أثارت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، للمهجرين من أبناء الشرق الليبي بالعودة سريعا وقريبا إلى مدنهم بعض الأسئلة عن أهداف الخطوة الآن وعلاقتها بالتصويت في الانتخابات المرتقبة.

وكلف "عقيلة" لجنة من مجلس النواب تتولى ملف المصالحة الوطنية وتنسق مع المهجرين من شرق ليبيا المقيمين في غرب البلاد آلية عودتهم، ولاقت الخطوة ترحيبا من قبل قائد القيادة العامة في شرق ليبيا، المشير خليفة حفتر، الذي طرح مبادرة للمصالحة الوطنية وعين نجله الصديق حفتر في منصب رئيس لجنة المصالحة الوطنية.



"بداية القصة"

وبدأت أزمة المهجرين منذ إعلان حفتر عن عملية عسكرية تسمى "الكرامة" بحجة محاربة الإرهاب واستهدف فيها ثوار الشرق الليبي ذوي الميول الإسلامية وكل من تعاطف معهم وكل أسرهم وأقاربهم، وبعد معركة طويلة بين الطرفين انهزمت هذه المجموعات وسيطر حفتر.

خلال هذه الفترة ظهر معارضون لعملية حفتر ورفضوا حربه على بعض المسلحين الذي كانوا ثوارا في الثورة الليبية ومعروفين، فقامت قوات حفتر باعتقال بعضهم وتصفية كل معارض للجيش، ما دفع كثيرين للفرار بأنفسهم وعائلاتهم إلى خارج ليبيا وأغلبهم فر إلى العاصمة طرابلس ومدن مصراتة والزاوية وغيرها، بعضهم مدنيون وبعضهم عسكريون.


حاول حفتر مرارا التواصل مع قيادات هذه المجموعات المهجرة خاصة العسكريين منهم لاستمالتهم، البعض استجاب بعد مفاوضات عديدة، والغالبية رفضوا أي تقارب خاصة بعد هجوم حفتر على العاصمة طرابلس وقتل كثيرين من المهجرين.

"عودة أول دفعة"

مؤخرا عقدت اللجنة المكلفة من قبل عقيلة صالح ومجلسه لقاءات في مقر مجلس النواب بطرابلس تناولت ملف المصالحة الوطنية وعودة المهجرين، وخلصت اللجنة إلى التأكيد على رغبة رئيس مجلس النواب والنواب في إنهاء ملف المصالحة وعودة المهجرين في أقرب وقت، مع ضرورة العفو العام لحل النزاع بين الأطراف المتنازعة، باعتبار أن النزاع هو بين أبناء وطن واحد.

وأكدت اللجنة أنه تم بالفعل الاتفاق على عودة أول دفعة من المهجرين قبل عيد الأضحى المقبل مع ضمان حياتهم واستقبال رسمي من المسؤولين، على أن يتم اللقاء مع عقيلة صالح لتقديم مقترح شامل يحتوي كل مطالب المهجرين.

"اشتراطات قبل الموافقة"

من جهتها، اشترطت رابطة أهالي الأسرى والمعتقلين والمفقودين بمدينة بنغازي بعض الشروط قبل الموافقة على العودة، ومنها: إطلاق الأسرى والمحتجزين، ومعرفة مصير المفقودين قبل أي مصالحة، وإنهاء المعاناة والظلم للأسرى والمعتقلين والمفقودين منذ أكثر من 10 سنوات في سجون المنطقة الشرقية، في ظل الانتهاكات الجسيمة والظروف اللاإنسانية التي يتعرضون لها.

وأعلنت رابطة "مهجرو أجدابيا وضواحيها" عن دعمهم لجهود الصلح ولم الشمل، لكن مع التمسك بحقوقهم والثوابت الوطنية دون تنازلات، مؤكدين رفضهم المشاركة في أي مفاوضات قبل تحقيق مطلبين أساسيين: الإفراج عن جميع السجناء والكشف عن مصير المفقودين، وأن تجري المفاوضات تحت ضمانات من أطراف محايدة وعادلة لضمان الالتزام بأي اتفاق يتم التوصل إليه بعد تحقيق مطالبهم.

"دعاية وفخ"

وفي تعليقه على هذا الملف قال المتحدث السابق باسم عملية "الكرامة" والقيادي السابق في قوات حفتر، محمد حجازي، إن العناصر الأساسية للمصالحة الوطنية تكمن في جبر الضرر، والاعتراف بالجرم، ومحاسبة الجناة، ثم أخذ الحق العام".

