26 ورقة بحثية تستعرض الحلول الابتكارية لضمان سلامة وجودة الغذاء
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
رعى صاحب السُّمو السّيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد الأمين العام بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس، انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض عُمان الدولي السابع لسلامة وجودة الغذاء؛ بمشاركة 500 من المختصين من 32 دولة يستعرضون 26 ورقة علمية، في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
وحضر الافتتاح معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وعددٌ من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السّعادة الوكلاء وممثلو البعثات الدبلوماسية في سلطنة عُمان، وعدد من مسؤولي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه. ويستعرض الحدث التكنولوجيا الحديثة في إيجاد حلول ابتكارية تعزز سلامة وجودة الغذاء وسلسلة الإمداد الغذائي الخضراء وإدارة سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية.
وقال الدكتور حسين بن سمح المسروري مدير عام مركز سلامة وجودة الغذاء بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه- خلال كلمته في بداية المؤتمر- إن سلطنة عُمان وفي إطار رؤيتها الوطنية لتعزيز مقومات الصحة العامة وجودة الحياة، تُولي اهتمامًا استراتيجيًّا متناميًا بمجالات سلامة وجودة الغذاء. وأضاف أن الوزارة تواصل بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات القطاع الخاص بناء بيئة متكاملة تُعزّز تطوير منظومة فعّالة ومستدامة لسلامة الغذاء، مشيرًا إلى أن سلطنة عُمان تسعى من خلال توظيف الموارد والإمكانات المتاحة إلى ترسيخ ثقافة مجتمعية قائمة على الوعي والمعرفة، بما يواكب التطورات العلمية والتقنية في الصناعات الغذائية، ويُسهم في بناء مجتمع صحي واعٍ بقضايا الغذاء وسلامته.
وأضاف أن هذا المؤتمر ليس مجرد فعالية علمية فحسب؛ بل محطة استراتيجية تتلاقى فيها الرؤى وتُصاغ من خلالها الحلول والمبادرات التي ترتقي بمنظومة سلامة وجودة الغذاء في سلطنة عُمان والمنطقة؛ بمشاركة عددٍ من الخبراء والمختصين من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
من جهته، أكد البروفيسور سامويل جودفروا رئيس الاتحاد الدولي لعلوم وتكنولوجيا الأغذية والرئيس التنفيذي للمنظمة العالمية لعلوم وتشريعات الأغذية أن المؤتمر يُعد منصة تجمع الخبراء من مختلف دول العالم لمناقشة أهم التحديات في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني، ولمناقشة سبل تعزيز إنتاج الغذاء بالحلول التكنلوجية والعلمية.
ويتناول المؤتمر 5 محاور تُلامس التوجهات الحديثة والتطورات والقضايا الراهنة في مجال سلامة الغذاء. أولها: محور تحديث سلامة الأغذية ومراقبة الجودة والإشراف عليها، والثاني موضوع الغش الغذائي وتحديد الأصالة الغذائية، أما المحور الثالث محور الطرق التحليلية والتنظيمية للغذاء، والمحور الرابع: تقييم المخاطر لدعم القرارات التنظيمية الغذائية، بينما يأتي المحور الخامس حول سلسلة الإمداد الغذائي الخضراء.
ويصاحب المؤتمر معرض لعدد من الشركات العاملة في مجال الغذاء تستعرض منتجاتها وأحدث الحلول الحديثة في مجال إنتاج وسلامة الغذاء. وتستمر أعمال المؤتمر والمعرض المصاحب له 3 أيام، بتنظيم من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص في سلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الثروة الزراعیة والسمکیة وموارد المیاه سلامة وجودة الغذاء فی مجال
إقرأ أيضاً:
الحكومات والحلول الابتكارية
تعاني مختلف حكومات العالم اليوم من تحديات متماثلة؛ عوضًا عن أن لكل منها تحدياته الخاصة المنبثقة من سياقه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجيو - سياسي، ويمكن القول إن هناك أربعة تحديات متماثلة ملاحظة تشترك فيها الحكومات حول العالم وهي: الثقة في العملية السياسية ومنظومة صنع القرار، المرونة في التعامل مع أوضاع اقتصادية هشة يصعبُ توقعها ويؤطرها عدم اليقين، الضغوط الاجتماعية نحو تحقيق حياة أكثر رفاهًا وجودة مع اختلاف توقعات الأجيال وضغوط الحفاظ على الثروة للأجيال القادمة، القدرة على تحقيق إيمان الأفراد (المواطنين) بالمستقبل في سياق صراع محتدم نحو تقنياته وابتكاراته وتوجهاته عمومًا. هذه التحديات الأربعة - حسب تقديرنا - تكاد تجد لها تمثل بشكل أو بآخر في كل حكومة حول العالم، وعلى لسان أغلب المسؤولين الحكوميين والسياسيين عمومًا، وتشغل بطريقة أخرى ذهن الشارع كما هي في الآن ذاته تشغل ذهنية صاحب القرار.
