الخرطوم – بعد مرور عامين على الصراع الذي يدور رحاه بين الجيش وقوات الدعم السريع، رسخت في أذهان السودانين مواقع عسكرية ومدنية كانت العنوان الأبرز لساعة صفر الحرب التي اندلعت فجر 15 أبريل/نيسان 2023، وصارت تلك الأماكن بمثابة ذاكرة لكل من عاصرها.

قبيل الحرب بأيام قليلة، اتخذت قوات الدعم السريع من المدينة الرياضية مقرا عسكريا لها، حيث نشرت عشرات السيارات القتالية وآلاف الجنود والأسلحة الثقيلة.

تأسست هذه المدينة في عهد النظام السابق، وتقع جنوب الخرطوم على بعد 7 كيلومترات من مقر القيادة العامة للجيش، وتبلغ مساحتها 10 كيلومترات، وصارت ثكنة عسكرية تزدحم أطرافها بالدبابات والمدرعات والجنود، وتشير أغلب الروايات إلى أن شرارة الحرب الأولى انطلقت منها.

المدينة الرياضية

يقول مصدر في الجيش السوداني للجزيرة نت إنه خلال انتشارهم في محيط القيادة العامة بلغتهم الأنباء عن اشتباكات اندلعت بين قوات الدعم السريع والجيش حول محيط المدينة الرياضية، التي تبعد كيلومترات قليلة عن مطار الخرطوم، وسرعان ما تمددت إليه.

وأضاف أنه عقب نصف ساعة من اندلاع الاشتباكات، أطلقت قوات الدعم السريع الموجودة بمنزل قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) النيران على جنود حراسات الجيش في محيط القيادة العامة، ثم امتدت الاشتباكات لتشمل كل الخرطوم.

إعلان

ظلت قوات الدعم السريع على مدى عامين تتخذ من المدينة الرياضية ثكنة عسكرية تضم مستشفى ميدانيا متحركا يتم إخلاء الجرحى إليه، حتى تمكن الجيش من استعادتها نهاية مارس/آذار الماضي.

الحرس الرئاسي

أما "الحرس الرئاسي"، وهو وحدة تتبع للاستخبارات العسكرية بالجيش السوداني مهمته تأمين الشخصيات السيادية وكبار الزوار من رؤساء ومسؤولين من خارج البلاد، وتقع مبانيه جنوب غرب قيادة الجيش وسط الخرطوم. وكانت تضم جنودا وضباطا يقدر عددهم بنحو 600، ويقودهم ضابط برتبة لواء.

وحسب مصدر في الحرس الرئاسي تحدث للجزيرة نت، ففي ساعات الحرب الأولى كان الحرس الرئاسي هو الفصيل العسكري صاحب الدور الأبرز في إفشال اقتحام عناصر الدعم السريع قيادة الجيش.

مطار مروي

يقول مصدر في الحرس الرئاسي للجزيرة نت إنه في حدود الساعة التاسعة من صباح 15 أبريل/نيسان 2023 هاجمت قوة من الدعم السريع، منطلقةً من حي المطار، مداخل وأبواب الحرس الرئاسي.

وأوضح أن مهمة الحرس الرئاسي في اللحظات الأولى كانت تأمين قيادات الجيش الموجودين هناك، وأضاف "نجحنا في تأمين رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق شمس الدين الكباشي، وضعناهما في مكان آمن".

وتابع "دخلنا في معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع التي كانت تهاجم البوابة الغربية بأكثر من 200 عربة قتالية بها مختلف أنواع الأسلحة، وكبدناهم خسائر وأفشلنا محاولات اقتحام القيادة العامة التي استمرت 3 أيام"، وكشف عن سقوط 11 قتيلا من عناصر الحرس الرئاسي في الساعات الأولى.

مطار الخرطوم

يقع المطار في مدينة مروي شمالي السودان، ويضم قاعدة عسكرية تتبع للجيش كان بها سرب من الطائرات المقاتلة. وفي 13 أبريل/نيسان 2023، أرسل الدعم السريع تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المطار دون التنسيق مع الجيش، بحسب بيان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة. و"صار المطار مكانا للتحشيد العسكري، فبينما يوجد فيه الجيش ومقر الفرقة 19 في مروي، ينتشر الدعم السريع في محيطه".

إعلان

لم تمر أكثر من 48 ساعة على هذه الوضعية حتى اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، بعدها تمكنت قوات الدعم السريع من بسط سيطرتها على مطار مروي، ولم تمر ساعات حتى استعاده الجيش وأعلن طرد قوات الدعم السريع منه وخروجها بشكل كلي من مدينة مروي وسط دمار كبير طال البنية التحتية للمطار والطائرات التي كانت بداخله.