وأضاف حجازي، وهو أحد المهجرين، في تصريح متلفز: "المجني عليه هو الذي يملك حق العفو، وكيف للجاني أن يعفو عن المجني عليه، لذا نحذر مهجري المنطقة الشرقية من التماهي مع مشروع المصالحة لأنه بهذه الطريقة مها هو إلا فخ"، وفق تعبيره.

فماذا وراء دعوات "عقيلة وحفتر" لمهجري الشرق بالعودة والمصالحة الآن؟ وهل لصوتهم الانتخابي علاقة؟

"تصفية وخيانة والبرغثي خير مثال"

وأكد المحلل السياسي من الشرق الليبي والمقيم في أمريكا، محمد بويصير، أن "التوجه نحو المصالحة أمر محمود، لكن ككل شيء آخر هناك قواعد لنجاحها، وحفتر يريد عودة المهجرين ويحتاج للمصالحة كإحدى الإجراءات السابقة والضرورية لاستكمال السيطرة على باقي الأراضي الليبية".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "فتح السجون وإطلاق سراح المعتقلين يمثل خطوة أولى لا بد أن تسبق عروض العودة والمصالحة على من هم بعيدين عنه، والحقيقة غياب سيادة القانون في شرق البلاد يجعل عودة وسلامة المهجرين رهن رغبات الأجهزة الأمنية وهذه فكرة مخيفة"، وفق كلامه.


وأوضح بويصير، الذي عمل مستشار سابقا لحفتر، أنه "لا بد من إثبات أن إعادة الممتلكات المنهوبة أمر ممكن، وهذا ليس بالسهل فكثير منها وقع فى أيدى أنصار منفذين لأوامر حفتر".

واستدرك قائلا: "ورغم ذلك نتمنى أن تنجح الجهود وأن نرى الناس قد عادت إلى بيوتها، لكن ليس كعودة وزير الدفاع السابق (المهدى البرغثي رحمة الله عليه)، فقد كان فى يده أوراق  تتحدث عن ضمانات من القائد العام (حفتر)، ولكنها تبخرت وانتهى الأمر بتصفيته ببشاعة"، كما صرح.

"عودة آمنة وعدالة مضمونة"

في المقابل، قال المحلل السياسي الليبي المقرب من "القيادة العامة"، أحمد الفضلي، إن "ملف مهجري بنغازي من الملفات الساخنة والتي تحظى بأهمية كبيرة جدا من قبل المشير حفتر مباشرة، واتخذت في هذا الملف خطوات كبيرة على أرض الواقع منذ سنوات تمثلت في استرداد البيوت والممتلكات الخاصة بالمهجرين عن طريق مكتب الشكاوي التابع لرئاسة أركان الوحدات الأمنية".


 وأكد أن "العودة مضمونة وآمنة لكل المهجرين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء أو لهم علاقة مباشرة بالجماعات "الإرهابية" التي أوغلت في دماء الليبيين وغير الليبيين خلال السنوات الماضية، وبالفعل هناك العديد من العائلات التي رجعت إلى مدنها واستلمت بيوتها وممتلكاتها وتعيش الآن في استقرار دون أن يتعرض لها أحد"، بحسب حديثه.

وختم حديثه لـ"عربي21" بقوله: "القيادة العامة تقوم بإدارة ملف المصالحة الوطنية بشكل محترف يضمن حق الجميع دون وقوع أخطاء، وكذلك يحمل عودة الحقوق لأصحابها ممن تضرروا خلال فترة الحرب التي قادتها القوات المسلحة في شرق ليبيا ضد المجموعات ’الإرهابية’ لإعادة الأمن والاستقرار من خلال مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية"، كما رأى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية صالح ليبيا حفتر طرابلس ليبيا طرابلس صالح حفتر المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصالحة الوطنیة الشرق اللیبی ملف المصالحة مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

بعد شتائم وتهديدات… ترامب وماسك يفتحان باب المصالحة خلف الكواليس

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية صدامًا علنيًا حادًا بين رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أن تبدو مؤشرات تدل على تبريد الأجواء وتصالح محتمل بين الطرفين، في مشهد سياسي يعكس تعقيدات العلاقة بين النفوذ الاقتصادي والسلطة السياسية في الولايات المتحدة.

ماسك بسخرية لا تخلو من ألم: “أنا أضررت بسمعتي أكثر من أي شخص آخر!”

بدأت الأزمة عندما نشر إيلون ماسك تغريدة ساخرة على منصة “إكس” (سابقًا تويتر)، قال فيها: “من المدهش كم عدد المحاولات لتشويه سمعتي، خاصة تلك التي قمت بها أنا!في إشارة ضمنية إلى الخلافات الداخلية والجدل الذي دار حوله، خصوصًا مع ترامب.