أمام هذه التحديات الأربعة تتمايز الحكومات في استخدام أربعة محكات مهمة في التحول نحو نمط (الحكومات الابتكارية) وهي: مستوى تعزيز الشفافية والإدماج المجتمعي والمؤسسي في صنع القرار، القدرة على بناء منظومة عمل حكومية استباقية تستشرف المستقبل وتعمل على تطويع تقنياته وابتكاراته وتوجهاته لخدمة الرفاه والنمو الاقتصادي والاجتماعي، وثالث المحكات في التوظيف الأمثل للرقمنة للحد من المشكلات والظواهر التقليدية في عمل الحكومات، ورابعها توجيه السياسات العامة للتمحور حول (المقاصد الاجتماعية) بما في ذلك: السياسات المتمحورة حول الأسرة، السياسات المتمحورة حول النمو المعرفي للأفراد، سياسات الحماية الاجتماعية، سياسات النمو اللامركزية (تنمية التقسيمات الجغرافية بعدالة). هذه المحكات الأربعة لا يمكن أن تعمل في معزل كل منها عن الأخرى، غير أن مداخلها وآلياتها تحكمه الأطر الدستورية والقانونية، وشكل النظام السياسي القائم، وحالة المجتمع الثقافية والمعرفية والاقتصادية، وشكل الثقافة الاجتماعية القائمة.
ولو أخذنا المحك الثالث وعوائده فقد أظهرت دراسة نشرتها جامعة كامبرديج (2023) للدول التي تحولت إلى نظام المشتريات الحكومية الإلكترونية وباستخدام منهجية (تحليل التكاليف والعوائد) أنه في سياق الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تحقق انخفاض في الأسعار بنسبة ٦.٧٥٪ في المتوسط بعد تطبيق المشتريات الحكومية الإلكترونية، مع نسبة فوائد إلى تكاليف تتراوح بين ٨ و٤٧٣٪، حسب حجم الدولة ونطاق تطبيقها. وعلى مستوى السياسات المتمحورة حول المقاصد الاجتماعية فقد أدى إدخال كندا لـ«إعانة الطفل الكندية (CCB)» إلى خفض فقر الأطفال على المستوى الوطني من 11% في عام (2016) إلى 9% بحلول عام (2017). المحك أمام الحكومات اليوم هو كيف يمكن أن تعمل على تحقيق حلول ابتكارية للمشكلات والتحديات الناشئة، وكيف تعمل أيضًا بطرق ابتكارية على استثمار الفرص السريعة والبعيدة التي يمكن أن تتاح لها في سياق التحول العالمي، وللعمل على هذه المعادلة يتوجب الانتباه إلى خمسة عوامل أساسية وهي: أن الابتكار لا يأتي من التقنية وحدها، وأن الابتكار الحقيقي هو الطريقة التي يتم من خلالها تطويع محتوى التقنية لحل إشكال قائم، وهنا لا يستوجب الانتقال إلى حالة (الترف الرقمي) بقدر ما أن الحاجة ملحة إلى الانتقال لنمط (الحكومة الذكية) التي تستخدم التقنية لفهم واستيعاب ما يحصل، وتشخص الاحتياجات بدقة، وتتبع مسارات تطور وتغير المستفيدين، وتوظف أفضل الأفكار (تقنيًا) لتحقيق النمو المستدام للأفراد والمؤسسات. أما العامل الثاني فهو الانتباه للطريقة التي تنشأ من خلالها عمليات مقاومة التغيير داخل الثقافة، وفي ذهنيات وسلوكيات الأفراد، وفي بنى الثقافة في المؤسسات، إن مقاومة التغيير للعمل المبتكر تتخذ أشكالًا يصعب حصرها، فبعض الأفراد والنظم المؤسسية بطبعها تفرز أدوات مقاومة لكل ما من شأنه أن ينقلها من الوضع القائم إلى وضع جديد؛ قد يكون بدافع المصلحة والاستفادة من الوضع القائم، وقد يكون محركًا بتحيز الخوف من المستقبل، وهنا تبرز سلوكيات وتعم أفكار قد تعطل الموارد والسياسات والبرامج، ولكن ما وجب الانتباه له هو أن العملية متجددة مستمرة لا يمكن أن نتصور أن تنتهي عند نقطة بعينها، وهنا وجب التركيز من قبل الحكومات من خلال برامج رفع القدرات وتنمية مهارات العاملين فيها على جزئية (التهيئة الذهنية Mental preparation) التي تؤهلهم للانتقال الثقافي وامتلاك ذهنية الابتكار.