جبل سركاب

يقع جبل سركاب في شمال غرب مدينة أم درمان وقرب قواعد الجيش العسكرية في وادي سيدنا، حيث يوجد مقر "الفرقة التاسعة" و"قاعدة وادي سيدنا" الجوية و"معسكر المرخيات". وكانت قوات الدعم السريع تتخذ من هذا الجبل مقرا لها ولعناصرها من النخبة العسكرية، حسب مصدر عسكري.

يقول مصدر بقاعدة وادي سيدنا الجوية التابعة للجيش، للجزيرة نت، إنه في ساعات الحرب الأولى كان الدعم السريع يخطط للسيطرة على القاعدة وشل حركة الطيران وفق السيناريو ذاته الذي حدث في قاعدة مروي الجوية.

وحاولت قوات الدعم السريع الهجوم في اليوم الأول على وادي سيدنا، إلا أن الجيش تصدى لها وقصف في اليوم الثاني مقر هذه القوات في جبل سركاب بالطيران والمدفعية الثقيلة وأوقع فيها خسائر كبيرة، حسب المصدر.

كان حميدتي أعلن، في تصريحات صحافية في ثالث أيام الحرب، أن الطيران قتل أكثر من 4 آلاف من عناصر الدعم السريع بمعسكر جبل سركاب، قبل أن يعود ويتهم دولة أجنبية بتنفيذ غارات جوية على سركاب أودت بحياة جنوده، ولاحقا بسط الجيش سيطرته على المعسكر.

قائد الحرس الرئاسي بالجيش السوداني اللواء نادر المنصوري (يسار) (مواقع التواصل ) شخصيات بارزة

ثمة شخصيات رسخت في ذاكرة السودانين أثناء الحرب المستمرة، من بينها اللواء نادر محمد بابكر المنصوري الذي كان يعمل قائدا للحرس الرئاسي بالجيش السوداني.

تخرج المنصوري ضمن طلاب الدفعة 40 بالكلية الحربية التابعة للجيش، وعمل بعدة وحدات عسكرية من بينها سلاح المدفعية والمدرعات واستخبارات أركان البرية، فضلا عن عمله في عدة مدن في شمالي وغربي وشرقي البلاد.

إعلان

في ساعات الحرب الأولى، قاد اللواء المنصوري قوات الحرس الرئاسي التي أفشلت اقتحام قوات الدعم السريع قيادة الجيش، ومحاولة القبض على البرهان بحسب ما خُطط له، ثم أمّن قيادات الجيش الموجودين بالصف الأول للمعركة.

وقبل يومين من الحرب، انتشرت فيديوهات للواء المنصوري يخاطب فيها جنوده بالاستعداد للمعركة، وأنها باتت وشيكة. وذكرت مصادر -مؤخرا- أنه تم تكليفه بإدارة التدريب بالاستخبارات العسكرية بدلا من قيادة الحرس الرئاسي.

كانت القيادة العامة للجيش أبرز ساحة للمعركة، وكل الضباط والجنود كانوا يحملون بنادقهم للقتال وصدّ هجوم الدعم السريع، من بينهم رتب رفيعة أبرزها قائد قوات الاستطلاع اللواء حسين عرديب.

تقول مصادر في قيادة الجيش للجزيرة نت إن اللواء عرديب كان يقود جنوده ويقاتل شرق القيادة العامة التي كانت تتعرض لهجمات عنيفة من قوات الدعم السريع المنطلقة من حي الصفاء شرق الخرطوم.

وأضافت أنه ظل مرابطا شرق القيادة قبل أن يُقتل برصاص قناص يتبع للدعم السريع، و"تخليدا لذكراه أطلق الجيش متحركا (رتلا عسكريا) باسمه عمل على استعادة السيطرة على وسط أم درمان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع المدینة الریاضیة القیادة العامة الجیش السودانی الحرس الرئاسی الحرب الأولى قیادة الجیش للجزیرة نت وادی سیدنا

إقرأ أيضاً:

محكمة فيدرالية تمنع عملاء الهجرة من تنفيذ اعتقالات عشوائية في لوس أنجلوس وترفض طعن ترامب

صادقت محكمة استئناف فيدرالية، يوم الجمعة، على منع عملاء الهجرة في لوس أنجلوس، مؤقتًا، بالقيام باعتقالات عشوائية دون "وجود سبب قانوني مقنع"، وذلك بعد الاضطرابات التي شهدتها المنطقة على خلفية إنفاذ قانون الهجرة ونشر الرئيس دونالد ترامب قوات خاصة. اعلان

