لجريدة عمان:
2025-08-01@08:05:12 GMT

زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة

تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT

زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة

ليست مصادفة أن تُوصف زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، لمملكة هولندا بالتاريخية، فهي كذلك بحق، ليس، فقط، لأنها تستعيد عتبات العلاقات التاريخية التي بدأت في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، عندما كانت عُمان في أوج قوتها البحرية وبدء مرحلة بناء اقتصاد قوي بمقاييس تلك المرحلة بعد أن نجحت في تأمين المحيط الهندي لتعبر فيه التجارة آمنة نحو كل المسارات، ولكن لأن عُمان الحديثة تنجح اليوم في فتح مسارات اقتصادية في قلب أوروبا لم تكن، من قبل، في حدود الطموحات، رغم أنها كذلك في الجانب السياسي والدبلوماسي.

وهي مسارات اقتصادية تعتمد على المعرفة وعلى الابتكار وكذلك على رؤية تحليلية لشكل المستقبل.

تملك هولندا إرثا تجاريا عميقا يعود إلى زمن الكشوف الجغرافية، وهي اليوم مركز أساسي من مراكز بناء اقتصادات المستقبل التي تقوم على معطيات الطاقة النظيفة وبشكل خاص الهيدروجين الأخضر، وطاقة الرياح البحري إضافة إلى مسارات اقتصادية مهمة في تأمين الجوانب الغذائية، فهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في العالم. لكن هولندا أيضا تمتلك أكبر ميناء في أوروبا وهو ميناء روتردام العملاق وهو رئة أوروبا التجارية، ومحرّك فعّال في تحويل هولندا إلى عقدة لوجستية تربط القارات وتُعيد رسم خريطة التجارة البحرية العالمية.

ثمة تشابه إذًا في المعطيات وفي الرؤية المستقبلية فكما تتحول هولندا من كونها أكبر منتج للغاز الطبيعي في أوروبا إلى بناء رؤية تعتمد على طاقة الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح البحرية فإن سلطنة عُمان ذاهبة إلى هذا الاتجاه في رؤيتها المستقبلية لتكون أحد أهم مراكز طاقة الهيدروجين الأخضر في العالم؛ لذلك كانت أغلب الاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارات تتمحور حول هذا الجانب. كما أن سلطنة عمان متقاربة جدا في تفكيرها مع هولندا فيما يخص الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار وبناء الصناعات الدوائية.

نستطيع أن نفهم التقارب التطبيقي لهذه الرؤية في توقيع الاتفاقية التطويرية المشتركة «JDA» لممر الهيدروجين المُسال، والذي ينشئ أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم ليربط بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية. وهذا الممر من شأنه أن يشكل مركز قوة اقتصادية في العالم ويضع أسسا متينة لبناء تكتلات اقتصادية تجتمع حول الصناعات القائمة على الطاقة النظيفة التي تعتبر أحد أهم مرتكزات المستقبل.

بهذا المعنى تكتسب الزيارة أهمية «تاريخية» ليس لأنها الأولى من نوعها لمملكة هولندا ولكن لأنها تفتح شراكات اقتصادية عميقة وحقيقية وفعالة مع أحد أهم المراكز الاقتصادية في أوروبا والتي تتمتع بالاستقرار السياسي، وبعيدة كل البعد أن صخب السياسة. ومعروف عن هولندا أنها تمتلك بيئة قانونية تدعم الاستثمار. كما أن مواقفها السياسية الدولية كثيرة الاتزان. وهذا بعد تقاربي آخر مع عُمان الدولة التي بات اسمها قرين السلام والأمن والرغبة المنبثقة من عمق المجتمع في العمل مع الجميع من أجل إطفاء النزاعات والعيش في هدوء وسلام.