ومن العوامل التي يستوجب التركيز عليها كذلك هي (اللحظية)، الابتكار في عالم الحكومات محكوم بالسرعة في التفكير والتدبير؛ وبدون شك أن هذه اللحظية لا يمكن أن تتأتى دون وجود أدلة (بيانات ومعلومات محدثة ومتكاملة وأصيلة) تستطيع أن تدعم التخطيط والتفكير في العمل الحكومي وما يعترضه من ملفات، فيصبح في حينها قادرًا على تطوير حلول ابتكارية سريعة ومتفاعلة، لا تستوجب هدرًا للوقت ولا مراكمة لأبعاد وآثار المشكلات، ولا تأنيًا لحلول تأتي من خارج السياق وقد لا تتلاءم معه. العامل الرابع المهم في الانتقال إلى نمط الحلول الابتكارية هو وجود نهج مستدام/ مخطط/ متجدد/ مبتكر لتعليم العاملين في الحكومات المهارات والمعارف والقدرات التي تمكنهم من أن يكونوا (ابتكاريين)؛ لا يمكن أن تمنح دورات قصيرة أو برامج يتلقاها الموظف كل ثلاث أو أربع سنوات عقلية ابتكارية متفاعلة، وما يستوجب الانتقال إليه هو حفز الموظفين إلى التعلم اللحظي واليومي والمستمر وتشجيعهم عليه في مختلف منصاته، وربطه بتطورهم الوظيفي (إحضار المعرفة إلى الطاولة)، فلا يمكن أن يتحرك قطار الأفكار بأفكار لا نقول تعدتها السنوات، بل أصبحت الأيام وتواليها هي المحك على الحداثة والتقليدية. أما العامل الخامس فهو (الابتكار المفتوح) الذي يشارك فيه كل أحد، وجدت الحكومات لخدمة مجتمعاتها، والإيمان أن حلول المشكلات وأفكار التطوير لا يمكن فقط أن يكون محصورًا بالتفكير الحكومي يعد عاملًا مهمًا في عقيدة الحكومات الابتكارية، فإيجاد المنصات/ الوسائل/ الآليات المستدامة لضمان أن أفكار المجتمع والفاعلين من (الابتكاريين) والعلماء والمفكرين والباحثين تنتقل إلى وضعية اختبار جدواها يعد متطلبًا مهمًا للانتقال لنمط الحكومة الابتكارية، ويبقى على الحكومات أن تتأكد من وجود منظومة اختبار حقيقية لجدوى وفعالية بعض الأفكار لأنها ستنتقل لاحقًا إلى التطبيق الشمولي والعمومي. وفي المجمل يبقى القول أن اللحظة هي لحظة الحلول الابتكارية التي تقودها الأدلة واللحظية، وتستثمر في الرقمنة لخدمة أغراضها، وتخاطب التحدي أو المشكلة في حينها بأفق مفتوح على كل الحلول الممكنة، لتنتقي التنافسي منها والأمثل في سياقه الثقافي والاجتماعي والسياسي.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان