بقلم : أحمد عصيد
لـ”التجديد” معنى وللتحديث معنى آخر، إذ لكل من المفهومين سياق نشأة وتطور، كما يرتبط بمنظومة ثقافية وبنسق مفاهيمي وفكري خاص.
يستعمل مفهوم “التجديد” في الفكر الإسلامي انطلاقا من الخبر المشهور المنسوب إلى النبي محمد:” إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها “، وبغض النظر عن الدلالة السياسية الواضحة لهذا الحديث، الذي وُضع أساسا بعد وفاة الرسول لشرعنة الحركات الدينية المعارضة، خاصة في العهد الأموي وما بعده بقليل في العصر العباسي الأول، إلا أنه على المستوى الفكري فُهم على أنه بعد كل مرحلة طويلة من التحولات المتلاحقة التي يعرفها المجتمع الإسلامي، “يزيغ” الناس عن “النموذج الأصلي” للتدين لفرط ما يطرأ على حياتهم من تغيرات و”بدع” محدثة، اعتبرها الفقهاء “ضلالات”، إذ كلما بعدت المسافة بين المسلمين وفترة النبوة والتنزيل كلما كانوا أبعد عن النبع الأصلي وأقل فهما للدين وأقل اكتراثا بتعاليمه بسبب مغريات الحياة المادية وجاذبية المنافع الدنيوية، وبسبب “ضرورات الوقت” التي تفرض على الناس الانصياع لأوضاع جديدة غير مسبوقة في حياتهم.
وعلاوة على ما في هذا التصور من نزوع مثالي، حيث لا تعدو أن تكون صورة البدايات والصفاء الأول صورة متخيلة مبنية على عناصر منتقاة بعناية، فإن الملفت للانتباه هو أثر هذا الفهم “السلفي” للحديث المذكور على الفكر والحضارة الإسلاميين، فقد أصبح للزمن في الوعي الإسلامي شكل دائري ينتهي حيث يبدأ، ويبدأ حيث ينتهي، ليشبه بذلك الثعبان الذي يعضّ ذنبه، ويقصي معاني الصيرورة والتراكم الكمي المفضي إلى انتقال نوعي يجسده التطور والترقي في مدارج الحضارة، والمانع من ذلك التطور والصيرورة هو اعتبار النبع الأصلي ممثلا لأقصى درجات الكمال والرقي، التي لم تعد تمثل الماضي فقط، بل ما ينبغي أن يكون مستقبلا أيضا، لكنه مستقبل معلوم وليس مجهولا، ولا يتحقق عبر الاكتشاف والمعرفة، بل عبر استعادة وتملك النص المقدّس، الذي يتضمن الأجوبة على كل الأسئلة، لأن كل ما يمكن أن يقال قد قيل، والحقيقة محدّدة سلفا وبشكل نهائي ومُحكم.
أدى مفهوم التجديد عكس ما يُتصور إلى “انحباس حضاري” دخل معه المسلمون رويدا في عصر ظلمات طويل بعد نهضة نسبية لم تعمر طويلا، كما يفسر ذلك كيف هيمنت النزعة السلفية على الفقه الإسلامي عبر العصور، فانتقل من تأسيس المذاهب الفقهية الكبرى إلى إنتاج الشروح والحواشي والمتون التي تدور في فلك ما أنتجه السابقون.
هكذا انبنى صرح الفكر الإسلامي بكل مكوناته على أساس منهجي يعتبر العودة إلى الأصول والقياس عليها (قياس الغائب على الشاهد)، وإرجاع “الفرع” أو “النازلة” إلى “الأصل” الذي تقاس عليه، بغرض الحكم فيها بالتحليل أو التحريم، فنشأ علم أصول الفقه الذي فتح الباب أمام “الاجتهاد” المحكوم بـ”ضوابط” تجعله على الدوام مرتبطا بالأصل، وسرعان ما تحولت قواعد علم الأصول إلى قوالب جاهزة ومحنطة جعلت الفقهاء ينتهون دائما إلى نفس النتائج السابقة، فقالوا “لا اجتهاد مع وجود نص”، وقالوا أيضا “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”، وواجهوا كل اجتهاد خارج الضوابط بعبارة “رأي شاذ خارج عن إجماع علماء الأمة”، مما جعل الواقع المتحرك محاصرا من طرف الفقه الجامد، الذي حول النص الثابت إلى إطار يتم عبره تحجيم حركية الواقع وديناميته، وأوقع بالتالي المجتمع الإسلامي في التخلف والركود على مدى قرون طويلة.
أما مفهوم التحديث فهو من “الحداثة”، الكلمة التي تضم في ثناياها معنى التعارض مع كل ما هو قديم أو جامد، وهي بذلك ترمز إلى المعاني النسبية للتغيير والتجاوز، سواء عبر القطيعة النسبية، أو عبر استيعاب الماضي من خلال نقده في سياق معرفي جديد هو سياق الحاضر الذي يحكمه منطق التطور والرهانات المستقبلية.
إن الفرق بين “التجديد” والتحديث إذن إنما يتمثل في أن الأول اشتغال من داخل المنظومة التقليدية مع مراعاة تامة لمنطقها الداخلي، القائم على ترسانة من المفاهيم والقواعد والمناهج المتوارثة، بينما التحديث هو اشتغال من منطلق الواقع المتغير ذي الأسبقية الحاسمة، ومن الرصيد المعرفي والعلمي الجديد الذي تأسس في الأزمنة الحديثة.
هكذا يعتبر التحديث تغييرا للمنطق الداخلي لمنظومة الفكر والسلوك، اعتمادا على تطور التجربة الإنسانية، وعلى الوعي النقدي الذي يضع أدوات الفكر ومناهجه ومفاهيمه موضع مراجعة دائمة لا تتوقف.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
قائمة الأجهزة المدعومة بنظامي آبل iOS 26 وiPadOS 26.. و3 موديلات خارج التحديث
عقدت شركة آبل مؤتمرها السنوي للمطورين WWDC 2025 يوم الاثنين الماضي، حيث كشفت عن تحديثات رئيسية لنظامي iPadOS 26 وiOS 26، إلى جانب مجموعة من التحسينات البرمجية الأخرى.
تأتي التحديثات الجديدة لأنظمة تشغيل آبل الخاصة بأجهزة آيباد وآيفون بعدد من المزايا، مثل لغة التصميم الجديدة "Liquid Glass" وتطورات في ميزات الذكاء الاصطناعي من Apple Intelligence.
رغم المزايا الكبيرة التي تقدمها هذه الإصدارات، أعلنت آبل أن هناك بعض الأجهزة التي لن تكون مؤهلة للحصول على iOS 26 وiPadOS 26.
فبحسب الشركة، لن يحصل كل من iPhone XR وiPhone XS على تحديث iOS 26، كما لن يحصل iPad الجيل السابع (2019) على تحديث iPadOS 26.
وترجع آبل قرارها إلى تقدم عمر هذه الأجهزة ومحدودية قدراتها العتادية، حيث أن iPhone XR وXS يعملان بشريحة A12 Bionic التي أطلقت عام 2018، بينما يعتمد iPad (2019) على شريحة A10 Fusion الأقدم.
ومع ذلك، من المتوقع أن تواصل آبل توفير تحديثات أمنية لهذه الأجهزة لعدة سنوات مقبلة.
الأجهزة المتوافقة مع iOS 26سيتم إطلاق تحديث iOS 26 للأجهزة التالية:
iPhone 16e
iPhone 16
iPhone 16 Plus
iPhone 16 Pro
iPhone 16 Pro Max
iPhone 15
iPhone 15 Plus
iPhone 15 Pro
iPhone 15 Pro Max
iPhone 14
iPhone 14 Plus
iPhone 14 Pro
iPhone 14 Pro Max
iPhone 13
iPhone 13 mini
iPhone 13 Pro
iPhone 13 Pro Max
iPhone 12
iPhone 12 mini
iPhone 12 Pro
iPhone 12 Pro Max
iPhone 11
iPhone 11 Pro
iPhone 11 Pro Max
iPhone SE
كذلك، سيصل تحديث iPadOS 26 إلى الأجهزة التالية:
iPad Pro بشريحة M4
iPad Pro مقاس 12.9 إنش (الجيل الثالث وما بعده)
iPad Pro مقاس 11 إنش (الجيل الأول وما بعده)
iPad Air بشريحة M3
iPad Air بشريحة M2
iPad Air (الجيل الثالث وما بعده)
iPad بشريحة A16
iPad (الجيل الثامن وما بعده)
iPad mini بشريحة A17 Pro
iPad mini (الجيل الخامس وما بعده)
موعد توفر التحديثات
أصبحت نسخ المطورين من نظامي iOS 26 وiPadOS 26 متاحة للتحميل حاليا عبر موقع آبل للمطورين، ومن المتوقع أن يبدأ إطلاق النسخة النهائية العامة في وقت لاحق من هذا العام، بالتزامن تقريبا مع إصدار سلسلة iPhone 17 الجديدة.