هناء ثروت تكتب: ما بين الخيانة والقيامة عندما تكون النهاية بداية جديدة
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في حياة كل إنسان لحظة فارقة، لحظة يجد نفسه فيها واقفًا أمام مرآة الحقيقة، يرى ذاته كما لم يرها من قبل. يرى ضعفه، خوفه، وربما خيانته. لكن الأهم من ذلك، يرى احتمالية "القيامة"، أي النهوض مجددًا بعد السقوط. قصة بطرس ويهوذا في الأيام الأخيرة من حياة السيد المسيح، ليست مجرد أحداث تاريخية نرويها كل عام في ذكرى القيامة، بل هي مرآة عاكسة لما نعيشه نحن، كل يوم.
كلاهما، بطرس ويهوذا، كانا قريبين من يسوع، شاهدا معجزاته، سمعا كلماته، ولمسا حنانه وقبوله. رأوه يشفي الأبرص، ويفتح أعين العميان، ويقيم الموتى. شاركاه الطريق، والخدمة، والمائدة. لم يروا منه إلا محبة خالصة وتضحية نقية. ورغم هذا كله، في لحظة الحسم، خانه أحدهما، وأنكره الآخر. في سؤال مباشر: لماذا فعلتما ذلك؟ هل أساء إليكما؟ هل كذب أو خدع؟ كلا، بل أحب وأعطى حتى النهاية.
لكن الفارق بين الرجلين لم يكن في حجم الخطأ، بل في طريقة مواجهته. يهوذا، حين شعر بثقل ذنبه، ذهب وشنق نفسه، لم يصبر ليشهد القيامة، لم يؤمن بأن هناك فرصة للنهوض بعد السقوط. أما بطرس، فرغم ألمه وبكائه المرّ، عاد. قام من سقطته، ادرك ان ما يحدث أمامه هو فرصة للتوبة فغفر له المسيح، وأصبح أحد أعمدة الكنيسة الأولى. لأن القيامة، كما نؤمن بها، ليست مجرد حدث وقع وانتهى، بل هي حالة مستمرة من التجدد الداخلي.
القيامة ليست قصة نرويها، بل حياة نعيشها. كل موقف نتعرض فيه للضعف، للخيانة، للإنكار، هو دعوة لقيامة جديدة. ربما نخطئ، نضعف، نخذل من نحب، وربما نخون مبادئنا. لكن كل ذلك لا يعني النهاية، ما دامت هناك فرصة للرجوع، للتوبة، وللبداية من جديد.
عندما نمر بأزمة، ضيق، أو خطأ نرتكبه عن وعي أو عن جهل، فطريقة خروجنا من هذه اللحظة هي القيامة بمفهومها لدينا. هي ولادة جديدة من الألم. لقد قام المسيح، وهذه القيامة تُعاش اليوم في قلوبنا، عندما نرفض الموت الروحي، ونختار الحياة.
الفارق الكبير هو أن بطرس قبل الغفران وأكمل المسيرة، بينما يهوذا استسلم لليأس. وهنا السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: أي الطريقين نسلك عندما نسقط؟ هل نستسلم ونشنق أنفسنا باليأس؟ أم ننهض ونبدأ من جديد بقوة القيامة؟
لذلك، لا تجعل من عيد القيامة مجرد طقس موسمي. اجعل منه أسلوب حياة. عش القيامة يوميًا، وكن شاهداً على قوة الله القادرة أن تخرج الحياة من القبر. فكما تحوّل الصليب إلى رمز خلاص، يمكن لسقوطك أن يتحول إلى بداية جديدة، شرط ألا تهرب من المواجهة، وألا تفقد الإيمان في فرصة الغفران.
