بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في اللحظة التي تصافح فيها اليد الرسمية يدًا حملت في يوم من الأيام رائحة دم عراقي، لا بد أن تُطرح الأسئلة الصعبة بوضوح ومسؤولية إلى أين تمضي السياسة الخارجية للعراق؟ وما الذي يُراد من تطبيع الذاكرة مع من كانت له يدٌ، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إيذاء العراقيين؟
لقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع لم يكن مجرد إجراء بروتوكولي.

بل لحظة رمزية ثقيلة تحمل في طياتها أصداء سنوات من الألم العراقي، حين كانت الحدود مفتوحة أمام الجماعات المسلحة، وحين كانت السيارات المفخخة تنطلق من أراضٍ مجاورة نحو أحياء بغداد والموصل والبصرة. الشرع، الذي يتولى اليوم قيادة الدولة السورية، لا يمكن عزله عن تلك المرحلة، ولا عن الملفات الأمنية التي تربط نظامه السابق بدعم مباشر أو ضمني لتلك الفوضى التي مزّقت العراق. الأمر لا يتعلق بشخصية بعينها، بل بما يمثله هذا اللقاء من تجاهل مؤلم لتاريخ لم يُعالج بعد. فالعراقيون، الذين دفعوا ثمن هذه الحقبة بدمائهم، ينتظرون من حكومتهم موقفًا أكثر اتزانًا يراعي الذاكرة الجمعية ويحفظ كرامة الوطن، لا أن يمرّ على الجراح مرور المجاملات الدبلوماسية.
لا أحد يرفض الحوار، ولا مبدأ الانفتاح على دول الجوار. العراق، وهو يعيد بناء موقعه الإقليمي، بحاجة إلى سياسة خارجية حكيمة متوازنة. لكن هذه الحكمة لا تعني طيّ الصفحات دون قراءة، ولا التصالح دون مساءلة، ولا المصافحة دون وضوح. التقارب لا يكون فعّالًا إلا حين يكون مبنيًا على الاعتراف بالخطأ، ووضع حدّ لما جرى، وضمان ألا يُعاد التاريخ بكل مآسيه.
إن لقاءً من هذا النوع، دون مراعاة لحساسية الذاكرة العراقية، يفتح أبواب الأسئلة حول الأولويات هل السيادة تُبنى بالمصالح فقط، أم بمزيج من الموقف الوطني والواقعية السياسية؟ وهل يُمكن للمواطن أن يشعر بالثقة في دولته إذا رأى من تسبب في ألمه يُستقبل بأريحية، دون تذكير بحجم الخسارة والتضحيات؟
العراق بحاجة إلى علاقات خارجية تعكس قوّته، لا ضعفه. إلى سياسة تنطلق من احترام الذات، لا من محاولة إرضاء الجميع. المصالحة لا تكون صادقة إن لم تُنصف الضحية. والحوار لا يُثمر إن لم يبدأ من مواجهة الحقيقة.

ختاما نأمل أن تكون هذه اللحظة درسًا، لا مجرد مشهد عابر، وأن يُبنى المستقبل على أسس تُشعر العراقي بأنه ليس وحده في مواجهة الذاكرة، وأن من يمثل الدولة يحملها كاملة، بتاريخها، بكرامتها، وبصوت شعبها.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

السوداني والمشهداني يؤكدان على التضامن مع إيران

آخر تحديث: 14 يونيو 2025 - 10:49 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- بحث رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني ، مساء أمس الجمعة، آخر المستجدات في الشأن العام وتطورات الأحداث في المنطقة،وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء ،ان “السوداني والمشهداني بحثا آخر المستجدات في الشأن العام، وتطورات الأحداث في المنطقة، وكذلك بحث أهمية التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في مختلف المجالات، بما يعزز التكامل في العمل وإدامة الاستقرار السياسي”.وشهد اللقاء التأكيد على “متابعة العراق لتطورات الأوضاع في المنطقة، وإدانة العدوان الصهيوني على إيران والدعوة إلى حمايتها والوقوف إلى جانبها ضد إسرئيل.

مقالات مشابهة

  • مقرب من السوداني: تهديدات الكتائب ستعرض العراق لضربات عسكرية
  • مستعدون لتقديم المساعدة.. السوداني يؤكد للرئيس الإيراني حرص العراق على عدم اتساع نطاق الحرب
  • السوداني: ضرب إسرائيل لإيران هو استهداف للعراق
  • السوداني يبلغ الاتحاد الأوروبي أن الهجمات الإسرائيلية تهدد أمن العراق والمنطقة
  • إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة اليوم
  • أبرزها لقاء الأنيق والصقور.. 3 مواجهات مثيرة بدوري نجوم العراق
  • الرئيس الشرع يبحث خلال اتصال هاتفي مع الرئيس أردوغان المستجدات التي تشهدها المنطقة
  • ماذا بعد الضربة التي صعقت رأس النظام ؟!
  • السوداني والمشهداني يؤكدان على التضامن مع إيران
  • حكومة السوداني تندد بالاعتداء الإسرائيلي على إيران