مطمئنة إلا بالتغاضي والمسامحة والعفو والمساهلة، إذ الكمال في بني آدم محال والخطأ والزلل فيهم طبع وحال فمن يسّر على مسلم في الدنيا، يسّر الله عليه يوم القيامة، ومن السماحة إقالة من ندم في بيعه أو شرائه، والإقالة: هي التراجع عن البيع أو الشراء ومن السماحة إنظار المعسر الذي لا يجد وفاء لدينه، لعل الله أن ييسر له سببًا فيسد دينه، أو التصدق عليه به أو ببعضه، ووعد سبحانه المُنْظِر بالثواب العظيم والأجر.
ورأى الدكتور ماهر المعيقلي، أن العاقل يغتنم الفضائل، فإن لها أوقاتًا قلائل وربما لا تعود، والسماحة منزلة سامية، لا يوفق لها إلا ذو حظ عظيم.
وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أن السماحة طيب في النفس وانشراح في الصدر، ولين في الجانب وطلاقة في الوجه وصدق في التعامل ورحمة بالخلق، فالمسلم سمح هين لين يغض الطرف عن الزلات ويعفو عن الإساءات، وكلما كان المرء أقرب إلى السماحة كان أقرب إلى عفو ربه ورحمته وأبعد عن ناره وعذابه.
وأكد أن الحث على الإنظار والمسامحة، لا يعني التساهل في أخذ أموال الناس بالباطل أو عدم سدادها أو التحايل، فمن قصد ذلك فقد عرض نفسه للمهالك ووصف -صلى الله عليه وسلم- من ماطل في سداد ما عليه وهو قادر على الوفاء به بالظالم الآثم، قال- صلى الله عليه وسلَّم -: (مَطْلُ الْغَنِي ظُلْمُ).
وحذر الشيخ ماهر المعيقلي المسلمين، من التساهل في أموال الناس فإن الميت قد يحبس عن الجنة بدينه حتى يقضى عنه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ماهر المعيقلي المسجد الحرام خطبة الجمعة الحرمين الشريفين السماحة الجنة صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام ماهر المعیقلی
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد النبوي: العمل الصالح لا يفوتُ بموتِ صاحبه ويبقى أثره
حثّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباريء بن عواض الثبيتي، على ملازمة فعل الأعمال الصالحة من الطاعات والعبادات والإحسان إلى الناس، وأن لايستهين المرء بفعل الخير مهما كان صغيرًا أو يسيرًا، فإن الله يدعو إلى بذل الخير، ولا يُضيعُ أجر المحسنين.
واستهلّ الشيخ الدكتور عبدالباريء الثبيتي خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، موصيًا العباد بتقوى الله، فهي أساس كل خير، ومفتاح كل توفيق، وأصلٌ لكل عملٍ مبارك، مبينًا أن العمل الصالح زَادُ المؤمن، وثمرة من ثمار الإيمان، وعلامة على رضى الرحمن، ومن دلائل توفيق الله للعبد أن يُحبّب إليه الطاعات، ويُثبّته عليها حتى الممات، فمن وجد في قلبه حُبًا للعمل الصالح، فقد ذاق حلاوة الْإِيمَانِ، وامتلأت حياته بالسكينة والاطمئنان، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً".
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن من فضل الله العظيم، توسّيع مفهوم العمل الصالح، فجعله يشمل الطاعات الظاهرة والباطنة، الفردية والجماعية، مثل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وتلاوة القرآن، وذكر الله، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكفالة اليتيم، وتعليم الجاهل، وإغاثة الملهوف، وقضاء حوائج الناس، مذكرًا بقول النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَفِي كُلِّ كَبِدِ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"، وَقَالَ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ".
وأضاف، أن بركة العمل الصالح لاتقتصر على الآخرة، بل تظهر آثارها في الدنيا إذ يمنح الله العبد راحة القلب، وطمأنينة النفس، ويحببه إلى خلقه، ويبارك له في رزقه، وعمره، وأولاده، ويكفيه هُمُومَ الدنيا، ويثبته عِنْدَ الْفِتَنِ، وَيَمُنُّ عليه بِحُسْنِ الخاتمة، قَالَ تَعَالَى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا".
وقال الشيخ الدكتور عبدالباريء الثبيتي: "إن من وُفّق للعمل الصالح في مواسم الطاعات، فليحمدِ الله، وليواصل طاعته، فالمؤمن لا ينقطع عن عبادة ربه، ولا يملْ من السير إليه"، مستدلًا بقول رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أدومُها وإن قلّ".
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي، مبينًا أن الثبات على الطاعة حتى الممات من أعظم الفتوحات، فإنما الأعمال بالخواتيم، فقال بعض السلف: "مَا أَبْكَى الْعَابِدِينَ فِي خَلَوَاتِهِمْ مِثْلُ خَوْفٌ سُوءِ الْخَاتِمَةِ" داعيًا من صام وقام وأنفق وخشع في مواسم الطاعات أن لا يفرّط فيما بدأ، ولا يضيّع ما جمع، فإنه لا يدري بأي عمل يُختم له.
وذكر أن العمل الصالح لا يفوتُ بموتِ صاحبه، بل يبقى أثرهُ في ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو مسجدٍ بناه، أو علمٍ نشره، أو يتيمٍ كفله، أو صدقةٍ جاريةٍ امتدّت آثارها، قَالَ تَعَالَى: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ".
وحضّ على لزوم الأعمال الصالحة، وأن لا يحتقر المرء عمله، مهما صغُر أو قلْ أثره، فرُبّ كلمةٍ طيبةٍ خرجت من قلبٍ صادقٍ في لحظة صفاء، فكانت سببًا في هداية إنسان، ورُبّ دعوةٍ صادقةٍ يسيرةٍ، أنقذت ملهوفًا، فكانت سببًا في دخول الجنة، مستشهدًا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّة في شَجَرَة قَطَعَها من ظهر الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسِ"، داعيًا إلى عدم الاستهانة بأي عملٍ، فالله لا يُضيعُ أجر المحسنين، وأبواب الخير كثيرة، والموفّقُ من وفقه الله لاغتنامها.
وختم الشيخ عبدالباريء الثبيتي خطبة الجمعة، سائلًا المولى سبحانه وتعالى أن يحفظ حجاج بيته الحرام، ويجنبهم الشرور والآثام، ويسهّل لهم نسكهم، ويردهم إلى ديارهم سالمين غانمين، وأن يديم على بلاد الحرمين الشريفين أمنها، وأمانها، وسائر بلاد المسلمين، داعيًا الله العلي القدير أن يرفع البلاء ويكشف الضُرّ عن أهلنا في فلسطين، وأن يرفع عنهم الكرب، ويفُكّ عنهم الحِصار، ويكون لهم معينًا ونصيرًا، وسندًا وظهيرًا، وأن يطعم جائعهم، ويسقي عطشهم، ويُبدل خوفهم أمنًا، ويربط على قلوبهم، وينصرهم على من بغى عليهم وظلمهم، ويعيد لهم أرضهم، وأمانهم وكرامتهم، وأن لا يرفع للطغاة المعتدين راية، ولا يحقّق لهم غاية، إنه سميع قريب مجيب.