لكن الزيارات لا تُقاس بالملفات الاقتصادية فقط، بل أحيانا بما تحمله من رسائل رمزية، تعكس القيم التي تتكئ عليها الدول الكبرى. ويمكن هنا الإشارة إلى المعنى الرمزي الذي يمكن أن نقرأه في زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، إلى النصب التذكاري في ساحة دام وسط أمستردام. ويمثل النصب التذكاري وجه الحرب العالمية الثانية ووحشيتها، فيما وقف جلالة السلطان هيثم بن طارق يمثل وجه العالم الآخر؛ وجه السلام الممكن، الوجه الذي يمكن أن يعيد بناء التاريخ لا على أنقاض الخراب ولكن على إرادة تصنع من الذاكرة جسورا نحو التفاهم الإنساني.

وها هي سلطنة عُمان، من أمستردام، تكتب فصلا جديدا في دبلوماسيتها، فصلا يليق بدولة تفكّر بعمق، وتتحرك بثقة، وترى في الهدوء وسيلة لصناعة التاريخ وتمهيد مسارات المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

ضياء رشوان: جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني تستحق الغضب والتظاهر

قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، إن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني هي التي تستحق الغضب والتظاهر، وليس اختلاق اتهامات ضد مصر بالتقاعس عن فك الحصار، مؤكدًا أن المظاهرات أمام السفارة المصرية بتل أبيب لا يمكن فصلها عن محاولة واضحة لحرف بوصلة الغضب العربي عن الاحتلال.

ضياء رشوان: إسرائيل تتحكم في معظم معابر غزة.. واستفادت تجاريا من القطاعمصر توضح الحقائق حول معبر رفح وتفنّد الادعاءات المغلوطة بشأن دخول المساعدات إلى غزةسلوفينيا تعلن حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل بسبب حرب غزةدياب اللوح: تظاهرة تل أبيب ضد مصر "ترتيب ممنهج" لصرف النظر عن جرائم غزة

وأضاف رشوان، خلال لقائه مع الإعلامية نانسي نور، ببرنامج «ستوديو إكسترا» على قناة «إكسترا نيوز»، أن هناك نحو 2.1 مليون فلسطيني يعيشون داخل الخط الأخضر، يمثلون الشعب الذي بقي في أرضه بعد نكبة 1948 وقاوم وواجه الاحتلال رغم اضطراره إلى حمل الجنسية الإسرائيلية، مشددًا على أن الغالبية الساحقة منهم أبرياء من هذا السلوك، وما حدث أمام السفارة المصرية لا يُعبّر عنهم.

وتساءل رشوان: «منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم، هل رأينا الجماعة التي تظاهرت ضد مصر تطلب تصريحًا للتظاهر ضد جرائم الاحتلال داخل إسرائيل؟ لم يحدث لكن فجأة وبكل سلاسة، حصلوا على تصريح رسمي بالتظاهر ضد السفارة المصرية، رغم أن الحركة الإسلامية الشمالية التي تقف خلفهم محظورة داخل إسرائيل منذ عام 2015 لأسباب أمنية».

وأوضح أن منح السلطات الإسرائيلية لهذا التصريح في هذا التوقيت بالذات، ولمظاهرة ضد مصر لا ضد إسرائيل، يكشف مدى التواطؤ والتنسيق الخفي، ويؤكد أن ما جرى ليس تعبيرًا شعبيًا بريئًا، بل جزء من أجندة مشبوهة تستهدف تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، وتحويل الأنظار بعيدًا عن جرائم الاحتلال اليومية في قطاع غزة

طباعة شارك ضيائ رشوان اخبار التوك شو الاحتلال فلسطين غزة

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان: جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني تستحق الغضب والتظاهر
  • احتياطيات ضخمة من الهيدروجين الطبيعي تحت قشرة الأرض
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • أكثر من 4000 وثيقة تاريخية بالمعرض الوثائقي ذاكرة وطن في أرض اللُبان بصلالة
  • خالد أبو بكر: اعتذار رئيس الوزراء عن أزمة الكهرباء خطوة تستحق التقدير
  • بطل «أوروبا للسيدات» يواجه الصين في ويمبلي
  • السامعي يُطلع رئيس وأعضاء مجلس النواب على حقيقة وأبعاد الحرب الاقتصادية
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • تصعيد دولي ضد «بن غفير وسموتريتش».. هولندا وبريطانيا تقودان حملة عقوبات واسعة
  • منشور..............هولندا تحظر دخول بن جفير وسموتريتش