وقد رفضت محكمة الاستئناف، الطعن الذي قدمه الرئيس ترامب بقرار المحكمة الأدنى، والذي يتهم المسؤولين الفيدراليين باحتجاز الأشخاص بناءً على "العرق أو الأصل العرقي الظاهر"، أو التحدث بالإسبانية أو الإنجليزية بلكنة، أو التواجد في مواقع مثل "محطة حافلات، أو مغسلة سيارات، أو ساحة سحب سيارات، أو موقع لتجمع عمال اليومية، أو موقع زراعي، وما إلى ذلك". ورجّحت أن يتمكن المدعي العام من إثبات هذه التهم.

وكان الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية قد رفع القضية في يونيو/حزيران، وحظي بدعم مدينة لوس أنجلوس وبلديات أخرى في جنوب كاليفورنيا.

من جهتها، وصفت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، الأمر بأنه "انتصار للمدينة". وقالت في بيان: "إن الأمر التقييدي المؤقت الذي يحمي مجتمعاتنا من موظفي الهجرة الذين يستخدمون التنميط العنصري وغيره من الأساليب غير القانونية عند تنفيذهم لمداهمات وعمليات تفتيش قاسية وعدوانية، سيظل ساريًا في الوقت الحالي".

عمدة لوس أنجلوس عبر "إكس" حاول البيت الأبيض أن يجرب لوس أنجلوس وقد فشل

كما رحّب محمد تاجسار، كبير المحامين في مؤسسة اتحاد الحريات المدنية الأمريكية في جنوب كاليفورنيا، بالحكم في بيان له وقال: "يُمثل هذا القرار تأكيدًا إضافيًا على أن غزو الإدارة شبه العسكري للوس أنجلوس انتهك الدستور وتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها في جميع أنحاء المنطقة".

Related ترامب يأمر بنشر قوات المارينز في لوس أنجلوس ويهدد باعتقال حاكم كاليفورنيااضطرابات لوس أنجلوس: السلطات تفرض حظر تجوّل وترامب يصف المتظاهرين بـ"الحيوانات"البنتاغون يسحب كامل قوات مشاة البحرية من لوس أنجلوس بعد عودة الاستقرار.. ويؤكد: "حققنا هدفنا"لوس أنجلوس: تفريق الاحتجاجات ضد ترامب بقنابل الصوت والغازات المسيلة للدموع

وكان الرئيس دونالد ترامب قد أمر بنشر قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية الأمريكية في لوس أنجلوس في يونيو/حزيران، ردًا على الاحتجاجات ضد مداهمات الهجرة، وذلك في أعقاب تهديده بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين، وإغلاق الحدود مع المكسيك، وهو ما يستهدف بشكل رئيسي شريحة كبيرة من سكان المدينة، التي تدار من قبل الديمقراطيين وتضم نسبة كبيرة من ذوي الأصول الإسبانية أو المولودين في الخارج.

وقد أحدث قراره بشأن نشر القوات الخاصة من الحرس الوطني ومشاة البحرية موجة اعتراض كبيرة، لا سيما من حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، الذي طالب الإدارة بالعدول عن خطوتها ووصف الإجراء بأنه "غير قانوني"، واتهم الزعيم الجمهوري بخلق أزمة وانتهاك سيادة الولاية. كما وصف نيوسوم السياسات الجديدة بأنها "أفعال ديكتاتورية وليست رئاسية".

يُذكر أن الدستور الأمريكي، وفقًا للباب العاشر من قانون القوات المسلحة الأمريكية، ينص على أن نشر الحرس الوطني الحدودي يتطلب صدور قرار عن حكّام الولايات، لذلك فقد اعتبر العديد أن قرار ترامب يقوّض سيادة الولاية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقـ.ـتل 15 مدنيا برصاص قوات الدعم السريع في دارفور
  • محكمة فيدرالية تمنع عملاء الهجرة من تنفيذ اعتقالات عشوائية في لوس أنجلوس وترفض طعن ترامب
  • عاجل.. الجيش السوداني يُعلن إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • طيران الجيش السوداني يضرب تمركزات “الدعم السريع” ويقتل العشرات
  • قوى سياسية سودانية تطالب بكسر حصار الفاشر وفتح ممرات إنسانية عاجلة
  • الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع “حميدتي” داخل منزله بالخرطوم
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”