في النهاية، دعنا نتعلم من بطرس، لا من يهوذا. فالأول سقط، لكنه قام. والثاني سقط، لكنه قرر أن يبقى في القاع. والخيار دائمًا بأيدينا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القيامة السيد المسيح بطرس يهوذا هناء ثروت
إقرأ أيضاً:
ذوبان القطب الشمالي يطلق جرس الإنذار| الأرض تنتظر كارثة.. هل يقترب العالم من النهاية؟
يبدو أن القطب الشمالي يعيش واحدة من أخطر مراحله البيئية في العصر الحديث، حيث سجل سبتمبر 2025 انخفاضًا كبيرًا في مساحة الجليد البحري ليصل إلى 4.60 مليون كيلومتر مربع فقط، وهو ما يجعله في المرتبة العاشرة بين أدنى المستويات المسجلة منذ بدء المراقبة عبر الأقمار الصناعية عام 1981. ورغم أن الرقم لم يحطم أي رقم قياسي جديد، إلا أن استمرار هذا الاتجاه التنازلي يثير تساؤلات عميقة.. هل يقترب العالم من مرحلة كارثية تهدد الحياة على الأرض؟
ذوبان متسارع يثير المخاوفالتقارير العلمية تشير إلى أن القطب الشمالي يسخن بوتيرة أسرع من أي مكان آخر على الكوكب، ما يضاعف من ذوبان الجليد سواء في المساحة أو السمك. وكالة "ناسا" ومرصد الأرض أوضحا أن آخر 19 عامًا شهدت مستويات قياسية منخفضة للغطاء الجليدي، وهو مؤشر على أن التغير المناخي لم يعد مجرد تنبؤات، بل واقع يعيشه العالم يومًا بعد يوم.
أسباب الظاهرة.. الإنسان في قفص الاتهامالاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية هو العامل الأبرز وراء هذه الظاهرة. انبعاثات الغازات الدفيئة، إلى جانب تغير أنماط الرياح، والعواصف، والأمواج البحرية، كلها عوامل تزيد من هشاشة الجليد. كما أن "الأطلنطة"، أي تدفق مياه المحيط الأطلسي الدافئة نحو القطب، تؤخر عملية إعادة تجمد الجليد، ما يجعل الذوبان أسرع وأكثر خطورة.
تداعيات كارثية على المناخ العالميانحسار الجليد في القطب الشمالي لا يقتصر تأثيره على المنطقة فحسب، بل يمتد ليهدد المناخ العالمي بأكمله. فالجليد يعمل كمرآة طبيعية تعكس أشعة الشمس (ظاهرة الألبيدو). ومع تقلص مساحته، تزداد قدرة الأرض على امتصاص الحرارة، مما يسرّع وتيرة الاحترار العالمي. النتيجة.. طقس أكثر اضطرابًا، موجات حر أشد قسوة، وعواصف متطرفة تضرب مناطق شاسعة من نصف الكرة الشمالي.
تهديد للحياة البرية والمجتمعات المحليةالدببة القطبية، الفقمات، والفظ تجد نفسها أمام خطر الانقراض مع تقلص بيئتها الطبيعية. كما أن المجتمعات المحلية في القطب الشمالي، التي تعتمد على الجليد لممارسة أنشطتها التقليدية كالصيد والتنقل، تواجه تحديات وجودية تهدد نمط حياتها بالكامل.
أبعاد اقتصادية وجيوسياسيةالذوبان قد يفتح طرقًا ملاحية جديدة في القطب الشمالي، وهو ما يبدو فرصة اقتصادية لدول كبرى، لكنه في الوقت ذاته يفتح بابًا لمخاطر أعظم.. تآكل السواحل، اضطراب سلاسل الإمداد، وإطلاق كميات ضخمة من الميثان من التربة المتجمدة، ما سيضاعف حدة الاحترار.
هل تقترب نهاية العالم؟رغم أن الحديث عن "غرق الأرض" و"نهاية العالم" قد يبدو مبالغًا فيه، فإن الحقائق العلمية تؤكد أن الاستمرار في هذا النهج دون حلول عاجلة سيقود العالم إلى أزمات غير مسبوقة. فقدان الجليد لا يعني فقط تغير شكل القطب الشمالي، بل يشير إلى سلسلة تفاعلات مناخية قد تجعل الأرض مكانًا أقل أمانًا للحياة.
ذوبان الجليد في القطب الشمالي ليس مجرد خبر علمي أو إحصائية عابرة، بل جرس إنذار يقرع بقوة. التأثيرات تمتد من المناخ إلى الاقتصاد والحياة البرية وحتى الاستقرار الجيوسياسي. وبينما يحذر العلماء من العواقب، يبقى السؤال المصيري معلقًا.. هل يستيقظ العالم ويتحرك لإنقاذ الكوكب، أم نترك الجليد يذوب حتى نصل إلى لحظة لا عودة فيها، لحظة قد تكون أقرب إلى "نهاية العالم" مما نتخيل؟