التصريحات التي أعلنها الطرفان؛ الإيراني والأميركي بعد اللقاء في العاصمة العمانية مسقط، جاءت مخالفة للتوقعات والمواقف المسجلة من الجانبين قبل اللقاء. لهجة التهديد والتصعيد المتبادلة تراجعت بشكل ملحوظ وحلت مكانها عبارات دبلوماسية متفائلة بإمكانية إبرام صفقة تاريخية مع إيران تطوي ملف البرنامج النووي والدور الإقليمي المقلق لطهران.
في الأيام التي سبقت لقاء المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بالوزير الإيراني عباس عراقجي، ساد الاعتقاد أنه لقاء يتيم ومن بعده التصعيد. واستذكر محللون وساسة ذلك الاجتماع الشهير بين وزير الخارجية طارق عزيز ونظيره الأميركي جيمس بيكر قبل نحو 35 عاما والذي مثل الفرصة الأخيرة لنظام صدام قبل أن تسحق الحشود الأميركية في الخليج قواته التي غزت الكويت.
في الحالة الإيرانية لا يبدو الأمر كذلك، فالرجلان وإن لم يتواصلا بشكل مباشر إلا بضع دقائق، اتفقا قبل المغادرة على موعد جديد السبت المقبل. لقاء ثان يغوص في التفاصيل حول ما طرح من عناوين ومواقف للبلدين في الاجتماع الأول.
لاحظ الجميع التبدل الجوهري في اللهجة الأميركية، لكن ثمة انقسام حول مغزى هذا التبدل. فريق من الساسة والخبراء يرى أن إدارة ترامب في سعيها للتواصل الدبلوماسي مع إيران تريد تبرير العمل العسكري لاحقا، على فرض أن طهران لن تقبل بالتنازلات المطلوبة من جانب واشنطن وتل أبيب.
الفريق الثاني يعتقد أن ترامب، وبأسلوبه المعهود في المفاوضات، رفع من سقف مطالبه لطهران لضمان الوصول لصفقة حول النووي مقابل رفع العقوبات تمنح الولايات المتحدة وشركاتها فرصة عظيمة للاستثمار في سوق كبير بحجم السوق الإيراني وفي بلد نفطي غني يعاني من العقوبات لسنوات طويلة، ويحتاج لإنفاق مليارات الدولارات للتعافي. وبمنطق الرئيس ترامب المحكوم بالمقاربة الاستثمارية، فإن أميركا هي الأحق بهذه المليارات.
لكن على الجانبين هناك قوى لا ترغب باتفاق أميركي إيراني يطوي ملف الصراع المديد بين جمهورية المرشد والشيطان الأكبر على ما يقول حماة الثورة الخمينية. إسرائيل وأنصارها الذين فوجئوا في المسار التفاوضي، يرفضون بشدة الصفقة قبل توجيه ضربة عسكرية قاتلة لمشروع إيران النووي. كان لافتا أن مختلف الدول في المنطقة أصدرت تصريحات رسمية بعد لقاء مسقط، باستثناء إسرائيل التي التزمت الصمت، في إشارة واضحة إلى موقفها الرافض لخيار التفاوض مع إيران.
هذا التيار نافذ في واشنطن ويحيط بالرئيس ترامب من كل الاتجاهات، ويملك القدرة على تعطيل المسار الدبلوماسي، خاصة إذا لم تبد طهران مرونة كافية في المفاوضات حول البرنامج الصاروخي، والدور الإقليمي.
في الداخل الإيراني، يصعب على تيار ديني وسياسي مسنود بالحرس الثوري والمتشددين في المرجعيات العليا للقرار أن يوافقوا على انكفاء إيران داخل حدودها والتنازل عن نفوذها الإقليمي الذي تعرض لضربات موجعة في لبنان وسورية والساحة الفلسطينية، ويواجه اختبارا عسيرا في الساحتين العراقية واليمنية.
هذا التيار ما يزال في حالة إنكار، ويسعى بكل قوة إلى إعادة بناء قوته في محتلف الساحات، والمحافظة على قدر من النفوذ للتوسع من جديد مستقبلا.
أقطاب هذا التيار لم يعلقوا بشكل واضح على جولة مسقط الأولى بانتظار ما ستسفر عنه الجولة الثانية. ربما حكومة نتنياهو تتبع النهج نفسه وتراهن على انهيار المفاوضات عندما يبدأ الحديث في التفاصيل، حيث يمكن لإسرائيل أن تزرع شياطينها لتفجير المفاوضات.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإيراني ترامب إيران امريكا ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
“ترامب”: الضربات الإسرائيلية قد تدفع طهران للتفاوض
واشنطن
أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن إسرائيل استخدمت عتادًا أمريكيًا عظيمًا خلال الهجوم العسكري على إيران فجر اليوم الجمعة، مشيرا إلي أن الضربات قد تُشكّل عامل ضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية بجدية أكبر.
وقال ترامب في تصريحات لموقع أكسيوس: “أمهلت إيران 60 يومًا، اليوم هو اليوم الـ61، كان عليهم أن يبرموا الاتفاق، والآن بعد الضربات الإسرائيلية الساحقة، لديهم حافز أكبر لعقد الصفقة”.
ووصف ترامب الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه “يوم كبير”، مشيدًا بجودة المعدات الأمريكية المستخدمة فيه.
ولا يزال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، رغم التوتر المتصاعد، يأمل في لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الأحد القادم، ضمن الجولة السادسة من المفاوضات النووية، إلا أن مسؤولين إيرانيين أكدوا أنهم لن يشاركوا في ظل الهجوم.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس، وسط تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، وتزايد القلق الدولي من انهيار المسار التفاوضي والدخول في مواجهة مفتوحة قد تهدد استقرار المنطقة.
اقرأ أيضا:
الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثّق الضربات التي استهدفت مواقع داخل إيران.. فيديو