لماذا تضع الهند العراقيل أمام صادرات بنغلاديش؟
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية التي تواجهها بنغلاديش، أقدمت الهند، الأسبوع الماضي، على خطوة مفاجئة بإلغاء التسهيلات التي كانت تتيح لجارتها استخدام الموانئ والمطارات الهندية لتصدير بضائعها إلى الأسواق العالمية.
جاء هذا القرار بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على الواردات من دول عدة، بما في ذلك بنغلاديش، ما زاد من تعقيد المشهد التجاري.
وتُعد الملابس الجاهزة العنصر الأساسي في صادرات بنغلاديش، إذ تعتمد بشكل كبير على الموانئ والمطارات الهندية لشحن بضائعها نحو دول مثل نيبال وبوتان، وهما دولتان غير ساحليتين، لا تملكان منافذ بحرية، وتُعد الهند الدولة المجاورة الأهم من حيث البنية التحتية اللوجستية في المنطقة.
مبررات هندية وأزمة متصاعدةوفي تفسير رسمي للقرار، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، راندهير جايسوال، في تصريح لوسائل الإعلام، إن التسهيلات التي منحتها بلاده أدت إلى ازدحام شديد في المطارات والموانئ الهندية، وتسببت في تأخيرات لوجستية وارتفاع في التكاليف، مما أضرّ بحركة الصادرات الهندية وأدى إلى تراكم البضائع في المرافئ.
وأوضح جايسوال أن القرار دخل حيّز التنفيذ بدءًا من 8 أبريل/نيسان، نافيًا ما تم تداوله في بعض التقارير الإعلامية بشأن شمول القرار للتجارة بين بنغلاديش ونيبال وبوتان، حيث أكد أن تلك العلاقات مستثناة من هذا التعديل.
من جهته، علّق مستفز الرحمن، الخبير الاقتصادي في "مركز حوار السياسات" في داكا، على تداعيات القرار، موضحًا أن مصدّري بنغلاديش، خاصة في قطاع الملابس الجاهزة، يعتمدون على مطاري كلكتا (شرقي الهند) ودلهي في الهند لشحن منتجاتهم إلى أوروبا والولايات المتحدة، مرجعًا ذلك إلى سببين رئيسيين:
إعلان أولهما، التأخير المزمن في مطار داكا الناتج عن ضعف البنية التحتية اللوجستية. وثانيهما، انخفاض تكاليف التصدير عبر مطار كلكتا مقارنة بمطار العاصمة داكا.أما الرئيس السابق لـ"جمعية مصنّعي ومصدّري الملابس في بنغلاديش" فاروق حسن، فرأى أن إلغاء هذه التسهيلات يمثّل خسارة للبلاد، وإن لم تكن كبيرة، حسب تعبيره، مشيرًا إلى أن هناك بدائل متاحة بالفعل.
وأضاف حسن أن بنغلاديش لا تعتمد فقط على المطارات الهندية، بل تُصدر أيضًا عبر موانئ في سنغافورة وكولومبو (العاصمة الاقتصادية لسريلانكا).
وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، أوضح حسن أن "الطريق عبر الهند كان مفيدًا للغاية، خصوصًا بعد حدوث عطل فني كبير في أجهزة المسح بمطار داكا، مما اضطرنا إلى إعادة توجيه البضائع المصدّرة عبر الموانئ والمطارات الهندية قبل شحنها إلى وجهاتها النهائية".
مؤشرات على دوافع سياسية؟وفيما يبدو أن قرار الهند جاء ردًّا على اعتبارات اقتصادية داخلية، أفادت وسائل إعلام هندية بأن الخطوة جاءت استجابة لضغوط متزايدة من مصدّري الملابس المحليين، بعد تراجع صادرات القطاع خلال الأشهر الماضية.
وفي هذا السياق، أعرب فاروق حسن عن أمله في ألا تكون تلك التقارير صحيحة، قائلًا: "إذا ثبت أن القرار جاء تلبية لمطالب قطاع تصدير الملابس الهندي، فذلك يُعد سلوكًا غير أخلاقي".
وأضاف: "بدلًا من وضع العراقيل أمام المنافسين، كان ينبغي على مصدّري الهند التركيز على الابتكار وتعزيز الإنتاجية، خاصة وأن لديهم وفرة هائلة في المواد الخام".
لكن ما يخشاه حسن تأكد لاحقًا، إذ نقلت وسائل إعلام هندية عن الأمين العام لمجلس ترويج صادرات الملابس الهندية ميتيليشوار ثاكور، تأكيده أن القرار بإلغاء تسهيلات بنغلاديش جاء استجابةً لمطالب قديمة من المصدرين الهنود، الذين كانوا يعارضون بشدة إعادة شحن البضائع البنغلاديشية إلى دول ثالثة عبر الموانئ الهندية.
القرار الهندي لم يأتِ في فراغ، بل يتزامن مع تصريحات أطلقها رئيس الحكومة البنغلاديشية المؤقتة، محمد يونس، خلال زيارته الأخيرة إلى الصين، أشار فيها إلى أن 7 ولايات هندية غير ساحلية في شرق البلاد تعتمد على بنغلاديش للوصول إلى المحيط، وهو تصريح اعتبره البعض تلميحا ضمنيا إلى قدرة داكا على ممارسة ضغوط مضادة.