وجاءت هذه التغريدة في سياق تبادل اتهامات متبادلة، حيث انتقد ماسك السياسة الاقتصادية للبيت الأبيض ودعم فكرة عزل ترامب، بينما رد الأخير بوصف ماسك بـ”المجنون” وهدده بإلغاء العقود الحكومية مع شركاته، مثل “سبيس إكس”، معبراً عن “خيبة أمله الكبيرة”.

بين الاتهامات والدعم: جولة جديدة من التباعد والتقارب

في مفاجأة مثيرة، بدأ ماسك بعد أيام من الخلاف العلني يُظهر دعمًا لمواقف ترامب، وأعرب عن تضامنه معه من خلال دعم دعوة الأخير لحاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم للاعتذار للشعب، بعد الإخفاقات في التعامل مع احتجاجات لوس أنجلوس.

هذا التقارب جاء في ظل تصاعد الأزمة التي بدأت بخلاف حول مشروع قانون اقترحه ترامب لخفض النفقات الفيدرالية، وصفه ماسك بأنه “إجراء مقزز” ودعا إلى “قتل المشروع”، في حين عبّر ترامب عن خيبة أمله من ماسك، مؤكدًا أن الأخير لعب دورًا مهمًا في فوز ترامب بالانتخابات.

آمال سياسية بالمصالحة: رئيس مجلس النواب يتدخل

في تطور جديد، عبّر رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري مايك جونسون عن أمله في أن يتصالح الرجلان، مؤكداً أن الرئيس ترامب “يفكر في مكانه الصحيح” وأنه “مضطر لتجاوز الأمر” بسبب مسؤولياته الكبيرة، ما يشير إلى رغبة في وقف التصعيد واستعادة العلاقة بين الرجلين.

وكشفت تقارير إعلامية عن اتصال هاتفي بين ممثلي ترامب وماسك الأسبوع الماضي، والذي تبعه وقف تبادل التصريحات اللاذعة على منصات التواصل.

والد ماسك يكشف كواليس الصراع وتأثيره النفسي

في حديث نادر، وصف إرول ماسك، والد إيلون، تأثير التوتر بين ابنه والرئيس الأمريكي بأنه أشبه بـ”اضطراب التوتر ما بعد الصدمة”، نتيجة خمسة أشهر من التوتر المتواصل بين الاثنين، مشبّهًا خلافهما بمعركة بين “ذكور ألفا” في عالم الحيوان، ومتوقعًا فوز ترامب في هذه الجولة، لكنه استبعد استمرار الخصومة بعد ذلك.

خلفية الخلاف: السياسة والمال في مواجهة حامية

الخلاف بين ماسك وترامب لم يكن شخصيًا فقط، بل تناول سياسات اقتصادية واجتماعية، خاصة فيما يتعلق بخطط خفض الإنفاق الحكومي، ودور ماسك في دعم ترامب سياسيًا خلال الانتخابات، واتهامات متبادلة حول السلوك والمسؤولية، بما في ذلك إشارات ماسك إلى علاقة ترامب بجيفري إبستين المثيرة للجدل.

وفي ظل هذه التقلبات، يبدو أن العلاقة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب تدخل مرحلة من التوازن الحذر، مدفوعة بمصالح سياسية واقتصادية، مع مراقبة دقيقة من الأوساط السياسية والإعلامية لما قد تحمله الأيام القادمة من تطورات، وسط أجواء من التوتر والاهتمام الجماهيري الواسع.

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية استقبل ممثل المنظمة الدولية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط
  • النمر يحذر من الانسياق وراء الخلطات التي تزعم قدرتها على تنظيف الشرايين
  • ماذا وراء مهاجمة عدنان إبراهيم لحسن البنا ولجماعة الإخوان؟
  • صوفان: هذه الإجراءات ليست بديلاً عن العدالة الانتقالية والتي بدأت بالفعل، وهذه مهمة اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شكلت بمرسوم رئاسي
  • مشيرب: الشعب الليبي تائه ويسعى وراء السراب
  • ماذا نعرف عن الجولة الجديدة من المفاوضات النووية التي تأتي مع تحذير إيران لإسرائيل؟
  • شرطة لوس أنجلوس تطالب المحتجين بالعودة إلى منازلهم
  • بعد شتائم وتهديدات… ترامب وماسك يفتحان باب المصالحة خلف الكواليس
  • غياب الإرادة الوطنية وراء شحة المياه في العراق
  • أبرزها ردّ على اجتماع.. ماذا وراء ضربة الضاحية؟