إعلانوتُضاف هذه التصريحات إلى حالة التوتر المتصاعد بين البلدين منذ الإطاحة برئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، في أغسطس/آب الماضي، عقب احتجاجات شعبية واسعة قادها الطلبة. وكانت حسينة تُعد حليفةً قوية لنيودلهي، ويُعتقد أن رحيلها من السلطة أدى إلى تغير في ميزان العلاقات الثنائية.
وفي هذا السياق، أشار الخبير التجاري الهندي أجاي سرينيفاستا، في تصريحات لوسائل الإعلام الهندية، إلى أن خطط بنغلاديش لإنشاء قاعدة إستراتيجية قرب الممر البري الهندي الضيق، الذي يمتد لمسافة 22 كيلومترًا بين البر الرئيسي للهند وولاياتها الشرقية، وبدعم مباشر من الصين، قد تكون أحد الدوافع الرئيسية وراء القرار الهندي المفاجئ.
دعوات للحوار وحلول مقترحةفي ظل هذا التصعيد، دعا فاروق حسن حكومة بلاده إلى فتح حوار دبلوماسي مباشر مع الهند لحل مشكلة "الشحنات العابرة"، مؤكدًا أن الهند تصدّر إلى بنغلاديش أكثر مما تستورده منها، مما يجعل من مصلحة الطرفين الحفاظ على العلاقات التجارية.
وأضاف: "طلبنا من حكومتنا التدخل السريع لحل هذه المسألة، فنحن لا نرغب في أي عقبات أمام أعمالنا، ونأمل أن تتم معالجتها عبر القنوات الدبلوماسية والمحادثات الرسمية".
وبنبرة مشابهة، شدد الخبير مستفز الرحمن على ضرورة التفاوض مع الجانب الهندي لاستعادة التسهيلات السابقة، مؤكدًا أن الحلول لا بد أن تمر عبر المسار السياسي والدبلوماسي.
وبينما كانت بنغلاديش تترقب تجاوبا هنديا، أعلنت حكومتها، الثلاثاء الماضي، في خطوة اعتُبرت ردًّا غير مباشر، تعليق استيراد الخيوط من الهند عبر المعابر البرية، مبررة القرار بالرغبة في حماية الصناعات المحلية.
ورغم التصعيد المتبادل، عبّر مستفز الرحمن عن تفاؤله بإمكانية تجاوز هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن محطة الشحن الثالثة في مطار داكا، التي شارفت على الاكتمال، ستُسهم بشكل كبير في تخفيف حدة الأزمة، عبر توفير مرافق حديثة قادرة على استيعاب مزيد من حركة التصدير.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي فلسطيني سابق: ترامب مصمم على المرحلة الثانية رغم العراقيل وملف الضفة لا يزال محل جدل دولي
أكد الدكتور ممدوح جبر، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني سابقًا، أن إدارة ترامب مصممة على المضي في المرحلة الثانية من خطتها للسلام، رغم جميع العقبات التي وُضعت أمامها، مؤكدا أن وجود بعض القوات الأمريكية بالتنسيق مع الأوروبيين على حدود قطاع غزة يشير إلى أن هناك تحضيرات ميدانية وأمنية وعسكرية لدعم فرضية المرحلة الثانية.
وأشار جبر، خلال مداخلة مع الإعلامية آية لطفي، في برنامج «ملف اليوم»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، إلى الدور الفعال للوسطاء الدوليين، مثل مصر وقطر وتركيا، إضافة إلى مشاركة الأمير محمد بن سلمان، في ممارسة ضغوط على الولايات المتحدة لدفع المرحلة الثانية قُدمًا، رغم معارضة بعض الأطراف، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وعن الوضع في الضفة الغربية، أوضح جبر أن القضية لا تزال محور مباحثات بين إسرائيل وحلفائها، مشيرا إلى أن ألمانيا لا تستطيع اتخاذ موقف منحاز بالكامل بسبب عوامل داخلية مهمة تحركات الشارع الدبلوماسي والشعبوي داخل ألمانيا، بما في ذلك المسيرات والمظاهرات المناهضة لإسرائيل، التحالف الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي وتأثيره على الموقف الألماني.
واختتم جبر بالتأكيد على أن المجتمع الدولي يقر بأن الضفة الغربية والقدس الشرقية هي أراضٍ محتلة، وفق قرارات دولية متعددة، ما يجعل أي خطوات أحادية إسرائيلية في هذه المناطق تحت المراقبة والمراجعة الدولية المستمرة.
اقرأ أيضاً«عدي الدباغ» يقود الهجوم.. تشكيل فلسطين لمباراة سوريا في كأس العرب 2025
وزير الخارجية: معبر رفح لن يكون بوابة للتهجير ومفتوح على مدار الساعة من الجانب المصري
عاجل.. عبد العاطي من الدوحة: مصر لن تحكم غزة ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح